الشخصية .. بين الاعتمادية والاستقلالية

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الجمعة, يوليو 3, 2015 - 18:24

الشخصية الاعتمادية هي شخصية تميل إلى الاعتماد على الآخرين شعوريا أو لا شعوريا للحصول على ما تريد . أما الشخصية المستقلة فمدارها على " الشعور بالمسئولية والقيام بحقها " .

مظاهر الشخصية الاعتمادية :

  • البحث عن القوة في الآخرين : لابد من وجود شخصية قوية يعتمد عليها ، وإلا فلن يشعر بالأمان.
    مسكين يستجدي العواطف : طريقته في التعامل مع الآخرين " الظهور بمظهر المسكنة " لاستدرار عطفهم ، فهو " شحاذ " على مستوى العواطف والانفعالات ، ويميل إلى تضخيم ما يعاني منه ، والتقليل مما لديه من مكاسب ، حتى يزداد ما يمنحونه له.
  • الخوف من الحرية : المجتمع النموذجي للشخصية الاعتمادية هو المجتمع الديكتاتوري ، أو البيروقراطي .. ففي المجتمع الأول يتولى المسئولية رأس المجتمع ، ويكون على الجميع التنفيذ فحسب ، وفي المجتمع الثاني يكون لكل شيء مساره المحدد دون حاجة إلى اجتهاد الموظف ، أو تحمله للمسئولية.
    والاعتمادي يهرب من الحرية كما يهرب المستقل من العبودية ، لأن الحرية تعني " مسئوليته عن أفعاله الخاصة " ، وهو هارب من هذه المسئولية ليسقطها على الآخرين.
  • قراراته في يد غيره : غالباً ما تكون قراراته الخاصة في حياته " تخصصه الدراسي ، زواجه ، عمله .. " نتاج أوامر من يتولون أمره ، وليست نتاج رغباته وأفكاره الخاصة.
    يخشى الوحدة والعزلة : لأنه يستمد قيمته وطاقته للحياة من اتصاله بالآخرين ، ووحدته سلب لهذه الطاقة ، ولهذا فهو لا يصبر على " العزلة الخلاقة " التي تقوم على التأمل والتفكر في الطاقات الخاصة له ، وكثيراً ما يهرب منها إلى صحبة الآخرين .. أيِّ آخرين !!
  • لقمة سائغة في المفاوضات : نتيجة ليونته واعتماديته ، يمكن لمن لديه مهارة في المفاوضات أن يحصل منه على ما يريد إذا أوهمه أن ذلك هو السلوك الأفضل له ، لأن الاعتمادي مُسيَّر من قبل الآخرين .
  • مهتم بالموضة : لأنه ليس لديه امتلاء من داخل نفسه يميل إلى مسايرة خطوط الموضة لكي يُشعِرَ الآخرين بأنه " شخص نموذجي .. كما يقول الكتاب !! " . والموضة هنا في : الملابس ، السيارات ، الأطعمة ، طريقة الحياة ، طريقة الحديث ...... ويبلغ ذلك مداه الأقصى في تبعيته للآخرين في مذاهبه السياسية والاقتصادية .. بل والدينية .
    ولعل ذلك يفسر اهتمام المراهقين بتتبع الموضة ، لأن المراهق لم يصل بعد إلى شخصيته المستقلة ، ولئن لم يكن يعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية إلا أن لديه بعض مظاهرها بطبيعة مرحلة النمو .
  • وجهة الضبط خارجية : دوافع للعمل لا تنبع منه ، وإنما من آراء الآخرين ، وما يحكمه ليس قيمه الخاصة ، وإنما ضوابط الآخرين الخارجية .
    عاطفي : ينظر إلى الأمور من زاوية الشفقة والرأفة ، وليس من زاوية الحق والواجب .
  • الإمعية (التبعية والمسايرة للآخرين) :
    نتيجة ضعف استقلاله الشخصي يميل الاعتمادي إلى أن يكون إمعة يتبع آراء الآخرين ، فهو (في المدرسة يدور حول مدرس قوي ، وفي العمل تابعٌ للمدير أو الشخص الأقوى فيه ، وفي شئون الحياة العامة تابع لما تمليه عليه وسائل الإعلام المسيطرة .. ) .
    سلوك الإمعية هذا تكرر في القرآن الكريم في وصف الكفار " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا " . ولهذا وجَّه صلى الله عليه وسلم المؤمن إلى أن يكون له تميزه الخاص في آرائه وأفكاره وسلوكه : " لا يكن أحدكم إمعة " .
  • التقمص أو التوحد : التوحد آلية نفسية إنسانية عامة ، ولكنها لدى الاعتمادي تأخذ مدى أبعد من مداها العام ، فهو يتوحد لاشعورياً بمن يملأ فراغ شخصيته .

