النمو اللغوى لطفل الثانية

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الثلاثاء, يونيو 16, 2015 - 11:04

لاشك أن اللغة تكتسب أهميتها من كونها وسيلة التواصل بين الطفل وبيئته ، ومن خلالها تتشكل مفاهيمه ، وتصوراته عن نفسه ، وعن موقف الآخرين منه ، وعن بيئته ، إن سلم هذا التشكل اللغوى سلمت الشخصية ، وان اعتل اعتلت . من خلالها تبذر بذور السواء ، والمرض .  اللغة عبارة عن طائفة معينة من الرموز تتيح فرصة التواصل الفكرى المفهوم بين الأفراد فى المجتمع . وتتضمن المهارات اللغوية القدرة على الكلام والكتابة وفهم الرموز الشائعة فى لغة الجماعة التى ينتمى الشخص إليها.
لقد اجتهد العديد من العلماء سواء في علم النفس، أو في علم التربية أو في علم الاجتماع أو علم اللغة، في تقديم تعريفات كثيرة للغة.

وسنتعرض لبعض هذه التعريفات:
اللغة هي: "نظام من الاستجابات يساعد الفرد على الاتصال بغيره من الأفراد، أي أن اللغة تحقق وظيفة الاتصال بين الأفراد بكافة أبعاد عملية الاتصال وجوانبها" 
وهي: "مجموعة من الرموز تمثل المعاني المختلفة وهي مهارة اختص بها الإنسان، واللغة نوعان: لفظية وغير لفظية، وهي وسيلة الاتصال الاجتماعي والعقلي، وهي إحدى وسائل النمو العقلي والتنشئة الاجتماعية والتوافق الانفعالي وهي مظهر قوي من مظاهر النمو العقلي والحسي والحركي، وتحتل اللغة جوهر التفاعل الاجتماعي، ويعتبر تحصيل اللغة أكبر إنجاز في إطار النمو العقلي للطفل" .
وهي "عبارة عن أصوات ورموز تجمع في شكل كلمات وجمل توضع في شكل تراكيب لغوية لتعطي معنى" .
وهي "نظام للأصوات يستخدمه الفرد للاتصال بالآخرين في مجتمعه شفاهياً أو بشكل مكتوب له سياق".
وقد عرفها ديوي (Dewy) على أنها: أداة اتصال وتعبير تحتوي على عدد من الكلمات بينها علاقات تركيبية؛ تساعد على نقل الثقافة والحضارة عبر الأجيال. 
وعرفها ستيرنبرج (Sternberg, 2003) بأنها: استخدام منظم للكلمات من أجل تحقيق الاتصال بين الناس.
إذن اللغة هي: "مجموعة من الرموز الصوتية المنطوقة والمكتوبة والتي يحكمها نظام معين، والتي لها دلالات محددة، يتعارف عليها أفراد ذوو ثقافة معينة، ويستخدمونها في التعبير عن حاجاتهم وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه، ويحققون بها الاتصال فيما بينهم".
وثمة تمييز لابد وأن نلفت النظر اليه ، وهو الذى يتمثل فى الفرق بين استعمال اللغة وفهمها ؛ فالقدرة على التحدث لالكلمات والجمل قد لاتكون خاضعة لنفس العمليات التى تحكم فهم الكلمات والجمل ؛ فبعض الأطفال يتمكنون من الفهم الصحيح للغة دون أن يتمكنوا من التحدث بها . بالإضافة إلى أن مستوى الفهم للطفل العادى يفوق فى العادة مستوى نضجه فى الحديث فهو يفهم أكثر مما يستطيع التحدث . 
عناصر اللغة : 
وينظر اللغويون للغة باعتبارها نظام اتصالي معقد يجب تحليله إلى عدد من المستويات هي: الوحدات الصوتية phonology، والتراكيب syntax، والصرف morphology، والدلالة والمعجم semantics and lexis، والمستوى البراجماتي pragmatics، والخطاب discourse. وقد اختلفوا حول مدى استقلالية أو تكامل هذه المستويات؛ فنجد تشومسكي مثلاً يقرر في وقت من الأوقات أن "النحو مستقل بذانه عن الدلالة" (Chomsky, 1957: 17)، بينما نجد الاتجاه الآخر الذي قاده اللغوي البريطاني فيرث Firth يزعم أنه "لا توجد حدود فاصلة بين المعجم والقواعد بل يعتمد كل منهما على الآخر" (Stubbs, 1996: 36).
والتقدم اللغوى فى السنة الثانية ، مناظر للتقدم فى الحركة وتناول الأشياء من حيث أنه يرجع الى كل من النضج والتعلم . 
وأغلب الأصوات الأولى تظهر فى اللعب الصوتى التلقائى للطفل من غير تدريب . هذه الأصوات التى لايكون لها فى الأصل معنى (الوحدات الصوتية) تكون العناصر الأساسية لنمو الكلام الصحيح فيما بعد . غير أن الوحدات الصوتية التى تصدر عن الرضيع فى مناغاته تظهر بترتيب عشوائى منبت الصلة بترتيب الأصوات المستعملة فى اللغة . كما أن السن التى تبدأ عندها المناغاة ، وتكرار هذه المناغاة لايرتبطان بالسن التى تبدأ عندها القدرة على الكلام ، أى أن من يبكر فى المناغاة ليس بالضرورة أسبق فى الكلام . إلا أن انعدام التصويت التلقائى عند طفل السنة الأولى من العمر قد يشير الى وجود اضطراب فى النمو ، وهو ما سنتعرض له فى مقالات لاحقة . 
إذن اللغة الاستقبالية تسبق اللغة التعبيرية. ففي الوقت الذي يتكلم فيه الرضيع أول كلماته ( فى الشهر الثاني عشر تقريبًا ) فإنه يكون قد استجاب لعدد من العبارات البسيطة مثل ( لا ) و ( باي باي ) ، و( أعطني ). وفي حوالي الشهر الخامس عشر من العمر يشير الطفل عادة إلى أقسام الجسم الرئيسية ويستخدم 4-6 كلمات بشكل عفوي وصحيح ، بما فيها الأسماء الصحيحة. كما يستمتع الطفل بهذا العمر بلفظ كلمات عديدة المقاطع غير مفهومة ولكنه لا يبدو منزعجاً من عدم فهم أحد له . ويستمر معظم التواصل المتعلق بالطلبات والأفكار بشكل غير لفظي. 
