الخرف (العته)

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 8, 2015 - 10:59

• مع التقدم في العمر يبدأ الإنسان في الشكوى من كثير من الأمراض العضوية المصاحبة للتقدم في العمر، فأكثر الاشخاص الذين تجاوزوا الخامسة والستين تصيبهم بعض الأمراض التي تكثر عند المسنين مثل : ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر وارتفاع الكلسترول، آلام الركبتين والمفاصل. ودائماً لا نستغرب الأمراض العضوية عند كبار السن، ولكن قليلاً ما نفكر فيما يعتريهم من مشاكل نفسية وأمراض عقلية.

• ان معدل العمر عند الإنسان ارتفع تقريباً في جميع بلدان العالم، فبعد ان كان متوسط عمر الإنسان يتراوح ما بين الاربعين والخمسين في أكثر دول العالم في منتصف القرن الماضي، اصبح الآن معدل عمر الإنسان يصل إلى السبعين والثمانين في بعض الدول المتقدمة.

• بعد ان كان يندر ان يصل الإنسان إلى عمر المائة سنة في منتصف القرن الماضي، أصبح الآن عدد الذين تصل أعمارهم إلى المائة في ازدياد مضطرد.

• لقد أصبح عدد الاشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الخامسة والستين في بريطانيا يشكل أكثر من 15% وتضاعف عدد هؤلاء خمس مرات خلال القرن العشرين، وكان أكثر الازدياد في الذين تزيد أعمارهم على 85سنة حيث أصبح هؤلاء يشكلون 11% من كبار السن. وقد كانت ملكة إنجلترا ترسل رسالةً لكل من يبلغ من العمر مئة سنة من سكان المملكة المتحدة، لكن اعتقد الآن انها الغت هذا التقليد بعد ان تزايد عدد الذين وصلوا إلى سن المائة.! ان هؤلاء المسنين يشكلون عبئاً على ميزانيات وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية في الدول الأوروبية. هؤلاء المسنون يتطلبون رعاية لأمراضهم العضوية وكذلك اضطراباتهم النفسية والعقلية.

• في بعض الدول يشكل عدد الاشخاص الذين تجاوز عمرهم المائة سنة عدة ملايين، وذلك يرجع - بعد تقدير الله سبحانه - إلى تقدم الرعاية الصحية التي تقدم للمسنين .

• في اليابان مثلاً يتجاوز عدد الذين تجاوزا الخامسة والستين نسبة 22%، وهذه نسبة عالية وكذلك في اليابان يصل عدد الاشخاص الذين تجاوزت أعمارهم المائة عام الملايين، ومرشح هذا العدد للتضاعف في عام 2020 .

• كذلك ففي الدول الاسكندنافية يتزايد عدد الاشخاص الذين تتجاوز أعمارهم المائة بشكل ملحوظ. وفي دولة مثل السويد تلتزم الحكومة السويدية بتقديم خدمات تمريضية على شكل ممرض لكل شخص يبلغ من العمر المائة عام أو أكثر على مدى الأربع والعشرين ساعة، وهذا يتطلب تقريباً ممرضين أو ربما ثلاثة ممرضين لكل شخص تجاوز المائة سنة من العمر. وهذا يشكل أعباء مالية على الحكومة.

في المملكة :

• في المملكة العربية السعودية نلاحظ ايضاً ازدياد عدد كبار السن الذي تزيد أعمارهم على الخامسة والستين، لكن بوجه عام المجتمع السعودي مجتمع شاب، أغلبية السكان هم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن العشرين عاماً. لكن ايضاً نلاحظ ازدياد تفكك الترابط الاسري، باضمحلال الأسرة الممتدة وسيطرة الأسرة النووية، بالتالي أصبح كثير من كبار السن يعيشون مع أشخاص يعتنون بهم ولكنهم ليسوا من الأقارب. وغالباً ما يكونون من الخدم من دول مختلفة الثقافة وأحياناً من ديانة مختلفة.

الخرف "الزهايمر":

• يعتبر هذا الاضطراب هو الاكثر انتشاراً بين كبار السن ممن تزيد أعمارهم عن الخامسة والستين، حيث تبلغ نسبة الاصابة بهذا الاضطراب في هذا السن حوالي واحد من بين كل خمس وعشرين شخصاً، وفي هذا السن ايضاً يكون حوالي 10% يعانون من بعض الضعف في القدرات العقلية، مثل الذاكرة، نصف هؤلاء يكون الضعف فيهم بدرجة ملحوظة. أما فيمن تزيد أعمارهم على خمسة وثمانين عاماً فالنسبة ترتفع حيث تصبح 20% (أي واحد بين كل خمسة أشخاص).

