التحرش ..الجريمة الصامتة كيف نواجهها
أنا فتاة محطمة تعرضت للتحرش من قبل أحد أقاربي ، وكنت صغيرة لا أفهم ما يفعله وما يطلبه مني ، وبعد أن وعيت بالأمر دافعت عن نفسي وابتعدت عنه ، مشكلتي الآن أني أحمل شعوراً هائلاً بالذنب ، أشعر أن كرامتي مهدرة ، وأنني مذنبة ، تطاردني الكوابيس لا أستطيع التفكير في المستقبل فضلا عن أني لا يمكنني التفكير في الزواج..
باختصار أنا فتاة محطمة...
هذه الكلمات هي جزء من قصة متكررة وشكوى متعددة لدى كثير من الفتيات، فجريمة التحرش بالفتيات الصغيرات جريمة شائعة في كثير من البيوت والمؤسسات ، وعلى الرغم من أنها جريمة صامتة لا يكتشف فاعلها عادة ولا يلقى العقاب مما يشجع على تكرارها ، إلا أنها تترك آثاراً بالغة على نفسية الفتاة التي تعرضت للتحرش بل قد تمتد آثارها لحياتها الزوجية مستقبلاً وعلى علاقتها بزوجها
وهنا لابد من مواجهة سريعة لجريمة التحرش من خلال الوقاية منه أولاً ثم مواجهة آثاره إذا حدث
أولاً الوقاية من التحرش
تحدث جريمة التحرش عادة نتيجة جهل الفتاة بما يحدث لها وعدم إدراكها بطبيعة هذه الأفعال ، كما تحدث نتيجة جهل الطفلة أو البنت عن كيفية حماية نفسها ، وأهم مسببات جريمة التحرش هو إهمال الوالدين وثقتهم الزائدة في بعض الأقارب مما يجعل الأطفال عرضة لمثل هذه الأفعال دون علم الوالدين
وللوقاية من التحرش لابد من:
- توعية الأبناء منذ الصغر بحرمة الجسد وتنمية سلوك الحياء بمنع إظهار العورة أو السماح لأحد بلمس المناطق الحساسة في الجسد..
- تشجيع الأطفال على مصارحة الوالدين بكل ما يجري لهم خاصة في غياب الأم أو الأب عنهم واعتبار هذا عادة يومية لا تتغير فعند عودة الطفل من أي مشوار على الأم أن تبادره بود وتسأله ماذا فعلت ، وكيف كان يومك...
- مراقبة الأطفال من بعيد خاصة عند احتكاكهم بالغرباء وعدم تركهم مع من هم أكبر منهم منفردين لفترة طويلة دون مراقبة..
- عند ملاحظة أي تصرف غريب من قبل أحد الغرباء لابد من الحزم وإبعاد الطفل عنه حتى لا يتمادى هذا الشخص في فعله..
- الحرص على الحشمة وتعويد الطفل والطفلة ارتداء الملابس المحتشمة خاصة خارج المنزل..
وماذا بعد حدوثه
علاج آثار التحرش
كثير من الفتيات تكمن معاناتها في كتمان ما حدث لهن حيث تكثر لديها الخيالات والتصورات بأنها مذنبة وشريكة في الجريمة بل وأن حياتها قد انتهت وضاعت ولا تستطيع استكمالها
وهنا تكمن المشكلة في كتمان الفتاة وعدم البوح بما حدث مما يشجع الفاعل على التمادي معها أو مع غيرها كما يضاعف من أثر المشكلة على نفسها
لذا فإن أول خطوات حل مواجهة أثر التحرش هو:
- تشجيع الفتاة على البوح بالمشكلة والحديث بصراحة مع الأم خاصة..
- عدم توجيه اللوم للفتاة بأي صورة من الصور حتى لا تخاف من الاسترسال في الحديث ، لأنها في داخلها تحمل الكثير من الألم على ما حدث لها..
- محاولة احتوائها وإشعارها بالأمان ، ومنحها المزيد من الاهتمام وطمأنتها بأنها ليست مذنبة ولن يكون لهذا أثر على حياتها المستقبلية..
- إذا أمكن اتخاذ إجراءات رادعة ضد هذا المتحرش فهذا سيكون أفضل لمنعه من تكرار الجريمة مع غيرها ، وعدم الخوف من الفضيحة فهي مفاهيم خاطئة يجب أن تنتهي..
- بل إن ردع مثل هذا المجرم ، سيساعد الفتاة على التعافي من أثر ما حدث لها ويشعرها بأنها استردت كرامتها..
- محاولة شغل الفتاة بأنشطة تجذبها وتشعرها بتحقيق ذاتها مثل ممارسة الهوايات والإقبال على حفظ القرآن الكريم وتعلم صحيح الدين ودفعها لمصادقة الفتيات الملتزمات ممن هم في مثل عمرها..
- إشعارها أنها قوية وتستطيع الآن مواجهة أي اعتداء يحدث لها ، وأنها قادرة على الحفاظ على نفسها حتى مع غياب الوالدين لأنها أحوج ما تكون للشعور بالثقة التي افتقدتها نتيجة ما تعرضت له..
- تقوية الوازع الديني لها وتشجيعها على الإقبال على القرآن والإكثار من الدعاء وأنها وهي في معية الله أقوى وأقدر في مواجهة الآخرين مما يشعرها بالسعادة والاطمئنان..
ولا شك أن الاحتواء الأسري ومنحها الحب والاهتمام هو أفضل علاج لهذه المشكلة مما يساعد الفتاة على استكمال حياتها دون خوف أو قلق من المستقبل
أ. شروق محمد