سيكولوجية رسم الطفل

كاتب المقال: Buthena
التاريخ: الجمعة, سبتمبر 4, 2015 - 12:00

يختلف البشر في طريقة التنفيس و التعبير عن إنفعالاتهم و المشاعر التي تختلجهم فنجد أن البالغين يلجأون إلى التفريغ شفويا بالحديث مع بعضهم أو الكتابة وغيره ، أما بالنسبة للأطفال فالأمر مختلف خصوصاً أولئك الذين يعانون من  مشاكل في قدراتهم

اللغوية أو السمعية التي لا تؤهلهم للتعبير عن مشاعرهم و أحاسيسهم بشكل مفهوم ، وقد تكون القيود الإجتماعية مما يفرض علىالطفل السيطرة فتمنعه عن الإفصاح عن مكنوناته ومشاعره ودوافعه التي يرغب بها ، ولذا كان الرسم و التلوين في مراحل الطفولة المبكرة من أفضل الطرق الفعّالة لفهم دوافع الطفل وسلوكياته والعواطف التي تظهر من خلال تفريغها على الورق ، فهي تعكس حقيقة إحاسيسة نحو نفسه و الآخرين .
كما أن الرسم يعد وسيلة متميزة لفهم العوامل النفسية التي لها دور في سلوك الطفل كما يعد كذلك شكل من أشكال التواصل الغير لفظي ، ويساعد الطفل للتنفيس إنفعاليا عن القلق والغضب والتوتر ، وغيرها من السلوكيات التي قد لا يستطيع فهمها فضلاً عن الإفضاح عنها ، فلغة الطفل في غالب الأحيان تكون قاصرة فيُشكل على الكبار فهمها أو تمنعه قيودهم من التحدث عنها ، وقد يكون الرسم أيضا من الطرق المساعدة في التعرف على ميول الطفل و إتجاهاته في علاقته بالآخرين وكيفية رؤيته لهم ، فالطفل يحتاج للشعور بأهيمته و قيمته لذا كانت الصلة بين التعبير الفني والذات قوية بطبيعة الحال.


مدى الإنتشار و الإهتمام من قِبل العلماء 
بدأ إهتمام العلماء بالجوانب التربوية لرسوم الأطفال و البحث في جوانبها السيكولوجية في خط مواز للإهتمام بالمقومات الجمالية لهذه الرسوم ففي عام ١٨٨٥ بدأ كل من ( sully- ebenzer cook ) رحلة البحث في النواحي النفسية لرسوم الأطفال كما بدأ في نفس الوقت معلم الفن ” فرانز تشزك “ إلى جانب علماء آخرون في نفس المجال .
بدأ الإهتمام يتزايد برسوم الأطفال في نواحي مختلفة من العالم فقد قدّم العالِم الإنجليزي "جيمس سولي” أول تفسير نظري لمراحل تطور الرسم لدى الطفل في كتابه ( دراسات في الطفولة ) وربط تعبير الطفل الفني بنشاطه كإنسان وتناول تطور رسوم الأطفال بين “٢-٦ ” سنوات.
ويبدو أن البداية الحقيقية في مجال رسوم الأطفال كانت من مطلع القرن العشرين.
 

أهمية دراسة سيكولوجية رسوم الأطفال 
لهذه الدراسة أهمية كبرى للمربين والمحللين النفسيين ، فهي تساعد المربي على توجيه الأطفال توجيهاً تربويا صحيحاً وتفيد الأبوين لتفهّم حالة طفلهم ومساعدته ، بينما تُمكّن المحلل النفسي من دراسة نفسية الطفل وتشخيصه لمعرفة ما إن كان يعاني من مشاكل نفسية أو إضطراب في السلوك ، وتساعد كذلك على معرفة حالته العقلية والنفسية والجسدية ، فإن هذه الدراسة تمتد على نحو مايزيد عن قرن من الزمن وقد كشفت عن حقيقة هامة وهي أن للأطفال فناً خاصاً بهم له قواعده ونظمه ومميزاته ، فقد يعطي الحجم في الأشكال أهمية خاصة في إلقاء الضوء على شخصية الطفل من حيث واقعيته في تقدير ذاته .

