التنشئة الأسرية بين الرغبة ... وحاجات النمو
ثلاث كبسولات لتكوين أسره سعيدة . يعد نظام تكوين الأسرة من أجمل النظم التي شرعتها الأديان السماوية وحافظ عليها البشر مع وجدود تفاوت بين مجتمع وآخر في نظرتهم للأسرة حتى تلك المجتمعات التي دعت لهدم الأسرة ولم تفلح في ذلك. لان الأسرة ضرورة للحفاظ على النسل والنسب وحتى على بقاء البشرية. فقد قال الله تعالى: ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية.) . (الرعد. 38) ... وقال الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه...: ".. تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة ".
الكبسولة الأولى: حسن الاختيار
تبنى دعائم تكوين الأسرة منذ المرحلة للأولى للاختيار المتبادل بين طرفي الأسرة (الرجل- المرأة) وأسرتيهما؛ تبنى هذه الدعائم على شروط الاختيار ، وهذه الشروط تختلف من شخص لآخر؛ من أسرة لأخرى؛ من مجتمع لآخر، ومن زمان لآخر؛ ترى ما هي المقومات والشروط السائدة التي تنظم عملية الزواج في واقنعا العربي الإسلامي المعاصر؟، ولمزيد من إيضاح الموضوع نطرح ثلاثة تساؤلات على النحو التالي؛
ما هي مقومات وخصائص (الفتا) الزوج / الزوجة من منظور ديننا الحنيف؟
ما هي مقومات وخصائص الشخص المتقدم للزواج من منظور (الفتاة) الزوجة وأهلها؟
ما هي مقومات وخصائص (الفتاة) الزوجة من منظور الزوج وأهله؟
ترى كيف ستكون النتائج؟
من المؤكد أن النتائج ستتنوع بتنوع وباختلاف تفكير ومواقع وممارسات الناس الذين تم استفتاؤهم؟ لكن من المؤكد أنها لن تكون مطابقة لجوهر وتعاليم ما أمر به الله؟ لماذا ؟ لأسباب موضوعية داخلية وخارجية وأسباب ذاتية؛ لأننا نطبق عكس ما نؤمن به؛ لأننا نقول شيئاً ونمارس شيئاً آخر . نقول لأطفالنا لا تكذبوا ونحن نكذب؛ تٌحتل أراضينا ونستجدي السلام؛ يٌسب رسولنا الكريم ونستجدي الاعتذار... فلا نحن طلنا هذا ولا ذاك؛ ولأننا أسرة فقط من حيث الشكل الظاهري والعدد ... لكن من حيث السلوك والفعل لآ.
ومهما كانت النتائج وكانت الفجوة بين الواقع المعاش وبين ما جاء به دستورنا القرآن والسنة .... فان الزواج مازال هو الشرط الأساس لتكوين الأسرة؛ هذا النظام الذي أيدته الديانات السماوية وخواتمها ديننا الإسلامي الحنيف الذي خصها بأشد اهتمام؛ فالأسرة لغة هي؛ عشيرة الرجل؛ عشيرة المرأة ... يقويان ويضعفان بها. والأسرة اصطلاحا هي؛ رابطة الزواج (بأركانه الشرعية) والتي بمشيئة الله تتبعها ذرية وتكاثر؛ وتعمير؛ والأسرة هي المجتمع و هي الدولة؛ والأمة... وهي اعقد وأجمل نظام في الكون.
وقد حثنا ديننا الحنيف على حسن الاختيار بل ووضع معايير وشروطاً شاملة متعددة منفتحة تنطبق على اختيار الزوج لزوجة والعكس حيث قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في شروط اختيار الزوجة " " تنكح المرأة لمالها؛ وجمالها؛ وحسبها؛ ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" و قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوج " إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه..."
الكبسولة الثانية؛ صحة الإنجاب.
