شروط التدريب الناجح لضبط عادات الإخراج
خلصنا فى المقالات السابقة الى القول بأن مرحلة تدريب الطفل على ضبط عادات الإخراج هى المرحلة التى نطلب فيها من الطفل أن يعطى شيئًا ما ، وأن يشارك ، وأن يطبع بعادات اجتماعية للمرة الأولى . وقلنا أن درجة الصعوبة تعود لكونه كان دائمًا هو الذى يأخذ ، ويحاط بالرعاية ، والحب ، فى نفس الوقت الذى لاتوجد أية ضوابط على سلوكه الفسيولوجى فيما يتعلق بالنظافة والإخراج .
لذلك يرى البعض أن هذا هو الصراع الأول بين الطفل وبين القائمين على أمر رعايته, صراع مجاله عملية التدريب على الحمام وهو صراع يحتاج الى كثير من الصبر و الحلم و الشجاعة في مواجهة انتقادات الآخرين. وخلصنا أيضًا الى القول بأن الانتظار و تأخير عملية التدريب للوقت المناسب للطفل يؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية و أقل ألما له.
وقد اتفقنا على ان عملية التدريب على الحمام هي نقطة تحول هامة في حياة الطفل, ومن المهم أن يحقق الطفل ما يطلب منه دون أن يخلف هذا الموقف مشاعر الذنب والإحساس بعدم القدرة, ولن يتم ذلك إلا إذا بدأنا في الوقت المناسب للطفل , مع الوضع فى الاعتبار أن كل طفل له منحى نمو خاص به يتباين قليلا أو كثيرا عن رفاقه فى نفس السن ، ولذلك علينا أن نأخذ مسألة الفروق الفردية بين الأطفال مأخذ الجد.
وقد تبدأ الأم التدريب نتيجة للتوقعات الملقاة على عاتقها من الأسرة و الأصدقاء والذين يدربون أطفالهم على استعمال الحمام في الشهر السادس!! وغالبًا ما تتدرب الأم على مواعيد معينة تأخذ طفلها فيها الى الحمام بانتظام,ويمر الشهر تلو الشهر قبل أن يصبح الطفل من الناحية النمائية قادرا على الاعتماد على نفسه في الذهاب إلى الحمام ويستغني بنجاح عن الحفائظ.
وركزنا فى المقالة السابقة على نتيجة مؤداها أن أي نوع من أنواع التعلم و التدريب في الطفل لن يكون مجديًا ، ويؤتى الثمار المرجوة منه إلا إذا كان الطفل نفسه مستعد لذلك عضليا و نفسيا وعصبياو..أي نمائيا.
من الواضح لجميع الأمهات أنه لا يمكن تعليم الطفل الحبو أو المشي أو الكلام إلا إذا كان الطفل مستعد لذلك,فهي مهام نمائية تختلف فيها قدرات الأطفال ولابد أن نراعى الفروق النمائية بين طفل وآخر ، وأن نتعامل مع الطفل حسب ما وصل اليه بالفعل من خصائص النمو .
ويجب أن نعلم أن التدريب على استعمال الحمام ما هو إلا واحدا من هذه المهام, وليس له علاقة بالذكاء (في حالة الأطفال العادين)ولا بالنجاح في المهام الأخرى,فالطفل الذي يمشي مبكرا أو يتكلم مبكرا لا يشترط أن يتدرب على الحمام مبكرا.وإذا اضفنا إلى مسألة النمو و القدرة أن الطفل يفضل أن يلبس الحفاظة ويستمر في لعبه دون الحاجة إلى التوقف عن نشاط محبب إليه ويذهب إلى الحمام,أي أنه من الناحية النفسية لا يفهم أهمية التدريب, وأن من خصائص هذه المرحلة النسيان, وصلنا إلى نتيجة هامة مؤداها ,أن عملية التدريب ليست عملية سهلة و انما تحتاج إلى الكثير من الصبر و الثبات و الاستمرارية.
