كيف تتجاوز صدمة الطلاق
قصة:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..سوف أدخل في الموضوع دون مقدمات، منذ حوالي ثلاث سنوات مررت بظروف صعبة جدا لا يعلم بها إلا الله ، تزوجت من امرأة أحببتها بصدق ، ولكن مررنا بمشاكل كثيرة عقب زواجنا ، نتيجة اختلاف في الطباع ، كما زاد من حدة المشكلات تدخل الأهل وحدث الطلاق من بعد السنة الأولى من الزواج.
وبعد الطلاق مررت بصدمة عاطفية كبيرة جدا ولم يكن أحد بجانبي ليقف معي في هذه المحنة، خاصة أنني كنت أتوقع أن تكون حياتي الزوجية غير ذلك ، وبعد سنتين تناسيت كل الظروف والآلام إلا أن هناك شيء يضايقني كثيرا وهو عصبيتي.
أصبحت عصبي جدا وأستفز بسرعة وبسهولة، لا أستطيع أن أتحكم في أعصابي لدرجه أنني أمد يدي على إخوتي حين شجاري معهم وهم أكبر مني ، وأتلعثم كثيرا في الحديث وأقول أشياء كثيرة أندم عليها لاحقا.
وغير ذلك أمر بمرحلة اكتئاب كبيرة لا أحب الجلوس في المنزل، وأرتاح كثيرا لو أنام عند أقاربي أو أحد أصدقائي ، وصرت أكره الجلوس مع أهلي وإخوتي أمل من الجلوس معهم.
أريد علاجا يهدئ ويخفف عصبيتي ، أرشدوني جزاكم الله خيرا.
على عكس المتوقع فالرجل أكثر تأثراً بالطلاق من المرأة ، هذا ما أكدته الدكتورة البريطانية المتخصصة بالعلاقات "بام سبور" في كتابها "كيف تعيش بعد الطلاق؟" وقالت إن الرجال يلقون مصاعب أكبر من النساء في التأقلم مع تداعيات الطلاق أو انتهاء العلاقة لأنهم عاطفيون أكثر. وكشفت أن 37% من الرجال الذين فشلوا في حياتهم الزوجية قد توفوا بالسكتة القلبية نتيجة الاضطراب وعدم الاستقرار الذي حاصرهم بعد الطلاق.
مشيرة إلى أن هؤلاء الرجال من مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية يعانون أكثر من المرأة عند حدوث الطلاق ، ولاسيما عندما تكون المرأة هي التي طالبت به وأصرت على تنفيذه ، ويعاني الرجل من اليأس والطعن برجولته لكنه يئن بصمت ومن النادر أن يتحدث عن ذلك بل على العكس غالبا ما يتفاخر بالقول: طلقتها؟! رغم أن الزوجة هي الطالبة للطلاق لسبب أو آخر كي لا يظهر انكساره وضعفه .
وأوضحت الدراسة أن ما يؤكد تأثر الرجل إصابته بنوبات قلبية مميتة أكثر من المرأة لأنه يكبت حزنه ومصابه وتأثره في داخله ، لكن المرأة أكثر تحملاً لأنها لا تخفي ذلك مثله وتظهر في عدة مواقف ، وبالرغم من عدم وجود فروق في نوعية الأمراض الناجمة عن الاكتئاب والحزن عند الطرفين.
وفي كل الأحوال فإن تجربة الطلاق تتضمن صعوبات كثيرة تجعل المطلق يمر بعدة مراحل وهي :
1- مرحلة الصدمة : وفيها تتبلد المشاعر ويكون الشخص فى حالة ذهول
2- مرحلة الإنكار : حيث يشعر أنه فى حلم وكأن ما حدث لم يحدث فى الحقيقة
3- مرحلة الغضب : غضب من الطرف الآخر الذى تسبب فى الفشل وغضب من الأهل الذين لم يساندوه بالقدر الكافى وغضب من الدنيا كلها لأنها وضعته فى هذا المأزق.
4- مرحلة الإكتئاب : وتحدث حين تتحقق الوحدة والعزلة ويسود الصمت الحياة الجديدة ، ويتأكد الحرمان من أشياء كثيرة كان يحققها الزواج أو كان يجب أن يحققها .
5- مرحلة التعافي : وفيها يلتئم الجراح ويواصل كل طرف حياته بشكل طبيعي أو شبه طبيعي
ومن دون شك فإن عبور هذه المراحل يتفاوت من شخص لآخر ؛ فهناك من لا يستطيع تجاوز هذه المراحل بسرعة بل يتوقف عند كل منها فترات طويلة أو يقع فريسة لأحدها ، كأن يظل في مرحلة الصدمة فترة من الزمن ، مما يعوقه عن ممارسة حياته الطبيعية أو يعبر لمرحلة الإنكار فالغضب فيبدأ في التنفيس عن ذلك بالانتقام من زوجته السابقة أو أبنائه بحرمانهم من أمهم أو يقوم بالانتقام حتى من نفسه ..
