اضطراب الشخصية المتعددة - "Multiple Personality Disorder"
هو أحد الاضطرابات التفارقية (اضطرابات انشقاقية)، تتميز بوجود شخصيتين منفصلتين أو أكثر للفرد, تتناوبان في التحكم بسلوكياته ووعيه. حيث تتحكم شخصية واحدة ببقية التحولات الشخصية الأخرى.
اضطراب الشخصية المتعددة مرض عقلي واضطراب نادر, لكنه مثير وخطير في أحيان أخرى. ونظرًا لكثرة اللغط الحائم حول هذا الاضطراب؛ تمت إعادة تصنيفه ليخرج بمسمى "اضطراب الهوية الفصامي - Dissociative Identity Disorder" ويرمز له اختصارًا بـ "DID". حيث تتواجد شخصيتان أو أكثر داخل الفرد عينه. وكل شخصية منها تتمتع بخصائص، ذكريات, رغبات, وعلاقات خاصة بها. وكل هوية منها تتحدث، وتكتب, وتتصرف بطريقة مختلفة جدًا.
كل من تلك الشخصيات هي مدركة لوجود الأخرى. ويكون التأرجح بينها غالبًا بطريقة مفاجئة, دراماتيكية, وتشوبها الضغوط الشديدة. فعندما يطغى القلق أو يهدد إحدى الشخصيات؛ تستدعي الشخصية المتعددة شخصية أخرى قادرة على التعامل مع الضغوط الراهنة. والتي يظهر تأثيرها بشكل واضح من حيث رد الفعل، العواطف، النبض، ضغط الدم، وتدفقه إلى الدماغ.
ما هي مسببات هذا الاضطراب..؟!
ثبت أن الأساس في حدوث مرض اضطراب الهوية الفصامي - كما تشير النظرية النفسية السائدة حول كيفية تطور المرض - هو حدوثه كرد فعل على صدمة أثناء مرحلة الطفولة. لذا فقد ينتج هذا الاضطراب عن مقدرة فطرية على الانفصال بسهولة، أو التعرض المتكررة لنوبات من الإيذاء والتعسف الجسدي. أو الانتهاك الجنسي الحاد في مرحلة الطفولة وعدم وجود شخص داعم للتصدي للإساءة، وكذلك التأثير السلبي من قبل أقارب أو معارف لديهم أعراض أو اضطرابات فصامية.
وعلى وجه التحديد؛ يُعتقد أن الطريقة الوحيدة لدى بعض الأفراد للرد على مواجهة صدمة شديدة في طفولتهم المبكرة؛ هي التنحي عن تلك الذكريات, لكن عندما يصبح رد الفعل شديدًا فقد يتسبب في حدوث هذا الاضطراب. إضافة إلى أن هناك من يقول بأن الأعراض قد تنشأ نتيجة المعالجات الهادفة من قبل المختصين لاسترجاع الذاكرة عن طريق الإيحاء.
وكما هو الحال مع الاضطرابات الأخرى, فإن وجود أحد أفراد الأسرة مصابًا باضطراب هوية انفصامي قد يكون عامل خطر.
ما نسبة الإصابة بهذا الاضطراب..؟!
يصيب اضطراب الهوية الفصامي حوالي 3 % من المرضى في مستشفيات الأمراض النفسية. غالبًا يكون لدى المرضى من 5 إلى 10 تحولات شخصية. إضافة لكوننا نجده في الإناث أكثر بـ 9 مرات منه في الذكور.
ما الذي يميز اضطراب الهوية الفصامي..؟!
عادة ما يتميز هذا الاضطراب بالأعراض التالية..
- فقد الذاكرة أو النساوة (التفكك).
- انقطاع في الوقت, وطلمة في المكان.
- تبدد الشخصية, والغربة عن الواقع.
- اضطراب الهوية.
- ثورة من الغضب الشديد.
- مشاعر متكررة, ودائمة بالانفصال عن الذات, المكانة الاجتماعية, البيئة.
- عدم التعرف المرضي على النفس في المرآة.