الصحة الإنجابية؛ ما قبل الزواج؛
الصحة الإنجابية هي القدرة الآمنة على إنجاب أطفال بدون مخاطر على الأم وعلى الجنين معا، ويمكن تقسيم الصحة الإنجابية إلى بعدين الأول الصحة الإنجابية لما قبل الزواج، وتتمثل في معرفة الفتاة والفتا المقبلان على الزواج (من خلال مكاتب إرشاد زواجي) لمزيد من المعلومات حول الزواج ومتطلباته الاجتماعية والتربوية والاقتصادية، والنفسية؛ وكذا الأمراض المنقولة وراثيا وجنسيا؛ و البعد الثاني يتمثل في إجراء فحوصات طبية قبل الزواج؛ (يفضل أن تتبنى الدول ومؤسسات المجتمع دعم هذه الفحوصات لأنها مكلفة وينبغي تقديمها للجمهور برسوم رمزية)؛ ومن هذه الفحوصات ما يأتي؛
1. فحوصات ذات الصلة بالأمراض الوراثية من قبيل أمراض الدم مثل فقر الدم المنجلي (الأنيميا المنجلية) (تكسر الدم)....الخ
2. فحوصات ذات الصلة بالقدرة على الإنجاب.
3. فحوصات ذات صلة بالأمراض المعدية البكتيرية والفيروسية من قبيل التهابات الكبد الفيروسية(....).
4. فحوصات تتعلق بالمخالطة والاتصال الجنسي (الأمراض الجنسية) وأخطرها نقص المناعة المكتسب (الايدز) وأمراض الجهاز التناسلي(...).
الصحة الإنجابية؛ ما بعد الزواج؛
ابرز حدث لما بعد الزواج هو التفكير القلق بالإنجاب من قبل أسرتي الزوج والزوجة؛ وهذه الفترة تعد فترة حرجة للشاب والشابة حديثي العهد بهذه الخبر... فإذا تمت فحوصات ما قبل الزواج للتأكد من عدم وجود عوائق للحمل فان هذا القلق حول الإنجاب سينخفض (....) وإذا لم يظل مستوى القلق مرتفع. وما ينبغي أن يشار إليه هنا هو عدم القلق وعدم اللجوء للأساليب التي تنافي الدين والعقل (الشعوذة..... والدجل)... ومن المفترض أن يبدأ الزوجين بالتفكير في الحمل بعد عامين - أو ثلاثة أعوام بحسب سن الزوجين- من الزواج فهذه فترة طيبة للتواق الزواجي؛ من جانب وفرصة للاستعداد الجسدي والنفسي للحمل من جانب آخر؛ وفرصة أيضا للإشباع العاطفي والجنسي بعيدا عن حاجات ومتطلبات الأطفال.
وفي حالة الحمل يبتغي الأخذ بعين الاعتبار الجوانب التالية:
1- العمر المثالي والآمن للحمل ما بين (18- 40 سنة) وما قبل ذلك أو بعد فان مخاطر كثيرة قد تلحق بالأم والطفل معا.
2- المباعدة بين كل حمل وآخر على الأقل (3 سنوات).
3- التغذية الجيدة كما ونوعا.
4- الكشف الطبي الدوري بمعدل زيارة كل شهرين للطبيب في بداية الحمل ثم كل شهر في الأشهر الأخيرة.
5- تحتاج الحوامل إلى قسط من الراحة أكثر من المعتاد.
الكبسولة الثالثة؛ كبسولة السعادة:
للسعادة الإنسانية مصادر ودلالات متعددة منها ما شرعها لنا دنيننا النحيف ومنها ما شرعه الأسنان من خلال إعمال عقله (....) ومن خلال خبراته ... والسعادة مفهوم نسبي وليس مطلق ... فما يسعد إنسان .... قد لا يسعد آخر ...فهناك من يرى السعادة في المال .. والمال فقط ... وهناك من يرى السعادة في العلم والمعرفة... وما كان يسعدنا أثناء الطفولة... لم يعد يسعدنا بنفس القدر ... وأما مقياس للسعادة فهو... الشعور بالرضا ... رضا الإنسان عن ذاته ... وشعوره برضا الله عنه ... ثم الآخر ... المجتمع الذي تربى وترعرع فيه ومكمن السعادة هو اتساق هذه الجوانب الثلاث ؛ الشعور بالرضا عن الذات ... والشعور بإرضاء وبرضا الله عز وجل عنا ... ثم الشعور بإرضاء وبرضا الآخر (الأسرة والزوج والأبناء ... وهذا الشعور المتبادل (الرضا - الإرضاء) بين الأنا - والآخر من الممكن أن نلمسه ونقيسه).
