الطفل الكفيف : شخصيته وأساليب معاملته ( 2 )

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الجمعة, يوليو 3, 2015 - 17:29

فى الجزء الأول من هذه المقالة تحدثنا عن خصائص الطفل الكفيف النفسية ,خصائصه المعرفية وخصائصه الانفعالية . ثم حددنا متطلبات هذا الطفل والأساليب التربوية الصحيحة التى تؤدى إلى شخصية ناضجة منتجة قادرة على المشاركة ، تضيف لناتج المجتمع وتزيد من ثرائه . ونستكمل فى الجزء الثانى الذى بين أيدينا باقى الاحتياجات وأساليب التعامل معها الخاصة بابننا المعوق بصريا .
سيحتاج طفلك الى تعلم القفز والجري . ابدء معه في التدريب علي مجموعه مترابطه من الحركات داخل المنزل ثم قم بتشجيعه علي ممارستها خارج المنزل .
ويحتاج كل الاطفال الصغار الي تدريب بسيط في تناول طعامهم , اما طفلك فسيحتاج الكثير منه , وعند البدء في تعليمه كيفيه استعمال الفنجان او الكوب او الملعقه , ضعي يده عليها وساعديه علي حملها في فمه . كرر ذلك كثيرا حتي يصبح هذا العمل تلقائيا . قدم الطعام للطفل في وعاء له حواف او في ( سلطانيه ) حتي يتجنب سكبه , واحذر من توبيخه اذا سكب الطعام او بعضه .
درب طفلك من وقت مبكر علي ارتدائه لملابسه , ابدأ معه بأسهل خطوه , وهو رفع جوربه وعن طريق حاسه اللمس وتوجيه يديه ومصاحبه ذلك بوصف بسيط لطريقه ارتداء الملابس يقال له مثلا " هكذا يلبس القميص , هذا هو ذيل القميص , يوضع هكذا فوق رأسك ثم يترلق هكذا " .
اغرس في نفسيه الطفل الرغبه في مساعده نفسه عن طريق تعريفه بأنه يسعدك اذا فعل ذلك , فالقيمه الانفعاليه للشعور بان الفرد يسهم في عمل ما , ذات قيمه كبيره لاولئك الذين يعتمدون علي غيرهم في نواح متعدده .
كما ان هناك فائده عمليه بجانب عمليه الاداء نفسها وهي التحكم في العمليات المعقده مثل غلق وفتح الازرار , حيث تساعد علي تنميه عضلات الاصابع الدقيقه التي سيكون في حاجه لها مستقبلا في القراءه بطريقه برايل وفي استعمال الآله الكاتبه .
ويلعب الصوت دورا حيويا بالنسبه للاطفال المكفوفين , فهو وسيلتهم الوحيده للاتصال , فهم لا يستطيعون الاستجابه لتعبيرات الوجه او حركات اليد من بعد . من هنا تأتي اهميه ان تكون نغمه صوتك مرحه ومعبره عما ترغب في الافصاح عنه . ومن المهم ان تقدم للطفل بعض الاغنيات والاصوات الجميله للمقرئين للقرآن الكريم . واذا مارست الغناء فلن يشعر بالسرور فحسب بل سيشعر ايضا بأنه قادر علي ان يسهم بشيء يتعاون فيه مع والدته ووالده . ومن اسباب تفضيل الموسيقي ان النغم يؤكد التناسق ويشعره بالامن تبعا لذلك وما يترتب علي ذلك من توكيد الذات .
تحدث مع طفلك منذ وقت مبكر فطفلك يعتمد كثيرا علي الكلمات لانها احدي الوسائل الهامه لتعلم ما لا يراه . علمه كيف يتوجه الي المصدر الذي يأتي من الاصوات التي يسمعها . وكن عينيه عن طريق وصفك لاشياء يفهمها ويلمسها ويحسها ويشمها ويسمعها علمه كيفية تركيب الالفاظ والاشياء لكي يحصل علي ما نحصل عليه نحن بالبصر . وبقدر استطاعتك علي توضيح هذه الارتباطات سوف تتسع مدارك الطفل ويكون اكثر تحررا من القلق .
لا تضجر او تتهرب من الاجابه علي اسئلته لانه يجب ان يسأل لكي يتعلم اكثر مما يصنع الطفل المبصر . فاذا اردت ان يفعل شيئا او اذا ارسلته لاحضار شيء , وضح له ذلك بطريقه مبسطه وبالتفصيل بقدر المستطاع :" روح دلوقتي يا حبيبي واغسل ايديك وافتكر ان فوطتك متعلقه علي يمين الحوض " او " يا تري تقدر تجيب لي الشنطه بتاعتي اللي محطوطه علي الترابيزه الصغيره اللي بعد الكنبه الكبيره " وهكذا .
اقرأ له كي تنمي قدرته اللغويه وتوسع افقه , وتفضل الكتب الواقعيه التي تمده بمعلومات عن طبيعه الاشياء . يسر له فرصه الاستماع الي بعض التسجيلات الغنائيه المناسبه لصغار الاطفال , ويسر له فرصه الاستماع الي الراديو دون افراط . اصطحبه الي مختلف الاماكن واجعل هذا التنقل جزءا من تربيته , واشرح له اولا ما يتوقع ان يجده , ويسر له فرصه اكتساب خبراته عن طريق العمل , فقد يمكنك ان توجه يده الي زر جرس الباب عند زيارتك لاحد الاقارب او عند قدومك لمنزلك .
ومحل الفاكهه مكان اخر يمكنك استغلاله في التعلم . اطلب منه ان ينتقي البرتقال او الخوخ وعندئذ سيتعرف علي شكلها ورائحتها ويحس بها .
اصطحبه في زياراتك العائليه واستثير لديه التوقعات الطيبه كأن تقول مثلا " جدتك حتفرح قوي لما تشوفك وانت لابس بنطلونك البني الجديد " .
تأكد من ان طفلك يلعب مع غيره من الاطفال . وادع الي منزلك اطفالا وافهمهم ما تراه ضروريا عن عاهته حتي يختاروا الالعاب المناسبه لها وحبذا لو اشركت امهاتهم معك في توضيح ذلك للاطفال .
وليس من شك في انك اذا اتحت لطفلك الاختيار في اموره البسيطه مثل نوع الطعام الذي يفضله في الافطار او ما يرتديه من ملابس فسيكون ذلك بالنسبة له ليس مدعاه لسروره فحسب بل سيساعده في حياته . ويجب انا يكون التدريب بالنسبه للطفل الكفيف مثل التدريب بالنسبه للطفل العادي فالجميع يكون في حاجه لاكتساب عادات الاخراج والأكل والنوم مع العلم بأن هذه العادات تكتسب لدي الطفل الكفيف في وقت متأخر قليلا عن الطفل العادي .
وقد يمارس الطفل الكفيف بعض " اللزمات " كأن يلوح بأصابعه امامه او يضعها في عينه او اذنيه او يحك عينه او يهز جسمه او قد يغطي عينيه بيديه . ويتم معالجه ذلك عن طريق شغل الطفل بأمور متعدده تتطلب استخدام اليدين في اللعب او في أداء بعض الاعمال .
وعموما اذا عملت علي ان يكون طفلك واثقا من نفسه واعطيته الامن والثقه بالنفس , وامددته بكل انواع الخبرات الممكنه التي لا يعتمد فيها علي البصر فسيكون حسن التكيف وطبيعيا في كل ناحيه عدا القدره علي النظر .

 

 

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.