التنشة الأسرية والشخصية الاعتمادية :

يتكرر في الحديث عن اضطرابات الشخصية المختلفة أنماط أساسية من أنماط التعامل الوالدي الخاطئ :

  • الحماية الزائدة : من فرط حب الوالدين للطفل وحرصهم عليه يميلون إلى إغلاق منافذ العالم دونه ، فهو ممنوع من الخروج إلى الشارع ، ممنوع من السفر ، ممنوع من اللعب ، يسير وفق خطوط حددت له مسبقاً ، ليس بدافع التسلط عليه ، وإنما الحماية له ، مما يبذر في أعماقه بذور " الخوف من العالم " ، والبحث عن شخصية قوية تحميه كلما تعرض لموقف جديد ، مما يخنق مبادرته الذاتية ، وابتكاره الخلاق .
  • التسلط الوالدي : يميل الأب المتسلط إلى أن يرسم لأبنائه حدود سلوكهم ، وخياراتهم في الحياة ( دراستهم ، علاقاتهم ، مواعيد طعامهم ونومهم ولهوهم ) ، وهو يتجاوز الحد الأعلى لتعويدهم على التنظيم حتى يبلغ الحد الذي يريد من أن يكونوا جميعاً نسخة له محققين لطلباته ، والطفل الذي ينشأ في بيئة كهذه يعتاد على أن : من اتبع الأوامر نجا من العقوبة ونال المكاسب ، ومن استقل بشخصيته تعرض للعقاب .. فتتحول الشخصية المستقلة عنده إلى " سلوك غير سوي " لا تقبله قيم الأسرة .
  • الإهمال : حين ينشأ الطفل في أسرة مهملة له ، يصبح جائعاً إلى الحب باحثاً عنه من كل سبيل ، فإذا وجد الحب بشرط أن يبيع استقلالية شخصيته ضحى باستقلاله من أجل الشعور بكونه محبوباً ، وكثيراً ما نرى ذلك في سلوك المراهقين الذين يسلكون كما يريد " رفاقهم " أن يفعلوا ، لكي ينالوا تقديرهم واعترافهم .
  • التعليم بالنموذج الاعتمادي : إذا كان للطفل أب أو أم أو أخ أكبر أو اعتمادي ، فإنه يميل إلى تقليده ، لاسيما إذا وجد أن لسلوكه الاعتمادي نتائج إيجابية من خلال الحصول على المكاسب وتجنب العقوبات .

الاعتمادية والقيم الاجتماعية :

تعزز قيم بعض المجتمعات من بعض مظاهر الشخصية الاعتمادية ؛ باعتبارها قيمة خلقية محبوبة.
ففي المجتمع الشيوعي الروسي كان رأي الجماعة مقدماً على رغبة الفرد ، وكانت مكانة الفرد في المجتمع تتناسب طردياً مع خضوعه لقيم الحزب الشيوعي وآراء قادته ، وكان كثير مما يدل على القيم الفردية والاستقلالية يعتبر خللاً فكرياً وجريمة قانونية .
وقد قسَّم بعض الباحثين في علم النفس الثقافي المجتمعات إلى " مجتمعات جمعية " و" مجتمعات فردية " .. والمجتمعات الجمعية تميل بطبيعتها إلى قِيَم مسايرة الجماعة ، والتبعية للأكبر (وليس الاحترام له) ، وتقديس الأعراف والتقاليد .. الخ.
وهناك بعض الأعراف الاجتماعية التي تجعل من فئات بعينها في المجتمع فئات اعتمادية تابعة ( مثل المرأة ، والطفل ... الخ ) ، وكلما زاد انتشار هذه القيم في المجتمع اكتسبت هذه الفئات نظرتها إلى ذاتها من خلال هذه القيم.
فقد لاحظت (جيسى برنارد) -وهى أستاذ علم الاجتماع- في كتابها " مستقبل الزواج " أن النساء القادرات على أن يقمن بشكل استقلالي بشئون حياتهن قبل الزواج يصبحن قليلات الحيلة في غضون مدة تتراوح بين 15-20 سنة بعد الزواج. وتشير إلى أن إحدى السيدات كانت تدير قبل الزواج وكالة سفريات وكانت الوكالة ناجحة بكل المعايير ولكنها تزوجت وترملت وسنها 55 عاما ، وعند هذه اللحظة لم تكن تعرف كيف تستخرج جواز سفر خاص بها، أو أن تواجه بقية تحديات الحياة . والجزء المقابل من هذه الأمثلة بالطبع هي أن الرجال كآباء وأزواج أقوياء قادرون على الحماية والقيادة .
...................
من الطريف ملاحظة آلية الاعتمادية في تعاملنا مع من هم دوننا في المنزلة الاجتماعية :
فربة البيت يمكن أن تكون اعتمادية على الخادمة حيث تتخلى لها عن إدارة شئون المنزل وتربية الأبناء .. ثم لا يبقى إلا أن تتخلى لها عن زوجها !!
وكثيراً ما يعتمد مدير المؤسسة على أحد موظفيه فيصبح في حقيقة الأمر تابعاً له ، من حيث يظن أنه هو الرئيس.
وإذا شاعت الاعتمادية في أمة أصبحت كل فئة فيها تضع الحمل على الفئة الأخرى ، فالعامة تضع المسئولية على القيادة ، وترى أن القيادة لو صلحت لصلح الأمر ، والقيادة تلوم الأمة على تخلفها . ثم يلوم كل جزء من الأمة الجزء الآخر .. وسبب ذلك تخلي كل فئة عن مسئوليتها ، وتحميل الآخرين العبء .