قد يكون التطور الأكثر إثارة في هذه المرحلة هو توافق تسمية الأشياء مع تطور التفكير الرمزي. وسيشير الأطفال إلى الأشياء مستخدمين السبابة أكثر من اليد ككل كما لو كانوا يهتمون بالأشياء ليس بهدف تملكها بل لإيجاد أسماء لها وتتضح أهداف الطفل عندما تترافق هذه التسميات اللغوية البدائية مع عبارة (ما هذا - شو هادا ) . وتتضخم قائمة مفردات الطفل بعد معرفته بأن الكلمات يمكن أن تعبر عن الأشياء فتزداد من 10-15 كلمة بعمر 18 شهراً إلى 100 كلمة أو أكثر بعمر السنتين . وعندما يكتسب الطفل ( 50كلمة ) يبدأ بتجميعها لتكوين جمل بسيطة ، وهذه بداية استخدام القواعد اللغوية. ( أعطني الكرة وخذ حذاءك ) . يميز ظهور اللغة اللفظية نهاية المرحلة الحسية والحركية ، وعندما يتعلم الطفل استخدام الرموز للتعبير عن الأفكار وحل المشاكل تتضاءل الحاجة للاعتماد على الإحساس المباشر والمناورات الحركية بغرض الاستعراض . وفى خلال السنة الأولى تسود حروف العلة فى العدد على الحروف الصحيحة . لكنه بعد انتهاء السنة الأولى تنعكس النسبة بين حروف العلة والحوف الصحيحة . وببلوغ الشهر الثالث والعشرين يكون عدد أصوات العلة عند الرضيع قد وصل الى 11 بينما وصل عدد الحروف الصحيحة الى 14. 
وتزداد نسبة الأصوات الأنفية فى الحروف الصحيحة (nasal) (كالميم والنون) ، فى حين تقل نسبة الأصوات التذبذبية (fricatives) كما تزداد الأصوات التى تصدر من الأجزاء الأمامية من الفم كتلك التى تصدر من وراء الأسنان وبالأسنان وبالشفاه ، وتتناقص الأصوات التى تصدر عن الحلق ومؤخرة الفم . والفضل فى هذا التطور يعود فى معظمه الى عملية النضجة الجسمى. 
ويتأثر النمو اللغوى بعمليتين أساسيتين تتمان فى الربع الأخير من السنة الأولى يتمثلان فى : 
1- الخبرة بالأطعمة الصلبة وهى التى تعمل على تنبيه عضلات الفك والمضغ .
2- التسنين : الذى يؤدى إلى ازدياد نشاط المضغ وتقليص عملية الرضاعة والامتصاص الأمر الذى يؤدى الى أن تمتص وتزول وسائد الامتصاص فى خدى الرضيع مما يترتب عليه تغيير شكل التجويف الفمى . وتنمو للرضيع أسنان أمامية عددها فى الأحوال العادية أربعة عليا وأربعة سفلى فى نهاية السنة الأولى مما يؤدى الى تشكيل جدار أمامى جديد فى التجويف الفمى وإلى إمكان التلفظ بالأصوات الصحيحة التى تخرج من بين الأسنان أو من ورائها . أما ظهور الكلام الصحيح فلا يلاحظ إلا بعد أن تستقر وتتدعم عملية التنفس إلى درجة معقولة ، وبعد أخذ الطفل الوضع المنتصب ، وبعد أن يفطم ويبدأ فى التغذى على الأطعمة الصلبة ، كذلك بعد ظهور القواطع الأمامية . 
الكلمات ذات المعنى وقواعد النحو : 
تتألف اللغة ذات المعنى من وضع الكلمات فى ترتيب محدد ، ومن الواضح أن اكتساب المفردات اللغوية ، واكتساب القواعد النحوية الصحيحة للكلمات عمليتان تتمان تقريبًا فى نفس الوقت . 
قائمة المفردات التى يكتسبها الطفل تمثل قوالب لغوية تعكس مافى العالم من أشياء ووقائع أو تنوب عنها وتقوم مقامها . فالطفل يتعلم أن كلمة (برتقال) تشير الى شىء أخضر أو أصفر له شكل محدد وصالح للأكل . 
ويتعلم الطفل مابين الشهر الثاني عشر الى الثامن عشر :الكلمه وقد تبدأ هذه المرحله مبكرا (الشهر العاشر ) او تتاخر حتى الشهر الثامن عشر وهي مرحله مهمه للنمو ككل تزداد فيها قدرة الطفل على الفهم- يمشي- يبداء إطعام نفسه - يبدأ بالتعبير عن نفسه بكلمه تتكون اساسا من مقطع او مقطعين من السلاسل الطويله التي كان يصدرها .
وتقليد الوالدين هو الذي يعلم الطفل خاصة ان كان الصوت يصاحبه فعل - كأن يقال للطفل - باي باي - مع اشاره باليد للخروج . ولاكتساب الطفل للكلمات ذات المعنى يتطلب خلق ظروف ملائمه لان الطفل لا يتعلم الكلمه فحسب وإنما يتعلم المعنى بها من خلال الموقف السليم.
ومن عمر سنه ونصف الى سنتين:يتكون كلام الطفل من بضع كلمات ذات معنى -هات-خذ-مع أسماء أفراد الاسره في هذه المرحله يجب ان يزود الطفل بالكلمه المناسبه في الوقت المناسب عندما يراه يلمس-يتعرف-فيربط الطفل بين الكلمه بالملمس-الشكل-بالطعم-بالرائحه-( والربط بين أكثر من حاسة للتعرف على الأشياء أو الأفعال).حتى تصبح الكلمه جزء من التجربه . ومن هنا تكون بداية ادراك الفروق بين الاشياء وادراك الطفل للديمومة ، كما تبرز أهمية تكوين الصوره العقليه عن الشيىء والرمز له بكلمه.ومع ظهور الاسنان يبدأ تكرار الكلام بدون هدف ويجب على الاهل الاستفاده من هذه المرحله بتعليمه أناشيد وأدعية قصيرة وبسيطة . 

