وقتي كايزني

كاتب المقال: Nada marwi
التاريخ: السبت, أغسطس 29, 2015 - 00:46

لاشك أن الوقت أغلى ثروة نملكه بين أيدينا 24 ساعة،فهو كنز ورأس مالنا الحقيقي، حيث لا يقدر بثمن ولا يباع ولا يشترى،وهو نعمة أنعمها الله عز وجل على سائر البشر بالتساوي، ولكن الشيء الذي نختلف فيه هو كيفية استغلاله؛

وقد روى البخاري في صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"..

وهذا الحديث من جوامع الكلمة حيث يرشدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن الفراغ مغنم ومكسب ولكن لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلا من عرف غايته في الوجود وأحسن التعامل معه وأستفاد منه. إن الحياة ما هي دقائق وثواني ، تأمل هذه المقولة للإمام مالك حيث يؤكد أهمية الوقت فيقول " لن يكون للإنسان شأن إلا بتنظيم الوقت .. ولن ينهض من كبوته.. إلا بمراعاة الوقت.. ولن ينعم بإنسانيته إلا بالتقييد الوقت... فالوقت هو الحياة".. إنهما وجهان لعملة واحده.. وللوقت خاصية أتعرف ما هو أنه إذا مضى لن يعود؟! نعم لن يعود؟! وهذا يدفعنا لاستغلال كل لحظه منه.. ومن أهم التحديات التي نعيشها اليوم في هذا العصر هي .. مشكلة قلة الوقت.. فالحياة قصيرة ومليئة بالواجبات، وهي من فرطت مسؤولياتها  أقرب إلى أن تكون مؤلمة وجميعنا نمر بالظروف الحياتية الصعبة بدرجات متفاوتة .. ربما تجاوزنها بنجاح وربما بقيت محفورة في أذهاننا .. إن الإنسان الناجح يسعى دوماً نحو التميز بمحاولته للتغلب على هذه الظروف القاسية وقهرها بصب كل ما يملك من قوة بإصرار وعزيمة منه حتى يتجاوز هذه الصعوبات.. ولنضرب المثل بسرد قصة " تأملوا معي لمدينة تعرضت لأسوأ كارثة شاهدتها البشرية عندما سقطت قنبلة" هيروشيما" الأمريكية عام 1945 م، وما خلفته من أثار مأساوية موجعه لا يمكن للتاريخ أن يمحها عبر العصور في الحرب العالمية الثانية. ولكن هل عرفتم كيف كان ردة فعل اليابانيين يا ترى؟؟ أنها جعلت هذا الحدث المؤلم نقطة انطلاقها، حيث نهضت من الحطيط  بتسخير جُل طاقاته وتحويل الهزيمة والحرب إلى السلام والتطوير والنمو والرقي ببلادهم للحاق بركب الدول العظمى، فأصبحت تحتل الآن ثاني اقتصاد عالمي. وكان من أبرز أسرار النجاح والتفوق لهذه الدولة القوية؛ أنها قامت على أسس ومبادئ أكدها الإسلام من قبل ؛وهو يعتبر أساس تفوقها بمحافظتها على الأخلاقيات، أيضاً مبدأ جعلتهم يتقدموا خلال ومضة زمنية قصيرة ألا وهو "إدارة الوقت" وأخيراً.. اتخذت إستراتيجية رائعة جعلته أكثر تميزاً عن غيرها من الدول وهو "مبدأ الكايزن"kaizen":وهي كلمة يابانية..

 تتكون من كلمتين:(كاي)""kai: وتعني التغيير.. و.. (زن) "zen": بمعنى الأفضل والأحسن... والمقصود بكلمة ( الكايزنkai zen"": التحسين المستمر..وهو بمعنى التغيير والتجديد للأفضل..

فهي عندما تطورت بادرت بالتغيير والتجديد البسيط والتدريجي المستمر بملازمتها لمبادئ الإسلام؛ بأنها اتخذت (الكايزن) مبدأ في التخطيط متداركة في ذلك الوقت وما يتبعها من تنظيم في كل مجال من مجالات حياتهم .. وعندما سلكوا الطريق الصحيح رفعهم الله وجعل لهم مكانه.. كما قال تعالى:( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) سورة محمد:38*. فهذا مثال: بسيط لدولة نهضت من لاشيء. تخيلوا معي" ماذا لو استرجعنا هذه المبادئ الإسلامية التي تخلينا عنه و(نحن أولى) بها من الشعوب والدول الأخرى، ونحن منعَمين بنعم كثيرة أولهاً:( الإيمان ) وثانياً: (الأمن والأمان)، ولكن لم نستغلها بالطريقة الصحيحة، ومع هذا فنحن قادرين وبإمكاننا أن نتطور ونتقدم بنهوض أمتنا وإرجاع مجدنا؛ فتصبح في مصاف الدول العظمى الأقوى والمنبع الحضاري و العملة النادرة التي لا مثيل لها.. هل تخيلتما؟؟؟.. فهيا لنتقدم مره أخرى.. بتطبيق هذه التجربة اليابانية ولنستفيد منهم.. بإتحاد الشعوب الإسلامية سوياً " فكرياً ومعنوياً ومادياً واقتصادياً".. والبدء بتنفيذ مبدأ(الكيزنة)بخطوات صغيرة وبسيطة بالتغيير المستمر نحو الأفضل والأحسن متداركة في ذلك الوقت؛ لأن الوقت المنظم هو احد الأهداف الأساسية للنجاح والتطور.. فالتخطيط يؤدي إلى النجاح وهو بذلك يؤدي إلى الحضارة الفعلية والتقدم التقني والازدهار.." وإن ساعة من التخطيط توفر عليك 3 ساعات من العمل"

 يقول المتنبي: متى يبلغ البنيان يوماً تمامه     إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

* حيث تشير الإحصائيات إلى أنَ نسبة من يقومون بتغيير أوضاعهم وسلوكهم للأفضل هم 3% من 97%..

