اضطراب الأعراض الجسمية
هو أحد الاضطرابات العصابية التي تندرج تحت ما يسمى بالاضطرابات الجسدية الشكل (Somatoform disorders، ويصيب حوالي 5%-7% من الناس. وذلك لأن ظاهر أعراض الاضطراب جسدي بينما أصلها نفسي.
وأهم ما يميز اضطراب الأعراض الجسمية هو شكوى المريض من أعراض جسمية دون وجود مرض حقيقي يفسرها. ولذلك يقوم المريض بزيارات متكررة للمستشفيات، والأطباء، ولكنه لا يجد سبباً لعلته. وهذا ما يبعث في نفسه المزيد من الحيرة والقلق، ويجعله يتنقل من مستشفى إلى مستشفى، ومن طبيب إلى طبيب.
ما هي الأسباب المؤدية للإصابة باضطراب الأعراض الجسمية؟
- الوراثة: لا يبدو أن للوراثة دور مهم في اضطراب هذا الإضطراب. ولكن الذي قد يورث هو نمط التفكير والاهتمام المبالغ فيه بالنواحي الصحية.
- الجنس: يظهر هذا الإضطراب في النساء بنسبة أكثر من الرجال، كما أن الأعراض والشكاوى تكون في النساء أكثر منها في الرجال.
- العمر: يبدأ هذا الاضطراب من سن الطفولة حيث تكثر الشكاوى من آلام البطن والرأس، ويمكن أن تحدث في المسنين حيث تكثر عادة الشكاوى الجسمانية التي قد تكون طبيعية في هذه المرحلة من العمر أحياناً.
- طبيعة الشخصية: ليس هناك نمط شخصية محدد له علاقة وثيقة باضطراب الأعراض الجسمية، لكن الشخصية التي يغلب عليها القلق والتفكير السلبي والاهتمام المبالغ فيه بالصحة، يمكن أن تكون –على الأقل من الناحية النظرية- أكثر عرضة للإصابة من غيرها.
- العوامل الاجتماعية: المعنى الذي يعطيه الشخص للأعراض يختلف بحسب الثقافة والمستوى الاجتماعي، لذلك ينبغي ألا تقيم حالة المريض بمعزل عن بيئته الاجتماعية والثقافية.
- الضغوط النفسية: قد تكون الضغوط النفسية مثل الوفاة والطلاق وغيرها، سبباً في انخفاض عتبة التحمل، والشعور بالأعراض التي تكون مدار اضطراب الأعراض الجسمية.
ماهي علامات اضطراب الأعراض الجسمية؟
يعاني الأشخاص المصابون من أعرا ض جسمية كثيرة تشمل أعضاء كثيرة من الجسم مثل:
- الألم: كالصداع، آلام الظهر، آلام في المعدة، آلام المفاصل، وآلام في الصدر.
- أعراض الجهاز الهضمي: كالغثيان، التقيؤ، الإسهال، صعوبة البلع.
- أعراض جنسية: كضعف الانتصاب، عدم الاهتمام، وألم أثناء الجماع.
- مشاكل الدورة الشهرية: عدم انتظام الدورة الشهرية، آلام الطمث الحادة.
- أعراض عصبية: مشاكل التنسيق أو التوازن، الشلل، الخدر، الضعف، النوبات.
كيف يتم تشخيص اضطراب الأعرض الجسمية؟
لا توجد اختبارات معملية لتحديد ما إذا كان الشخص لديه اضطراب الأعراض الجسمية، لكن الطبيب يقوم بإجراء اختبارات للتحقق من الأمراض العضوية التي يمكن أن تبدو وكأنها اضطراب الأعرض الجسمية. ويتم التشخيص حسب الدليل الإحصائي التشخيصي للإضطرابات النفسية الذي تصدره الجمعية الأمريكية للطب النفسي، في نسخته الخامسة، كما يلي:
أ. عرض جسمي واحد أو أكثر، يؤدي إلى انزعاج نفسي شديد أو خلل كبير في الوظائف اليومية.