كما تكمن المشكلة في أن يقع فريسة الاكتئاب فيرفض العالم ويعتزله ويصبح أسير المرض والعزلة أما الوصول للمرحلة الخامسة وهي مرحلة التعافي فيلزمه قدر من النضج والوعي بأن الطلاق مجرد تجربة ، وأن الحياة مستمرة وأن هناك إيجابيات كثيرة يمكن الاتكاء عليها للبدء من جديد..
ولكن كيف يمكن للمطلق أن يرأب جروح نفسه ويصل لمرحلة التعافي:
- بداية يجب أن يقر بينه وبين نفسه أن ما حدث هو قضاء وقدر وقد حدث لحكمة يعلمها الله عز وجل..
- أن يحاول في فترة ما بعد الطلاق أن يقف مع نفسه وقفة صريحة ، لا لجلد الذات أو توبيخها ولكن ليضع يده على الأخطاء والمزالق التي وقع فيها في تجربته السابقة ، وبدون هذه المواجهة الصريحة فإنه يكون عرضة لتكرار الخطأ في تجارب تالية..
- أن يحاول أن يتحلى بالتسامح والعفو عن الطرف الآخر ، أو زوجته السابقة ولا ينظر لها على أنها عدو لدود يجب الانتقام منها أو تكدير حياتها..
- أن يحرص على الوفاء بحقوقها المادية وحقوق أبنائه إن وجدوا لأنها أمانة يسأل عنها أمام الله عز وجل.
- أن يبقي على قناة اتصال بينه وبين زوجته السابقة لعل هذا يساعد على المراجعة ورأب الصدع ، كما يساعد على رعاية الأبناء دون وجود مشكلة.
- إذا كانت الزوجة تعيش حالة من الصدمة وتحتاج للنسيان فلا داعي للتواصل معها في هذه الفترة ، ويمكن الاكتفاء بالاطمئنان عليها من بعض الأصدقاء والأقارب..
- محاولة الخروج من أسر ذكريات الماضي حتى يتمكن من تجاوز المراحل الصعبة لما بعد الطلاق..
- البحث عن أدوار اجتماعية جديدة يمكن القيام بها من خلال الأسرة ، كتوطيد صلات الأرحام وتفعيله لدور الخال أو العم ، ما يساعد على الاندماج في المجتمع..
- عدم إفشاء الأسرار مهما كان يكلفه هذا من ثمن باهظ أو اتهام من هنا أو هناك ، فهذا من دواعي المروءة والخلق والكريم.
- عدم اللجوء للحيل الدفاعية عن النفس بإلصاق تهم العجز والتقصير بالطرف الآخر..
- العمل على شغل أوقات الفراغ خاصة في المراحل الأولى بعد الطلاق ، وشغل الذهن باهتمامات جديدة..
- تعميق الصلة بالله عز وجل ، والإكثار من الدعاء للتخفيف من أثر الصدمة..
- الحذر من خوض تجربة جديدة قبل التعافي من أثر التجربة السابقة ، فالبعض يحاول إثبات أنه مرغوب ، وأنه قادر على إحضار زوجة أفضل ممن سبقت نكاية بها ورداً على أي نظرة عجز أو شفقة تجاهه من الغير ؛ فيسارع بالبحث عن زوجة جديدة وهو ما يعرضه للتسرع وسوء الاختيار ، كما قد يفوت الفرصة لإصلاح الأمر بينه وبين زوجته السابقة..
- أن يحرص على صورة زوجته السابقة خاصة أمام الأبناء ؛ فهي في النهاية أمهم ؛ وأن يترفع من أن يجعل منهم طرفاً في صراعه مع زوجته السابقة.
- أن يحرص على أن يكون له مع أولاده وقت خاص يتفرغ لهم فيه ، ويعوضهم عن تفرق الأسرة إلى طرفين .
- أن يجعل هناك متنفس له من أقاربه أو أحد أصدقائه الموثوقين ، للبوح بمشاعره ومكنونات نفسه فهذا يساعد على تفريغ الشحنة الانفعالية داخله.
- يمكن اللجوء إلى طبيب نفسي أو متخصص في الإرشاد النفسي لتجاوز صعوبات المراحل الأولى وتجاوزها بسلام.
أ. شروق محمد