الواجبات المدرسية - صداع الأسرة المزمن
تبدأ الدراسة ويبدأ معها رفع حالة الاستعداد والتأهب داخل الأسر المصرية ، التي يتمركز اهتمام معظمها حول الدراسة ، ويتحدد مركز كل طفل لديها حسب مكانته المدرسية ، وللأسف لا تتعامل الأسر مع كل طفل على حدة ، ولا تراعي الفروق الفردية بين الأبناء ، وكذلك تفعل المدرسة ، وهو ما يوقع الكثير من الطلاب تحت ضغطوط من الأسرة ومن المدرسة .
والواجبات المنزلية عمل اعتاد عليه كل من الطالب والمدرس وولي الأمر، مارسه الأوائل من المدرسين وتناقلته أجيال المدرسين والطلبة جيلا بعد جيل ،واجتهد فيها من اجتهد ، وتباينت فيها الأحكام والآراء بين مؤيد ومعارض ، وإن كان هناك تأكيد متزايد من قبل التربويين عليها عربيا وعالميا ، فلا مفر من الواجبات المنزلية ، ولا بد للطالب من أنْ يَحْمِل كل أو بعض ما تعلمه في المدرسة إلى بيته ، وثمة أمور قد تحدث في البيت ،فإما أن يكون مع الواجب أو أن يكون ضده ، وفي الحالتين قد يتحمل مسؤولية أداء الواجب فرد أو أكثر من أفراد أسرة ذلك البيت بعيدا في كثير من الأحيان من مشاركة الطالب تحمُّل جزءا من تلك المسؤولية . ومع هذا وذاك فإنه ما زال على التربويين وأولياء الأمور صعوبة تصوِّر التدريس دون واجبات منزلية ، وأنَّ الواجب المنزلي يبقى مؤشرا لديمومة اثر التعلم ،وحلقة الوصل بين ما تعلمه الطالب بين جدران المدرسة وبين ما سيستخدمه من ذلك التعلم في حياته أو في البيت ، وأنها وسيلة لتنمية الخــبرات التعـليمية التعلمية الجـديدة.وفي المحصلة فلا استغناء عن الواجبات المنزلية في ظل كثير من المتغيرات ، أبرزها ضخامة المناهج ،وغزارة المحتوى في ظل التدفق الحر للمعارف والمعلومات ، وفي ظل التسارع في التكنولوجيا ،وعليه فلا بد من مِنْ توجيه الواجبات المنزلية إلى وجهتها الصحيحة ،وغايتها الرئيسة في جعل البيت امتدادا للمدرسة من جانب ،وتحميل الطلبة مسؤولية تعلمهم وتدريبهم على التعلم الذاتي من جانب آخر, وحتى تتحقق تلك الغاية فينبغي البعد عن الممارسات التالية عند تكليف الطلبة بالواجب المنزلي :
- المبالغة في تكليف الطلبة بالواجبات المنزلية للمادة الواحدة ، كأن يحل الطالب عشرة أسئلة على خوارزمية القسمة أو أنْ ينسخ الطالب فقرة ما خمس مرات أو أن يكتب الطفل العدد (9) ثلاثون مرة.
- تعدُّد الواجبات المنزلية وتنوّعها : قد يعود الطالب بسبعة أنواع من الواجبات المنزلية (وفقا لعدد حصص يوم ما) ولكل نوع العديد من الأسئلة والتدريبيان والأنشطة التي عليه إنجازها في زمن قصير.>>
- إتباع الروتين المتكرر في التعامل مع الواجب ، مما يشكل لدى الطلبة خبرات سيئة عن تعامل المعلم مع الواجبات ، فيقلل ذلك من اهتمامهم بها .
- تكثيف عدد الواجبات في أيام العطل والإجازات ، وإهمال متطلبات الواجبات الاجتماعية لأسرة الطالب في هذه الأزمنة.
- المطالبة بواجبات ذات قيمة معرفية أو مهارية ضعيفة.
- تعزيز النظرة السلبية للواجبات من خلال وسائل متعددة يتبعها المعلم، توحي للطالب أو ولي أمره أنَّ غاية الواجب المنزلي هي معاقبة الطالب.
- المطالبة بواجبات تفوق قدرة الطالب العقلية والجسمية والعصبية.
- عدم متابعة الواجبات المنزلية مما يزيد من الأخطاء ويثبتها، ويولِّد لدى الطالب اللامبالاة في المرات القادمة.
- السكوت على عدم وعي الأسرة بالواجبات المنزلية وتكفلهم بأداء الواجبات نيابة عن أبنائهم.
- التركيز على الكم دون النوع في تكليف الطلبة بالواجبات المنزلية: إن الإيمان بالكم على حساب الكيف من شأنه إحباط تحقيق الهدف من الواجب المنزلي من جانب ، وتعزيز كراهية المواد الدراسية ، وبالتالي كراهية المدرسة من جانب آخر.