ب. تفكير زائد وانفعالات وسلوكيات مفرطة، ذات علاقة بالأعراض الجسمية أو مخاوف صحية، تظهر في واحدة على الأقل من المظاهر التالية:
- - أفكار مستمرة ومبالغ فيها لا تتناسب مع خطورة الأعراض التي يشتكي منها.
- - مستوى مرتفع من القلق حيال الصحة أو الأعراض.
- - تكريس قدر كبير من الجهد والوقت لهذه الأعراض أو المخاوف.
ت. استمرار الشكوى لمدة لا تقل عن 6 أشهر، رغم أن بعض الأعراض قد لا تكون مستمرة.
ما هي أشكال اضطراب الأعراض الجسمية؟
اضطراب الأعراض الجسمية له شكلان وثلاث درجات:
الشكلان هما:
- الشكل الذي تغلب عليه الشعور بالألم: وكان سابقاً يسمى اضطراب الألم النفسي، إذ أن الألم هو الشكوى السائدة.
- الشكل الذي تستمر فيه الأعراض مدة طويلة تتجاوز 6 أشهر، يعاني فيها المريض من أعراض شديدة أو معيقة.
الدرجات هي:
- الدرجة الخفيفة: وتتحقق فيه واحدة فقط من المظاهر المذكورة في النقطة (ب) من بنود التشخيص المذكورة في الفقرة السابقة حول طريقة التشخيص.
- الدرجة المتوسطة: ويتحقق فيها بندان أو أكثر من البنود المذكورة في النقطة (ب) من بنود التشخيص المذكورة في الفقرة السابقة حول طريقة التشخيص.
- الدرجة الشديدة: ويتحقق فيها بندان أو أكثر من البنود المذكورة في النقطة (ب) من بنود التشخيص المذكورة في الفقرة السابقة حول طريقة التشخيص، إضافة لشكاوى جسمية كثيرة أو شكوى جسمية واحدة شديدة.
هل هناك اضطرابات أخرى تشبه اضطراب الأعراض الجسمية؟
نعم. فأول ما ينبغي القيام به هو التأكد من عدم وجود مرض عضوي حقيقي لدى المريض. كما أن هناك عدد من الاضطرابات النفسية التي قد تشبه هجاس المرض منها:
- الأمراض العضوية: فلا يجوز أبداً التركيز على الجانب النفسي ما لم يتم استبعاد الجوانب العضوية.
- الاكتئاب النفسي: الذي قد تظهر فيه شكاوى جسمانية، ولكن المحور الأساسي في تشخيصه هو وجود انخفاض المزاج وأعراض الاكتئاب الأخرى مثل عدم القدرة على الاستمتاع واليأس وخلافه.
- القلق النفسي: وتظهر فيه أعراض جسمية كثيرة لكن الشعور بالخوف هو الأصل في وجود هذه الأعراض وليس العكس كما في حالة هجاس المرض.
- اضطراب قلق الأمراض: ويتسم بوجود قلق شديد حول وجود أو احتمال حدوث مرض جسدي.
كيف لي أن أعرف عن كنت مصاباً بهجاس المرض؟
قم بزيارة قسم الاختبارات النفسية في موقع فريق النجاح www.alnafsy.com، الذي يشرف عليه البروفيسور عبدالله السبيعي، وأجر الإختبار المناسب. هذه الإختبارات ليست كافية للتشخيص، لكنها تساعدك –إضافة إلى هذه المعلومات- في التعرف على معاناتك، ولا تغني عن زيارة الطبيب النفسي.
كيف يمكن علاج اضطراب الأعراض الجسمية؟
بالرغم من أن الأشخاص المصابين باضطراب الجسدنة قد يواجهون صعوبة في قبول العلاج النفسي، إلا أنه في الحقيقة يمكن أن يقلل من الأعراض، ويساهم في تحسين نوعية الحياة.