مرحلة الكلمة Word Stage:
يترافق اكتساب الطفل لكلماته الأولى مع المرحلة السنية (10-18) شهراً من خلال تجميع صوتين أحدهما ساكن والآخر متحرك. وعادة ما ترتبط هذه الكلمات مع حاجات الطفل الأساسية كحاجات الطعام والشراب ومناداة الأم والأب والإخوان وغيرهم من الناس المقربين إلى الطفل مثل: (ماما، بابا، تيتا، عمو، حليب، عصير...). وقد أظهرت الدراسات أن كمية الكلام غير الواضح تبدأ بالانحسار تدريجياً مع بداية الشهر التاسع من العمر. وبغض النظر عن اللغة القومية للطفل، فإن الكلمات الأولى تتألف من المقاطع: (ت، ب، ن، م) والتي تصدر عن مقدمة اللسان، وكذلك أحرف العلة (ا، ي، و) التي تصدر عن مؤخرة اللسان. وهذا الامر قد يكون هو السبب وراء تشابه الكلمات: بابا، ماما في كل اللغات. ولهذا السبب يلفظ الأطفال الإنجليز كلمة tut قبل كلمة Cut، والأطفال السويديون يلفظون كلمة tata قبل كلمة kata، والأطفال العرب يلفظون كلمة ماما قبل كلمة جدّي، وهكذا. ومن الشيق جداً أن نعلم بأن الحروف الصامتة التي تصدر عن مؤخرة اللسان ووسطه مثل: (ع، ق، ك، ج..) التي لا يحسن الطفل المبتدئ النطق بها في الأحوال العادية، فإنه يحسن النطق بها أثناء اللعب فقط.
ويقدّر عدد الكلمات التي يمكن للطفل استخدامها في مراحله الأولى بـ:
1- نهاية 18 شهراً: حوالي 50 كلمة.
2- نهاية السنة الثانية: حوالي 250 كلمة.
وسوف نتناول فى المقال القادم بإذن الله تطور النحو عند طفل الثانية .

 

 

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.