مائدة رمضان التربوية للأطفال
يعتبرشهر رمضان فرصة عظمى للآباء لغرس ما يتمنون من قيم وسلوكيات مرغوبة في نفوس أبنائهم
فهذا الشهر بما فيه من شعائر وعبادات خاصة تجعله يختلف عن سائر شهور السنة ، ويتمايز عن مختلف الأوقات طوال العام ، فهو مائدة حافلة بالقيم والإيجابيات التي يمكن غرسها في نفوس الأبناء خلال أيامه ولياليه:
ويمكننا من خلال المقال التالي إلقاء الضوء على بعض هذه القيم:
قيمة الصبر:
الصبر من القيم الرائعة التي يجب أن يتحلى بها نفس كل مؤمن ، ورمضان فرصة عظمى لغرس هذه القيمة ، حيث يتدرب الأطفال على الصيام منذ الصغر ويبدأ الوالدان في تحبيبهما في الصبر على الجوع والعطش والإمساك عن كل ما يحبونه وتتطلع له نفوسهم خلال وقت الصيام ، وكلما تمكن الطفل من الصبر دون أن يتذمر أو يشتكي كلما كان تقدير الوالدين له ، مما بجعله يشعر بقيمة الثبات والصبر.
مجاهدة النفس:
وهي قيمة ترتبط بسابقتها ، وتؤكد على أن الصبر يربي القدرة على مجاهدة النفس ومقاومة رغباتها ، والطفل إذا تعلم أن يضبط سلوكه ورغبات المشروعة والمباحة فإنه بسهولة ويسر يستطيع أن يكبح أي رغبة غير مشروعه جامحة تجتاح نفسه في المستقبل ، ولعلها من أهم عطايا الله عز وجل في شهر رمضان للمسلمين..
وهنا لابد أن ننتبه أن بعض الأطفال يقبل الصيام على مضض ، ويحاول أن يدخر رغباته وطلباته إلى ما بعد الإفطار ..فيكون الصيام بذلك مجرد تأجيل لرغباته فحسب وليس تأديباً أو تهذيباً ..ولكن من المهم أن نعرف الطفل بهدي النبي في هذا الشهر ، وكيف يكون الأفطار والإقبال على الطعام باعتدال ونظام..
التعلق بالمسجد:
كثير من الآباء يداعبهم الأمل أن يكون أبنائهم من زوار المساجد والمقبلين عليها ، ولكن تحقيق هذه الغاية يعطلها انشغال الأبناء بالدراسة ، وانشغال الآباء بالعمل ، مما يجعل زيارة الأبناء للمساجد لا تتم إلا لماماً..
أما في رمضان فهذه الغاية يمكن تحقيقها بسهولة خاصة وأن صلاة التراويح من أهم العبادات التي تميز شهر رمضان ، وزيارة المسجد حينها يكون لها مذاق خاص ، ويحوطها قدر من الروحانية والحميمية ، ويشعر معها الأطفال بسعادة بالغة وهم في صحبة آبائهم وأمهاتهم ، ويقومون بتوزيع العصائر والحلوى على المصلين أو ينالون بعضاً منها ، وهو ما يجعلهم يكتشفون معاني جديدة في دينهم وسعادة بالغة في زيارتهم للمسجد..
عمل الخير:
وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة على العطاء في هذا الشهر الكريم فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل.."
فعمل الخير والصدقة والإطعام يقبل عليها المسلم في رمضان اقتداء بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهي فرصة طيبة لتعويد الأطفال على الإيجابية والمشاركة في عمل الخير ، وإفطار الصائمين ، وهي عادات يمكن غرسها واستمرارها لما بعد رمضان حيث يتذوق الأطفال السعادة البالغة في عمل الخير..
صلة الأرحام:
التواصل الاجتماعي والزيارات العائلية وتواصل الأسرة من أهم ما يميز شهر رمضان ، حيث تجتمع الأسرة في جو من الود والتفاؤل والتراحم لتناول الإفطار ، وقضاء ليالي رمضان في سهر وسمر ، ولابد من تعريف الأطفال بقيمة هذه الزيارات وأن صلة الرحم من شروط صحيح الإيمان ، وأنها واجبة وقطعها محرم..لذا فإن هذه الزيارات العائلية عمل عبادي يثاب المرء عليه وينال به رضا الله عز وجل..
قراءة القرآن:
فمن فضائل شهر رمضان نزول القرآن الكريم ، وقد كان للسلف الصالح اجتهاد عجيب في إقبالهم على القرآن في رمضان حتى أنهم كانوا لا يشتغلون بغيره ، فعل الخيرات ، وإقبال الأبناء على القرآن في شهر رمضان لا يتأتى بمجرد الحديث والمناصحة ، بل لابد أن يروا في آبائهم القدوة الحسنة في الحرص على القرآن وتخصيص وقت محدد لقراءته يومياً ، بل من الأفضل أن يكون للأسرة حصتها الثابتة ووردها اليومي الذي يقرأونه جماعة في مكان مخصص بالمنزل مما يضفي على الأسرة السكينة والتقوى
ويدفع الأبناء للإقبال على القرآن وحفظه بل والتعلق به..
ولا تزال مائدة رمضان عامرة بالمزيد من القيم والأخلاقيات الحميدة التي يمكن غرسها وتنميتها في نفوس أبنائنا الأعزاء
أ. شروق محمد