وقد أوضحنا وجود مؤشرات من الطفل لابد أن تلاحظها الأم قبل أن تبدأ بتدريب الطفل حتى يصبح التدريب أكثر سلاسة, هذه المؤشرات تدل على أن الطفل مستعد وجاهز نمائيا للتدريب على الحمام,ومن ذلك:
1-عادة ما يتخلص الطفل من السوائل التى في مثانته مرات عديدة ومتكررة و دون تحكم قبل العشرين شهرا أي(سنة وثمانية أشهر) من العمر, وعندما يظهر الطفل قدرة على الاحتفاظ بجفافه لمدة ساعتين , أو ما قارب ذلك,أو أن يستيقظ من النوم جافا ,يعتبر هذا مؤشرا قويا على استعداد الطفل.
2- انضباط تقريبي لعملية التبرز بحيث تصبح في وقت محدد تقريبا خلال النهار.
3- يظهر الطفل علامات للأم , مثل أن يأخذ ركن من الغرفة,أو السكوت,أو اصدار أصوات معينة معروفة للأم,أو غير ذلك من العلامات.
4- قد يظهر الطفل حاجة و حب للنظافة , بأن يطلب تغيير ملابسه إذا اتسخت, أو أن يغسل بديه ويتضايق من اتساخها,أو عدم الرغبة في لمس الأشياء المتسخة,كل هذه مؤشرات تساعد على تسهيل التدريب على الحمام.
5-يفهم المصطلحات المستخدمة في المنزل حول عمليتي التبول و التبرز, وهي مصطلحات تختلف من ثقافة إلى أخرى ومن منزل الى آخر.
6-قدرة الطفل على التعبير عن حاجاته في مجالات أخرى من الحياة, مثل الرغبة في الطعام أو الشرب أو النوم.
7- قدرته على اتباع أوامر بسيطة من قبل الوالدين أو الإخوة,كأن يضع شيئا ما في مكان معين أو أن يحضر شيئا ما.
8-كما يجب أن يقوم الطفل بما يأتي بدون مساعدة:
-أن يلاحظ بنفسه الحاجة الى الذهاب الى الحمام.
-أن يستطيع أن يذهب إلى الحمام في الوقت المناسب.
- أن يستطيع خلع ملابسه بنفسه,ويجب أن تكون الملابس من النوع السهل الخلع.
والآن نستكمل بعض الملاحظات التى أشرنا اليها فى المقال السابق ، اذ على الأم أن تقوم بالآتى :
1- تتحول من استعمال الحفائظ إلى السراويل المبطنة,وذلك حتى يشعر الطفل بشيئ من البلل, وليشعر بالخفة من دون الحفائظ.
2-لابد أن تكون ملابس الطفل سهلة الخلع مثل البنطلونات الواسعة ذات المطاط في الوسط.
3-إختيار الكرسي المناسب للطفل ,بحيث يكون ارتفاعه مناسب وسهل الاستخدام, يستطيع الطفل ارتقائه وحده, كما يجب أن يكون الكرسي جاهزا دائما في الحمام.
4-يمكنك فتح صنبور الماء قليلا بحيث يصدر صوتا خفيفا عادة مايستثير رغبة الطفل للتبول.
5- وكما تشير دراسات التعلم فإن وجود قدر معين من الدافعية ضرورى جدا للنجاح في أداء مهمة ما,والأم هي أكثر من يستطيع تحديد ما يستثير دافعية طفلها للتعلم على الذهاب إلى الحمام,فلكل طفل ما يحب ولكل اسرة خواصها وطابعها ,فبعض الأطفال تزيد دافعيتة للتدريب على الحمام بتذكيره أنه قوي إستطاع التحكم في عضلاته, والبعض يساعده أن نذكره أن عمله هذا مثل عمل الكبار(أنه أصبح مثل بابا, أو مثل ماما).ويتفق الخبراء على أن المكافآت العينية تنفع في هذا النوع من التدريب حيث أن الطفل لن يفقد هذه المهارة بعد انقطاع المكافآت عنه,ولكن لابد من أن تكون مستمره وفي كل مرة حتى اتقان الذهاب الى الحمام ثم تتقطع بعد ذلك , فلا تعطى للطفل مثلا إلا عندما يطلبها أو عند المواقف الصعبة , ثم تتوقف.ولابد أن تكون المكافأة دائما صغيرة مثل قطعة نقود صغيرة توضع في الحصالة , أو الملصقات الصغيرة التي يحبها الطفل و التي يمكن لصقها على لوحة خاصة به في الحمام ,أو غير ذلك مما يمكن أن يمثل مكافأة من الأشياء التى تعرف مدى حب الطفل لها.
