الطلاق العاطفي
يظن الكثير أن العلاقات بين الزوجين أمر فطري يمكنه ممارسته دون جهد .. ولا يدري أنها فن يحتاج إلى تعلم الوسائل الصحيحة وممارستها .. وإلا لما وجدنا بيننا أسراً سعيدة .. وأسراً تعيش مع المشاكل صباح مساء . تعريف الطلاق العاطفي : هو : حالة تعتري العلاقة الزوجية يشعر فيها الزوج والزوجة بخواء المشاعر بينهما ، وينعكس ذلك على جميع التفاعلات داخل الأسرة . وهو مضاد للتوافق الزواجي ، والذي يعني أن كلاً من الزوج والزوجة يجد في العلاقة الزوجية ما يشبع حاجته الجسمية والعاطفية والاجتماعية ، مما ينتج عنه حالة الرضا الزواجي . ولكي يتحقق التوافق الزواجي : على كل زوج أن يعمل على تحقيق حاجات وإشباع رغبات الطرف الآخر ، وإشعاره بهذه المشاعر الإيجابية ، وأنه سيبذل ما في وسعه كي تستمر الأسرة. والسعادة الزوجية هنا ليست عملية عشوائية ، وإنما ثمرة سلوك قصدي هدفه إسعاد الطرف الآخر . كيف يحدث الطلاق العاطفي ؟ البذور التي تسبق حدوث حالة الطلاق العاطفي ، ترجع إلى طبيعة العلاقات الأسرية داخل أسرة الفتى ، أو الفتاة . لأنها هي التي يكتسبان من خلالها سماتهم الشخصية وتصوراتهم عن الحياة ، ومخطوطات الدور للرجل والمرأة. ويمكن أن يرتبط الفتى أو الفتاة بطريقة التفاعلات الأسرية التي نشأ عليها ، ويحاول أن يكررها في أسرته . أو ينفر منها ، فيحاول أن يتجنبها في أسرته الجديدة ، في " رد فعل عكسي " ربما كان سبباً في وجود أخطاء من نوع مضاد. التجارب العاطفية قبل الزواج : وتؤدي إلى أن : يُسقِط أحد الطرفين على الآخر مشاعر كان يعيشها مع آخرين قبل الاقتران به ، سواء كان ذلك زواجاً سابقاً أو علاقة حب غير شرعي ، أو علاقات مراهقة . وهو يسلك كما كان يسلك مع العلاقة القديمة ، ويريد من الطرف الآخر أن يكون كالصورة التي في ذهنه عنه. أخطاء الاختيار : لكل فرد صورة خاصة عن رفيق حياته ، تحدد له سبل اختياره له . والإنسان يبحث إما عمن يشبهه في القيم والأفكار والمستوى الاجتماعي ... إلخ ، أو عمن يكمل نقصه (المرأة المازوشية تبحث عن رجل سادي . الرجل الذي لم تشبع علاقته العاطفية بأمه في الطفولة يبحث عن أمه من خلال زوجته) . والخطأ في اختيار الطرف الآخر يترتب عليه اضطراب العلاقة من بدايتها ، أو تماسكها تماسكاً صورياً في البداية ، ثم ظهور الخلل عليها بعد ذلك. وكثير من الأسر المضطربة في مجتمعنا كان الاختيار فيها مبنياً على معلومات ناقصة ، وقد تكون مشوهة عن الطرف الآخر ، ولم يعمل فيها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " . ووجود هذا الخلل في علاقاتنا الاجتماعية جعل الزواج رهاناً على مجهول ، ومقامرة غير محددة العواقب. بعد الزواج : حين يلتقي الرجل والمرأة في بيت الزوجية نجد أننا أمام : سمات الشخصية ، ومخطوطات الدور ، وأنماط الاتصال. وكل واحد من الزوجين يختلف عن الآخر فيها. وفترة الزواج الأولى هي فترة يحاول فيها كل طرف من الطرفين التكيف مع الآخر ، وهذا يستدعي أن يدرك كل واحدٍ منهما : أنه مختلف عن الآخر في تاريخه الأسري ، وسماته الشخصية ، وطموحاته الخاصة . وأن السعادة الزوجية لا تتم دون أن يكون