كيف نحمي أطفالنا من التحرش الجنسي

كاتب المقال: د.صلاح الدين السرسى
التاريخ: الاثنين, أكتوبر 5, 2015 - 14:04

رغم أن التحرش الجنسي ليس بالظاهرة الجديدة تماما إلا أن انتشاره وتواتره ازداد بشكل واضح في الآونة الأخيرة، هذه الظاهرة الخطيرة وانتشارها في مدارسنا أصبح يهددا مستقبل وآمال أطفالنا، فالذئاب البشرية تفتك ببراءة أطفالنا دون رحمة .وقد أصبح هاجساً مخيفاً يقلق الآباء والأمهات خاصة مع تفكيرهم بإمكانية حدوثه لأحد أبنائهم.

فكيف تحمي الأسرة طفلها من هذا الخطر الذي يتهدده ؟ وما الذي عليها أن تفعله لتوفير هذه الحماية وتفعيلها؟

المقصود بالتحرش الجنسي بالأطفال:  

يعرف التحرشالجنسي بأنه كل إثارة يتعرض لها الطفل ويكون عادة بين شخصين غير متكافئين، حيث يتعرض الطفل للاعتداء من شخص بغرض إشباع رغباته الجنسية ، و يكون الطفل في حالة عدم قدرة على الدفاع عن نفسه ، مما يصيبه بحالة من الرعب والفزع . كما أن الطفل يصاب بالخجل من التعبير والإفصاح لوالديه عما جرى خوفاً من إلقاء اللوم عليه وتأنيبه مما يزيد المشكلة تعقيداً .

ويواجه هذا الخطر الطفل في أي وقت وفي كل وقت يمكن أن يغيب فيه عن رقابة الوالدين ولعل تلك الحقيقة قد تذهل الكثيرين ويعتقدونها مبالغة، لكن ما أثبتته الحالات الحقيقية للأطفال الذين تعرضوا لهذا الأمر هو أن الأمر ليس خياليا كما أنأشكال التحرش متنوِّعة وتمتد من المحاولات المستترة للمس الولد أو البنات لأغراض جنسية لتصل إلى الاستغلال الجنسي المباشر بدرجات مختلفة ولفترات متفاوتة. فهناك حالات يُجْبَرُ الأولاد والبنات الصغار فيها على الظهور عُراةً، أو على تصويرهم وهم عُراة، أو يُجبرون على تحمُّل النظرات الشهوانية والإشارات التي تحمل معاني مبطَّنة، أو يتم لمسهم وتفحّصهم، ويجري إكراههم على رؤية صور إباحية، ومطالبتهم بإشباع رغبات البالغ الجنسية.

 

مايجب أن يفعله الوالدين عند اكتشاف حدوث تحرش جنسي للطفل:

 على ولي الأمر في هذه الحالة التفهم والتعامل مع الموقف بكل هدوء ، فيجب عل الأب والأم التصرف بحذر والمحافظة على هدوء الأعصاب ، وعدم إلقاء اللوم والمسؤولية على الطفل لأنه يكون في أمس الحاجة للشعور بالأمان والدعم النفسي. والعمل على راحة الطفل هي أهم شيء في هذه الأوقات العصيبة مع توفر الهدوء النفسي وإشعاره بالثقة والقوة وأنه المجني عليه حتى يستطيع أن يحكي ما جرى معه بكل دقة .كما لابد من عرضه بعد ذلك على طبيب نفسي ليتم استرجاع تلك التجربة القاسية التي مر بها الطفل حتى لا تظل آثارها السلبية بداخله . ويتعين على الآباء أيضاً أن يكونوا دقيقين في ملاحظة الطفل ولكن دون أن يشعر بذلك ، حتى يتم حمايته من أية تأثيرات وملاحظة تصرفاته مع محاولة صرف انتباهه دائماً عندما يشرد بذهنه والعمل على إبقائه دائماً وسط أفراد أسرته ومنعه من أن ينفرد بنفسه . كما ينبغي على الآباء أن لا يتركوا المجرم دون عقاب وتقديمه للجهات المختصة لأن التكتم على ذلك يعطي المجرم فرصة ومجالاً ليعاود فعلته مجدداً مع طفل آخر، كما أن التبليغ عن المعتدي يمثل جزءً هاماً في تحسن حالة الطفل النفسية عندما يرى أن المجرم قد نال عقابه المستحق على جريمته. وعلى الآباء القيام بمساعدة الطفل على تخطي هذه المرحلة وذلك بممارسة أنواع من الأنشطة أو الهوايات المفيدة أو التي يحبها الطفل بهدف إشغال وقته عن التفكير بما تعرض له .