كيف تتعامل مع الشخصية الاعتمادية ؟

 

اعرفه جيداً قبل أن تتعامل معه :

ذو الشخصية الاعتمادية لن يأتيك قائلاً : أهلاً بك ، أنا شخصية اعتمادية ، عليك أن تكون حريصاً في تعاملك معي !!
لن تتعرف على طبيعته الاعتمادية إلا من خلال الكشف عن مظاهرها في سلوكه .. فاحرص على أن تستجمع عنه الكثير من الملامح لكي يكون حكمك عليه أكثر شمولية ودقةً .

اعرف جيداً ما يريده منك ، ولا تغتر بالمكاسب الأولية :

الاعتمادي يريد أن تتحمل عنه المسئولية ، وأن يستظل بظلك .
سيكون ذلك مغرياً بالنسبة لك في البداية ، لأنه سيشعرك بأهميتك .. ولكنك ستجني الحسرة بعد ذلك ، حين تراه يطلب رأيك في كل شيء ، ويعتمد عليك في كل أزمة ، وستجد نفسك محاصراً بطلباته ، منهك الوقت والقوى .

اعرف أساليبه في التأثير عليك :

غالباً ما يدخل إليك الاعتمادي من قِبَل عاطفتك ، ومبادئك الأخلاقية ، فيحاول تحريك آفة " الشعور بالذنب في داخلك " لكي يصل إلى ما يريد ، وستكون بين أمرين : أن تحقق له ما يريد فتعزز اعتماديته ، أو تتركه ليستقل فيتهمك بالتخلي عنه .
وهو يظهر إليك بهيئة المحتاج ، ويشعرك أنك إن لم تساعده - بالطريقة التي يحددها هو - فأنت آثم ، أو سيء الخلق ، ومسكنته هي خيوط شبكته للتأثير عليك.

كن واضحاً في حدود ما ستقدمه له من البداية :

الاعتمادي كثير الطلب ، ولا يقف عند حد ، ولابد أن تكون حدود مساعدتك واضحة له من البداية ، وأن لا تسمح له أن يستغل مساعدتك له في جانب ما ليعممها على جوانب حياته المختلفة .

امنحه الفرص الملائمة لنمو استقلاليته وساعده في ذلك :

إذا كان الاعتمادي أخاك أو ابنك أو صديقك المقرَّب ووجدت نفسك غير قادر على التخلي عنه ، حاول أن تهيئ له الفرص المناسبة للاستقلال ، وذلك بأن تكسبه الخبرات والمهارات اللازمة للنجاح ، بدلاً من أن تصنع أنت له نجاحه .

فرِّق بين سلوكه وذاته :

ليس معنى كون إنسان ما أقرب إلى الاعتمادية أنه سيء في كل صفات شخصيته، يمكنه أن يكون متميزاً فيما عدا ذلك ، وهو ما يعني أن لا تخسر بسبب سِمَتِه هذه بقية صفاته الحسنة .
وينبغي أن تفرِّق بين نفورك من سلوكه الاعتمادي ، وحبِّك لذاته وقبولك لها ، ومن خلال هذا الحب والتقبل يمكنك التأثير عليه لتعديل سلوكه .