- إهمال مبدأ العقاب والثواب في التعامل مع الواجبات المنزلية.
أما إذا أراد المعلم للواجبات المنزلية أن تحقق أهدافها ، فلا بد من توفر السمات أو الشروط التالية :
- تقنين كم (طول ، قصر ) ونوع (صعوبة ، سهولة ) الواجب المنزلي للمادة الواحدة.بحيث يكون قصيرا ومحدودا في الوقت الذي سيستغرقه ، بعيدا عن استنزاف وقت الطالب وذويه فلا وقت (في ظل تلك الوجبات الكثيرة ) للأكل أو الرفاهية أو التواصل الاجتماعي أو الاسترخاء.
- البعد عن العشوائية في تكليف الطلبة بالواجبات المنزلية ، والتأكد من أن القيمة المعرفية أو المهارية للواجب المنزلي هي بحجم ذلك الواجب أو تفوقه.
- تفريد الواجب المنزلي وفقا لمستويات المتعلمين كل حسب قدراته ، فإنَّ إهمال ذلك قد يؤثر على الصحة النفسية للطالب ،وقد تصبح الواجبات المنزلية دافعا للتسرب من المدرسة أو سببا في انخفاض دافعية الطالب.
- برمجة تكليف الطلبة بواجبات منزلية لمواد دراسية متعددة وتحقيق أعلى درجات التنسيق بين المعلمين ، والتوازن في الواجبات ، بحيث لا تتجمع الكثير من الواجبات المنزلية (لمواد متعددة) على الطالب في يوم واحد.
- توعية الطالب وولي أمره بأهمية الواجب المنزلي، وتغيير النظرة العامة السلبية للواجبات المنزلية ، وأنها ليست مجرد وسيلة للعقاب وطريقة لحبس الطالب في المنزل وإبعاده عن هواياته وأقرانه، إنما هي تحميل الطالب مسؤولية تعلمه وتطبيقه الخبرات الدراسية عمليا،وتعويده المطالعة خارج أسوار المدرسة أو جدران الغرفة الصفية.
- ابتعاد الواجب المنزلي عن الروتين والتكرار الممل للشكل والمضمون ،بحيث يكون مثيرا للتفكير، متجددا ،متضمنا الألعاب المسلية والألغاز والأنشطة التطبيقية .
- تعزيز قناعة الطالب وولي أمره بأن الواجبات المنزلية توفر فرص التعلم الذاتي ، وقدرة على إدارة الوقت ،وأداة لتطوير المعرفة وتثبيت الحقائق والمعلومات ، وتحسين العادات الدراسية في البيت والمدرسة ، وأن من شأنها أن تجعل الطالب أكثر تميزا.
- جعل الواجبات المنزلية وسيلة لتحسين التحصيل ، وفرص تتيح للمتفوقين مزيدا من التعلم والابتكار،وللضعاف وسيلة تقوية ومعالجة للأخطاء وتجديد الثقة بالنفس .
- تقديم نماذج صحيحة للتعامل مع الواجب المنزلي من خلال تدريبات صفية ومنزلية متكررة على طريقة التعامل مع الواجب المنزلي.
- المتابعة الدقيقة والتحفيز المادي والمعنوي وتدوين الملاحظات أو الإرشادات المفيدة ، وتثمين دور الطالب الذي أدّى جزءا من الواجب تشجيعا له في الواجبات المستقبلية.
- معالجة الميول السلبيىة للطالب تجاه المادة أو المعلم ،لأن من شأن ذلك تغيير نظرته إلى الواجب المنزلي لتك المادة أو المعلم ؛ فإنْ أحَبِّ الطالب المعلم أحَبِّ مادته وإنْ أحَبِّ مادته أقبل على حل واجباتها والعكس صحيح.
- تقديم التعليمات الكاملة الخاصة بالواجب المنزلي والتأكد من أن جميع الطلبة على فهم تام بما هو مطلوب منهم .
- النظر إلى الواجبات المنزلية على أنها أداة للكشف عن مواطن القوة والضعف في تعلم الطلبة .
- النظر إلى الواجبات المنزلية على أنها شكل من أشكال التناغم بين المدرسة والبيت ولا بأس في اطلاع الأسرة على غايات الواجبات المنزلية وطرق التعامل معها والأخذ بآرائهم حولها.
- احتفاظ الطالب بكراس خاص بتسجيل الواجبات المنزلية، ويخضع لمتابعة المعلم ومدير المدرسة والمشرف التربوي ، ويمثل دليلا لولي الأمر لمتابعة ما يعطى لولده من واجبات مختلفة
د. صلاح الدين السرسي