التثقيف الصحي " مهنة من لا مهنة له "
التثقيف الصحي "مهنة من لا مهنة له " تذكرت هذه الكلمات التي نشرت في أحد أعداد الملتقى الصحي منذ سنوات بقلم الأستاذ الدكتور / جمال الجار الله حينما جاءني أحدهم يوماً يعرفني بنفسه كمثقف صحي له باع في القطاع الذي يعمل به منذ سنوات كما يدعي , وطلب مني المساعدة في إنجاز عمل توعوي مصور يوضع في أقراص مدمجة يوزع على فئات المجتمع!
فرحت لأول وهلة فالتثقيف الصحي خط الوقاية الأول وأحب المساعدة فيه فقد كنت اعتقد انه جاء يعرض الفكرة وقد تبلورت لديه بكامل أبعادها وبعدما عرضها لخطوات الإعداد المناسبة واستشار من استشار من المختصين وجمع المادة العلمية واستقرأ حاجات الفئة المستهدفة ووضع مع فريق عنده كامل السيناريو وحسبته جاء يريد الاستزادة من آراء المختصين وأن دوري أن اجمع له نخبة منهم من منشأتي الصحية التي اعمل بها والتي تعتبر مرجعية في محتوى المادة التوعوية التي يريد أن يقدمها وأن نجلس جميعاً لمراجعة الخطوات والمحتوى مما يزيد العمل زخماً علمياً يحقق مبتغاه لكن فرحتي تبددت حين أخبرني أن فريق التصوير قادم بعد ساعة وأنه يريد أن انتقي اثنان أو ثلاثة من المختصين لكي يرتجلوا كلمات توعوية على وجه السرعة وأن المادة التوعية عبارة عن لقاءات مع أشخاص آخرون تمت بنفس الطريقة والكل يتحدث دون تحضير مسبق وعن مشكلة صحية شائكة تهم الشاب والأسرة والمجتمع وأنه سوف يقدم المادة لطلاب المدارس خاصة ولعامة المجتمع , حينها تذكرت هذه الكلمات التي قالها الأستاذ الدكتور جمال الجار الله في احد أعداد الملتقى الصحي منذ سنوات " التثقيف الصحي مهنة من لا مهنة له " .فهذا الذي يدعي أنه مثقف صحي لا يعرف أسس التحضير لمادة توعوية ولا يفقه لفروق الفئات المستهدفة وما يناسب كل منها ولا حتى الخطوط الحمراء في التوعية في مشاكل صحية شائكة كمشكلة الإدمان مثله مثل ذلك الآخر الذي لا يستطيع أن يفرق بين ملتقى حواري في موضوع ما يجمع بين أطياف مختلفة تتباين فيه وجهات النظر ويميزه العصف الذهني وتوسيع مدى المشاركة وبين دورة تخصصية لمقدمي الخدمة في تخصص ما ينبغي أن ينتقى المدرب والمادة العلمية بما يتوافق مع حاجة المتدرب كما ينبغي أن يكون المتدربين في مستوى متقارب من ذات التخصص يجمعهم قاسم مشترك لتكون الفائدة أجدى فللّهِ دٌرّها من مقوله.
-----------
دكتور/ محمود عبد الرحمن محمود
استشاري طب المجتمع