اضطراب المهارات الحركية
ثمة نمط عام يتبعه الأطفال خلال مراحل نموهم, فجميعهم يمرون بنفس الأشكال الرئيسية للنمو.. فهم يتعلمون الجلوس قبل الحبو, ويقفون قبل أن يمشوا, ويتمكنون من رسم دائرة قبل رسم المربع.. فالنمو الحركي يأخذ نمطًا منظمًا ومحددًا، ومن ثم متوقعًا في كل مرحلة عمرية.
فنجد أن مسار النمو يكون من أعلى إلى أسفل؛ أي من الرأس إلى القدمين, وكذلك من الداخل إلى الخارج؛ أي من العمود الفقري إلى الأطراف. فالأجهزة الرئيسية الهامة في حياة الفرد تنمو في المقام الأول..
فالتحكم في الجسم وفي التآزر الحركي ينمو أولا في الدماغ, ثم يتقدم فيما بعد إلى المناطق الأبعد من الرأس, لذا نرى أننا حينما نضع الطفل في وضع مائل، فإنه يستطيع أن يرفع رأسه بواسطة عنقه قبل أن يتمكن من رفع صدره. وكذلك نجده تحكمه في عضلات جذعه يسبق تحكمه في عضلات ذراعيه ورجليه, والتي تسبق تمكنه من ضبط عضلات يديه وقدميه.
إلا أن مظاهر النمو الحركي لا تتحقق حتى يبلغ الجهاز العصبي عند الطفل درجة كافية من النضج. فيعتبر النمو الجسمي, ونمو الجهاز العصبي المركزي عند الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة, أساس التقدم الارتقائي الملحوظ في التآزر الحركي..
فالنضج العصبي العضلي يكمن وراء نمو مجموعة الأداءات الحركية التي تسبق المشي وتعتبر مقدمات له وهي؛ الجلوس والحبو والزحف والوقوف وصولًا للمشي, فالقفز, والجري, واللعب.. وهكذا
إلا أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب التآزر النمائي "خلل الأداء".. يعانون من تأخر في تحقيق المهارات الأساسية الحركية, كالحبو والمشي, أو الجلوس في وضع مستقيم. وكذلك يعانون من عجز في المهارات الحركية الدقيقة, مثل الكتابة أو التقاط الأشياء الصغيرة. ما يجعلهم يحاربون يوميًا من أجل القيام بالأنشطة الحركية بصورة صحيحة, ويعوق أدائهم لأنشطة رياضة وأكاديمية, نتيجة افتقارهم للقدرات والمهارات الكتابية.
ومما يثير القلق بشكل خاص؛ هو صعوبة الكتابة اليدوية في المدرسة، بالتالي انعدام القدرة على إيصال الأفكار, سواء للزملاء أو المعلمين أو حتى الموظفين, ما يجعل الوضع محبطًا للغاية, ويحول دون تكوين علاقات اجتماعية جيدة. ويساهم في تآكل الثقة و تقدير الذات.
وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة للخلل لدى الأطفال غير معروفة، إلا أنه يعتقد أن يكون السبب هو اختلال في طريقة نقل الرسائل من الدماغ إلى الجسم.. حيث يتميز هذا الاضطراب بصعوبة التخطيط على نحو سلس، وتنسيق الحركات. ما يؤدي إلى الحماقات وافتقار التناسق. اضطراب تمت تسميته عام 1930 بـ "متلازمة الطفل الأخرق"..""clumsy child syndrome
قد يحدث "خلل الأداء" مصاحبًا أحد الاضطرابات الأخرى مثل:
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
- صعوبة في التعلم مثل عسر القراءة - مما يؤثر على مهارات المشاركة في القراءة والإملاء الكلمات.
- اضطراب طيف التوحد - مجموعة من اضطرابات النمو.
- أو اضطرابات صبغية أخرى..
ملامح من تأثير الاضطراب على المراحل العمرية المختلفة..
المهارات الحركية الواضحة:
- التأخر في تحقيق أساسيات النمو الحركي مثل "الجلوس - الحبو - المشي".
- مستويات عالية من النشاط الحركي كالتصفيق والتأرجح, وعلو الصوت الشديد.
- مشاكل التوازن مثل "السقوط - الإصابات المتكررة". ما يؤدي إلى ظهور كدمات وضربات على الوجه جراء ذلك.
- الهيئة غير الطبيعية, والكلمات المدغمة.
- النقر على الأشياء – القفز – التدمير, وانعدام الشعور بالخطر.
- صعوبة في قيادة الدراجة – الجري – القفز, واضطراب المشية.
- صعوبات في التكيف مع روتين المدرسة المنظم, وعدم القدرة على تكوين علاقات مع غيرهم من الأطفال, ما يجعلهم ساخطين على النظام التعليمي.
- صعوبات في تلقي الدروس, والتركيز المحدود, وافتقار لمهارات الاستماع.
- عدم القدرة على تذكر أكثر من اثنين أو ثلاثة تعليمات في آن واحد.
- استمرار المستويات العالية من النشاط الحركي .
- صعوبات النوم.
أما العلامات الحركية الدقيقة..
- صعوبات التعلم - مهارات اللبس مثل "إغلاق الأزرار أو ربط الحذاء".
- صعوبة في التعلم والأكل مثل التعامل باستخدام السكين - الشوكة – الملاعق, (الأكل الفوضوي, وتفضيل استخدام الأصابع).
- الانتهاء من العمل بشكل بطيء.
- تجنب المهارات اليدوية, واللعب الإنشائية كالبناء.
- صعوبة في مسك قلم الرصاص, أو استخدام المقص.
- الكتابة اليدوية بالكاد تكون مقروءة.
- عدم النضج في الرسم والنسخ و المهارات الأخرى.
- صعوبة في الاستحمام - تجفيف الشعر - تقليم الأظافر- صعوبة في استخدام الأدوات اليدوية أو لعب البيانو.
- ضعف في الأداء الرياضي كالتقاط الكرة أو رميها.
إن الأطفال الذين يعانون من مشاكل خفيفة، قد تختفي مشاكلهم مع تقدمهم في العمر. ومع ذلك، فإن 9 من كل 10 أطفال يعانون من خلل الأداء تستمر مشاكلهم في سن المراهقة و البلوغ. إلا أنه يمكن تقديم عدد من العلاجات لتسهيل التعامل مع المشكلات الناتجة. وتشمل:
- علاج الكلام و اللغة؛ لتحسين مهارات النطق والتواصل.
- العلاج المهني للمساعدة على القيام بالمهام اليومية, بشكل مستقل.
- قد يحتاج الطفل إلى مساعدة إضافية في المدرسة لمواكبة زملاء الدراسة.
- يمكن لبرامج التمارين الرياضية و الكمبيوتر أن تسهم في الحد من صعوبة القراءة و الهجاء.
بتصرف من / أ.د. عبد الله السبيعي