• ويسمى هذا الاضطراب بمرض الزهايمر نسبةً إلى الطبيب الألماني "الويز الزهايمر" وقد التفت إليه عندما وصف حالة امرأة في الواحد والخمسين، كانت تعاني من تغير في الشخصية، وفقدان الذاكرة في السنوات الأخيرة من حياتها، فقام بتشريحها بعد موتها، فوجد بأن هناك نقطة غامقة في دماغها، وكان ذلك سنة 1907م. فيما بعد تم التعرف على ان هذه النقط أوالمناطق الغامقة هي تجمعات، ليفية عصبية وحبيبات هرمة تسببها مادة تسمى بيتا أملويد، وهي تخزن نفسها في دماغ المصابين بالمرض.

• ويؤثر الزهايمر على أقارب المريض بشكل كبير، فالشخص الذي عهدته قوياً ، معتداً بنفسه، أصبح الآن غير قادر على تذكر الأسماء، ولا يستطيع ذكر حتى أسماء أولاده أو احفاده، أو أقرب اصدقائه، والذي كان لا يرضى ان يقوم أحد بعمل اي شيء لمساعدته أصبح الآن لا يستطيع عمل حتى أبسط الأشياء لنفسه، مثل لبس الملابس أو حتى لبس الحذاء. انه واحد من الأمراض التي تثير الشفقة، وكثيرا ما يصدم الابناء بمرض الاب خاصة اذا كان في عمر مبكر.

أعراض مرض الزهايمر:

• عادةً يبدأ مرض الزهايمر بكثرة النسيان، وهو أهم وأكثر أعراض الزهايمر، وغالباً ما يكون النسيان في الاحداث التي حدثت منذ وقت قريب، فالشخص يتذكر الاحداث الماضية، والتي تكون قبل ثلاثين أو أربعين عاماً ، لكنه لا يتذكر ما حصل يوم أمس، أو ما حصل قبل ساعات قليلة.

• يشعر الشخص الذي يعاني من هذه الحالة بالاحباط والغضب، ويحاول ان يتذكر ويحاول ان يجهد نفسه في التذكر، لكن دونما جدوى، وهذا يزيد من إحباطه. كذلك تقل قدرته على تعلم اشياء جديدة. عادةً ما يكون حدوث هذا الامر تدريجياً، ولا يلاحظه الاهل والاقارب الذين يعيشون مع الشخص الا بعد مرور فترة من بدء المرض.

• ومع النسيان فإن الشخص المصاب بهذا المرض يصبح لا يستطيع التعبير بسهولة، ويجد صعوبة في تذكر الاسماء، وكذلك قد لا يستطيع التعبير عن أشياء بسيطة، ثم تتدهور حالته ويصبح غير قادر على الاستمرار في الحديث، حتى وان كانت المحادثة قصيرة وتتطرق لامور بسيطة.

• وأحياناً يكون عدم القدرة على التعبير هي العرض الذي يأتي به المريض، لان الاهل لاحظوا ان قدرته على التعبير تدهورت بشكل ملفت للنظر، دون ان يتنبهوا إلى ضعف الذاكرة للشخص.

• من الأعراض تدهور رعاية المريض لنفسه، فالشخص الذي كان يعتني بنفسه، ويستحم كل يوم، يهمل نظافته الشخصية، ويصبح غير قادر على لبس ملابسه، عاجزاً عن استخدام الملعقة والسكين، وكذلك عدم قدرة المريض على لبس حذائه، وربما يمشي حافياً، وربما يقف لوقت طويل وهو يحاول ان يتذكر كيف ينتعل نعليه.!

• وأيضاً عدم تقدير قيمة الوقت، فالشخص الذي عهد عنه الاهتمام بالوقت، يصبح غير مكترث للساعات التي يمضيها صامتاً، أو يقوم بأعمال تافهة يحاول ان يضفي عليها الأهمية.

• عدم القدرة على اتخاذ القرارات والتردد في أبسط الأمور.

• فقدان القدرة على التعرف على الاشياء المألوفة لديه، مثل السيارة، أو السرير أو غرفة الأكل.

• عند ازدياد الحالة وتفاقمها يصبح المريض عاجزاً حتى عن تذكر أقرب الناس إليه، مثل ابنائه أو أحفاده، ويعاني صعوبات في الاكل والتغذية، ويصبح لا يستطيع الحركة، وربما احتاج إلى كرسي متحرك.

• وفي المراحل المتأخرة أكثر يصعب عليه السيطرة على البول والبراز، وقد يقوم بتصرفات غير مقبولة من شخص في مثل مركزه، وربما يتصرف تصرفات غير لائقة وغير مقبولة إجتماعياً، مثل ترك الصلاة أو القيام بأفعال بذيئة غير مقبولة.

