الطلاق العاطفي
يخطئ من يتصور أن للطلاق صورة واحدة هي التي تعارف عليها الناس ، من إطلاق لفظ الطلاق وإتمام اجراءاته ، فللطلاق صور أخرى قد تكون أنت أو تكونين أنتِ بطلة قصتها دون أن تعلم أو تعلمين.
الطلاق العاطفي:ويطلق عليه البعض الطلاق النفسي وهو الذي تستمر فيها العلاقة الزوجية أمام الناس فقط، لكنها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين
فالطلاق النفسي هو وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، وبعد كل منهما عن الآخر في أغلب أمور حياتهما .
فالحياة الأسرية مستمرة ، بل قد ينجح طرفاها في إخفاء ما فيها من مشكلات وما بينهما من جفوة ، إلا أن الطلاق العاطفي يكون حاضراً فيها..
وهذه الظاهرة ليست نادرة الوجود بل هي ظاهرة منتشرة ؛ ففي تقرير لمجلة "بونته" الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعًا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج ، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات. وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما ، وهذه أهم أعراض الطلاق العاطفي والتي نوضحها فيما يلي..
علامات الطلاق العاطفي:
- وجود حالة من الصمت بين الزوجين ، يفشل كلاهما أو أحدهما في كسرها أو اختراقها بأي حال.
- الانسحاب بشكل جزئي أو كامل من فراش الزوجية.
- عدم وجود اهتمامات مشتركة أو أهداف مشتركة يجتمع عليها الزوجان..
- الهروب من المنزل باللجوء للخروج والسهر والسفر بالنسبة للزوج أو تكرار زيارات الزوجة لأقاربها وما شابه ، والهروب داخل المنزل بالانشغال بالصحف والتلفاز والحاسوب وغيره عن التواصل مع شريك الحياة..
- وجود حالة من السخرية والاستهزاء واللامبالاة باهتمامات الآخر ومشاعره ، بل من أي محاولة لكسر جمود العلاقة ومنحها قدر من الدفء.
- الشعور بأن استمرار الحياة الزوجية من أجل الأولاد فقط أو من الخوف من خوض تجربة الطلاق وحمل لقب مطلق أو مطلقة أمام الناس.
- عدم وجود إحساس بالاختلاف عند بعد الزوجين عن بعضهما ، أو قربهما ، بل قد يسود لدى الزوجين حالة من الراحة عند ابتعادهما عن بعضهما البعض.
- عند وجود هذه الأعراض فيمكننا أن نقول أن الطلاق العاطفي واقع تعيشه هذه الأسرة ، ولابد من تداركه حتى لا تتسع الفجوة ويواجه الزوجان مشكلة الانفصال الكامل أو الطلاق الفعلي..
من أسباب الطلاق العاطفي:
- عدم وجود تكافؤ بين الزوجين ، من الناحية الاجتماعية والثقافية والتعليمية بل والعمرية ، وهذه الفجوة تظهر بجلاء مع مرور الوقت ، حيث يكون لهيب العاطفة الأولى قد هدأ وبدأت الفوارق تتضح وتتكشف مع الأيام..
- وجود مشكلة كبرى تفرض وجودها على المناخ الأسري كعدم الإنجاب ، أو العجز المادي ، أو مشكلة في العلاقة الخاصة أو تدخل الأهل..
- عدم تعود أحد الزوجين أو كلاهما على التعبير عن مشاعره والاكتفاء بالصمت نظراً لطبيعة النشأة وأسلوب التربية..
- مرور عدة سنوات على الزواج مما جعل الملل والرتابة تتسرب وبقوة داخل المناخ الأسري..
- مرور الزوج أو الزوجة بأزمة منتصف العمر وعدم إدراك الطرف الآخر لطبيعة هذه المرحلة مما يزيد الفجوة النفسية بين الزوجين..
كيف تتجنب الأسرة الطلاق العاطفي:
- لابد من الحرص على التكافؤ والتوافق بين الزوجين عند الاختيار لتجنب الفوارق الكبيرة التي قد تؤدي لحدوث الطلاق العاطفي..
- لابد من المصارحة الآنية بأي مشكلة يشعرها أحد الأطراف تجاه الآخر بلغة هادئة وأسلوب حاني يغلب عليه الثناء وانتقاء الألفاظ مما يساعد على استمرار الحوار وحل المشكلة..
- عدم ترك فترة من الخصام بعد حدوث أي مشكلة لأن طول فترة الخصام تؤدي لاشتعال الحقد في القلوب وتراكم مشاعر الكراهية ، وفي ذلك قال أبو الدرداء لأم الدرداء : "إذا رأيتني غضبا فرضني وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب"
- لابد من التخلص من مفهوم "بذلت ما في وسعي" فأغلب المشكلات تنتج من شعور الزوج أو الزوجة بأنه قدم كل شيء بينما لم يقدم الطرف الآخر أي شيء ، وهذا يوقعه دائماً في الشعور باليأس وبأنه ضحية ، وبأن الطرف الآخر ظالم ومتعدي ، ولكن عليه أولاً الاعتراف بالجوانب الإيجابية وصور العطاء لدى الطرف الآخر.
- عند شعور أحد الأطراف بتقصير الطرف الآخر ، فيمكن نقل السلوك الإيجابي له بالعدوى والمعايشة ، فمثلاً شكوى الزوجة من عدم اهتمام زوجها بكلمات الحب ، يمكن أن تبدأ هي بترديد هذه الكلمات سواء شفهية أو مكتوبة وتلح فيها حتى تنتقل بالتبعية للزوج ، وكذلك عدم جلب الهدايا يمكن أن تبادر هي بذلك مما يجعل هذا السلوك ينتقل بدوره للزوج..
- بث روح التجديد للحياة الزوجية ، خاصة مع مرور فترات طويلة على الزواج ، فالتجديد قانون الحياة ولابد من أن يتجدد المظهر والجوهر والأفكار والمشاعر ونظام الحياة ككل.