اضطراب عسر القراءة
تعتبر الصعوبة في التعلم, من أكثر الموضوعات التي تُظهر الفروق الفردية لدى الأطفال في المدرسة, حيث نجد الحالة التي تعاني من الصعوبة في التعلم حالة طبيعية لا يظهر عليها آثر أي إعاقة أو تخلف عقلي, لكن لا يمكن لهذه الحالة التعلم ضمن شروط التعليم العادي.
عسر القراءة أو ما اصطلح تسميته بـ "ديسليكسيا" هو أحد اضطرابات صعوبات التعلم الشائعة عند الأطفال. حيث يكمن السبب الرئيسي وراءه في خلل في سيالات إحدى مراكز المخ المتصلة باللغة, فنشاط المخ لدى المصابين بعسر القراءة يزيد عن 10 أضعاف نشاط المخ عند العاديين؛ حيث يخفق الدماغ في معالجة الصور, والقراءة، والكتابة أو الإملاء, والأرقام. فقد بينت صور الفحص بالرنين المغناطيسي, أن أدمغة ذوي عسر القراءة, تستخدم مناطق مختلفة أو كمية مختلفة من الدماغ, للقيام بأنشطة مثل القراءة والتهجئة..
كذلك.. وجد أن للوراثة دور في الإصابة بعسر القراءة؛ فإذا كان أحد الوالدين يعاني منه.. فهناك نسبة تقدر بـ 40% بإصابة الأطفال أيضا. وقد أشارت الدراسات الجينية إلى أن هناك عددا من الجينات تتسبب في حدوثه.
إن الأطفال المصابين بعسر القراءة, يتمتعون بمستويات ذكاء قد تصل لما فوق العادي, فغالبا ما يكون الأطفال والبالغون المصابون بالمرض أذكياء وموهوبين, لكن المشكلة تكمن في صعوبة القراءة والهجاء لا في الذكاء بعينه..
الأعراض..
قد تظهر أعراض عسر القراءة في مرحلة الطفولة المبكرة, أي: عند السنة الرابعة, فنجد أن الطفل..
- يبدأ بشيء من البطء في تعلم الكلام, أو خلط الكلمات ونسيان أسماء الأشياء المعروفة
- يجد صعوبة في ارتداء ملابسه وإغلاق أزرار قميصه, أو لبس الحذاء في القدم الصحيحة وعدم لقدرة على شد رباطه, حيث
- يواجه الطفل ذي عسر القراءة صعوبات تعتبر من البديهيات بالنسبة للأطفال في مثل سنه
في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية تكون الأعراض فيها أكثر وضوحا؛ حيث نجد أن الطفل يعاني من..
- صعوبة في تعلم الأبجدية والربط بين الأصوات وحروفها, وصعوبة في تجزئة الكلمات إلى أصوات فردية
- الخلط بين المتضادات كـ ( قبل وبعد, اليمين واليسار, فوق وتحت...)
- القراءة بمعدل أقل من المتوقع في هذه السن
أما في الصفوف المتقدمة من المرحلة الابتدائية؛ فنجد الطفل قد يعاني من..
- قراءة بطيئة وغير دقيقة
- صعوبة في ربط الكلمات بمعانيها الصحيحة
- صعوبة في مراعاة الوقت ومفهومه
- صعوبة في رؤية وسماع الاختلافات والتشابهات في الحروف والكلمات فـ مثلا.. يقرأ أو يكتب كلمة (هل) بدلا من (له). حيث يستمر الخلط إلى ما بعد سن الثامنة
- صعوبة في فهم الأوامر والتعليمات السريعة وتذكر تتابعها, كذلك في اتباع وتنفيذ أكثر من أمر في آن واحد
- صعوبة في الهجاء, وتعلم اللغات الأجنبية
ترى ما نوع المعاناة التي يواجهها الطلبة من ذوي عسر القراءة..؟!