علاج ورعاية مرضى الزهايمر:

لا يوجد حتى الآن علاج ناجع لمرض الزهايمر ولكن هناك بعض الادوية التي تمنع تفاقم المرض، وتحد من تدهور القدرات العقلية للمريض، وهذه الادوية تمنع تفكك ناقل كيمائي معين في الدماغ أسمه "استيل كولين"، بعض هذه الادوية متوفر في المملكة، وبعضها لم يصل بعد إلى الاسواق. أشهر هذه الادوية (اكسيلون، تاكرين، اريسبت، ريمنيل).

هناك عوامل تساعد على تحسين حياة مريض الزهايمر:

• تحديد أسلوب ونمط حياة روتيني للمريض. فالروتين يساعد المريض على تنظيم الحياة اليومية، ويحاول قدر المستطاع عدم تغيير اسلوب ونمط الحياة الذي اعتاد عليه المريض.

• محاولة تشجيع المريض على الحفاظ على استقلاليته، والتقليل من اعتماده على الآخرين.

• محاولة تجنيب المريض الخطورة في المكان الذي يعيش فيه، بجعل ذلك المكان آمنا، بحيث لا يكون هناك مجال لان يتعرض المريض للخطر بسبب وجود ادوات خطيرة أو حادة، وبقدر الامكان جعل معيشته في مكان سهل الوصول إليه، وان لا يكون مكان إقامته في أدوار عليا، وكذلك عدم وجود نوافذ كبيرة قد يخطئ المريض ويظنها باباً ، مما قد يعرضه للسقوط لو كان يسكن في أدوار عليا.

• محاولة تجنيب المريض الصدمات النفسية وكذلك الصدمات الجسدية التي قد تحدث له من جراء عدم اتزانه، وتشوش التفكير عنده.

• يجب مراعاة خاطر المريض، وعدم التحدث عن مشكلته النفسية والبدنية بحضوره لان ذلك قد يتسبب في جرح مشاعره. ويجب دائما التذكر بأن هذا المريض قد يعي ويستوعب ما يقوله عنه الآخرون. كذلك يجب عدم السخرية مما يفعل أو الاستهزاء بما يقول من قبل بعض المحيطين به خاصة الصغار والذين لا يدركون ما يقدمون عليه من أفعال، فيجب عدم تركه لرعايتهم.

• يجب تشجيع المريض على المحافظة على لياقته البدنية حيث يساعده ذلك على الحفاظ على قدراته الجسدية والنفسية، مع الأخذ بعين الاعتبار اختيار التمارين الملائمة لسنه وقدرته البدنية.

• يحبذ إشغال المريض بعمل يستغل به قدراته البدنية والذهنية، مثل ممارسة بعض النشاطات المنزلية وربما بعض الانشطة المهنية اذا كانت لديه الرغبة وكذلك تساعده قدراته البدنية والذهنية.

نصائح تفيد من يتعامل مع مريض بالزهايمر (الخرف):

1- يجب التأكد من ان المريض يسمع بصورة جيدة وكذلك لا يعاني من ضعف البصر، واذا كانت لديه مشكلة في السمع أو النظر فيجب مساعدته على تلك المشاكل، واذا كان يحتاج لوسائل مساعدة مثل نظارة أو سماعة (لمساعدة المريض على السمع) فإن ذلك يكون مهماً جداً، فضعف البصر أو السمع يعقد مشكلة المريض، ويجعله يصاب بالإحباط أكثر.
2- عند التحدث مع المريض يجب ان يكون الحديث واضحاً ، وعلى المتحدث ان يتكلم ببطء حتى يستطيع المريض استيعاب ما يقوله المتحدث.
3- يجب عدم التذمر من المريض بل يجب إظهار المحبة والعطف والحنان، بالتعابير الجسدية مثل إحتضان المريض أو اللمسات الحانية.
4- ان يتأكد من يتحدث إلى المريض أن اهتمام المريض موجه إليه قبل ان يبدأ الحديث.
5- الانتباه إلى استخدام المريض للغة الجسد، حيث يميل الشخص الذي يعاني من صعوبة في التعبير إلى استخدام الحركات الجسدية لكي يعبر عن ما يريد.
6- على من يتحدث إلى المريض ان ينتبه إلى تعابيره الجسدية، حيث ان المريض ينتبه إلى حركات من يتحدث معه وتعبيراته الجسدية.
7- استخدام الكلمات السهلة والبسيطة والمباشرة للتعبير، والبعد عن المصطلحات المعقدة، ويجب التأكد من ان المريض استوعب ما قيل له.

 

 

إعداد د / إبراهيم الخضير . 

المصدر: جريدة الرياض . 

عيادة الرياض.  

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.