التفسير المعرفي للوسواس القهري
التفسير المعرفي للوسواس القهري : من المعروف أن الوساوس ما هي إلا أفكار مقحمة ، وأن هذه الأفكار غالبا ما تكون خاطئة ، لكن نتيجة هذه الوساوس يجد المرء نفسه مدفوعاً لاجترارها ، ويحاول جاهداً درء خطرها ، إما بالتأكيد المتكرر ، أو بفعل ما يعفيه من الشعور بالذنب ، وقد استقر رأي الاختصاصيون المعرفيون على ستة مخططات (غير وظيفية) تحكم تفكير الوسواسي هي:
1- تضخيم المسئولية عن الأذى : ويتضمن هذا التضخيم العناصر التالية :
أ- الاعتقاد بأن مجرد توقع حدوث الأذى يحمِّل المرء بذل مجهود كبير لمنع هذا الأذى بأي وسيلة.
ب- الاعتقاد بأن المرء يتسبب في حدوث الأذى لنفسه وللآخرين .
ج- اعتقاد المرء بأنه يمكنه منع الأذى عن نفسه وعن الآخرين من خلال قيامه ببعض الأفعال والطقوس.
د- اعتقاد المرء بأن فشله في منع أذى معين يتساوى مع تسببه عمدا في الإيذاء.
2- المبالغة في أهمية الإقحامات، ويتضمن هذه المبالغة العناصر التالية:
أ- إضفاء المرء أهمية عظمى على مجيء الإقحامات إلى ذهنه بحيث يعتقد أن مجرد اندفاع الأفكار والصور الذهنية إلى عقله يعني أنها مهمة ، ويجب التفكير فيها.
ب- الاعتقاد بأن التفكير في شيء سيء يعني رغبة المرء في حدوث هذا الشيء في الواقع.
ج- الاعتقاد بأن الإقحامات السيئة التي تندفع إلى ذهن المرء تنم عن شخصيته الحقيقية.
د- اعتقاد المرء أنه سيعاقب جزاءً لوجود الأفكار والصور الذهنية السيئة في عقله.
هـ- الخلط بين التفكير والفعل. ويتكون الخلط بين التفكير والفعل من عنصرين فرعيين أساسيين:
- الخلط بين التفكير واحتمال حدوث الفعل ، ويعني اعتقاد المرء أن مجرد التفكير في شيء ما يزيد احتمال حدوثه في الواقع سواء كانت هذه الأفكار تتعلق بالمرء نفسه أو بالآخرين ، ويرتبط هذا الاعتقاد بما يعرف بالتفكير السحري ، والذي يشير إلى إعتقاد المرء أن أفكاره وحدها كفيلة بأن تؤثر على الأحداث الواقعية .
- الخلط الأخلاقي بين التفكير وتنفيذ الفعل ، ويعني اعتقاد المرء أن أفكاره المقتحمة السيئة تكافيء من الناحية الأخلاقية القيام بالأفعال السيئة أو المحرمة.
3- المبالغة في ضرورة التحكم في الإقحامات، ويتضمن هذا:
أ- اعتقاد المرء في ضرورة تحكمه الكامل في الأفكار والصور الذهنية التي تقتحم عقله .
ب- اعتقاد المرء في ضرورة مراقبته لأية فكرة أو صورة ذهنية تندفع إلى عقله وضرورة تعقبه لأحداثه العقلية.
ج- اعتقاد المرء بحدوث مترتبات سلبية (واقعية أو انفعالية) نتيجة فشله في التحكم في الإقحامات.
د- اعتقاد المرء أن التحكم الكامل في كل ما يدور في ذهنه شيء ممكن ومرغوب.
4- المبالغة في تقدير التهديد ، ويتضمن الآتي:
أ- المبالغة في تقدير احتمالات حدوث الأذى.
ب- المبالغة في تقدير شدة الأحداث المؤذية.
ج- اعتقاد المرء أنه معرض أكثر من غيره للإصابة بالأذى ، سواء الأذى الداخلي (مثل المشاعر) أو الأذى الخارجي (مثل : المرض والحوادث).