فيكف نصل للسعادة...؟؟؟؟
* العقل هو الطريق للسعادة؛..
شرطان أساسيان للسعادة من منظور علم النفس هما ... القدرة على العمل ... والقدرة على الحب ...أي أن تعمل ومردود عملك يكفل لك عيشا كريما... وأن تًحب وتكون محبوبا وأن تكون راضيا ومُرضيا.... وقادرا على تكوين علاقات مستمر وطبيعة ومشبعة مع الآخرين. (....)
* البدن ... هو الطريق للعلاقة بالآخر (...)
هو أول نتواص به مع هو صورة الذات في الآخر؛ فلبدنك عليك حق؛ وهو عندك أمانه لجسدك حقه من الراحة؛ والغذاء المتوازن؛ تقبل صورة جسدك كما هي لا تصدق أساطير التخسيس وشفط الدهون؛ ولا تصدق أساطير التسمين والشد والنفخ .... تقبل جسدك وتقبل جسدك الآخر كما هو؛ وهذا لا يعني عدم اللجوء لأساليب طبيعية للاهتمام بالجسد.
1- أن تعيش حياة مليئة بالنشاط؛
2- الغذاء الصحي المتكامل؛
3- ارسم صورة ايجابية عن جسدك؛
4- مارس الرياضة بصورة منتظمة ومستمرة؛
* الوجود الاجتماعي....
الأنشطة الاجتماعية التي تساهم في الرضا عن الذات والشعور بالسعادة وفقا لعدد من الدراسات ما يأتي:
1- الحياة الأسرية المستقرة؛
2- الزواج الناجح؛
3- الحالة الاقتصادية؛..أن يكون لك سكنا يليق بك كانسان؛ ووظيفة (دور).؛
4- الصحة الجسدية؛ الخلو من الأمراض الخطيرة المزمنة.
5- الصحة النفسية؛ الخلو من الاضطرابات الانفعالية والنفسية؛
6- الصداقة؛(...)
7- الأنشطة الترويحية.
* الفضيلة..... جرعة العلاقة الحميمة بين الزوجين؛
أهم ما تتضمنه هذه الكبسولة هذه الجرعة وهي بحاجة إلى أن تنتج وتصنع وتكوًن في عقل ووجدان وضمير كلا الزوجين وتشمل؛
1- جرعة الصدق؛ وهي مهمة في كل مناحي الحياة مع الله ومع الزوج وتكتسب هذه الجرعة أهمية قصوى .... فالصدق يهدي للجنة....وإلى قلب وعقل ووجدان الآخر(وأي آخر الآخر اللصيق بالذات).
2- جرعة الوفاء؛ الإخلاص؛ والجسدي؛ والعاطفي؛ والمعرفي؛ والتاريخي؛ الماضي والحاضر والمستقبل.
3- جرعة الصراحة؛ مهمة ومهمة جدا ... جدا بين الزوجين في كل شيء وكل شيء مهما كان تافها... أفصح عن كل مكنوناتك النفسية. عن كل رغباتك؛ وحجاتك.
4- جرعة النمو ... المعرفي والعاطفي، والسلوكي، والأخلاقي... فالمطلوب من كلا الزوجين أن يبذل كل منهما قصار جهده من اجل تنمية مهارات ومعلومات ومشاعر الآخر.
5- جرعة الجنس؛ من الأهمية بمكان إشباع هذه الغريزة والوصول إلى أقصى درجات الإشباع الممكنة والمتاحة وفقا للتشريع ووفقا للقدرات فلا تفريط ولا إفراط... وتنضج هذه الجرعة وتنمو من خلال؛ الحب؛ المودة الرحمة؛ التنظيم والتهيئة؛ والتغذية؛ والمعرفة العلمية (استشارة ذوو الاختصاص) للطرائق والطقوس المثلى للإشباع.). لابد ولابد أن يعرف كل من الزوجين ما هو دور كل واحد منهما في العملية الجنسية... يجب أن ننسى أن العملية فحولة فحسب؛ وقصص وأساطير... وان هناك جانب طرف فعال ... وطرف مفعول به فقط (...) العملية فيها فعل وانفعال متبادل متناسق متزامن للوصول للمبتغى.