كيف تنشئ ابنك ليكون شخصية مستقلة ؟ :

إذا كان مدار الشخصية الاعتمادية على الهروب من المسئولية ، وتحميلها للآخرين .. فإن أهم صفة ينبغي أن تهتم بإكسابها لابنك " تحمل المسئولية " .
وذلك من خلال :

بين الحب والصرامة :

كثيراً ما يغفل الأب عن أن الطفل لن يستجيب له ما لم يحبه ، ويشعر أنه محبوب ، وهذا التعبير عن الحب لا يستدعي التضحية بالقيم الأخلاقية ، ولهذا ؛ فينبغي أن تكون التربية متوازنةً بين إظهار الحب والتقبل ، والصرامة الأخلاقية. وذلك بإشعار الطفل أنه محبوب منك طيلة الوقت ، ولكن سلوكه قابل للعقاب إن تجاوز القواعد الأخلاقية .

التعبير عن الذات :

اسمح للطفل بالتعبير عن آرائه فيما حوله ، وإذا تجاوز حدود الأدب في ذلك فردَّه إلى حدود الأدب ، ولكن لا تحرمه من التعبير عن رأيه .
روى مسلم عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام ، وعن يساره أشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً " .
فقد استأذنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يمنح " حقه ونصيبه " لكبار السن والأشياخ ، فأبى .. وأحسن التعبير عن نفسه ، وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك .

السماح بالخطأ :

من أهم طرق التعلم في مراحل الطفولة المبكرة " التعلم بالمحاولة والخطأ " ، وكلما اكتشف الطفل مهارات بهذه الطريقة كان ذلك أثبت عنده ، فكلِّف الطفل ببعض المهام الصغيرة التي تناسب مرحلته العمرية واسمح له بالمحاولة والخطأ ، وكافئه على نجاحه لتعزز لديه قيمة النجاح الشخصي.

دعه يستكشف عالم القيم بنفسه :

لا تشعر الطفل بأن حياته مليئة بالنواهي ليس فيها مباحات . وركز معه على مساحة المسموح به أكثر من المنهي عنه .
وإذا حدثته عن القيم فحدثه حديثاً كحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعَنْ باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا عَلَى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف رواه الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

التعزيز :

لا تعزز السلوك الاعتمادي عند طفلك فيما هو قادر على فِعلِه بنفسه .
قد يهمل الطفل أداء واجبه ، ثم تقوم أنت به عنه ، فيصبح قيامك بالسلوك عنه أشبه بالمكافأة له . مما يعزز عنده السلوك الاعتمادي .

ابدأ بعالمه الخاص :

تعويد الطفل على الاهتمام بأشيائه الشخصية بنفسه ( ترتيب سريره ، تنظيم أغراضه .. الخ ) يعوده على الإحساس بالمسئولية الشخصية عن كل ما يقترن به.

صورة الجسم :

تدريب الطفل على بعض ألعاب القوى ( الكاراتية ، الجمباز .. إلخ ) يزيد من شعوره بقوته الشخصية ويؤكد ذاته مما يزيد من اعتماده على نفسه وثقته فيها .

التربية بالنموذج :

كن نموذجاً في توكيد الذات لأبنائك ، وتجنب ظهورك بصورة اعتمادية في عملك أو حياتك الأسرية .

اهتم بالممارسة العملية :

لا يمكن تغيير شيء من خلال القول فحسب ، لأن السلوك مهارات ، والمهارة إنما تكتسب بالتدريب . ولهذا ؛ حوِّل دائماً المفاهيم إلى سلوكيات تدريبية للطفل.
واحرص على أن لا تظهر بصورة الواعظ الذي يكرر كلماته ، فكلما كانت الكلمات أقصر ، في تجربة واقعية يعيشها الطفل ، كانت أعظم أثراً ، وأكثر بقاءً .

وضوح الأوامر :

حين يأمر الوالد ابنه بأمر ، ثم تأمر الأم بعكسه ، أو يأمر الأب بأمر اليوم ، ثم ينقضه غداً ، يشعر الطفل أن الرسائل المرسلة إليه من الكبار غير مستقرة (مزدوجة ، متناقضة) ، وبالتالي لا يدري ما هي توقعاتهم منه . وفي كل سلوك يمارسه لا يدري هل يسلك بطريقة الرأي الأول أم الثاني .. وبالتالي يكف عن الفعل ، أو يفعله وهو غير واثق من نتائجه .
لكي تربي في الطفل الثقة بالنفس .. ينبغي أن تكون رسائلك له واضحة ، وطلباتك محددة .

