تطور النمو الحركى لطفلك فى العام الأول

اذا كان الوليد فى عامه الأول يملك من القنوات الحسية ما يمكنه من التعامل مع بيئتيه الداخلية والخارجية بالصورة التى أوضحناها فى المقالة السابقة ، فإنه بالإضافة إلى الاستجابات التى تكون موجودة عند ولادته ، تظهر عدة أنشطة حركية جديدة تصبح جزءًا من قدراته خلال السنة الأولى . وتظهر بعض هذه الأنشطة مستقلة عن التعلم من غير الحاجة الى التدريب أو التعليم . حيث يصبح الرضيع نتيجة لعملية النضج التى تطرأ على بعض الأنسجة العصبية المعينة ونتيجة تعقد الجهاز العصبى المركزى واتساعه ونتيجة لنمو العضلات قادرًا على القيام بهذه الاستجابات . على أن هذه الأنماط من السلوك التى يبدو أنها غير متعلمة تتحسن كثيرًا ويزداد تآزرها ودقتها وانضباطها بعد التدريب.
ومراقبة طفلك و هو ينمو من التجارب الفريدة والرائعة في الحياة و يعتبر الوقوف و المشي و التكلم من اهم معايير تطور دماغ الطفل الطبيعي و يجب التذكر ان تطور الطفل هو عملية معقدة و مستمرة و لا يوجد طفلين يتطوران بنفس الوتيرة تماما حيث هناك فروق بسيطة حتى بين الاطفال الطبيعيين و لكن بشكل عام على كل طفل ان يقوم باشياء معينة في عمر معين ويعتبر الوالدين افضل مراقب لنمو الطفل وتطوره و يمكنك استخدام المعلومات الواردة في هذه المقالة كدليل ارشادي و لا تتردد في استشارة طبيب الاطفال عند ملاحظة اي امر غير طبيعي في تطور الطفل الجسمي او العقلي و بالنسبة للمعايير الواردة في هذه المقالة عليك اعطاء طفلك فترة شهر لمراقبته فى كل قدرة من القدرات المذكورة و تذكر ان كل طفل يتطور بطريقة خاصة و لا يعني عدم مطابقة تطور طفلك للمعايير المذكورة هنا انه مصاب بالتأخر
وسنركز فى هذه المقالة على مجرد التطورات فى الحركة ومحاولة الوصول الى الأشياء والإمساك بها .
ويمكن أن نوجز مراحل التطور الحركى لدى الطفل خلال السنة الأولى فى الآتى :
الشهر الأول: يحاول رفع رأسه ويديه يمينا وشمالا.
الشهر الثاني: يستطيع تمديد أطرافه ويستطيع فتح يده.
الشهر الثالث: يستطيع أن يمسك بالأشياء وربما يضعها في فمه كما أنه يستطيع تتبع الأشياء بعينه.
الشهر الرابع: يحرك يده ويبسط ذراعه وأطرافه ويدقق النظر طويلا، ولكنه لا يستطيع فتح يده، ولكنه حتى هذا العمر لا يرى الأشياء البعيدة.
الشهر الخامس: يستطيع تناول الأشياء بيديه.
الشهر السادس: يستلقي على بطنه ويعتمد على رفع رأسه على ذراعيه كما يمكنه أن يلتقط الأشياء ويقبض عليها بشدة وربما يضعها في فمه بكل بساطة.
إذا لم يستطع الطفل رفع رأسه فى الشهر السادس وكان ظهره منحنياً وأرجله ضعيفة فإن ذلك يشير الى وجود مشكلة في النمو لديه ولا بد من عرضه على أخصائي أطفال.
الشهر السابع :يتقلب ويتحكم في قدميه بشكل أفضل.
الشهر الثامن: يمكن أن يجلس بدون أن يمسك به أحد وربما يقف مستندا على من يمسكه، ويستطيع أن يفتح يديه.
الشهر التاسع: يستطيع التحكم في الجلوس بشكل سليم ويحتفظ بتوازنه ويحاول الوقوف.
الشهر العاشر: يستطيع اللعب وهو جالس ويمكن أن يلتقط الأشياء بأصابعه وربما يصفق بيديه فيزداد لديه حب الفضول فيحب أن يمسك شيئين في كلتا يديه وربما يدخل إصبعه في أفياش الكهرباء.
الشهر الحادي عشر: يتحرك الطفل على ركبتيه ويديه ويمشي مستندا على الأثاث أو الجدار وتعتمد بعض الأمهات إلى مسك الطفل من يديه ليقف ولكن ذلك يعيق التنفس فأنصح الأم بعدم مسكه بهذه الطريقة لفترة طويلة.
الشهر الثاني عشر: يبدأ الطفل بالخطوات الأولى وقد يمشي.
وسوف نتناول بعض مظاهر النمو الحركى بقليل من التفصيل :

