كفى يا أبي
ذات يوم كنت أتبضع من أحد المحلات ،وفجأة!! دخلت إلى المحل طفلة صغيرة لم تتجاوز السابعة من عمرها فإذا هي تطلب بكت سجائر وماركة معينة بذاتها اندهشت!! وقلت لها: هل تدخنين؟ قالت: لا إنه لأبي؛ لم أتمالك نفسي، وقلت لها: قولي لأبيك أن ينزل من سيارته ويشتري هو السجائر، فذهبت إليه، ولما ركبت السيارة انطلق مسرعاً ولازلت متأثراً من هذا التصرف (الأبوي)!
وفي مشهد آخر لا يقل مأساوية عنه شاهدت أباً يصحب أبنائه في السيارة، وقد أغلق النوافذ، وهو يدخن بشراهة فعجبت من هاذين الأبوين هل هم حقاً محبون لا بنائهم؟.
الجواب لك أخي ( الأب المدخن ) ولك أختي ( الأم المدخنة )!
موقفين لأبوين لا أدري هل هما ممن يحبون أبنائهم، أو قد أدركا معنى الأبوة إن هذا لشيء عجاب!
إنها مشاهد تتكرر مع شديد الأسف كثيراً، ويسقط من جرائها عدد كبير من الضحايا الأبرياء من فلذات الأكباد من الأبناء والبنات.
لسان حال هؤلاء البنين والبنات كفى يا أبي !! كلمات مليئة بالأسى والحزن تخرج من أعماق قلوبهم، إنهم يقولون - وإن لم تنطق بها ألسنتهم:
أبي أنت مثلنا الأعلى، كم كنا نتمنى أن نكون مثلك، فأنت الأب الحنون المشفق، وأنت الأب المثالي فكم سهرت من أجلنا؟ وكم تعبت لنرتاح؟ وأرهقت نفسك من أجل أن نسعد؟ حتى وأنت تدخن هذه السيجارة.
كنا نقول: إن هذه السيجارة مفيدة ونافعة وإلا لما أقدم أبونا على تدخينها.
أبي كنا نحلم أن نكون مثلك ندخن هذه السجائر، بل كنا كثيراً ما نتقمص شخصيتك، ونطبق أفواهنا على أقلامنا بدلاً منها، ونحاكي نفس تصرفاتك، كيف لا وأنت مثلنا الأعلى، حتى وقعت بين أيدينا ذات يوم نشرة تتحدث عن أضرار تعاطي التبغ وإذا فيها أن التدخين القسري أو ( السلبي ) وهو ( التأثر بدخان السجائر من غير المدخنين ) وأنه لا يقل خطورةً عمن يدخن، حيث يسبب أمراض كثيرة، أقلها سعال مزمن، وأخطرها سرطان بالرئة لا يرحم.
أبي هل تتذكر الآلام التي كنا نعاني منها ونحن صغار؛ آلام في الأذن، التهاب في القصبة الهوائية والرئة، وكنت تبادر بالذهاب بنا إلى الطبيب، وأنت الداء وبيدك الدواء، تعبنا بسبب ما نتعاطاه من أدوية ومضادات حيوية وأنت السبب يا أبي.
أبي: كم مرة تأففنا من رائحة فمك، ولكننا نصبر، وكم مرة نعطر المكان بمجرد خروجك حتى لا نجرح مشاعرك، وكم مرة تعرضنا للإحراج أمام زملائنا، لأن رائحة ملابسنا مشبعة برائحة السجائر.
أبي: كم كنا نتمنى أن تكون أفضل الناس؛ لأنك قدوتنا، وسراج طريقنا، وداعم نجاحنا. سامحنا يا أبي، إذا قلنا كفى كفى، كفاك إلحاق الضرر بنا وبنفسك، الداء والدواء بيدك.
أبي: كن شجاع كما عهدناك محب للخير تقبل كل حسن وتكره كل خبيث؛ واترك هذه السيجارة التي ألحقت بنا وبك الأذى أتركها من أجلنا وقبل ذلك طاعة لله فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه أبي كفى .. كفى نرجو أن تتخذ قرارك الشجاع من الآن بإقلاعك عن التدخين.......
الرائد مبارك الخريف
الشؤون الدينية بالمديرية العامة للدفاع المدني
نقله : إيمان السياري