النمو الجسمى خلال السنة الأولى
قبل أن نتطرق الى النمو الجسمى للطفل فى عامه الأول لابد وأن نأخذ فى اعتبارنا المدى الواسع فى الفروق بين الرضع ، من حيث الحجم عند الولادة أو نسبة النمو ، الأمر الذى يجعل المتوسطات أو المعايير لا تعطى إلا صورة عامة عن النمو ومع ذلك نجد بصفة عامة أن مواليد الحمل الكامل Full-term babies الذكور يكونون أكبر بدرجة طفيفة فى كل أبعاد الجسم من الإناث ، حيث يبلغ متوسط الطول حوالى 50 سم ومتوسط وزنهم 3.5 كيلو جرام عند الولادة . ورغم هذا نجد أن مدى الأطوال والأوزان "السوية" مدى واسع. فقد نجد أن المواليد الجدد من البيئات الفقيرة يكونون أقرب إلى الصغر من أولئك المواليد الذين ينتمون إلى بيئات أوفر حظًا ولعل السبب فى هذا يعود إلى الفروق فى التغذية.
يتراوح وزن الطفل حديث الولادة بين 2.500 إلى 4.600 كجم ويكون في المتوسط 3.400 ويتراوح طوله بين 45 ـ 55 سم بمتوسط 50 سم كما يتراوح محيط رأسه من 32.6 ـ 37.2 ويكون في المتوسط 35 سم . والذكور عامة أكبر حجما من الإناث .
ويتصف نمو الطفل بالسرعة في الفترة الأولى من الحياة ثم تقل سرعة النمو للطفل ويفقد الأطفال حديثو الولادة بعض الوزن في العشرة أيام الأولى من العمر ثم يسترجعون أوزانهم عند اليوم العاشر بعد الولادة ( 3 كجم ) ويضاعف الطفل وزن الولادة في بداية الشهر الخامس من العمر ( 6 كجم ) ويصبح وزنه ثلاثة أضعاف وزن الولادة عند انتهاء السنة الأولى ( 9 كجم ) وأربعة أضعاف عند انتهاء السنة الثانية ( 12 كجم ) ونلاحظ أن اكتساب الوزن يكون أسرع في حالة الطفل المولود قبل الميعاد عنه في الطفل المكتمل النمو، وهكذا سريعا ما يتساوى الاثنان في الوزن . أما بالنسبة للطول فإن حديث الولادة يكون طوله حوالي 50 سم ويزيد الطول أيضا زيادة سريعة في الفترة الأولى من الحياة ثم لا تلبث أن تقل نسبة هذه الزيادة فيما بعد ويكتسب الطفل زيادة قدرها 50 % من طوله في السنة الأولى ويستطيع أن يضاعف طول الولادة عند انتهاء السنة الرابعة فيصبح 100 سم ويصبح طوله ثلاثة أضعاف عند انتهاء عامه الثاني عشر ( 150 سم ) .
أما محيط رأس الطفل فإنه يزيد زيادة كبيرة في السنة الأولى تبعا لسرعة نمو المخ . إن المخ الذي يزن 350 جم عند الولادة يصبح وزنه ضعف ذلك عند نهاية السنة الأولى يصبح أربعة أضعاف ذلك عند بلوغ الإنسان سن النضج وهكذا يكون النمو في المخ أيضا سريعا فى الفترة الأولى من الحياة، حيث يكون مخ الطفل 75 % من البالغ عند انتهاء العام الثاني من العمر .
أما محيط رأس الطفل فيكون عند الولادة حوالي 35 سم ثم يزيد زيادة كبيرة في الفترة الأولى فيصبح 45 سم في انتهاء الشهر السادس ثم تقل سرعة الزيادة بعد ذلك فيكون محيط الرأس 50 سم في العام الرابع من العمر .