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض أو معالجة القلق أو الاكتئاب المصاحب، حيث يساعد العلاج المعرفي السلوكي في إدارة الإجهاد باستخدام تقنيات الاسترخاء على سبيل المثال. ويساهم كذلك في تعليم المريض كيفية التعرف على الأفكار والمشاعر التي ترتبط بأعراضه الجسدية.
2. العلاج الدوائي: يمكن للأدوية المضادة للاكتئاب أو القلق أو غيرها من العقاقير التي يراها الطبيب، تقديم المساعدة والتخفيف من الأعراض الجسدية؛ خاصة من يعانون من القلق أو اضطراب المزاج.
وعلى وجه العموم فغالبًا ما يهدف العلاج بشكليه إلى إدارة الصراع في المنزل، أو التعامل مع المشاكل الثانوية مثل خلافات العمل أو صعوبات الأداء الاجتماعي.
كيف يمكنني أن أساعد نفسي إذا كنت أعاني من اضطراب الأعراض الجسمية؟
أولاً: بالمعرفة والقراءة ما أمكن عن هذا الاضطراب.
ثانياً: إذا كنت تتوجع لدرجةٍ لا يمكنك معها العمل، أو القيام بمهامك المختلفة، فأنت بحاجة لمشورة طبيبة متخصصة.
ثالثاً: إذا استبعدت وجود مرض عضوي، فيمكنك القيام بالتالي:
- اختر طبيباً تثق في دينه، وأمانته، وشاوره في حالتك، ثم لا تذهب لغيره إلا بمشورته.
- لا تطلب من الطبيب أن يخضعك لفحوصات بعينها، بل اترك له الخيار ليفعل ما يريد، ما دمت تثق به.
- ليس بالإمكان معرفة سبب كثيرٍ من الأعراض والأحاسيس الجسمية. وهذا الجهل لا يعني أن حالتك مستعصية، أو غريبة، أو أن الطب عجز عن اكتشافها. كل ما هنالك أنك لا تعاني ولله الحمد من مرض ظاهر. وهذا في حد ذاته دليلٌ على صحتك لا على مرضك.
- تجنب أن تكرس حياتك للمرض. لا تقرأ عنه، ولا تبحث في الانترنت، ولا تتابع الصحف والبرامج الطبية، وما شابه ذلك من السلوكيات القهرية.
- أشغل نفسك بما هو مفيد من العمل والاختلاط ونفْع نفسك ونفْع الناس، لأن ذلك يقلل من شعورك بالأعراض الجسمية التي تعاني منها.
- تعلم كيف تسيطر على الإجهاد النفسي بالراحة والاسترخاء والرياضة البسيطة والغذاء المتوازن.
- قم برصد الأعراض التي تشعر بها بشكل يومي، وسجل الأحداث السابقة لها، فقد يساعدك ذلك في الربط بين الأعراض وبعض العوامل الخارجية.
كيف أساعد قريباً لي يعاني من هجاس المرض؟
أولاً: بالمعرفة والقراءة ما أمكن عن هذا الاضطراب
ثانياً: إذا كان يتوجع لدرجةٍ لا يمكنه معها العمل، أو القيام بمهامه المختلفة، أو ربما عرض نفسه لفحوصات طبية لا داعي لها فهو بحاجة لاستشارة طبية متخصصة.
ثالثاً: إذا استبعدت وجود مرض عضوي، فيمكنك القيام بالتالي:
1) ساعده ليحقق التوازن الفطري في علاقته بربه وذلك بالتقرب إلى الله بالطاعات والبعد عن المعاصي، وعدم الجزع واليأس من الشفاء. فعن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً: "إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط".
2) ساعده في التوازن في علاقته مع الآخرين بعدم الانطواء، وصلة الأرحام، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه.
3) وجِّههُ لمراجعة نفسه وعلاقته مع ربه وإصلاح ما انقطع منها فكما يقول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا توبة".
4) تصدق عنه وعلمه الصدقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: "داووا مرضاكم بالصدقة".
5) ساعده ليرى الجانب المضيء من المعاناة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها.