سيكوسوماتي "Psychosomatic" / اضطراب (نفسي - جسدي)

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, مايو 11, 2015 - 12:10

تسمى الآن حسب التصنيف العالمي (اضطرابات انفعالية وسلوكية, ثانوية ومصاحبة لاضطرابات فسيولوجية) حيث إن لفظ "سيكوسوماتية" يعني ازدواجية الجسم عن النفس, ولأن النفس جزء من الجسم والمخ, فلا يصح انفصالهما.

والاضطرابات السيكوسوماتية.. هي اضطرابات جسدية ناشئة عن اضطرابات عقلية أو عاطفية، والتي تحدث نتيجة اختلال شديد أو مزمن في كيمياء الجسم, نتيجة تعرضه لضغوط نفسية حادة أو مستمرة, حيث يلعب فيها العامل الانفعالي دورًا مهمًا وأساسيًا, وعادة ما يكون ذلك من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي.

بالتالي هي أمراض جسمية ذات جذور نفسية, تظهر على شكل ردود أفعال عضوية في أحد أجهزة الجسم, مؤدية إلى تلف فيه أو خلل في وظائفه, والتي لا ينجح العلاج الجسدي في شفاءها, وإنما يلزم علاج أسباب الانفعال والتوتر.

ففي حال إجراء فحص طبي، لا يظهر لهذه الأمراض أي أسباب جسمية أو عضوية, ذلك أن السبب في حدوثها يرجع للعمليات الذهنية للمريض, بدلًا من كونها أسباب فسيولوجية "جسمية"

تختلف الأمراض "السيكوسوماتية" عن الأعراض "التحولية الهستيرية" في أن الأمراض السيكوسوماتية هي التورط الانفعالي في الأعضاء والأحشاء, والتي تغذي الجهاز العصبي اللاإرادي؛ مثل قرحة الإثنى عشر والربو الشعيبي, حيث يعاني المريض فيها عادة من الاكتئاب والقلق الذي أحيانًا ما يهدد حياته؛ حيث أنها قد تؤدى إلى أخطاء طبية في التشخيص والعلاج, ذلك أن أعراضه مشابهة للأعراض العضوية الحقيقية. حيث المريض بهذه الاضطرابات يتردد كثيرًا على مختلف العيادات والأطباء, ويخضع للعديد من الفحوصات والتحاليل, ويتناول كثيرًا من العلاجات ليس في حاجة لها, و بدون نتيجة مشجعة, ما يزيد من خوفه وتوتره, والذي قد يؤدي إلى زيادة شدة الاضطراب الذي يشكو منه..

أما الأمراض العصابية التحولية.. فتشمل الأجهزة الحركية والحسية اللاإرادية, حيث تهدئ من القلق والاكتئاب بتحويلهما إلى حلول رمزية للصراع, وعادة لا تهدد أعراضها حياة الفرد.

 

كيف يمكن أن يؤثر العقل في نشوء الأمراض الجسدية..؟

على سبيل المثال، عندما نكون خائفين أو قلقين فإن هذا الخوف أو القلق قد يتطور إلى..

  •  ١/ سرعة دقات القلب (خفقان شاذ)
  • ٢/ شعور المريض بالقرف
  • ٣/ الاهتزاز (الزلزال(
  • ٤/ التعرق
  • ٥/ جفاف الفم
  • ٦/ ألم في الصدر
  • ٧/ الصداع
  • ٨/ عقدة في المعدة
  • سرعة في التنفس

 

بعض الأمراض السيكوسوماتية المهمة:

  • قرحة المعدة والإثنى عشر..

يتميز المريض بعمله المتقن والمخلص, إلا أنه يعترف بلهفته للسلبية الاعتمادية.. ما يسبب له صراعًا يوقعه في هذا المرض.

  • قرحة القولون..

ويعبر عن عدوان لا شعوري مكبوت, وعادة ما يصاحبه شعور بالذنب, واعتمادية طفولية, حيث يحتاج المريض أثناء العلاج إلى المساندة الانفعالية القوية.

  • الربو الشعيبي..

كثير من مرضى الربو يعانون من علاقة سطحية, فقيرة, مع أمهاتهم, أو ما يقابلها من بديل كالزوجة أو الصديقة... حيث الخوف من الانفصال, وفي الوقت نفسه الرغبة في الاستقلال وعدم الاعتمادية, ما يؤدي إلى صراع نفسي يجعلهم عرضة لتقلصات الشعب الهوائية, ونوبات الربو.

