الطفل والأسرة والتنشئة الاجتماعية
العائلة هي أول عالم اجتماعي يواجهه الطفل ، وأفراد الأسرة هم مرآة لكل طفل لكي يرى نفسه والأسرة بالتأكيد لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية ، ولكنها ليست الوحيدة في لعب هذا الدور ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات المختلفة التي أخذت هذه الوظيفة من الأسرة ، لذلك قد تعددت العوامل التي كان لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية سواء كانت عوامل داخلية أم خارجية ، وسوف نعرض هذه العوامل من واقع مجتمعنا الفلسطيني الذي نعيشه :
أولاً : العوامل الداخلية :
1-الدين : يؤثر الدين بصورة كبيرة في عملية التنشئة الاجتماعية وذلك بسبب اختلاف الأديان والطباع التي تنبع من كل دين ، لذلك يحرص كل دين على تنشئة أفراده حسب المبادئ والأفكار التي يؤمن بها .
2-الأسرة : هي الوحدة الاجتماعية التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني فهي أول ما يقابل الإنسان ، وهي التي تساهم بشكل أساسي في تكوين شخصية الطفل من خلال التفاعل والعلاقات بين الأفراد ، لذلك فهي أولى العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية ، ويؤثر حجم الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية وخاصة في أساليب ممارستها حيث أن تناقص حجم الأسرة يعتبر عاملاً من عوامل زيادة الرعاية المبذولة للطفل .
وتعتبر الاسرة والاسلوب الذي تتعامل به مع ابناءها احد أهم العوامل الرئيسية في تكوين شخصية الطفل ، فما نشاهده من مظاهر مختلفة للشخصبة راجع للطريقة والاسلوب في التنشئة ، لذلك فنحن بحاجة ماسة لمعرف تلك الاساليب التي نتهجها في التربية لما لها من اثر ايجابي أو سلبي على شخصية الطفل
3-نوع العلاقات الأسرية : تؤثر العلاقات الأسرية في عملية التنشئة الاجتماعية حيث أن السعادة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة مما يخلق جواً يساعد على نمو الطفل بطريقة متكاملة .
4-الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الأسرة : تعد الطبقة التي تنتمي إليها الأسرة عاملاً مهماً في نمو الفرد ، حيث تصبغ وتشكل وتضبط النظم التي تساهم في تشكيل شخصية الطفل ، فالأسرة تعتبر أهم محور في نقل الثقافة والقيم للطفل التي تصبح جزءاً جوهرياً فيما بعد .
5-الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة : لقد أكدت العديد من الدراسات أن هناك ارتباط إيجابي بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للطفل وبين الفرص التي تقدم لنمو الطفل ، والوضع الاقتصادي من أحد العوامل المسئولة عن شخصية الطفل ونموه الاجتماعي .
6-المستوى التعليمي والثقافي للأسرة : يؤثر ذلك من حيث مدى إدراك الأسرة لحاجات الطفل وكيفية إشباعها والأساليب التربوية المناسبة للتعامل مع الطفل .
7-نوع الطفل (ذكر أو أنثى) وترتيبه في الأسرة : حيث أن أدوار الذكر تختلف عن أدوار الأنثى فالطفل الذكر ينمى في داخله المسئولية والقيادة والاعتماد على النفس ، في حين أن الأنثى في المجتمعات الشرقية خاصة لا تنمى فيها هذه الأدوار ، كما أن ترتيب الطفل في الأسرة كأول الأطفال أو الأخير أو الوسط له علاقة بعملية التنشئة الاجتماعية سواء بالتدليل أو عدم خبرة الأسرة بالتنشئة وغير ذلك من العوامل .
ثانياً : العوامل الخارجية :
1-المؤسسات التعليمية: وتتمثل في دور الحضانة والمدارس والجامعات ومراكز التأهيل المختلفة .
2-جماعة الرفاق : حيث الأصدقاء من المدرسة أو الجامعة أو النادي أو الجيران وقاطني نفس المكان وجماعات الفكر والعقيدة والتنظيمات المختلفة .
3-دور العبادة :مثل المساجد والكنائس وأماكن العبادة المختلفة .
4-ثقافة المجتمع : لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة له والتي تكون لها صلة وثيقة بشخصيات من يحتضنه من الأفراد ، لذلك فثقافة المجتمع تؤثر بشكل أساسي في التنشئة وفي صنع الشخصية القومية .
5-الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع : حيث أنه كلما كان المجتمع أكثر هدوءاً واستقراراً ولديه الكفاية الاقتصادية كلما ساهم ذلك بشكل إيجابي في التنشئة الاجتماعية ، وكلما اكتنفته الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي كان العكس هو الصحيح .
6-وسائل الإعلام : لعل أخطر ما يهدد التنشئة الاجتماعية الآن هو الغزو الثقافي الذي يتعرض له الأطفال من خلال وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التليفزيون ، حيث يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها الأطفال إضافة إلى تعليمهم العديد من القيم الأخرى الدخيلة على الثقافة الفلسطينية وانتهاء عصر جدات زمان وحكاياتهن إلى عصر الحكاوي عن طريق الرسوم المتحركة .
مؤسسات التنشئة الاجتماعية :
تتم عملية التنشئة عن طريق مؤسسات اجتماعية متعددة تعمل وكالات للتنشئة نيابة عن المجتمع أهمها الأسرة والمدرسة ودور العبادة ، وجماعة الرفاق ، ووسائل الإعلام ، ودور كل مؤسسة كما يلي :
الأسرة : هي الممثلة الأولى للثقافة ، وأقوى الجماعات تأثيراً في سلوك الفرد ، وهي المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل ، والعامل الأول في صبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية ، فتشرف على توجيه سلوكه ، وتكوين شخصيته .
المدرسة : هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ، ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة لنمو الطفل جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً ، وتعلم المزيد من المعايير الاجتماعية ، والأدوار الاجتماعية .
دور العبادة : تعمل دور العبادة على تعليم الفرد والجماعة التعاليم والمعايير الدينية التي تمد الفرد بإطار سلوكي معياري ، وتنمية الصغير وتوحيد السلوك الاجتماعي ، والتقريب بين الطبقات وترجمة التعاليم الدينية إلى سلوك عملي .
جماعة الأقران : يتلخص دورها في تكوين معايير اجتماعية جديدة وتنمية اتجاهات نفسية جديدة والمساعدة في تحقيق الاستقلال ، وإتاحة الفرصة للتجريب ، وإشباع حاجات الفرد للمكانة والانتماء .
وسائل الإعلام : يتلخص دورها في نشر المعلومات المتنوعة ، وإشباع الحاجات النفسية المختلفة ودعم الاتجاهات النفسية وتعزيز القيم والمعتقدات أو تعديلها ، والتوافق في المواقف الجديدة .
د. صلاح الدين السرسي