الشعور بـ / الغضب /
إن الكابوس الأكبر بالنسبة للأطفال ذوي عسر القراءة هو أن يوضعوا كنقطة تركيز وأن يطلب منهم فعل شي هو يعرف أنه لا يجيده.. فالمنافسة الشديدة في الفصول الدراسية وضغط الأقران والترقب؛ حيث يطلب القراءة بصوت عال يرسل الكثير من الأطفال ذوي عسر القراءة إلى الحافة بمعان كثيرة.. لذلك يجب ملاحظة ما إذا كان للطفل حالات مواقف تجنبة, فقد تكون مؤشراً لاكتشاف حالة عسر القراءة في وقت مبكر من حياة الطفل
الشعور بـ / عدم الارتياح /
النسخ من السبورة, هو في الحقيقة أصعب ما في الأمر, بالنسبة لبعض المصابين بعسر القراءة, ما يجعلهم مضطرين للبحث عن كل حرف, حيث يصعب نسخ الكلمة بكاملها فلا معنى لها بالنسبة لهم, ما يجعلهم بطيئي الكتابة بشكل لا يصدق وبالتالي يولد لديهم الرغبة في الاستسلام؛ لذلك نرى في كثير من الأحيان أن قضايا انعدام الثقة بالنفس ناتجة عن الفشل في الأنشطة داخل الفصول الدراسية.. إن وضع ذوي عسر القراءة تحت ضغط الوقت المحدد, يجعلهم تحت تأثير القلق والتوتر ما قد يؤدي إلى ضعف في السلوك, والتهرب, استبعاد النفس وتجنب الموقف.. لذلك ما يحتاجه الطلبة بالفعل هو إعطاءهم المزيد من الوقت, لمعالجة المعلومات والقراءة, وعدم استعجالهم
الشعور بـ / الإحباط /
واحدة من أكبر التحديات التي تواجه ذوي عسر القراءة في المرحلة الثانوية هو مقدار القراءة التي يتعين عليهم القيام بها, لذا فهنالك استراتيجيات يمكن من خلالها المساعدة في تجاوز هذه المحنة منها.. التمييز أثناء قراءة المهام لجعلها أكثر يسرا بالنسبة لذوي عسر القراءة
الشعور بـ / الاحتجاز /
حين يطلب من التلميذ كتابة كلمة على السبورة قصيرة كانت أم طويلة.. وتكمن المشكلة هنا في عدم قدرة الطالب على التهجئة, فالتلاميذ ذوي عسر القراءة والكتابة يجدون المشقة مع الإملاء.. ولمساعدتهم هناك طريقة واحدة, وهي تفتيت كلمات الموضوع الأساسية إلى مقاطع لفظية, واستخدام الأقلام الملونة في الصور, لتسليط الضوء على كل مقطع لفظي وجعله لا ينسى بالنسبة للطالب.. وهناك طريقة لطيفة يمكن استخدامها مع الطفل, باستخدام غراء لامع, حيث أن تحسس الحروف يسهل تذكرها, ويساعد الذاكرة المتحركة على تذكر الطريقة التي تم وضع الحروف بها, وذلك باستخدام لونين مختلفين للكلمة وفصلها لمقطعين.. مثال كلمة friend = fri end
التشخيص..
إن كانت الأسرة تشتبه في أن طفلها مصاب بالديسلكسيا؛ فمن الواجب مناقشة هذه المسألة مع الطبيب أو مدرس الطفل.. فمن المهم جدا ً تشخيص مستوى العسر في الفهم و القراءة, وتحديد نقاط الضعف, وملاحظة الطريقة التي يكرر بها الطفل أخطاءه, حتى تتم عملية العلاج بشكل أسهل و أسرع.
عادة ما يتم تشخيص اضطراب عسر القراءة بمرحلتين:
الأولى.. بأسلوب الفحص المبسط؛ حيث يسأل الطفل مجموعة من الأسئلة, أو يعرض إلى اختبارات مختلفة
الثانية.. عن طريق التقييم؛ وهي سلسلة اختبارات أكثر تعقيداً تهدف إلى تأكيد التشخيص بالديسلكسيا، وفي الوقت نفسه, يتم تقييم نقاط القوة والضعف في مقدرة الطفل على التعلم ومستوى ذكائه
التعايش والعلاج..
كل طفل هو مميز بخصائصه, فما يحتاجه فعلا هو معرفة الأسلوب المناسب له, وإعطاءه حقه من الوقت والجهد والاهتمام لتجاوز المحنة..
فـ حين يعجز الطفل عن فعل ما؛ فهو لن يعترف بعدم مقدرته عليه, وإنما يقوم بالرفض والعناد, تماما كما يفعل الكبار في كثير من الأحيان... فالضغط الزائد على الطفل يجعل منه عدوانياً سريع الغضب, كما وتصنف سلوكياته وأخطاءه, على أنها ضرب من سوء في التصرف, العناد, وعدم الاهتمام ما يجره نحو العقاب؛ بالتالي زيادة الضغط على الطفل.. ما قد يصل به لمرحلة الانهيار, مايعني بالضرورة حاجتنا للتوعية بهذا النوع من الاضطرابات في مدارسنا ومعلمينا وآبائنا..
فمن طرق التعليم المناسبة لذوي عسر القراءة:
- تعليم الطفل على استعمال جميع حواسه إن أمكن
- التعلم المنظم حيث تعد الدروس بطريقة تجعل المعلومات تعطى بجرعات صغيرة
- التعلم التراكمي حيث تبنى المهارات تدريجيا
- التعلم الشامل حين تتم المراجعة المتكررة، حتى يتمكن الطفل من استخدام الحروف والأصوات الصحيحة والقواعد تلقائيا
- التعلم النشيط ويشمل إعداد الدرس بأنشطة قصيرة ومتنوعة.
- أسلوب التعليم عن طريق سماع الصوتيات أثبت فعاليته على تحسين تعليم القراءة عند الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة, ففي هذا الأسلوب يتم التركيز على الأصوات التي تمثل الحروف بدلا عن الحروف ذاتها
أ.د. عبدالله السبيعي