فقدان الذاكرة التفارقي - "Dissociative amnesia"

الذاكرة هي تلك المفكرة الخارقة, والقادرة على ترتيب المعلومات, وتخزينها، ومن ثم استدعاؤها واسترجاعها عند الحاجة لها.. إلا أنه في حالات معينة.. تتأثر الذاكرة بطريقة أو أكثر.. قد تجعل من تذكر الفرد لحدث معين، أو لأحداث سابقة أو لاحقة من حياته، أو للأفكار بشكل عام أمرًا بالغ الصعوبة..

فثمة نوع نادر من مرض (النساوة).."فقدان الذاكرة"، يطلق عليه "فقد الذاكرة النفسي المنشأ" أو "فقد الذاكرة التفارقي "Dissociative amnesia -, يظهر نتيجة صدمة نفسية, أو نتيجة تعرض الشخص لعمل أجرامي عنيف. ما يفقد الشخص  جزءًا من ذكرياته الشخصية, ومعلومات عن سيرته الذاتية, لعدة ساعات، أيام, أو ربما لفترة أطول.

حيث لوحظ في العديد من المرضى المصابين - بفقدان الذاكرة الانشقاقي الحاد - معاناتهم من بيئة نفسية واجتماعية مليئة بالصراعات أو الصدمات النفسية الحادة..

كيف يمكن أن يؤثر فقدان الذاكرة التفارقي:

• فقدان الذاكرة المحدد؛ وفيه يفشل الفرد في تذكر الأحداث التي وقعت خلال فترة محدودة من الوقت، وعادة في الساعات القليلة الأولى بعد حادث أليم يثير قلقًا عميقًا.

• فقدان الذاكرة الانتقائي؛ حيث يمكن للشخص أن ينسى بعض "وليس" كل الأحداث التي وقعت خلال فترة محدودة من الوقت. وقد يشمل الفشل تذكر حياة الفرد بأكملها.
• فقدان الذاكرة المستمرة؛ وهو عدم القدرة على تذكر الأحداث اللاحقة لفترة زمنية محددة، وذلك حتى الوقت الحاضر.
• فقدان الذاكرة المقنن؛ وهو فقدان الذاكرة لفئات معينة من المعلومات، مثل كل الذكريات المتعلقة بعائلة واحدة أو بشخص معين.
• المشاكل الأخرى التي تصاحب هذا الاضطراب في بعض الأحيان تشمل العجز الجنسي, ومشاكل في العمل, وسوء العلاقات بين الأشخاص، تشويه الذات، الدوافع العدوانية، والدوافع والأفعال الانتحارية.

ماذا نعني بفقدان الذاكرة التقدمي / اللاحق للإصابة ؟!

Anterograde amnesi...

هو فقدان القدرة على خلق ذكريات جديدة، مما يؤدي إلى عدم القدرة الجزئي أو الكامل لتذكر الماضي القريب، على الرغم منكون الذكريات طويلة الأجل لا تزل سليمة.. ما يجعل المصابين يعانون من تكرار الجمل أو الأسئلة لمرات عدة, أو يضطرهم للفشل في التعرف على أناس تم الإلتقاء بهم منذ دقائق معدودة فقط.

ماذا عن فقدان الذاكرة الرجعي / السابق للإصابة ؟! 

…Retrograde amnesi

هو شكل من أشكال فقدان الذاكرة, عادة ما يلي الأضرار التي لحقت بمناطق معينة من الدماغ.. حيث يكون الشخص غير قادر على تذكر الأحداث  الواقعة قبل فقدانه للذاكرة, على الرغم من  قدرته على ترميز وحفظ الأشياء الجديدة, والتي تقع بعد الحدث..

غالبًا ما يكون فقدان الذاكرة الرجعية متدرجًا زمنيًا، ما يعني إمكانية الوصول للذكريات البعيدة - بسهولة أكبر – من تلك الأحداث الواقعة قبيل الصدمة, ما قد يتسبب في صعوبة استردادها, وربما فقدانها.. ويرجع ذلك لكون المسارات العصبية الخاصة بالذكريات الحديثة ليست قوية, كما هي الحال في القديمة منها, والتي تعززت بفعل سنوات من الاسترجاع وإعادة الدمج. 

ماذا عن تأثر الذاكرة العرضية والدلالية..

 إن تأثير الحدث على الذاكرة العرضية يظهر بشكل أشد من الذاكرة الدلالية، لدرجة أن المريض قد يتذكر الكلمات والمعلومات العامة كـ (أسماء الزعماء، أو كيفية عمل الأشياء اليومية، الألوان.... الخ), ولكنه لا يتذكر أحداث معينة في حياته.

أما فيما يخص الذكريات الاجرائية ..

فعادة لا تتأثر كـ (كالمهارات, ولعادات, وكيفية تنفيذها..) على الإطلاق.

العـــــــــلاج:

• العلاج المعرفي:

ويستخدم في الأشخاص المصابين باضطرابات صدمية, وذلك عن طريق تحديد الانحرافات المعرفية لديهم, تبعًا لطبيعة الصدمة النفسية.. واتخاذها كمدخل إلى فقدان سيرته وذاكرته الذاتية.

• العلاج بالتنويم:

ويمكن استخدام العلاج بالتنويم بعدة طرق مختلفة وذلك لتسهيل الاستعادة المحكمة للذاكرة المنشقة لدى المريض, ولدعم وتقوية الذات لديه.

• العلاج الدوائي:

يمكن استخدام بعض العقاقير أثناء إجراء الحوار مع المرضى المصابين بفقدان الذاكرة الإنشقاقي الحاد والمزمن, والذين لم يظهروا تحسنًا ملحوظًا مع طرق العلاج الأخرى..

• العلاج الجمعي:

ما يمكن الأشخاص المصابين من استعادة بعض الذكريات المفقودة لديهم أثناء جلسات العلاج الجمعي, عن طريق الدعم المقدم لهم إما من الأفراد الآخرين في تلك المجموعات, أو عن طريق مجموعة المعالجين لديهم, والتي من الممكن أن تسهل عليهم التحكم في أعراض الانشقاق والخروج منها إلى الوعي الكامل...

بتصرف من / أ.د.عبد الله السبيعي