وتتغير نسب أبعاد الطفل الجسمية كذلك فعند الولادة يصل طول رأس الطفل إلى 25 % من الطول الكلي للجسم وتكون السرة هي نقطة الوسط بين قمة الرأس والكعوب ثم بعد ذلك تكون سرعة نمو الأطراف أكثر من الرأس فيصبح الرأس أصغر نسبيا مما كان إذا قورن بالذراعين والأطراف التي تزداد سرعة نموها بعد ذلك فتصبح عظمة العانة هي نقطة الوسط عند البلوغ .
وهناك بعض المعادلات البسيطة التي من خلالها يستطيع الوالدان أن يعرفا الطول والوزن الطبيعيين لكل عمر يمر به طفلهما ولكن يجب أن نذكر في هذا المجال أن ما ذكرناه هو متوسط مقاييس الأطفال وقد يقل الطفل أو يزيد عن هذا بمقدار طبيعي، ولكن يجب على الوالدين اللجوء إلى الطبيب إذا لاحظا اختلافا كبيرا بين مقاسات طفلهما والمقاييس الطبيعية لنفس العمر .
عمر الطفل طول الطفل بالسنتيمتر
عند الولادة 50
عند نهاية السنة الأولى 75
من 2 الى 12 سنة العمر بالسنوات × 6 + 77
والسنة الأولى من حياة الطفل تؤدى إلى تغيرات نمائية واسعة وسريعة . منها زيادة طول الجسم كما يتضح من خلال الجدول السابق بنسبة تربو على الثلث كما أن الوزن يتضاعف ثلاث مرات تقريبًا ، حتى أننا نجد عند نهاية السنة الأولى أن الطفل المتوسط قد أصبح زهاء 70 أو 75 سم ووزنه حوالى 9كيلوجرام تقريبا .
بالإضافة إلى ماسبق تحدث تغيرات واسعة فى نسب الجسم وفى التكوين العظمى والعصبى والعضلى .
نسب الجسم :
لاينمو الجسم بوصفه كلًا ، ولا ينمو فى كل الاتجاهات فى وقت واحد ولهذا نجد أن أبعاد الجسم ونسبه تتغير تغيرًا سريعًا وخصوصًا خلال النصف الثانى من السنة الأولى . والنسب النتفاوتة فى النمو الخاصة بالسيقان والوجه تعطينا أمثلة على كيفية تغير أبعاد الجسم . فسيقان الرضيع على سبيل المثال يكون طولها حوالى خمس ما تصل إليه بعد ذلك من طول حين يبلغ هذا الرضيع مرحلة الرشد ، ولكن هذه السيقان تأخذ ابتداء من الأسبوع الثامن فى النمو بمعدل متزايد . وعلى العكس من هذا نجد الرأس والوجه ينموان ببطء أكبر من سائر الجسم ، ولو أن حجم الجمجمة وشكلها يتغيران تغيرًا له أهميته . وإذا كان الطول الإجمالى للرأس والوجه عند الجنين البالغ من العمر ثلاثة أشهر عبارة عن ثلث الطول الإجمالى للجسم ، فإن هذا الطول يكون عند الولادة أٌل من الربع ، وفى الرشد حوالى العشر .
نمو الهيكل العظمى :
تنشأ كل عظام الجسم عن نسيج غضروفى طرى يزداد بمرور الأيام صلابة أو تحولا إلى مادة عظمية بسبب ترسبات المواد المعدنية by the deposition of minerals . والتصلب العظمى عملية تبدأ خلال فترة ما قبل الميلاد وتستمر بالنسبة لبعض العظام إلى الطفولة المتأخرة . ولأن معظم عظام الرضع لا تكون قد تصلبت ، نجدها أكثر طراوة وأكثر قابلية للإنثناء وأكثر استجابة لشد العضلات وضغطها ، وأكثر تعرضًا للتشوه من عظام الأطفال الكبار والراشدين . لكنهم لحسن الحظ أقل تعرضًا للكسر .