- نوبات زائفة وأعراض متبدلة.
- أعراض ذهانية مثل سماع أصوات داخلية.
- الكذب المرضي, ونعني به الكذب دون وعي, ومن ثم الإنكار.
كذلك نجد أعراض اضطراب تبدد الشخصية غالبًا في الاضطرابات النفسية الأخرى؛ مثل الفصام, الاكتئاب, القلق, اضطراب الشخصية الهستيرية والحدية.
ما السبل العلاجية لهذا الاضطراب..؟!
يتدرج علاج اضطراب الهوية الفصامي في مراحل ثلاث..
- الأولى: التركيز على الأعراض وتخفيف الجوانب المؤلمة وضمان سلامة الفرد.
- الثانيـة: التركيز على التعرض التدريجي إلى ذكريات مؤلمة ومنع إعادة التفكك.
- الثالثة: التركيز على إعادة ربط الهويات المتباينة في هوية واحدة مع كل الذكريات والتجارب سليمة.
كذلك.. يعتبر علاج السبب الرئيسي هو الأهمية القصوى في علاج مثل هذه الاضطرابات الحرجة, ويمكن سلوك العلاج النفسي والأدوية النفسية عند الحاجة. فالعلاج النفسي بشكل عام مفيدة للأشخاص الذين يعانون من نوبات فصامي.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT), والعلاج السلوكي الجدلي (DBT), تقنيات تم تطويرها خصيصا من قبل العاملين في مجال الصحة العقلية لتقليل تردد الأعراض, وتحسين استراتيجيات التصدي لتجربة التفكك.
- كما لدعم ورعاية المحيطين بالمرضى من أسرة وأصدقاء؛ أثره في التغلب على الماضي المؤلم, والتشجيع لبدء حياة جديدة.
خطوات للتعامل مع الشخص المصاب باضطراب الهوية الفصامي..
1- محاولة فهم ما يشعرون به؛ حيث يشعر المصاب باضطراب الهوية الفصامي بخسارة الوقت, أو ظلمة المكان؛ وذلك عند تغير شخصياته وظهورها بصورة واضحة, وقد يسمع أصوات تلك الشخصيات تتحدث إليه في يومه العادي.
2- عند ظهور الشخصيات المتعددة بشكل واضح؛ تنتاب المصاب أفكار ومعتقدات مناقضة تمامًا لما يفكر, يشعر, ويعتقد به في شخصيته الحقيقية. كما قد تختلف لهجات تلك الشخصيات وأساليبها في التحدث, وقد تعاني من أمراض أو اضطرابات نفسية وعقلية أخرى.
3- لا تصدق أو تحكم على أمر ما وفق شخص مصاب يأتي إليك ويخبرك في ثقة عما حدث معه أو رآه أو ظنه, ولا تشعره بعدم تصديقك.
4- استمع دائمًا له, دون سخرية أو تشكيك فيما يخبرك به, كذلك لا تهنه أو تغضبه فقد تدفعه لثورة غضب شديدة.
5- لا تتهمه بالكذب, ولا تشهر به أو تتحدث عنه أما الآخرين, فذلك يضر به وقد يزيد من حاله للأسوأ.
6- لا تعترف بكونك تعرف ما هو شعوره, ففي الحقيقة أنت تجهل ما يشعر به.
7- لا تشعره بأن همومه ومشاكله تافهة من وجهة نظرك, لكن قدم له المساعدة إن أمكن.
8- مع مرور الوقت ستتعرف على كل شخصية من شخصياته على حدة, وستتعلم الطريقة الجيدة والمناسبة للتعامل معها.
9- تذكر دائمًا أن الشخصية ذات السنوات الخمس, قد تكون قادرة على القيادة, أو لقيام بمهام أخرى تعتبر من سلوكيات الكبير, فليست هي طفلة في جميع جوانبها ‘نما هو شعور المريض كما لو كان طفلًا في الخامسة من عمره.
بتصرف من/ أ.د. عبد الله السبيعي