الحركة :

الجلوس : لاتتضمن الجعبة الحركية للمولود الجديد أى وضع للجلوس الانعكاسى ، ومع ذلك فإن القدرة على الجلوس تتطور وتنمو مبكرًا ، ونجد الرضع بصفة عامة يتمكنون من الجلوس لمدة دقيقة بمساعدة غيرهم عند بلوغ الشهر الثالث أو الرابع ، ثم إذا بلغوا الشهر السابع أو الثامن تمكنوا من الجلوس بدون مساعدة . وعند التمكن من الجلوس ، يحدث تقدم سريع حتى أننا لنجد أن الرضع يتمكنون عند بلوغ الشهر التاسع من الجلوس باستقلال لمدة عشر دقائق أو أكثر .

الحبو والزحف :

قام أحد الباحثين بتحليل صور سينمائية للحبو والزحف وخلص من هذا التحليل لوجود 14 مرحلة من تطور نمو هذه الأنشطة رغم وجود فروق فردية كبيرة من حيث الأعمار التى يصل عندها الرضع هذه المراحل المختلفة ولكن الصحيح أن كل الأطفال يمرون بهذه السلسلة المتتابعة .
تتمثل المرحلة الأولى فى دفع احدى الركبتين إلى الأمام وإلى جوار الجسم والتى تظهر تقريبًا عند الأسبوع الثامن والعشرين أو قبل ذلك بقليل. وكان العمر المتوسط للحبو (التحرك بشرط أن تكون البطن ملتصقة بالأرض ) 34 أسبوعًا . فى هذه العمر نجد عضلات الجذع والذراعين والساقين لاتمتلك القدر الكاف من القوة أو التآزر الذى يسمح بتحمل وزن الجسم . ثم نجد الرضع يبدأون بعد ذلك فى الزحف على اليدين والركبتين ، النشاط الذى يتطلب تآزرًا جديدًا وتوازنًا جديدًا ، ويحدث هذا النشاط عند سن وسطى مقدارها 40 أسبوعًا ، على حين أن الزحف على اليدين والقدمين ، وهى المرحلة النهائية من التقدم للأمام فى وضع الانبطاح ، يتحقق عند سن متوسطة مقدارها 49 أسبوعًا .
ويتمكن بعض الرضع من تجاوز مرحلة أو مرحلتين من مراحل الارتقاء تلك ، لكنهم جميعًا يمرون عبر هذه الخطوات .

المشى : 

تنضج القدرة على المشى المستقل بالتدريج بعد سلسلة من المحاولات المبدئية . ويوجد تفاوت واضح من حيث السن التى يصل اليها الأطفال إلى المراحل المختلفة . والسن الوسطى للوقوف مع الاعتماد على شىء من الأثاث ، أو المشى بقيادة الآخرين ، وشد الجسم إلى أعلى للوصول الى وضع الواقف ، وللوقوف المستقل ، وللمشى المستقل كانت 42 و 45 و 47 و 62 و 64 أسبوعًا على التوالى . على أن الانتقال من مرحلة نمو إلى المرحلة التالية لايمثل أمرًا سهلاً على الدوام .

