هل أنا شخصية مضادة للمجتمع
ما هي الشخصية المضادة للمجتمع؟ هل فكرت في سؤال نفسك؟؟ ... هل أنا شخصية مضادة للمجتمع؟؟ وبعد طرح السؤال؟ لنسل أنفسنا كيف يمكننا البحث في أفكارنا، ومشاعرنا، وتصرفاتنا، وبالتالي مقارنتها بخصائص الشخصية المضادة للمجتمع. والهدف من طرح تساؤل كهذا ليس التشهير وإلحاق الوصمة بالذات أو بالآخر ... بل بهدف وبدافع الرغبة في فهم الذات، والرغبة في تغييرها ذاتياً؟؟
إن الطريقة المناسبة للبحث عن طبيعة نمو الشخصية المضادة للمجتمع هي البحث في ماضي هذه الشخصية بأن نسأل أمهاتنا، ومن قاموا على تربيتنا، والبحث في أرشيف سلوكنا ... للإجابة عن التالي:
هل كنا.... ؟؟
1.نكذب.
2.نسرق ( مع أو بدون مواجهة الضحية).
3.نتغيب عن المدرسة دون علم آبائنا ودون إذن.
4.نهرب من البيت حتى وقت متأخر من الليل.
5.نختلق المشاجرات دوماً.
6.نستخدم الأدوات الحادة في الشجار.
7.نتحرش جنسياً بالآخرين.
8.نتعامل مع الآخرين بوحشية وقسوة بما في ذالك الحيوانات.
9.ندمر وعن عمد الممتلكات مثل تكسير قناديل الإضاءة في الشارع أو ممتلكات الآخرين.... الخ.
وهذه السلوكيات والتصرفات تمثل البذور الأولى للشخصية المضادة للمجتمع، ويطلق على هذه السلوكيات في الصغر حتى سن الخامسة عشرة من العمر باضطرابات المسلك "Conduct Disorders" . واستمرار هذه السلوكيات بعد هذا السن يعد مؤشراً قوياً وبذوراً خصبة، وجيدة لنمو الشخصية المضادة للمجتمع "Antisocial Personality or Psychopathy"
وبعد البحث في الماضي عن بذور، وجذور الشخصية المضادة للمجتمع يتم البحث في الحاضر. فكيف يمكننا التعرف على هذه الشخصية؟ لا شك أننا خَبرنا، وعرفنا، أو قد نكون عايشنا، أو ربما نكون نحن نعاني ببعض أو كل صفات هذه الشخصية؟! ... "شخص جذاب، ذكي، مبدع، مهتم بمظهره، يتصف بواجهة براقة، قادر على الإقناع، يحب ويعشق الظهور، والقيادة والزعامة، يتقن الخداع، يتقن عقد الصفقات ويكسب بغض النظر عن وسائل الكسب، والنجاح ... قد تبدو هذه الصفات جميله، ومرغوباً فيها بل قد تبدو مقبولة لدى بعض الأفراد، وبعض الجماعات... لكنها قد تقبع خلف شخصية ذات كيان مهدم محطم لا يطعم للحياة طعم، ولا يرى لها لون.
نعم إنها الشخصية المضادة للمجتمع هي شخصية محطمة".
لكننا نصاب بالصدمة عندما نكتشف أن شخصاً يتمتع بهذه الصفات يتصف أيضاً بصفات مدمرة على المستويين الفردي، والمجتمعي، فعلى المستوى الفردي كل هذه الصفات تمثل واجهة براقة ومظهراً آسراً ... لكن هذا الشخص الذي يعقد الصفقات، ويكسب، ويزور، يتحايل على القانون، ينطبق عليه المثل القائل "يسرق الكحل من العين"، يكذب ويكذب ويحبك كذبته فيصدقه الناس بيسر، ويخرج من مآزقه ببراعة.
تتصف الشخصية المضادة للمجتمع، بعدد من الصفات السلبية التي تختفي خلف الصفات السابقة الذكر ... وتشير الدراسات النفسية إلى أن هذه الشخصية تتصف بثلاث صفات رئيسة هي:-
1.نقصان التعاطف أو موت الضمير"Lack of Empathy or Conscience"
2.الاندفاعية "Impulsive" والتهور أي ضعف القدرة على ضبط الذات (ضبط التفكير، والمشاعر، والتصرفات).
3.الانتهازية، والسلوك الاستغلالي "Manipulative behaviors"
عوامل نمو الشخصية المضادة للمجتمع:-
عاملان رئيسا معلومان نسبياً يتفاعلان، ويقفان على خلفية الشخصية المضادة للمجتمع:
أولهما: العامل الأسري ويشمل هذا العامل الجانب الوراثي، والتربوي.