لهما : مستقبل مشترك ، وطموحات مشتركة ، مما يستلزم أن يضحي كل واحد من الزوجين بجزء من احتياجاته لتحقيق احتياجات الطرف الآخر ، وهذه التضحية هي الحلقة الأولى في بناء علاقة زوجية سعيدة. في الفترة الأولى : يعاني الزوجان من اضطرابات التكيف ، ويكون على الزوج الماهر مهمة : تطبيع زوجته على العادات الجديدة في أسرتها الجديدة ، ومحاولة صنع جزيرة خاصة بهما بعيداً عن محيط أسرتها السابقة أو أسرته . وعلى الزوجة الماهرة : إشعار الزوج بأنه قد وجد إشباعه العاطفي والجسدي مع إنسانة تؤمن به ، وتتواصل مع أحاسيسه . الفترة الأولى في الزواج هي الأهم ، لأنها فترة المحاولة والخطأ ... يحاول كل واحد منهما التواصل مع الآخر – على حسب مخطوطاته القديمة – فيخطئ في بعض التصرفات ، ويجد الأثر السلبي لها ، فيعدل من سلوكه ،، وهكذا .. حتى يصل الزوجان إلى " لغة مشتركة " .. و" أنماط معتادة " من الاتصال. مثال القنفذ : التقى قنفذان في ليلة باردة ، فتقاربا وتباعدا ، وتقاربا وتباعدا ، حتى وصلا إلى أكبر قدر من الدفء ، بأقل قدر من الألم. التواصل بين الزوجين كالبحث عن الدفء بين القنفذين ، كل واحدٍ منهما له أشواكه الخاصة : (سماته ، مخطوطاته ، عاداته) ، وكل واحد منهما يسعى إلى القرب من الآخر ، ولكنه لا يدري : أية درجة من القرب تسمح للطرف الآخر أن يعيش باستقلاليته ، ولهذا نجد أن مشاكل الفترة الأولى من الزواج مرتبطة في الغالب بتحديد موقع كل واحد من الآخر : نجد الزوجة تقول : أشعر أنه يحاصر شخصيتي ، يريدني أن اذوب فيه ، لا يحترم استقلاليتي .. (وهذا يعني أنه قد اقترب أكثر من اللازم .. بطريقة لا تسمح لي بالتنفس بحرية) . ونجد الزوج يقول : إنها لا تحس بي .. لا تفهمني ( وهذا يعني أنها بعيدة أكثر من اللازم ) . تحدي الفترة الأولى من الزواج : كيف نصنع لغة مشتركة ، وأحاسيس مشتركة ، واستراتيجيات مشتركة للحياة. المرحلة الثانية : بعد بناء اللغة المشتركة ، يكون التحدي هو : المحافظة عليها من : روتين الحياة العادية ، أو المشاكل الطارئة. روتين الحياة العادية : العمل : انشغال الرجل في عمله بحثاً عن قوت أسرته ، وتحقيق ذاته ، يجعله ينسى كثيراً من السلوكيات التي ينبغي عملها للإبقاء على الحب. إذا لم يتيسر للزوج الماهر الوقت الكافي للأسرة ، فإنه يعوضه باستخدام المنهج الكيفي . وذلك بأن يمنحها لحظات عميقة الأثر مفعمة الشعور . المرأة تبحث عن المشاعر الدافئة طيلة الوقت .. ولكن .. يمكنك تعويضها عن غيابك عنها .. إذا كان حضورك فعالاً . والمرأة الماهرة ينبغي أن تراعي انشغال زوجها بتحقيق ذاته في عمله ، وأن تكون عاملاً مساعداً في رقيه وتطوره ، وإذا نسي الزوج ما ينبغي عليه فعله .. فعليها هي أن تقوم ذلك السلوك بالفعل .. لا بالقول ، وذلك بأن تقدم هي ما ينبغي من سلوكيات الدفء والمحبة. الأسرة الكبرى : الزوجان الماهران هما اللذان يحافظان على علاقات وطيدة مع أسرتيهما دون أن يسمحا لهما بالتدخل في نسيج العلاقة الخاصة بينهما. لأن كل أسرة مختلفة عن الأخرى في التصورات ، وإذا أصبحت الأسر معياراً لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين ، فسيكون الخلاف لا محالة. ينبغي للزوج أن يدخل زوجته إلى عالمه بالتدريج .. وذلك بإشعارها أن العالم الذي انتقلت إليه يملأ قلبها وعقلها أكثر من العالم الذي انتقلت منه . وينبغي للزوجة أن تستشعر حساسية أسرة الزوج ، فهم الذين سيحمل أبناؤها اسمهم ، وينبغي أن يكون ارتباطهم بها أكبر . ولا يمكنها – وليس من مصلحة أبنائها – أن تخلع زوجها من أسرته ، وإذا كان ثمة أخطاء من أسرة الزوج ، فينبغي تنبيه الزوج لها في جو من الحب والمودة . الأصدقاء : مهما كان إشباع الزوجة لزوجها ، فإنه في حاجة إلى أصدقاء من جنسه يشاركونه الرأي ، ويرافقونه في مسيرته . وينبغي للزوجة أن تعلم أن تعلق زوجها بأصدقائه لا يعني استغناءه عنها ، ولا تضع نفسها في مقارنة بهم ، فمكانها في قلبه غير مكانهم. والرجل العاقل يتوازن بين أصدقائه ومتطلبات بيته .. ولكن .. حين يكون الذهاب إلى الأصدقاء هروباً من واقع أسري متأزم ، فإن على الزوجين أن يقفا ويعيدا ترتيب البيت من جديد . المشاكل الطارئة : يصنع الزوجان استراتيجية مشتركة لحل المشاكل .. غير أن كل مشكلة طارئة تحتاج إلى تكييف خاص ، وهو ما يسبب التأزم داخل الأسرة عند حدوث المشكلة ، والأسرة التي استطاع أطرافها أن يكون لهم أسلوبٌ مشتركٌ في التواصل ، وآمالٌ مشتركةٌ في الحياة ، هي التي تكون المشاكل بالنسبة لها كرياح الخريف : تنفضُ عنها الأوراقَ الميتةَ .. ولا تقوى على إزالة الجذورِ الصلبة . أسباب حدوث الطلاق العاطفي : يمكن تقسيم أسباب حدوث الطلاق العاطفي إلى : 1-أسباب تتعلق بسمات الشخصية : التباين بين الزوجين في سمات الشخصية : بأن يكون أحدهما انطوائياً والآخر انبساطياً ، أو أن تتباين سماتهم الشخصية تبايناً يجعل اللقاء التواصل بينهما متعذراً . اضطرابات الشخصية : حين يعاني أحد الطرفين من واحدٍ من اضطرابات الشخصية المعروفة ( الوسواسية ، التجنبية ، الهستيرية ، النرجسية ... إلخ ) ، وكلما كان الاضطراب أكثر خفاءً كان أكثر أثراً على العلاقة من حيث لا يشعر الشخص نفسه . التعامل غير الإنساني : وهو خطأ في التصور يؤدي إلى خلل في السلوك ، وذلك بأن ينظر أحد الزوجين إلى الآخر باعتباره شيئاً يملكه ، وليس إنساناً يتفاعل معه ، ويحترم حدود شخصيته ، وكثيراً ما يكون سبب ذلك في مجتمعاتنا خطأ التصور عن " قوامة الرجل على المرأة " . ومفهوم القوامة للرجل لا يعني التسلط والقهر ، وإنما هو تكليف إلهي له بحسن إدارة المنزل للوصول به إلى بر الأمان ، وعلى قدر مهارته في ذلك يكون تماسك أسرته وبقاؤها . وقد كان صلى الله عليه وسلم يشاور نساءه ويكون في مهنتهن ، ويداعبهن ، ولم يقلل ذلك من قوامته الشريفة صلى الله عليه وسلم . وقال : " إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم" هذا وغيره في معنى القوامة، أما كيفيتها فنجدها في تطبيق سيد الخلق أجمعين النبي محمد صلى الله عليه وسلم القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". وكثيراً ما تكون الرغبة في التملك مغلفةً بمشاعر الحب ، وهو ما يسمى بالنرجسية ، فالزوج أو الزوجة يحب الطرف الآخر " إلى حد التملك !! " ويسعى إلى تشكيل