مرض القلق العام | Generalized Anxiety Disorder

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: السبت, يونيو 6, 2015 - 19:09

الخوف هو ردة فعل طبيعية لما يعتبره الإنسان الطبيعي تهديداله سواء لحياته أو ما يعتبره يوفر سلامته الجسمانية والنفسية. أما الخوف المرضي(القلق) فهو الخوف المبالغ فيه من جهة ويصعب تحديد أسبابه من جهة أخرى فهو يتوقع شيئا سيئا قد يحصل لكن لا يعرف ما هو بالضبط.
فالمريض في هذه الحالة ليس خائفا من ركوب المصاعد مثلا أو ركوب الطائرة كما في الرهاب. وليس قلقا بشأن تلوث يديه بالبكتيريا كما في الوسواس القهري وليس خائفا من الإحراج أمام الناس كما في الرهاب الاجتماعي أو قلقا بشأن زيادة وزنه كما في فقد الشهية العصبي.
عندما يكون المريض قلقا من كل شي وطوال الوقت ودون قدرة على تحديد السبب (من وجهة نظره) يكون مصابا بما يسمى اضطراب القلق العام.
هذا المرض واسع الانتشار فهو يصيب أكثر من 5% من المجتمع عموما ويصيب الإناث أكثر من الذكور بنسبة الضعف تقريبا.
غالبا ما يكون اضطراب القلق العام مصاحبا لأمراض واضطرابات نفسية أخرى( فيما نسبته 70 إلى 90% من الحالات) مثل الرهاب, اضطراب الهلع, والاكتئاب.
الأسباب:
1) أسباب عضوية:
أ – اضطراب النواقل العصبية مثل السيروتونين والـ (GABA).
ب – دور مناطق معينة في الدماغ مثل النظام الحوفي (Limbic System) والعقد القاعدية(Basal Ganglia) والفص الدماغي الأمامي (Frontal Lobe) في التحكم بمشاعر القلق.
ج – توجد دراسات قليلة أثبتت بطء الاستقلاب في مناطق معينة في الدماغ مثل العقد القاعدية(Basal Ganglia).
د- الوراثة: 25 % من أقارب المصابين باضطراب القلق العام يصابون بنفس الاضطراب أيضا كما ترتفع بينهم نسبة الاكتئاب في النساء ومعاقرة الخمور في الذكور. في التوائم المتطابقة ترتفعنسبة الاصابة إلى 50%.
هـ - دراسات التخطيط الكهربي للدماغ أكدت وجود اختلافات عن النشاط الطبيعي سواء أثناء اليقظة أو النوم.

2) أسباب نفسية:
أ – يعتقد أن المصاب بالقلق العام يسيء استقبال وفهم واستيعاب ما يتواجد في حياته من مخاطر فإما يبالغ فيها أو يراها بغير الصورة التي هي عليه أو بأن ينظر فقط للجزء السيئ من الأشياء التي تمر عليه فينتبه للتفاصيل الغير محببة إلى نفسيه من أي نشاط ينتظره مثلا أو يقوم به أو أي ظرف يمر به أو من يرتبط بهم. كما أن الشخص قد يكون غير واثق من قدراته على التعامل مع ما يراه خطرا يهدده أو كل ما يعتبره تهديدا أو تحديا.

ب- يرتبط الشعور بالقلق عميقا بخوف من الفقد ويقصد به فقد شيء عزيز على الإنسان كجزء من شخصية أو فقد قريب أو فقد القدرة على عمل شيء ما. ويعزو بعض المحللون النفسيون الشعور بالقلق في اضطراب في نمو الأنا الأعلى (Superego) كجزء من الخوف من عدم القدرة على إرضاء ذات أخرى مثالية في نظره كالوالدين مثلا. الصورة الإكلينيكية: القلق,التوتر (الشد) المتواصل (أو أغلب الوقت) وعدم القدرة على الهدوء هي أهم مظاهر المرض. يكون القلق شديدا ويشكل عائقا أمام القيام بمهامه الحياة المكلف بها الإنسان ويمنع استمتاعه بما حولهأيضا. أهم مظاهر التوتر العضلي تظهر على شكل رجفة, وصداع وبالذات في مؤخرة الرأس وآلام في الكتفين. يصف المريض آلام الرأس التي تنتابه بأنها تشبه (عصابة) مشدودة بقوة على رأسه. كما يظهر هذا التوتر على شكل حركات يقوم بها المريض كهز الرجلين أو النقر على طاولة أمامه أو ما شابه.
يعاني المريض من الأرق (وبالذات صعوبة بدء النوم وتقطعه) ليلا والتعب العام والإجهاد غالب الوقت نهارا بسبب ذلك.