  • ارتفاع ضغط الدم..

عادة ما يكون مرضى الضغط المرتفع من ذوي الشخصيات الوسواسية, والذين يميلون للنظام والإتقان.. ونتيجة التحكم الزائد في الانفعالات, وكبت الغضب والعدوان, وعدم التعبير عن الصراعات الداخلية لفظيًا وحركيًا, فإن ذلك يؤدي إلى إجهاد الجهاز العصبي, ما يؤثر على إفرازات بعض الهرمونات, وبالتالي ازدياد ضغط الدم.

  • الصداع النصفي..

يتميزون بالطموح الزائد, وعادة ما ينشئون في أسر محافظة, تنعى بكمال أطفالها بعيدًا عن الأخطاء, ما يؤدي إلى نمو إحساس عدائي تجاه الوالدين, وكبت هذا الاحساس, بالإضافة إلى كبت الدوافع الجنسية, يؤدي لمزيد من الإحباط بالتالي الصداع النصفي..

  • السمنة..

معظم أسباب السمنة تتلخص في أسباب نفسية واجتماعية, وقد يبدو البدين شخصية سلبية خاضعة, والحقيقة أنه عند تعرضه لأي إحباط اجتماعي؛ فإنه يشبع دوافعه العدوانية بالانغماس في أكل المزيد من الطعام..

  • قصور الشرايين التاجية بالقلب..

والتي من عواملها السمنة, والسجائر, وزيادة السكر , وارتفاع الدهنيات بالدم, وعدم الحركة.. ما قد يكون لها علاقة بظروف المجتمع وأنماط الشخصية..

  • روماتيزم المفاصل..

يبدأ وتزداد شدته, مع التعرض لجهد انفعالي, حيث الاحساس بالهجر, والشعور بالذنب نحو الأقارب والأحباب, ورفض البعض للمساعدة النفسية.. وقد وجد أن الأمراض السيكوسوماتية الخارجية كـ "الروماتيزم" تمتلك حاجزًا ضد اختراق العدوان لدواخلهم, بالتالي عكسه للخارج بعكس مرضى القرحة, والذي يسهل اختراق حاجزه, بالتالي امتصاص العدوان باتجاه الداخل..

  • الأمراض الجلدية..

ينشأ الجلد والجهاز العصبي من الناحية التكوينية من المصدر نفسه, لذا نجد الترابط المستمر بين الأمراض الجلدية والنفسية, وعادة ما نجد أنفسنا نعبر عن انفعالاتنا بطريقة جلدية؛ كاحمرار الوجه عند الخجل و الشحوب عند الخوف..

 

دور المريض والطبيب في العلاج..

لا بد من توعية المرضى بما يسمى بالاضطرابات النفسية والتي تتحول بشكل لا شعوري إلى اضطرابات عضوية.

كذلك على الطبيب الأخذ بعين الاعتبار.. الحالة النفسية والظروف الاجتماعية, المصاحبة لظهور المرض أو السابقة له, عند أخذ التاريخ المرضي للمريض لتجنب حدوث أخطاء في التشخيص.

 

علاج الأمراض النفس - جسمية..

يعتبر استخدام الأدوية المخففةمن آثار الشد العصبي والقلق هي الخط الأساسي في علاج هذا النوع من الأمراض؛ حيث تزيل هذه الأدوية الاضطرابات الحادثة في الجهاز العصبي اللاإرادي, وتساعد أعضاء الجسم المختلفة على أداء وظائفها بصورة جيدة.

ويفضل اختيار المجموعات الدوائية التي لا تحدث تأثيرات جانبية منومة, أو تتسبب في حدوث ارتخاءات في العضلات, ذلك كي يتمكن المريض من ممارسة نشاطاته الحياتية اليومية, بصورة طبيعية. كما يفضل استعمال أدوية لا تؤدي إلى حدوث ظاهرة الاعتماد الدوائي, بالتالي ظهور أعراض انسحاب عند الحاجة لإيقافها.

كما يمكن إضافة الأدوية المضادة للشوارد الحرة, المكملات الغذائية, والفيتامينات.. وذلك لمساعدة أعضاء المريض على التخلص من الآثار الضارة, جراء الحالة المرضية.

 

 

                                                                                   

                                                                         بتصرف من / أ.د. عبدالله السبيعي

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.