حياته ضمن قوالبه هو ، دون أن يسمح لشخصيته بالنمو الطبيعي الخاص بها . ويمتد أثر ذلك على الأبناء ، فحين تُغَطَّى رغبة الأب في التملك بالمحبة لأبنائه ، ينشأ الطفل وهمه في الحياة إشباع رغبة أبيه أو أمه ، وحين يكبر الطفل ليصبح زوجاً أو الفتاة لتصبح زوجة ، يعيش مع رفيقه بنفس المشاعر التي كان يعيش بها مع والديه ، أو يطلب من رفيقه أن يكون كأحد والديه . الحب العصابي : لا يتعامل المحب مع شخص حبيبه الفعلي ، بل مع شخص في الخيال ، وعادة ما يسقط صورة والده أو والدته على محبوبه ، ويحب والده أو والدته في محبوبه. ( مثال : المرأة في منتصف العمر التي تلعب دور الفتاة الصغيرة مع زوجها ، بسبب أن هذا السلوك كان ناجحاً مع والدها في الصغر ، وهي تطلب الإشباع الوالدي في الكبر ) . 2-اضطرابات التواصل بين الزوجين : إذا نظرنا للأسرة باعتبارها نسقاً ، فإن وجود أي حدث طارئ يؤثر على التفاعلات داخل هذا النسق ، فولادة طفل جديد : ستؤثر على العلاقة بين الرجل وامرأته ، ولن ينال من رعايتها وعنايتها ما كان يناله حين كانا منفردين. ودخول أحد الأطفال مرحلة المراهقة يفرض على الزوجين طريقة جديدة في التعامل معه والتعامل بينهما . المشكلة التي تترتب على التغير في الأسرة هي أن أفراد الأسرة يجب أن يتكيفوا مع هذا التغير ، وأن يرتبوا أنفسهم على الظروف الجديدة ، واستمرار الأسرة في سلوكها القديم وعدم اعترافها بالظروف المتغيرة يعقد المشكلة . تناول كثير من المفكرين المعضلة الإنسانية المتمثلة في أن الإنسان موزع بين خوفين : الأول : الخوف من الوحدة والهجر والانفصال . والثاني : الخوف من الابتلاع من قبل الآخرين ، فهو متناقض بين أن يقبل على الآخرين فيندمج فيهم وتضيع نفسه منه ، أو يبتعد عنهم فلا يجد دعم الآخر ، والأسرة السوية هي التي تحافظ على التوازن بين هذين الخوفين ، فيعطي أحد الزوجين الآخر الدعم الكافي ، دون أن يفقده شخصيته وهويته. صور من الأسر المضطربة في التواصل : الأسرة المدمجة : الزوجان المدمجان يتبنى كل منهما إزاء الآخر اتجاهاً تعلقياً تملكياً ، ويرسل إليه رسالة معناها :" أنا لا أستطيع أن أستغني عنك ، وأنا لا شيء بدونك " . ويدين كلٌ منهما محاولة الآخر الانفصال والاستقلالية . ويظهر أثر هذه العلاقة الاندماجية حين يغيب أحد الطرفين عن الآخر ، فيشعر الطرف الثاني أنه قد " تفكك " أو أن " جزءاً من ذاته ينقصه " . الأسرة الجامدة : في كلِّ نسقٍ هناك دور الفاعل ودور المفعول به ، ويتناوب الأفراد القيام بأحد الدورين ، أما في الأسرة الجامدة فيظل الفاعل دائماً فاعلاً ، ولا يدع للمفعول به الفرصة لممارسة دوره بنفسه ، فلا يتمكن من النمو . التبادلية الكاذبة : التبادلية الحقيقية تشير إلى القدرة على تأكيد الذات وتقويتها ، وتأكيد وتقوية الآخرين ، وهي سمة تميز النضج . أما التبادلية الكاذبة فتشير إلى العلاقة العائلية التي لها مظهر سطحي قوامه تبادل العواطف والصراحة والتفاهم ، على الرغم من أن العلاقات في حقيقتها جافة وجامدة وغير شخصية . ويضعها الباحثون في قائمة العمليات التفاعلية غير السوية التي تميز الأسرة المنجبة للفصامي . وتتميز