6- يجب أن لا يشعر الطفل أنه حبيس كرسي الحمام, وعلى الأم أن تبقي معه, أو تحكي له حكاية.ومن الممكن الاستعانة بدمية يضعها الطفل على الكرسي الخاص بها بجانبه ليتظاهر انها تقضي حاجتها مثله..
7- على الأم أن تراقب طفلها عن قرب وخاصة في بداية عملية التدريب حتى تتمكن من معرفة المؤشرات التي يستخدمها كدلاله على حاجته للذهاب للحمام, ولكن عليها أن تحاول اعطائه الفرصه للتعبير عن حاجته للتبول أو التبرز.
8- ومن المهم للغاية إظهار الاعجاب بقدرات الطفل , سواء كان ذلك في فهم مؤشرات جسمه واتجاهه نحو الحمام حتى وإن لم يستطع التحكم الكامل في الاخراج, أوحين يكمل العملية كلها بنجاح, لأن هذا يتطلب بذل الجهد من قبل الطفل ولابد أن يقدر من قبل الأم أو الراعي للطفل,ونظهر إعجابنا به ونجعله يعبر عن إحساسه بأن تصرفه مثل الكبار مثلا أو غير ذلك.
9- الحرص على أن يكون الطفل و القائم بعملية التدريب متواجدان في مكان يسهل الوصول فيه للحمام خاصة في الأيام الأولى للتدريب ,كما لابد من أخذ الحيطة عند الخروج من المنزل بأن نحث الطفل على الذهاب إلى الحمام قبل الخروج كى لا يفاجأ بحاجته الى الإخراج وهو فى مكان غير مناسب.
10- على الأم أن تكون حساسة لحاجة طفلها لمنحه الثقة بالنفس وتقدير الذات , وإعطائه الفرصة ليشعر بذلك ، لأن هذا عامل مهم جدا في التدريب على الحمام و في كل تدريب و تعلم في حياة الطفل بعد ذلك.
11- التحلى بالصبر .. عند الحوادث , فلابد أن تستحضر الأم في ذهنها الجهد اللازم من قبل الطفل لتعلم هذه المهارة الجديدة في كل مره يحدث فيها حادث, فالمهمة كبيرة , والأخطاء واقعة لا محالة خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار كل المغريات التي ذكرت في بداية تناول هذا الموضوع ونسيان الطفل,لكن الحقيقة التي لابد أن تعطي الأم الدافعية للاستمرار أننا كلنا كنا كذلك, وأن التحكم سيتم إن شاء الله حتى وإن تأخر.
12-عند عدم الانضباط ووقوع الإخراج غير المناسب :
*على الأم أن تحرص أن يكون كلامها للطفل بنبرة هادئه ليس فيها ما يشير الى رفضه أو التقليل من شأنه ,وأن تنتبه لتعبيرات وجهها ،بحيث لاتعطى الانطباع للطفل بأنها غاضبه .
* على الأم أن تساعده فى تنظيف نفسه بنفسه, وأن تكون مساعدتها محدودة جدا حتى وإن كان الحادث في عملية التبرز فإن شعور الطفل بالتقزز أثناء التنظيف يساعده على تذكر ذلك في المرات القادمة,كما أن مشاركته في التنظيف و تغيير الملابس يؤكد للطفل أن استعمال الحمام و العودة للعب أسهل من مشاركته في هذه العملية غير النظيفه,ولكن لابد من الحذر الشديد من إحراج الطفل وإشعاره بالخجل وإنما اشراكه في التنظيف هو نتيجة منطقية لما حدث وبمنتهى الهدوء.
* أثناء ارتداء الطفل لملابسه الجافة علينا أن نتحدث معه عن الإحساس الجميل الذى تعطيه الملابس الجافة.
* على الأم التأكيد للطفل بأنه سوف يمكنه التحكم في المرات القادمة بطريقة أفضل ان شاء الله.