 

كيفية النعرف على تعرض الطفل للتحرش:

يعاني الطفل الذي تعرض للتحرش الجنسي من عدة إعراض ومؤشرات تنذر الآباء بأن طفلهم وقع ضحية اعتداء من أحدهم وهنا من المهم الانتباه لها ومعرفتها، خاصة وأننا نعرف بأن الأطفال قلما يفصحوا عما تعرضوا له بواسطة الكلام ولكن هناك مؤشرات سلوكية ونفسية وجسدية توضح للوالدين ما جري لطفلهم.

المؤشرات السلوكية والنفسية:

  • الرفض للمشاعر الأبوية وعدم الارتياح .
  • اضطراب النوم وكثرة الأحلام المزعجة والكوابيس .
  • الإصرار على الإبقاء على الأنوار مضاءة أثناء النوم .
  • مص الأصبع أو التبول أثناء النوم .
  • التعلق الشديد بالوالدين والخوف من ابتعاده عن أحدهما .
  • الخوف من أي شيء والقلق والشرود .
  • تغير في شخصية الطفل وسلوكياته .
  • مشاكل في الدراسة .
  • ضعف الثقة بالنفس .
  • سلوك عدواني.
  • انعدام الثقة بالآخرين.
  • إنفعالات وثورات غضب غير مبررة.
  • أفكار سلبية.
  • حزن وبكاء شديدين.
  • الغيرة والانانية

المؤشرات الجسدية:

  • صعوبة في المشي .
  • صعوبة في الجلوس .
  • ملابس ممزقة وملطخة بالدماء.
  • إحساس بالألم .
  • ظهور بعض الأمراض التناسلية .

ومن هنا ينبغي التشديد على هذه المؤشرات والتي تشير إلى تعرض الطفل لاعتداء جنسي ولا ينبغي أبداً تجاهل هذه الدلائل.

 

ما يجب أن تقوم به الأسرة لوقاية الأطفال من التحرش:

يجب أن لا يكون هذا الموضوع مصدراً للقلق والذعر للأسر فالخطر وإن كان قريباً من أطفالنا يمكن إن نتفاداه ونحاربه ونقضي عليه وذلك من خلال الأخذ بأساليب الوقاية لحماية أطفالنا وأهم ما نبدأ به لحماية أطفالنا التربية الجنسية وذلك منذ الصغر وذلك عن طريق :

  • تعليم الطفل الفرق بين اللمسة الصحيحة واللمسة غير صحيحة .
  • تعليم الطفل خصوصية أجزاء جسمه . والتحدث في تلك الموضوعات مع الطفل ينبغي أن يكون تلقائياً وأن يأتي ضمن حوارات بين الطفل ووالديه يتم من خلالها شرح أجزاء الجسم ثم التطرق إلى الأعضاء التناسلية من جسمه بشكل غير مباشر وأن تلك الأعضاء ملكه لوحده ولا ينبغي أن تنكشف لأحد . ونشرح للطفل بأن اللمسة الصحيحة هي التي لا تسبب ألماً وهي التي من الممكن أن تحدث مثلاً عندما تقوم الأم بتبديل الملابس او يسلم الأب على الطفل أو يقبله ، وان اللمس الصحيح يكون لليدين ، الكتفين ، الذراعين ودون الحاجة إلى الكشف عن أي جزء آخر من الجسم . ومن المهم أيضاً أن يتعلم الطفل أن أجزاء جسمه يجب أن لا يلمسها أو يراها أحد سواه وان يتعلم كذلك كيف يحافظ على الصحة والنظافة في التعامل معه . وهذا عندما يكون الطفل في عامه الثاني تقريباً .

ويتطور الأسلوب الوقائي في توعية الأبناء من التحرش مع بلوغهم سن السادسة حيث ينبغي تعليمهم ضرورة الاستغاثة في حالة حدوث اعتداء من أي أحد وإبلاغ الوالدين فوراً في حال حدوث أي تصرفات غير طبيعية من أحد ، وغرس قوة الشخصية والثقة بالنفس لأنه من الصعب أن يكون الطفل القوي الواثق من نفسه عرضة للتحرش الجنسي على عكس الطفل ضعيف الشخصية والذي يحتاج إلى جرعات من الثقة بالنفس . ومن الضروري جداً في هذا السن أن تتواجد علاقة صداقة قوية تربط الطفل بوالديه لما في ذلك من شعور بالأمان يحمي الطفل من الكثير من المشكلات وتفتح مجالاَ للحوار ولا يسمح بوجود أسرار فيما بينهم .

 

 د. صلاح الدين السرسي

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.