أما اضطراب الجهاز العصبي السمبتاوي فتظهر على شكل صعوبة في التنفس, التعرق الزائد, الخفقان, وأعراض الجهاز الهضمي المختلفة.
يسهل استثارة المريض بالقلق العام فهو يخاف ويقلق بشأن أي شيء يعترض حياته حتى لو كان بسيطا في عرف الناس ويظل يفكر فيه قبل مجيء هذا الشيء بفترة طويلة. كما أنه من السهل إفزاعه.
القلق المتواصل يجعل التركيز على شئون الحياة اليومية للمريض صعبا ويحس بالتشتت الدائم ويزداد أكثر عند التعرض لطارئ ما حتى لو كان بسيطا. قد يكون المتعذر عليه ترتيب أولوياته بالنسبة لمشاكله وطرق التعامل معها. قد يشكو المريض من مشاكل في الذاكرة حيث يقول لمن حوله (أين وضعت مفاتيحي أو ما الذي كنت سأعمله قبل قليلوغالبا ما يكون سبب ذلك هو عدم القدرة على التركيز وتشتت الذهن وليس مشكلة أصيلة في الذاكرة.
غالبا ما يلجأ المصابون بهذا القلق المزمن إلى أطباء الأمراض الباطنة أو الممارس العام بحثا عن سبب وعلاج للأعراض الجسمانية للقلق مثل الخفقان والصداع وأعراض الجهاز الهضمي. ومع شكواهم من شيء محدد كالإسهال أو آلام الرقبة والصداع إلا إنه نادرا ما يوجد سبب عضوي لتلك الشكاوي.

مسار ومآل المرض:
يصعب تحديد بداية الشكوى وغالبا ما يقول المريض بأنه قلق طوال حياته وبالرغم من ذلك وبالرغم من أن هذا الاضطراب قد يحدث في أي عمر إلا أن الغالبية من المرضى يشيرون إلى بداية العشرينات من العمر كبداية حقيقية للشعور بأنهم قلقين بشكل يحتاج للرعاية الطبية أوالمساعدة.
ثلث المصابين بهذا الاضطراب يطلبون الخدمة الطبية النفسية بينما يتوجه الأغلبية لأطباء القلب أو أطباء الجهاز الهضمي أو غيرهم.
طبيعة حياة الإنسان وعمله وتركيبة عائلة والوسط المحيط به قد يشكل سببا قويا لبداية المرض وزوال العوارض الحياتية قد يخفف أو يزيل الاضطراب إلا أن هذا الاضطراب مزمن بطبيعته فيغالب الحالات.


العلاج:
تتحقق أفضل النتائج في اضطراب القلق العام بالجمع بين العلاج النفسي والدوائي وتوفر المساندة التي يحتاجها المريض.


العلاج النفسي:
يعتمد كثيرا على الأسلوب الإدراكي السلوكي وتوفير المساندة والدعم. ومن أهم أساليب العلاج هي ممارسة تمارين الاسترخاء العضلي والذهني بكافة أشكالها وبحسب ما يناسب ظروف المريض ووقته. ينصح بممارسة تمارين الاسترخاء بشكل منتظم واتخاذها أسلوبا جديدا للحياة ومن الممكن تطبيقها في أي وقت وفي كل مكان. تزداد فوائدها حينما تصبح ردة الفعل المعتادة من المريض عند زيادة القلق أي عندما يحس بالتوتر فإنه يلجأ للاسترخاء.
المساندة والدعم اللازمين بطمأنة المريض من ناحية سلامته الجسدية وأن كل الأعراض (جسدية ونفسية) التي يحس بها منشؤها القلق وليس مرضا جسديا.

طريقة التغذية الراجعة (Biofeedback) أيضا تستخدم كجزء من العلاج النفسي حيث يطلب من المريض مراقبة أعراضه بنفسه وما هي الأشياء التي تزيدها والأشياء التي تقلل منها أيضا.
يتم التعرف على مناطق القوة النفسية الذاتية لدي المريض (Ego Strength) وكذلك استكشاف الضغوط النفسية التي تكون في اللاوعي كجزء من زيادة بصيرته بطبيعة أعراضه.
أحيانا قد يساهم إجراء تغيير بسيط في الظروف المحيطة بالفرد من حوله كجوه الأسري أو في العمل أو في علاقاته في التخفيف من حدة القلق ويتبع ذلك التعرف على مناطق التوتر والتخفيف منها أو إزالتها.
من الممكن في بعض المرضى المؤهلين تأهيلا عاليا والواعين بطبيعة القلق أن يتم زيادة قدرة استيعابهم وتحملهم للقلق دون أن يبدو عليهم ذلك.


العلاج الدوائي:
توجد العديد من الأدوية التي تستعمل في علاج اضطراب القلق العام ومنها: بوسبيرون(Buspirone), المطمئنات الصغرى (Minor Tranquilizers) مثل مجموعة البنزوديازيبينات(Benzodiazepines) مثبطات ارتجاع السيروتونين (SSRI) مثل بروزاك, سيروكسات, فافرين, اللوسترال وغيرها, مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (Tricyclic Antidepressants) مثل توفرانيل(Imipramine). كما أن دواء إيفيكسور (Effexor) يستخدم أيضا.
هناك أدوية أخرى مثل قوافل مستقبلات بيتا مثل إنديرال (Inderal).
لا ينصح باستعمال المطمئنات الصغرى لفترات طويلة حيث أنها تسبب الاعتمادية (الادمان).
يترك اختيار نوع الدواء ومدة العلاج (التي قد تطول أو تدوم مدى الحياة) وتقدير الجرعات للطبيب. بل أن البدء في العلاجات الدوائية لا يتم في كثير من الأحيان في الزيارات الأولى للطبيب وينبغي قبلها إجراء بعض الفحوصات واستخدام الأساليب النفسية الغير دوائية وكذلك محاولة تغيير الظروف المحيطة بالمريض لعلها تخفف أو تزيل القلق.

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.