* والأمر المهم أن يلتزم كل الكبار الذين يعيشون مع الطفل في البيت بنفس المبادىء والأسلوب في التعامل بهذا الصدد , فالثبات و الاستمرارية من أهم عوامل النجاح.
* لا تتتوقعى الكثير مرة واحدة وبناء الآمال العريضة,فمعظم الأطفال يحتاجون الى عدة أسابيع للتدريب , كما يمكن حصول فترات من التدهور أثناء التدريب, ولكن مهم جدا عدم توقع أن تتم العملية بسهولة و بدون مجهود لأن ذلك يهز ثقة الطفل في نفسه ويفقده حماسه للتدريب , وهذا أبعد ما يكون عن هدفك.
* تجنبى عقاب الطفل على عدم التحكم, وخاصة عند حدوث الحادث المعروف في كل بيت وهو أن يجلس الطفل في الحمام لمدة طويلة ولا يخرج شيئا, ثم بمجرد قيامه من الحمام يبلل السجاد مثلا, أو أنه يطلب الذهاب إلى الحمام كل خمس دقائق ولكنه لا يتبول, فسيكون لديك رغبة في تفريغ غضبك في الطفل ولكن لا تفعلي, إلتزامك الهدوء أفضل لأن غضبك سوف يثبط محاولات طفلك المقبلة.
* لا تكوني كثيرة الإلحاح وبطريقة واحدة على استدعاء الطفل للحمام وإنماتعرفي على المدة التقريبية التي يظل الطفل خلالها جافا ثم استدعيه مرة قائلة (الكرسي في إنتظار طفل اسمه..), أو (أنا ذاهبة للحمام هل تريد أن تسبقني؟),وما إلى ذلك من الجمل التي قد تغري الطفل على الذهاب للحمام.
* لا تجبرى الطفل على الجلوس على كرسي الحمام في أوقات هو لا يشعر بالفعل بالرغبة في التبول أو التبرز فيها , فالإجبار يؤثر على المجهود المبذول سلبا ,بالإضافة الى أنه قد يساعد على ظهور حصر البول أو الامساك وظهور الزوائد اللحمية في منطقة الشرج لأن الطفل سيحاول منع عملية التبرز الطبيعية لبعض الوقت, والواقع أن التدريب على الحمام يحتاج إلى الكثير من الذكاء و التفاهم من قبل الأم لإدارة وقت الطفل و التغلب على الأعذار التي يقدمها الطفل قبل إعتذاره بها.
* تجنبى المقارنات بين طفلك وغيره من الأطفال . فلا تصفي فلان من الاطفال من أصحاب الطفل بأنه (شاطر) لأنه استطاع التحكم في الذهاب إلى الحمام أو أنه لا يبلل نفسه وانتهى من استخدام الحفاظات وطفلك (غير شاطر) لأنه مازال يبلل نفسه.وبشكل عام ممكن استخدام كلمة (كبرت) أو( أصبحت مثل بابا أو ماما )لما تحتويه هذه الكلمة من تحديد اسم شخص يمثل بالنسبة له القدوة والمثل الأعلى ويحبه الطفل ويزيد دافعيته و حماسه.
* تحاشى أن تتحدثى عن نجاح الطفل من عدمه أمامه , فالاطفال عادة يسمعون و يفهمون أكثر مما نعتقد.
* لا تبدئى التدريب في أوقات غير مواتية للطفل مثل:
-وقت السفر
-النقل من منزل إلى آخر
-الانشغال بضيوف مقيمين
-الانشغال خارج المنزل لفترة طويلة
- قدوم مولود جديد في البيت
وعليك أن تتوقعى حدوث بعض التدهور في تحكم الطفل الذي تم تدريبه مسبقا في مثل هذه الأوقات.
* لاتصرى على الاستمرار في التدريب إذا رأيت أن الطفل غير مستعد على الأطلاق, بل قد يكون من المناسب تأجيل عملية التدريب لمدة شهر أو أكثر قليلا لحين ظهور مؤشرات تؤكد استعداد الطفل ثم ابدئى المحاولة مرة أخرى, ومرة أخرى بدون تذكير للطفل أنه غير قادر أوفاقد للمهارة .
د. صلاح الدين السرسي