الأسرة بأن ما يبدو على السطح يوحي بالاستقرار والهدوء ، ويحافظ على التماسك الظاهري للأسرة ، بينما تتحول الأسرة إلى مكان موحش فارغ من العلاقات الإنسانية الدافئة . وتركز هذه الأسرة على تأكيد قيم التفاني الكاذب والتضحية الجوفاء ، وتركز الأسرة على بعض الأعمال الطقوسية التي لا معنى لها ولا قيمة إلا تأكيد أعضاء الأسرة لأنفسهم بأنهم مثاليون ، ويشعر أبناء هذه الأسرة بالقلق والاكتئاب ، وتسري بينهم العداوة ، وكدفاع ضد هذا الخوف تنمو لدى عضو الأسرة الحاجة إلى كبش فداء ، وإلى إلصاق التهم بالآخر ، ودمغه بأوجه النقص . بعض أنماط الاتصال الخاطئ : " نمط أنا أولاً " : يفضل فيه عضو الأسرة مصلحته على مصلحة الآخرين . و" نمط عدم الاستماع " : تنقطع سبل التواصل بين أفراد الأسرة. 3-أفكار خاطئــة : تصورات الدور : حين ينظر الرجل إلى دور المرأة والمرأة إلى دور الرجل نظرة مشوهة ، فيها استعلاء على الآخر أو استغلال له. التصورات المغلوطة عن العلاقة الجنسية بين الزوجين ، والخبرات السيئة في العلاقة الجنسية. عدم إدراك اختلاف المرأة عن الرجل في أنماط التفكير والشعور والسلوك في تقرير لمجلة "بونته" الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعًا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات. وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما. ( إن رأيتم تلخيص المفاهيم الأساسية لكتاب : الرجال من المريخ والنساء من الزهرة فعلت) . حين تكون توقعات المرأة أو الرجل عن الزواج مثالية ، ثم يفاجأ بأن الواقع أقل بكثير مما تصور . الاعتقاد الخاطئ بأن الأعمال تغني عن الأقوال : تظل الزوجة منتظرة منك الحديث إليها ، والحديث عنها ، ومهما كانت أفعالك معها ، فهي في حاجة إلى أقوال تداعب مشاعرها . 4-نقص مهارات التعامل بين الزوجين : حين يشعر أحد الطرفين أنه بذل للآخر أكثر مما أخذ منه يشعر بالغبن ، ويبدأ في النظر إليه بصورة مختلفة . يظل الحب بينكما باقياً طالماً كان لديكِ ما يمكن أن تمنحيه له ، ولديه ما يمكن أن يمنحه لك .. فإذا توقف هذا العطاء المتبادل أصبحت تكلفةُ العلاقةِ أكبرَ من عائداتها ، وانقلبت إلى وظيفةٍ بعد أن كانت متعة . انعدام ثقافة الحوار بين الزوجين يبني سدوداً بين تصوراتهما ، فلا تلتقي ، ويظل كل طرف منهما محتفظاً بمخطوطاته الخاصة عن دوره ودور الآخر ، وحين تحدث مشكلة أسرية ، مع عدم وجود قنوات للحوار بين الزوج والزوجة تكون الساحة فارغة لتدخل الأطراف الأخرى بينهما ، ولنمو التأويلات الفاسدة التي تقوض العلاقة . وتصل الأسرة إلى حالة يشيع فيها الصمت : الصمت عن الحديث ، والصمت عن تبادل المشاعر ، والصمت عن الترافق في الأفكار .. يتحول البيت إلى عالم من الخواء المعتم .. لا يدخله نور المشاعر .. ولا يمتلئ بحركة الحياة . ولا يكون أثر ذلك على الزوجين فحسب ، بل يتعداهما إلى الأبناء ، لتتحول الأسرة إلى أسرة جامدة في مشاعرها ، يسعى كل طرف فيها للحصول على مكاسبه الخاصة حتى وإن كان ذلك على حساب المجموع . 