مراحل رسومات الطفل 
-مرحلة ما قبل تخطيطي :هذه المرحلة هي نموذجية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2-4. الرسومات أصبحت أكثر تعقيدا، على الرغم من أنها عادة ما تكون غير واقعية وقد يميلون إلى استخدام الألوان المفضلة لديهم، بدلا من تمثيل الأشياء بألوان دقيقة،
وهي تمرين للعضلات لأنه يخضعها لعمليات إيقاعية كثيرة ، بالإضافة إلى ذلك، فإنها تقوم بتطوير زيادة قدراتهم في: الملاحظة و التفكير وحل المشكلات .
-المرحلة التخطيطيه : هذه المرحلة هي للأطفال بين 5-8 سنوات، تكون فيها الرسومات  أصبحت أكثر تتناسب وأكثر تفصيلا.
و الألوان تصبح أكثر واقعية والنمطية (العشب الأخضر، والسماء زرقاء)، كما أنه يكون قادر على الربط بين المرئيات و التخطيطات .فهذه المرحلة تساعدهم على تعلم الأنماط والأشكال والأرقام.
المرحلة الموضوعية ( الإصطلاحية ) : وهي للأطفال بعمر 9-11 سنوات ، تكون الرسوم فيها أكثر تفصيلا ، لأن البيئة قد أثرت عليه وبدأ يعي بالمظاهر من حوله ، وقد يصبح الأطفال في هذه المرحلة محبطين للغاية إذا كانوا غير قادرين على خلق صورة واقعية. وفي هذا هو الوقت الذي يمكن أن يعبر عنه الطفل بقوله “لا أستطيع الرسم”.
 

فوائد الرسم للطفل
يساعد الرسم على تحفيز مخيلتهم ، وتحسين المهارات الحركية الدقيقة و ممارسة الخطط في حل المشكلات و يمكن أيضا مساعدتهم في اكتساب الثقة ، و إتخاذ القرارات وتحسين المهارات البصرية والحسية كما أنه وسيلة ممتازة للعلاج للأطفال الذين يعانون من إضطرابات سلوكية ، ويعتبر أيضاً مهم في التعلم فهو يشجّع الطفل على المقارنة بين الأشكال و الأحجام  والقوام والألوان ، ويتعلم بعض المفاهيم مثل القربية و البعدية ، وكذلك يدفعهم للاهتمام بالتفاصيل ، ويمكنهم من تفريغ المشاعر والطاقة في الفن والإبداع والتنفيس إنفعاليا عما يخالجهم من ضيق وتوتر ،ويساعد في معرفة الحالة النفسية التي يعاني منها الطفل ويزيد من فرص التواصل للأطفال الإنطوائيين ، ولقد وجد الباحثون في ولاية ميتشيغان وجود علاقة قوية جدا بين المشاركة في مرحلة الطفولة في الفنون الإبداعية ونجاحهم الملموس في وقت لاحق في الحياة، وأن الأطفال الذين تعرضوا لمجموعة واسعة من الفنون والحرف اليدوية أكثر عرضة لإنشاء اختراعات فريدة تستحق براءات الاختراع، وتأتي بأفكار جيدة بما يكفي لبدء شركة جديدة، أو نشر أوراق عن العلم والتكنولوجيا، ويشير الباحثون إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للفنون والحرف قادرين على التفكير “خارج الصندوق” لأن الكثير من العمل بالأيدي ينطوي على معرفة كيفية حل المشاكل بشكل خلاق.
 

توجيهات في التعامل مع رسومات الأطفال
  • من واجب الأبوين تشجيع ودعم الطفل في تعبيره الفني عن مشاعره وانفعالاته وتفهم رسم الطفل وماينبني عليه من رموز .
    تحفيز الطفل على التعبير لفظياً عن مشاعره وأحاسيسه .
    تقدير رسومات الطفل و إشعاره بقيمته و الثناء والإطراء على عمله الفني .
    عدم الإستهزاء أو الضحك ، أو الضغط على الطفل لتكون رسوماته قريبه أو مشابهه للواقع مما يسبب له الإحباط.
    تعليق رسوماتهم على الحائط أو حفظها في مجلد ليشعر الطفل بالفخر والثقه بنفسه.

إن رسومات الأطفال صارت محط الإهتمام من المربين وعلماء النفس و من اللازم على المعلم و الأبوين أن يحترموها ، فتعبير الطفل جزء من طبيعته الصادقة ، و قيمة العمل الفني لا يقاس بجودته ونوع الإتجاهات بقدر مايقاس بمدى ما يحمله من علاقات في اللون والشكل والتكوين العام للعناصر.
 
المصادر :
 
 
سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.