يقول فرويد" ولدوا هكذا وعاشوا كهذا وسيموتون هكذا".فجميعنا نريد التغيير للأفضل والدليل وجودك معنا وأنت تقرأ هذه الكلمات التي لا غنى عن أهميتها، فهذا يدل على رغبتك في التغيير نحو مستقبل مشرق، تمعن هذه الكلمات وأنت تقرئها .. لماذا لا نبقى  كما نحن؟ لماذا محاولة تغيير أنفسنا؟.. ما جدواه؟؟ لأن تطوير أنفسنا بمثابة نهر جاري إذا توقف عن الجريان كثرت الأوبئة فيه، وتحسين الذات يجعلنا فعَالين أمام أنفسنا والآخرين، ويعرفنا على مصادر قوتنا ومكامن ضعفنا ، فهو يصنع ثقتنا ويجعلنا قادرين على تحمل المسؤوليات مهما كبرت ويمكـننا من حل المشكلات بعقلية متزنة، وتحسين ذاتنا يصنع لنا وزناً اجتماعياً ثابتاً..وبذلك سيساهم في تطوير ونهضة بلادنا. ويبدأ التغيير الذي يدوم طويلاً من "أعماق الذات"بمجرد أن نركز على التحلي لأهم النقاط التي سأذكرها لاحقاً.. ستجد حينها أن الكيفية التي نحقق بها أهدافنا قد صارت أسهل كثيراً.يقول أحدهم" عندما تقوى أنفسنا من الداخل إلى الخارج سنرى الأمر كما لو كنا نضئ مصابيح ذاتنا الداخلية وكلما أشرقت هذه المصابيح بضياء أكثر، وجدنا أنفسنا وقد بدأت في اجتذاب الفرص التي تعيننا على تحقيق أهدافنا الخارجية".. وكل نجاح وتطور منبعه من" الذات". حيث قال تعالى:( هل يستوي الأعمى والبصير،أم هل تستوي الظلمات والنور). يقول الأديب الرافعي"إن المصباح ليس له أن يقول إن الطريق مظلم لكنه يقول؟ها أنـذا مضيء".  فلنركز انتباهنا على أهم النقاط التي تساعدنا على( تطوير ذواتنا) إليك:

·        التحلي بالشجاعة والصبر والأخلاق الرفيعة والابتسامة الدائمة والحوار الهادئ الهادف.

·        نظم وقتك و رتب أولوياتك الأهم قبل المهم، بأن تجعل لك جدولاً يومياً و اسبوعياً حتى خلال الإجازات.

·        قم بتحفيز ذاتك وأنجز أعمالك بطريقة ممتعة مختلفة بانفتاحك على الأفكار الجديدة والنقد البناء .

·        أسعى  وراء النجاح والهدف وتعلم من أخطاء الماضي وتطلع إلى المستقبل المشرق .

·        أحبب ذاتك ولا تقرن نفسك بالآخرين مقارنة سلبية فأنت فريد من نوعك. 

.        حدد أهدافك وابدأ بتنفيذها.. وإذا أعترض طريقك العقبات ولم تستطع إكمال المشوار لا تيأس قف قليلاً مع نفسك نظم أمورك وعد من جديد، ولا تجعل الشعور بالفشل يطاردك وينتصر عليك.. بل قاومه بثقتك بقدراتك.

·        امسح كلمة لا أقدر وامحها من عالمك فقد أودع الله فينا قدرات اكتشفه وقم بتنميتها للوصول إلى غايتك وأقحم نفسك في عدة مجالات حتى تكتشف مواهبك وأكثر من القراءة فهي توسع من آفاقك ومداركك،وجالس العلماء والناجحين وذوي الطموح و احتفظ بسجل إنجازاتك من خلال كتابة ماحققته.

 وأخيراً أختتم قولي بأن هذه الأمور إنشاء الله سوف تساعدك على تطوير ذاتك بالتطبيق ( الفعلي)... وليكن هدفك بعد القراءة أن تبدأ بإعداد خطة مبسطة تحتوي على أهم أهداف العمر.. و ما هي المكانة التي تود الوصول إليها؟ وما هو المكان الذي ستصب فيه جهودك؟ وما الأثر الذي تود تركه وراءك؟ أكتب كل تغيير تود أن تحدثه في حياتك... فهيَا... ابدأ... ماذا تنتظر؟! ولا تنسى مكافآت ذاتك .. بعد إنجاز كل مهمة في حياتك.." إذا لم تزد على الدنيا ..فأنت زائد عليها" أحلم فأحلام اليوم ... حقائق الغد..

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.