ثانيهما: العامل الاجتماعي ويتمثل هذا العامل في المجتمع السلطوي القهري الذي يسود فيه الاحباطات الاجتماعية، والتنافسية غير الشريفة، والإعلاء من قيم النجاح المفرط، والنجومية، وحق القوة، بصرف النظر عن وسائل النجاح، والنجومية.
كيف نشخص أنفسنا؟؟
... هل أنا شخصية مضادة للمجتمع؟
يواجه البحث النفسي، ويواجه المجتمع صعوبات شديدة في تشخيص ظاهرة الشخصية المضادة للمجتمع لما تتمتع به هذه الشخصية من الدهاء والمكر، والهدوء والجاذبية... الخ.
وقد رصدت الدراسات عدد من الصفات، والخصائص من واقع تصرفات الشخصيات التي ارتكب أصحابها الجرائم وأمكن إخضاعها للبحث النفسي والطبي، والاجتماعي ومن ابرز هذه الصفات.
1.الذكاء فوق المتوسط،
2.السطحية، والكلام المعسول، والمظهر البراق السحري ... لكن كل هذا الذكاء، والواجهة البراقة يطفو فوق كيان نفسي، وعاطفي محطم.
3.غياب الهذاءات، الضلالات وغيرها من علامات التفكير اللاعقلانية.
4.غياب مظاهر عصابية أو عصبيه.
5.عدم الثبات الانفعالي.
6.عدم المصداقية والتميز بالنفاق.
7.عدم الشعور بالندم أو الخجل.
8.ارتكاب السلوك المضاد للمجتمع دو الشعور بالندم.
9.سوء الحكم، والتقدير وعدم التعلم من التجارب السابقة.
10. الأنانية وحب الذات المرضي، وعدم القدرة على الحب وتكوين علاقات إنسانية دائمة.
11. فقر عام في التفاعل العاطفي مع أهم الأحداث.
12. محدودية، وفقدان البصيرة.
13. عدم تحمل المسؤولية في العلاقات البين شخصية.
14. سلوك العربدة مع أو بدون تناول المواد المذهبة للعقل.
15. التهديد بالانتحار عندما تدور عليه الدوائر لكنه لا ينفذ تهديده.
16. الحياة الجنسية، تافهة، وسيئة وغير مشبعة ومتكاملة.
17. عشوائية الحياة، وعدم إتباع أي خطة.
علاج الشخصية المضادة للمجتمع:-
مثلما واجه البحث العلمي الطبي، والنفسي، والاجتماعي والقانوني إشكالية في تشخيص وكشف الشخصية المضادة للمجتمع، واجه البحث نفس القدر من الصعوبات في عملية العلاج فهذا الاضطراب يطلق عليه عامة الناس مفاهيم مختلفة بحسب المجتمعات، منها البلطجي، والفهلوي، والذئب، والثعلب ... الخ. وتضرب بعض مجتمعاتنا الأمثال للإعلاء من قيمة هذه الشخصية على سبيل المثال" كن ذئباً قبل أن تأكلك الذئاب". اصطبح به قبل أن يتغدى بك"... الخ.
وكون ذلك كذلك فان وضع تشخيص طبي نفسي لهذا الاضطراب يتطلب اعتراف الفرد بما يعاينه، من هذا المنطلق يكون العلاج في غالبه وقائي، وعند سقوط هذه الشخصية في شر أعمالها تحت طائلة القانون في حالة وجود قانون عادل فان العلاج يكون شبيه بالعناية المركزة فهو علاج قانوني جزائي (بحسب الجريمة)، ولا بد أن يكون نفسياً، وطبياً، واجتماعياً ... ويكون مكلفاً على المستوى الفردي والمجتمعي.
وجزء مهم من العلاج لابد أن يكون موجه للجانب الوقائي المتمثل في:
1.القدوة الحسنة.
2.حسن التربية للنشـء.
3.الحزم، والرفق والعلاج عند اكتشاف حالات اضطراب المسلك.
4.العدالة الاجتماعية بين أبناء المجتمع بتطبيق قاعدة الناس سواسياً كأسنان المشط، وتأتى العدالة من خلال إصلاح أنظمة الحكم، والتربية والتعليم، والقضاء، والشرطة ... الخ.
5.الإعلاء من قيمة السلوك التعاوني بين أبناء المجتمع.
د. محمد عقلان