ففي الأسابيع الأولى من حياة الطفل ، عندما تحمله الأم في وضع مستقيم من تحت إبطه، تتدلى ساقاه إلى أسفل ويدب بقدميه على سطح جامد كأنه يمشي. لكن هذه مجرد ردة فعل لا إرادية، لأن ساقاه ليستا قويتين بما يكفي لتحملانه، وسرعان ما تختفي هذه الحركة بعد شهرين.
وعند بلوغ الطفل الخمسة أشهر، لو تركته الأم يتوازن بقدميه فوق فخذيها ، سيترنح صعوداً ونزولاً، ويغدو هذا الترنّح من أنشطته المفضلة خلال الأشهر القليلة التالية، أي في الفترة التي تقوى أثناءها عضلات ساقيه بينما يتقن التقلّب من جانب إلى آخر والجلوس والحبو أو الزحف.
وفي الشهره الثامن على وجه التقريب، قد يحاول الطفل جذب نفسه إلى الأعلى للوقوف مستنداً إلى قطعة من الأثاث. لو أوقفته الأم بجانب الأريكة، فسيمسك بها بشدة خوفاً على حياته. عندما يتقن هذه المهارة في الأسابيع القليلة التالية، يبدأ في التجوّل، أي التحرك متمسكاً بقطع الأثاث، وربما يتمكّن من إفلات يديه والوقوف من دون الحاجة إلى مساعدة. حين يقدر على القيام بذلك، قد يمشي بضعة خطوات إذا أمسك أحد يديه في وضعية المشي، وربما يحاول الانحناء لإحضار لعبة موجودة على الأرض وهو واقف.
أما في الشهر التاسع أو العاشر، فيبدأ الطفل في تعلّم ثني ركبتيه والجلوس بعد الوقوف (وهي حركة ليست من السهولة بمكان!).
وببلوغ الطفل الشهر الحادي عشر، قد يتقن الطفل الوقوف وحده، والانحناء، وجلوس القرفصاء. كما أنه قد يمشي ممسكاً بيد أحد الأشخاص ، من دون أن يستطيع نقل خطواته الأولى وحده قبل مرور بضعة أسابيع إضافية. ويبدأ معظم الأطفال في هذه الخطوات الأولى على أطراف أصابعهم مع لفّ أرجلهم إلى الخارج.
في الشهر الثالث عشر، يتمكّن ثلاثة أرباع الأطفال من المشي بمفردهم، وإن حدث ذلك بشكل متقطع. إذا لم يتوقف طفلك عن التجول مستنداً إلى الأثاث، معناه أن المشي وحده سيستغرق وقتاً أطول. لا يمشي بعض الأطفال إلى أن يكملوا الشهر السادس عشر أو السابع عشر أو بعد ذلك.
غير أن الطفل لايودع وراءه تمامًا تلك المرحلة التى خرج منها ، وكثيرًا ما يعود إليها ، ويحدث كثيرًا أن تتمازج الأنماط وأجزاء الأنماط من حيث درجة اكتمال النشاط وقدر تكرره. كما نجد ثمة ارتدادات تحدث للإستجابة الأقل نضجًا .
وتشير الدلائل على أن النمو ونضج الأجهزة العصبية والعضلية هى التى تحدد موعد ظهور الجلوس والوقوف والمشى ، وليس التدريب أو التعليم .
وعلى الرغم من أن أنواع السلوك الحركى تنمو بدون تدريب خاص أو تعليم معين من الكبار ، إلا أن الدرجات الشديدة من الحرمان أو القيود البيئية المفروضة على النمو الحركى قد تؤخر ظهور المشى . وقد تأكد بأن الخبرة لايقتصر تأثيرها على الأعمار التى تظهر فيها النواحى الحركية فقط وإنما تمتد بتأثيراتها لشكل هذه الحركات أو النواحى الحركية . ومن البديهى أن نقول بأن التعلم أمر هام فى بعض جوانب النمو الحركى المبكر.