5-الضغوط الخارجية : تدخل أطراف أخرى في العلاقة الزوجية : أهل الزوج ، أهل الزوجة. عمل المرأة يفرض على الزوج إعادة التصورات عن دوره ودور زوجته ، ويمكن أن نخفف من سلبياته بشيوع ثقافة الحوار في الأسرة ، واستعداد الرجل لزيادة مساحة مساعدته لزوجته . التعرض لنكسات اقتصادية . تعدد الزوجات : رغم أنه مباح شرعاً ، إلا أن القلة من النساء من تصبر عليه ، وربما كان سبباً في الطلاق العاطفي بين الرجل والزوجة الأولى . وسائل العلاج : اعتمدت فرجينيا ساتير ( أشهر معالجات الأسرة في أمريكا ) على مساعدة الأسرة في إدراك قواعدها غير المكتوبة . وخاصة تلك المتعلقة بطريقة تبادل المشاعر بين أفراد الأسرة . وترى ساتير أن الأسر المختلة وظيفيا عادة ما تتبع قواعد مختلة وظيفيا ، ولذا فهي تحاول مساعدة مثل هذه الأسر لتصبح مدركة لهذه القواعد غير المكتوبة التي تعين على النمو والنضج . وحين يتم تحديد هذه القواعد يكون من الممكن للأسرة أن تقوم بتعديل أو نبذ القواعد التي أصبحت قديمة غير ملائمة . ينبغي أن يدرك الزوجان أن الحياة البشرية قائمة على مفهوم التدافع الإلهي " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " ، وهذا القانون يصدق على العواطف كما يصدق على السلوك ، فهي في ارتفاع وانخفاض . ولم يخل من ذلك البيت النبوي الشريف ، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى أن لا يكلم نساءه شهراً . وإدراك هذه السنة الإلهية تجعلهما أكثر تقبلاً للخلاف وسعياً إلى حله . الأسرة التي استطاع أطرافها أن يكون لهم أسلوبٌ مشتركٌ في التواصل ، وآمالٌ مشتركةٌ في الحياة ، هي التي تكون المشاكل بالنسبة لها كرياح الخريف : تنفضُ عنها الأوراقَ الميتةَ .. ولا تقوى على إزالة الجذورِ الصلبة . ضحِّ بجزء من احتياجاتك لتحقيق احتياجات الطرف الآخر . واعلم أن هذه التضحية هي أساس العلاقة القائمة على المودة والحب . أفصح عن حبك لزوجتك بالكلمة أو الهدية أو السلوك : قال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أحب فلاناً . فسأله: أأخبرته؟ قال: لا، قال: إذن فأخبره". وقال صلى الله عليه وسلم : تهادوا تحابوا . وكان يقرأ القرآن في حجر عائشة، ويلعق أصابعها بعد الأكل، ويغتسلان سويًّا في إناء واحد، ويتسابقان خلف القافلة حيث لا يراهما أحد .. ويدللها ويناديها: يا عائش .. إدراك المرأة لما يحبه الرجل ، وإدراك الرجل لما تحبه المرأة . تذكر أن التعود على الشيء مفقد لقيمته ، وأن الإنسان يرغب دائماً فيما لا يجده ، فلا تسمح للعادة أن تفسد عليك شعورك برفيق حياتك ، فحاول أن تغير من نفسك ، ملابسك ، التغيير في الزمان والمكان ، أتقن فن الغياب والحضور . لابد من التوصل مع رفيق الحياة إلى استراتيجية واضحة لحل المشكلات ، وكلما جد في الحياة الزوجية جديد ينبغي أن نضعه ضمن استراتيجيتنا العامة ( ولادة طفل ، مشكلات المراهقة ، العلاقة بأسرة الزوج والزوجة .. إلخ ) . حسن الظن في المستقبل ، وتصرفات الطرف الآخر ، وعدم توقع الأسوأ . السكوت عن العيوب ، وتناول المحاسن ، ومحاولة تعزيزها . المحافظة على استقلال شخصية الطرف الآخر ، وعدم قولبتها في الإطار الذي تريده أنت ، ويتطلب ذلك : فهم كل واحد من الزوجين حدوده إزاء الآخر.