دافعية النوم ودافعية اليقظة (2)

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 11:02

إن ظاهرة النوم عملية حيوية سلوكية لا يرجع سببها كما يعتقد البعض إلى حصول تعب في الجهاز العصبي فالخلايا العصبية في واقع الأمر نشطة لا تعرف الملل والتعب بعكس خلايا الأجهزة الأخرى التي تكون عرضة للتعب والإجهاد ، فخلايا النسيج العضلي مثلا تحرق طاقتها بعد قيامها بجهد شاق ، ولذا فإنها تحتاج لفترة من الراحة حتى تستعيد نشاطها وقوتها . ويلاحظ أن بداية النعاس يتبعه ضعف في نشاط العضلات عموما، ولهذا يحصل مثلا ترنح أثناء النعاس نتيجة الجهد الذي قامت به عضلة الرقبة طيلة فترة اليقظة من قيامها بحمل الرأس ، وهذا الترنح ماهو إلا تعبيرا عن رغبتها في الراحة .
أما الخلايا العصبية فهي في عمل متواصل سواء في فترة النوم أو فترة اليقظة عمل لا يكل ولا يهدأ لأنها تستمد طاقتها الأيضية الإضافية من الخلايا الغرائية . 

النظريات الفسيولوجية للنوم:
هناك العديد من النظريات التي تفسر ظاهرة النوم، لكننا سنذكر أبرز تلك النظريات والمسماة بالنظرية الكيميائية والنظرية العصبية. 

1- النظرية الكيمائية :
تشير هذه النظرية القديمة إلى أن النوم يرجع أساسا لزيادة نسبة تراكيز مواد كيمائية في الدم دون أن يكون للجهاز العصبي دور في ذلك . فلقد لاحظت أبحاث تلك النظرية أن الجسم في حالة اليقظة ينتج مادة كيمائية تفرز إلى الدم تسمى بالمادة المحثة على النوم Sleep - Promoting Substance، ومادة أخرى أثناء النوم تسمى بالمادة المحثة على اليقظة Wakefulness - Promoting Substance. ولاحظت تلك الأبحاث أنه كلما زادت مدة اليقظة لدى الفرد كلما زادت نسبة تلك المواد التي تحثة على النوم فيشعر بالنعاس ، وفي المقابل كلما زادت مدة النوم كلما زادت نسبة المواد الت تحثه على اليقظة فتؤدي به إلى الاستيقاظ .
على الرغم من أن هذه النظرية لفتت انتباه الباحثين حقبة من الزمن إلا أن العلماء تخلوا عنها مؤخرا لظهور نظريات عصبية أكثر مصداقية . 

2- النظرية العصبية :
تنتقد النظرية العصبية النظرية الكيميائية ادعائها القائل بأن المتحكم في النوم ماهي إلا مواد كيمائية موجودة في الدم ليس للجهاز العصبي دور في ذلك . وتستدل النظرية العصبية على بطلان النظرية الكيمائية بعدد هائل من الدراسات التي أثبتت دور الدماغ في عملية النوم منها ما سبق وأشرنا إليه من حصول نشاط كهربائي في الدماغ أثناء فترة النوم ، فلو كان النوم ماهو إلا عبارة عن إفراز لمواد كيميائية في الدم دون تدخل الدماغ لظل الدماغ في استقرار كهربائي أثناء فترة النوم وفترة اليقظة . بل إن النظرية العصبية وصلت لأبعد من هذا عندما قامت بتحديد المناطق المشرفة على عملية النوم في الدماغ بشكل دقيق. 

المراكز الدماغية المسؤولة عن النوم :
• المناطق الدماغية :
لقد لوحظ أن المراكز العصبية التي تنشط أثناء فترة النوم خصوصا الفترة الثالثة والرابعة من النوم (ذات الموجات القصيرة) يصحبها نشاط في قاعدة المخ الأمامي Basal Forebrain (منطقة قريبة من الوطاء) هذه المنطقة لها دور في عملية النوم حيث تنشط أثناء فترة النوم . كما لوحظ أن قاعدة المخ الأمامي لها دور آخر يتفق مع دورها في النوم وهو قدرتها على تنظيم درجة حرارة الجسم . ولهذا فإنه يحصل أثناء فترة النوم الثالثة والرابعة انخفاض في درجة حرارة الجسم.
ومن المناطق الدماغية الأخرى التي تنشط أثناء فترة النوم منطقة القنطرة فلقد لوحظ أنها تنشط أثناء فترة النوم العميق المسماة بحركة العين السريعة REM حيث يحصل نشاط متميز في منطقة القنطرة مما يدل على دور القنطرة في النوم العميق ودورها من جانب آخر في تحريك عضلة العين أثناء النوم. 

• دور الناقلات العصبية :
أما عن دور الناقلات العصبية فلقد وجدوا أن الناقل العصبي الاستايل كولين يتمركز في منطقتين مسؤولتين عن النوم وهما كما أسلفنا قاعدة المخ الأمامي والقنطرة . 
ولا يزال الباحثون يواصلون أبحاثهم للتعرف على المناطق المسؤولة ووضع نظرية فسيولوجية متكاملة عن النوم. 

المرجع/ أساسيات علم النفس العصبي للدكتور خالد الخميس

 

 

 

 

سماح طلال عبدالمولى

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.