الآثار النفسية لأساليب التدريب القاسية على ضبط وظائف الإخراج

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 10:28

تؤكد نظرية التحليل النفسى على الأهمية النفسية لعملية التدريب على ضبط عادات الإخراج ، وتنظر الى هذه الفترة على أنها المرحلة الشرجية من النمو ، فى مقابل المرحلة الفمية فى السنة الأولى . وتذهب النظرية الى القول بأن التدريب المفرط فى القسوة والإيلام يحدث قلقًا شديدًا عند الطفل ومشاعر العدوان نحو الأبوين واستعدادًا لظهور عدة أعراض مرضية فى الطفولة المتأخرة والمراهقة .
ويمكن من وجهة نظر أخرى أن نتنبأ بما قد يترتب من نتائج القسوة المفرطة التى تستخدم أساليب مختلفة من العقاب فى التدريب على ضبط عادات الإخراج بظهور اربعة أنواع غير مرغوب فيها تتمثل فى الإدراك السلبى للأم ، نشأة أعراض سلوكية تدل على سوء التوافق ، القلق من النواحى الجنسية ، وادراك الذات ادراكً سلبيًا .

1- ادراك الأم ادراكًا سلبيًا :
يرى اصحاب نظرية التعلم أن كل المثيرات التى ترتبط بالأم تصطبغ بالقلق . ولهذا فإن الأم شديدة العقاب قد تكتسب قيمة سلبية أو مثيرة للقلق على أساس أنها مصدرًا للألم والخوف عند الطفل . وقد تكون خبرة التدرب على ضبط عملية الإخراج بالنسبة لبعض اتلأطفال المرة الأولى التى يرتبط فبها القلق الشديد بالأم . وإذا كانت الأم قد اتسمت بالحنان والحنو خلال السنة الأولى من العمر ترتب على ذلك أن تصبح لها قيمة ايجابية قد تكفى لتعادل بعض المشاعر السلبية التى أحدثتها عملية التطبيع الاجتماعى وما تفرضه من مطالب ودون أن يترتب عليها تغير ملحوظ فى نظرة الطفل إلى الأم . وإذا كانت الأم قد اتسمت بالبرود ونبذ الطفل ، فإن ذلك يؤدى الى زيادة احتمال وجود المشاعر السلبية عند الطفل نحو أمه .

2- السلوك الدال على سوء التوافق :
قد يؤدى التبكير بتعويد الطفل على ضبط الإخراج الى التمرد على التدريب . وإذا تضمنت عملية التدريب عقابًا شديدًا وقيودًا صارمة ، كان من المحتمل أن يصبح الطفل عدوانيًا تجاه الوالدين . وفى بعض الأحيان قد يتجه العدوان نحو الشخص القائم بالتدريب . وهذه الاستجابات العدوانية لا تكون من قبيل نوبات الغيظ غير الموجهة نحو هدف معين الصادرة من طفل فى شهره الثامن ، وإنما تكون هجومًا موجهًا نحو شخص محدد . وإذا بالطفل يصرخ أو يعض أو يرفس أو يقوم بهجوم لفظى على الأبوين خاصة ان كانت اللغة متيسرة له . أما أساليب التعبير عن العدوانية التى هى أقل من ذلك صراحة ومباشرة فتتضمن المقاومة الحادة لعملية التدريب ذاتها. فيستطيع الطفل خلال عملية التدريب اظهار مقاومته واستياءه من الوالدين برفض الإخراج حين يضعونه على المكان المخصص لذلك . وكثيرًا ما تجلس الأم مع طفلها نصف ساعة ، ثم يضيق ذرعها فترفعه عن مجلسه ولا تكاد تبعد به حتى يعمد الى التبول أو التبرز . فيستطيع الطفل عن طريق مضايقة أمه أن يجد الإشباع لدوافعه العدوانية . والأم التى تظهر الكثير من الضيق والتأفف فى مثل هذه المواقف تزود الطفل بهدف سهل يصوب نحوه دوافعه العدوانية وكأنها فى الواقع تثبيت لسلوك المقاومة والتمرد من جانبه .
والتدريب القاسى لا يؤدى إلى نشأة العدوان تجاه الأم فحسب ، بل وكذلك الى القابلية للتهيج عند الأطفال وإلى انتكاسات مؤقتة فى ضبط السلوك قد تستمر الى مرحلة الطفولة المتأخرة . كما أن الجبن المفرط والإفراط فى الانصياع والمسايرة قد ينشآن عن التدريب القاسى بدون مبرر على ضبط الإخراج . فالطفل إذا عوقب عقابًا متكررًا بدرجة مبالغ فيها ، شعر بأنه غير آمن على نفسه إلا إذا اقتصرت استجابته على النمط الذى يعلم علم اليقين أنه صحيح ( الاستجابة التى تتفق مع مايتوقعه منه والداه) أى أنه قد يتحول غلى فل جبان حذر ، يكف نفسه ، يخشى أن يستجيب استجابة لا تكون على التحديد من نوع الاستجابات التى يرضى عنها والداه .

