الصمت الإختياري
عندما تجد أن الطفل يؤثر الصمت على الكلام في بيئة إجتماعيه كالمدرسة مثلا ، فهذا يدفعك للتساؤل عن سبب هذا الصمت ، ولماذا يختاره الطفل في هذه المواقف التي تتطلب منه التحدث؟! يطلق على هذه الحالة “ الصمت الإختياري” فهو أحد المشاكل النفسية التي يتعرض لها الطفل في بيئة خارج منزله أو في مواقف إجتماعية دون أخرى،
وقد يُدرج كذلك بأنه شكل من أشكال الرهاب الإجتماعي ، فالصمت هنا من إختيار الطفل وليس بسبب خلل في حواسه أو نتيجه إضطراب نفسي.
متى نقول أنه صمت إختياري؟
إن من الخطأ التسرع في الحكم على الطفل بأنه يعاني من صمت إختياري في أولى أيامه الدراسية ، فلاشك أن إختلاف بيئة المدرسة عن المنزل له تأثير على الطفل ، ولكن عندما يتجاوز صمته مدة الشهر فلا بد من التدخل من قبل المعلمين و الأهل مع إستبعاد الأسباب الأخرى مثل وجود خلل في سمعه أو نطقه ، وعدم وجود أية إضطرابات نفسية ، كالتوحد وتشتت الإنتباه ، ولاشك أن ملاحظة الطفل في المنزل وخارجه تساعد على تحديد الحالة ، بشكل آدق يكون الطفل إنطوائياً ومتعلقاً بوالديه كما أنه قد لا يجيد التحدث أو التعبير عن نفسه كما أن صوته يكون أكثر إنخفاضاً.
ماهي أسبابه؟
١- قلق شديد وصراع داخلي يعاني منه الطفل وقد يعود القلق إلى عوامل وراثيه اكتسبها من أحد والديه.
٢- توتر العلاقة الأسرية أو إنفصال الطفل عن والديه أو وفاة أحدهما.
٣- تعرض الطفل في سنواته الأولى إلى صدمة نفسية أو إهانة واستهزاء في موقف إجتماعي.
٤- الضغط على الطفل من قِبل الأهل بالصمت وعدم التحدث أمام الغرباء.
٥-ضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على مواجة الآخرون.
٦-الخجل الشديد وعدم إستقلالية الطفل بنفسه.
ما هي نتائجه؟
يؤثر سلبياً على مستواه التعليمي فيضعف تحصيله الدراسي مما يسبب في تأخيره عن زملائه.
يؤثر سلبيا على مستقبل الطفل إن لم يتعلم المهارات الاجتماعية مثل الحديث عن نفسه والتحاور مع غيره.
عندما يتأخر علاج الطفل فإن ذلك يؤثر على حالته النفسية ويكون العلاج أصعب .
زيادة الإنطوائية والخجل لديه خصوصا إن لم يكن هناك وعي من حوله بالمشكلة التي يعاني منها.
كيف يتم علاجه؟
إن علاج الصمت الإختياري يكون إما دوائي أو نفسي ، و أفضل دواء له هو مثبطات إرتجاع السيروتونين ، أما العلاج النفسي فيكون من خلال دراسة الحالة بمساعدة الأخصائي النفسي وقياس قدراته العقلية ، ويجب كذلك زيادة الوعي من قِبل المعلمين والأهل فقد يكون سبب الصمت مشاكل وخلافات أسرية ، وقد تم تصميم العلاج السلوكي لتعزيز السلوكيات المرغوبة والقضاء على السلوكيات الغير مرغوبة ، ومن المهم كذلك مساعدة الطفل خطوة خطوة للتغلب على مخاوفه والتعزيز الإيجابي دون مبالغة وتشجيع الطفل على التواصل باستخدام الرسائل الصوتية أو التسجيل المرئي ، كذلك التدرج في العلاج وعدم استعجال النتيجة في الكلام ، مثل تحريك الشفاة والرد على الهاتف ، واستخدام العلاج السلوكي المعرفي يعمل على المساعدة في كيفية التفكير في نفسه و الآخرين وكيفية تصورهم لهذه الأمور وتحويل مخاوفه إلى أفكار إيجابيه ، وأيضاً تدريب الطفل على الإسترخاء تساعد في التقليل من القلق لديه ، وقد أشار الأخصائيون إلى أهمية اللعب كعلاج معرفي حيث أنه يساهم في زيادة التواصل بين المربي والطفل وتخفيف الضغط عليه ، و من الأفضل التدخل للعلاج في وقت مبكر بحيث يكون التعامل معه أسهل.
إن أهمية الوعي بإبعاد مشكلة الصمت الإختياري للطفل من قبل الأسرة والمعلم يساهم في تقليل الخطورة وتداركها فدور المعلم لا يقتصر على التدريس وحسب إنما يجب ملاحظة الطفل عند الإحساس بالمشكلة ، وإخبار أسرته بذلك والتعاون معهم على حل المشكله ، ومن الضروري كذلك تحفيز الطفل على التواصل اللفظي وإعطاءه الفرصة للمشاركة ، ولايجب الإلحاح على الطفل بالكلام أمام الناس أو المنزل لكي لا يكون محط الأنظار فيزداد الخوف لديه وتكبر المشكلة ، إنما يجب إعطاءه الوقت الكافي للتحدث وتعزيز خطواته الناجحه وإطراءه بكلمات تشجيعيه وتقوية ثقته بنفسه كما يجب توفير البيئة المناسبة له سواء في المنزل أو المدرسة فذلك يساعده في التحسن بشكل أفضل.