تناول الأشياء :

القدرة على تناول الأشياء ، مثل التحرك ، تظهر عبر سلسلة من المراحل . ورغم أن الأطفال يولدون بقدرة فطرية على مسك الأشياء، إلا أنها تستغرق تقريبًا عاماً على الأقل كي يكتمل التوافق والتآزر اللذان يمكّنان الطفل من رفع الأشياء والاحتفاظ بها بإحكام في قبضة يده. تظهر هذه المهارة ابتداء من الشهر الثالث ثم تتطور بشكل كبير مع مرور كل شهر.
يولد الأطفال مع ردة فعل مسك الأشياء. جربي لمس كفّ يد صغيرك وستجدينه يلّف أنامله الصغيرة حول إصبعك. لكنها حركات فطرية ولا إرادية في الأسابيع الثمانية الأولى. تكون قبضة يدي طفلك مضمومة في هذه المرحلة، وسرعان ما يبدأ بفتحها وإغلاقها بشكل إرادي كي يتمكّن من تفحّصها. كما قد يحاول مسك الأشياء الطرية مثل لعبة من القماش على شكل أحد الحيوانات.
والطفل فى عمر الثلاثة أشهر لا يزال غير قادر على مسك الأشياء التي يريدها، لكنه يستطيع ضرب لعبه مراراً وتكراراً. كما أن التآزر العضلي العصبي لليد مع العين يتطور لديه أيضاً، مما يجعله يلاحظ أشياء يريد الإمساك بها ويحاول أن يرفعها. وفي هذه المرحلة، يستفيد الطفل من لعبة التمارين الأرضية، حيث يستلقي على فراش طري ويضرب أشياء مسلّية تتدلى فوقه.
أما في الشهر الرابع من عمره، فيتمكن الطفل من مسك الأشياء الكبيرة مثل المكعبات، لكنه قد لا ينجح مع الأشياء الأصغر حجماً مثل الخرز قبل أن تتكوّن لديه مهارة استخدام الأصابع. قبل ظهور أول سنّ من أسنانه (ويحدث ذلك عادة بين الشهر الثالث والشهر الثاني عشر)، ويقوم الطفل بالتقاط الأشياء من هنا وهناك لوضعها في فمه. فإذا كان الطفل يتناول الأطعمة الصلبة ، فإنه لن يتمكن من مسك الملعقة بشكل جيد بالرغم من محاولاته. قد يمكنه تقريب شىء ما منه، أو نقل شيء من يد إلى أخرى. ومن المستحسن إبقاء الأشياء الثمينة بعيداً عن متناول يده من الآن فصاعداً، ويجب العمل أيضاً على جعل المنزل مكاناً آمناً للطفل.
ومن عمر التسعة أشهر الى السنة يمكنه التقاط الأشياء بمجهود بسيط، كما يتضّح أيضاً تفضيله استخدام اليد اليمني أم اليسرى. حيث تتمتع اليد التي يطغى استعمالها بمهارة وقوة أكبر، ولن يمكن تحديد ما إذا كان الطفل يستخدم يده اليمني أم اليسرى حتى يبلغ العامين أو الثلاثة أعوام. والطفل فى هذه السن يجيد الالتقاط مثل الكماشة، مما يمكّنه من مسك الأشياء الصغيرة مثل الخرز بين الإبهام والسبابة. وبما أنه أصبح قادراً على التآزر العضلي بصورة أفضل، فهو يستطيع استخدام الملعقة والشوكة بشكل جيد إلى حد ما في أوقات الطعام.
ويلاحظ أن بعض الأطفال الأصحاء لايمشون قبل بلوغهم الشهر السادس عشر أو السابع عشر. ومن الأهمية بمكان متابعة تطور المهارات، فلو كان طفلك متأخراً قليلاً في تعلّم التقلّب من جانب إلى آخر أو الحبو أو الزحف، فهو على الأرجح يحتاج إلى بضعة أسابيع أو أشهر إضافية لتعلّم المشي أيضاً. طالما أنه مستمر في تعلّم أمور جديدة، فلا داعى للقلق. إذ تنمو قدرات الأطفال بشكل متفاوت، فالبعض منهم يكتسب المهارات أسرع من الآخرين، لكن إذا بدا طفلك متأخراً بشكل ملحوظ، يجب أن تستشيري الطبيب في الأمر. لكن تذكّري أن الأطفال الخدّج (المولودين قبل أوانهم) قد يكتسبون هذه المهارة وغيرها من المهارات متأخرين بضعة شهور عن أترابهم الذين في مثل عمرهم.

د. صلاح الدين السرسي