3-التدريب على ضبط الإخراج والوظيفة الجنسية :
لايميز طفل الثانية بوضوح بين عملية الإخراج وأعضاء الإخراج ونواتج الإخراج . فقد ينتشر القلق المرتبط باستجابات الإخراج والتخلص من الفضلات نتيجة للتدريب ليعم أعضاء الإخراج (أى الأعضاء التناسلية ) والتقارب الموجود بين الأعضاء التناسلية وقناة البول ، والشرج يجعل من السهل تعميم استجابات القلق من الإخراج لتشمل الوظيفة الجنسية . فجزء من الانفعال الذى يتولد فى هذه الفترة حول وظائف الأمعاء والمثانة ينتشر ليشمل النواحى الجنسية ، لأن الأعضاء الجنسية هى نفسها أعضاء الإخراج . ولو استمر القلق المرتبط بالأعضاء الجنسية لتعرض الفرد لبعض الصعوبات فى أن يتوافق توافقًا جنسيًا ناضجًا فى مرحلة المراهقة والرشد . ومن بين أسس القلق المتصل بالجنس فى مرحلة الرشد ما قد ينشأ خلال فترة التدريب على ضبط الإخراج. والظاهر أن هناك صلة وثيقة فى أذهان كثير من الأمهات بين التبول والإخراج من ناحية وبين الكشف عن الأعضاء التناسلية والتدريب على الاحتشام الجنسى من ناحية أخرى . لذلك يكون القلق المرتبط بناحية من هاتين الناحيتين داعمًا ومؤكدًا القلق المرتبط بالناحية الأخرى ، ويصبح كلا النمطين من أوجه النشاط مصدرًا من مصادر التوتر .

4- التدريب على ضبط الإخراج ومفهوم الذات :
قد يؤدى التدريب القاسى على عملية ضبط الإخراج نشوء بعض المشاعر عند الطفل حول ذاته. فطفل الثانية يصعب عليه التمييز بين استجابة والديه له بسبب قلة حرصه على النظافة وبين استجابتهم له بوصفه فردًا . فقد يفسر استياءهم من عدم قدرته على ضبط وظيفة أمعائه على أنه استياء أو ازدراء لشخصه . ولما كانت استجابات الوالدين نحو الطفل هى اللا حد كبير مصادر اتجاهاته نحو نفسه ، كان من المحتمل أن يدفعه هذا إلى الظن بأنه قذر ولا يستحق الاحترام ، أو بأنه إنسان غير مرغوب فيه .
مفهوم المرء عن نفسه أمر مكتسب نتيجة ما يكون بينه وبين بيئته الاجتماعية من تفاعل . فانعدام الحب والحنو من جانب الأبوين قد يؤدى الى الشعور بأن " أنا شخص ليس جديرًا بالحب " والتدريب على ضبط الإخراج بما يرتبط به من العبارات التى يستخدمها الوالدان مثل " أنت قذر " ، " رائحتك كريهة " و " أنت خبيث " من الأمور التى قد تؤدى الى شعور الفرد بعدم جدواه وإلى أن يتشأ عنده مفهوم عن نفسه من النوع الذى يثير القلق . والطفل الصغير يعتقد أن والداه حكيمان وعليمان بكل شىء . ولو ظلت الأم تلقب طفلها " بالوسخ " يومًا بعد يوم ، فمن المحتمل أن يبدأ الطفل بالإيمان بأن القذارة خاصية من خصائصه . وطالما أنه سيتعلم فيما بعد بأن الناس يتجنبون الأشياء " الو سخة " ، فإنه قد يسلك وكأنه يتوقع من الناس أن يجتنبوه ويلفظوه .
من هنا كان الحذر واجب والاهتمام بالقواعد السليمة فى تدريب الطفل على ضبط وظائف الإخراج من الأمور بالغة الأهمية والتأثير فى الصحة النفسية للطفل والمراهق والراشد . وسوف نعرض فى المقالة القادمة لأهم هذه المبادىء الواجب مراعاتها أثناء التدريب .

 

 

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.