5- عدم تحمل الأمور غير المؤكَّدة ، ويتضمن هذا الآتي:
أ- الاعتقاد في ضرورة التأكد من كل شيء وخاصة قبل اتخاذ أي قرار ، ويتبدى هذا في اتسامهم بالحذر الشديد ، ويستغرقون وقتا أطول قبل اتخاذهم أي قرار ، كما يطلبون معلومات أكثر ليتخذون القرار المناسب ، ومع كل هذا يشكون في صحة قراراتهم.
ب- الاعتقاد في أن الأمور غير المؤكدة تؤدي إلى مترتبات انفعالية سلبية ، كالقلق والإحباط ، وتؤدي إلى مترتبات واقعية سلبية ، مثل ارتكاب الأخطاء أو صعوبات في العمل.
ج- الاعتقاد في ضرورة تجنب الأمور غير المؤكَّدة .
د- اعتقاد المرء أنه يمتلك قدرة محدودة للتعامل مع المواقف الجديدة ، أو الغامضة أو الغامضة أو المتغيرة على نحو غير متوقع .
6- النزعة إلى الكمال ، وتتضمن الآتي:
أ- تبني المرء معايير مثالية ، والاعتقاد في ضرورة العمل وفقا لمعايير مبالغ فيها .
ب- الاعتقاد أن فعل الأشياء بطريقة كاملة شيء ممكن ، وضرورى .
ج- الاعتقاد أن هناك حلا كاملا لأية مشكلة يجب البحث عنه ، ولا يجب قبول حل آخر غيره.
د- المبالغة في القلق حيال الأخطاء ، ويشمل :
- الاعتقاد في أن الأخطاء البسيطة ستؤدي إلى مترتبت خطيرة .
- الاعتقاد في أن الخطأ الواحد أو عدم اكتمال شيء ما يساوي الفشل التام.
- الاعتقاد في أن المرء سيفقد احترام الآخرين لو فشل في شىء ما.
ولعلاج هذه الوساوس فإن الأمر يتطلب تعديل تقييم المرء لأفكاره المقتحمة ، وليس مواجهة الأفكار المقتحمة ذاتها ، وهذا يتطلب الآتي:
- أن يتعلم القيام بالمراقبة الذاتية لأفكاره الوسواسية وتقييمه لهذه الأفكار.
- تفسير معرفي لمشكلاته السلوكية.
- الاقتناع بأن ورود الأفكار المقتحمة لذهنه أمر طبيعي ، وليست هدفا للتحكم ، بل إن محاولة التحكم العمدي فيها يؤدي إلى نتائج عكسية .
- أن الأفكار الوسواسية إنما هي أمور عديمة القيمة ، وهي مجرد إفصاح طبيعي لنشاط العقل الإبداعي ، وأن إضفاء المعاني السلبية على هذه الأفكار ومحاولة كبحها هو الذي يؤدي إلى تكرارها.
- التعرف على معتقداته الخاطئة ، وتفسيراته السلبية للأفكار المقتحمة ، والعمل على تحدي هذه التفسيرات السلبية ، وإحلال تفسيرات بديلة غير مهددة محلها.
- تغيير المعنى الذي يلحقه بأفكاره المقتحمة ، دون أن يعني هذا منع الأفكار المقتحمة من الحدوث ؛ لأن مجيء الأفكار المقتحمة إلى الذهن جزء من الخبرة السوية التي يمر بها الأفراد جميعا ، ويتم تحدي التقييمات السلبية والمعتقدات الخاطئة من خلال فنيات علاجية وأساليب للمناقشة وتجارب سلوكية يمكن الحصول عليها عن طريق معالج نفسي ، يعمل على تغيير رؤية المرء لمشكلاته الوسواسية ، ذلك الإجراء يساعد في فهم المشكلة باعتبارها مشكلة سببها طريقة التفكير أكثر من كونها مشكلة موجودة في الواقع.
- التأكد من خطأ المخاوف وخطأ التوقعات الكارثية المتعلقة بها.
د. صلاح الدين السرسي