ومواعيد التصلب ومعدلاته تتفاوت بتفاوت عظام الجسم وبتفاوت الأفراد . فبعض عظام اليد والرسغ تتصلب فى وقت مبكر من الحياة ، وما ان تنتهى السنة الأولى من العمر حتى نجد أن ثلاثة ، من مجموع قدره 28 عظمة باليد والرسغ ، قد نمت وتطورت . لكن أجزاء أخرى من الجهاز العظمى تتصلب فى وقت متأخر بعد ذلك . من ذلك أن جمجمة المولود الجديد تكون بها ستة مواضع طرية غضة ( اليافوخ) تتصلب تدريجيًا ولا تختفى إلا بعد أن يبلغ الطفل حوالى سنتين من العمر . على حين أن العظام الأخرى تنمو وتتطور لوقت يتأخر عن ذلك .
ويتفاوت الأفراد من حيث معدلات التصلب والنمو العظمى تفاوتهم فى سائر جوانب النمو الأخرى . كما أن الفروق بين الجنسين تشير إلى تفوق البنات على الأولاد من حيث النمو العظمى منذ الولادة وتظل تتزايد بتقدم العمر . والأطفال الذين تكون عظامهم أكثر دقة يكون معدل التصلب عندهم أكثر بطء . وتؤثر العوامل الوراثية تأثيرًا واضحًا فى معدل النمو العظمى وموعيده إلا أن المرض وأنواع الحساسية وسوء التغذية مع ذلك قد تؤثر جميعها فى عملية التصلب وتحدث بها الاضطرابات .
الأسنان :
تكون بدايات الأسنان اللبنية موجودة عند الجنين ما بين الأسبوع العاشر والثالث عشر من الحمل ، ولكن هناك قدرًا هائلًا من التفاوت فيما بين الأفراد من حيث بزوغ السن الأول . وهناك نسبة صغيرة جدًا من الأطفال يولدون وعندهم سن أو اثنان ، بينما نجد بعضهم لا يكون له من الأسنان شىء إلى أن يزيد عمره على السنة . والسن الأول وهو عادة سن سفلى أمامى يبزغ عند بلوغ الشهر السابع فى المتوسط . والطفل المتوسط تكون له حين يبلغ السنة من العمر ستة أسنان ، لكن المدى يتفاوت من صفر إلى 12 شهرا . ومواعيد بزوغ الأستان غير مرتبط بكثير من أوجه النمو الجسمى ( مثل الطول والوزن والكتلة العضلية ) خلال فترة الرضاعة والطفولة . كذلك نجد البنات أكثر تفوقًا إلى حد طفيف من الأولاد من حيث تكون الأسنان ومواعيد بزوغها .
العضلات :
يخرج المولود الجديد إلى الحياة ولديه كل الألياف العضلية والتى لن يزداد عددها فيما بعد ، إلا أن هذه الألياف العضلية تكون صغيرة إذا ما قورنت بحجمه . ومع ذلك فإن النمو يستمر فى طول العضلات وعرضها وسمكها حتى نجد أن وزن هذه العضلات قد تضاعف أربعين مرة على ما كان عليه عند الولادة بعد أن يبلغ الفرد مرحلة الرشد . والعضلات المخططة أو الإرادية فى الجسم لا تكون واقعة تحت سيطرة الطفل تمامًا خلال السنة الأولى من العمر . كما أنها تتعب بسرعة وتنفض عنها التعب بسهولة فى المراحل الأولى من نمو الاستجابات الإرادية مثل الجلوس والحبو والمشى .
وشأن الحال بالنسبة للأسنان والعظام ، نجد أن المجموعات العضلية المختلفة تنمو بمعدلات متفاوتة ، وأن هناك اتجاهًا عامًا يتلخص فى أن العضلات التى تكون قريبة من الرأس والرقبة تنمو مبكرًا عن تلك العضلات المتصلة بالأطراف السفلى . كما أننا نجد أن الأطفال الذكور تكون لديهم نسبة من الأنسجة العضلية أكبر مما يكون لدى الأطفال الإناث ، وأن هذا الفارق بين الجنسين يظل قائمًا بين الذكور والإناث عند كل الأعمار .
د. صلاح الدين السرسي