وضوح التوقعات :

إذا أمرت الطفل بأمر فليكن واضحاً له مؤشرات نجاحه فيه . وإلا فسيظن الطفل أن هناك مؤشرات نجاح (عادةً ما تكون عند الحد الأدنى) بينما لك أنت مؤشراتك الخاصة(عادةً ما تكون عند الحد الأقصى) .
مثلاً :

  • طفل في حلقة القرآن ، حفظ جزء عم خلال سنة .. بينما توقعات أبيه له أن يحفظ خلال العام ثلاثة أجزاء . وبين توقعات الأب .. والطفل .. يكون التناقض.
  • في المدرسة ، يظن الطفل أن المطلوب منه الحصول على تقدير جيد ، بينما توقعات الأسرة له الحصول على الامتياز .

 

ساعده على اكتساب مهارات حل المشكلات :

مهما كان عمر طفلك ، فهناك مشكلات خاصة يمكنك أن تضعه فيها ، ثم تحاول تدريبه على مهارات حلها ( كلنا يذكر الرضيع وهو يحبو ليصل إلى الحلوى .. وأمه تبعد الحلوى عن يده كلما اقترب منها .. أنها هنا تعلمه قواعد ومهارات للحياة .. رغم أنه لا يزال رضيعاً). .. ثم يستمر ذلك ( مهارات الإخراج ، كيف يلبس ثيابه بنفسه ، كيف يتعامل مع رفاقه ) ..
يمكنك أن توصل إلى الطفل - عبر مواقف عملية - مهارات :
تحديد المشكلة ، معرفة الأسباب ، النتائج المتوقعة للسلوك ، ذكر جميع الحلول المتاحة ، البحث عن البدائل وتجريبها على المستوى الذهني ، ثم اختيار أفضلها لتطبيقه في الواقع .
ويمكن أن يتم ذلك كله خلال ممارسة لعبة .

تعليم الطفل مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي :

دون مهارات التواصل لا يمكن للطفل أن يتواصل مع الآخرين ، وهو في حاجة إلى معرفة المهارة ، والسلوكيات التي تظهر هذه المهارة لدى الآخرين .
مثلاً : لتعلمه مهارة " العبير عن الاهتمام بالشخص الآخر " يمكنك أن تعلمه أن ، يبتسم ، يومئ براسه ليدل على اهتمامه ، ينظر إليه ، يسأله أسئلة مناسبة ..
وقد كان هذا سلوك النبي صلى الله عليه وسلم مع الغلام الذي " طاشت يده في الصَّحفة وقت الطعام ، فقال له صلى الله عليه وسلم : " يا غلام ؛ سمِّ الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " .

تنمية دافعية الإنجاز :

إذا كانت " قيمة كل امرئٍ ما يحسنه " ، فإن " كلَّ امرئٍ يحسن بمقدار هِمَّتِه " ، وزرع الهمة العالية في الطفل منذ صغره هو ضمان الشعور العالي بالمسئولية ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعهد همة أصحابة - حتى الصغار منهم - ، فقد قال عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ما يزال شاباً صغير السن : نِعم الرجل عبد الله ، لو كان يقوم من الليل . وسمع بذلك عبد الله ، فلم يكن ينام من الليل إلا قليلاً .

تنمية صفة المثابرة :

لا يتم العمل إلا بالمثابرة عليه ، وإذا كان الطفل عالي الهمة ، قليل المثابرة ، فلن ينجز ، وسيعتاد بعد ذلك على أن يعوض نقصه بالاعتماد على الآخرين .
وتعويد الطفل على المثابرة يتم من خلال سلوك يتزايد تدربه عليه .
ومن أفضل السلوكيات في ذلك سلوك : الصيام . إذ هو علامة على ضبط الإرادة والتحكم فيها ، ويبدأ صيام الطفل حتى الظهر ، ثم يتصاعد حتى يبلغ يوماً كاملاً .. ثم يتصاعد بعد ذلك حتى يبلغ عدة أيام .

مواجهة الفشل :

إذا اعتاد الطفل على النجاح طيلة الوقت فلن يكون مهيئاً للحياة ، وسينكسر عند أول اختبار للفشل ، فينبغي أن يعلم الطفل مهارات التعامل مع الفشل (بصوره المختلفة ) .

 

 

 

 

د. محمد محمد فريد 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.