دافعية النوم ودافعية اليقظة (1)

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 11:01

تمثل عمليتي النوم واليقظة أمرا ضروريا لبقاء الإنسان والحيوان فلا يمكن أن تستقيم الحياة ما لم يتخللها فترات من النوم والراحة.  إن القول بأن عملية التغلب على الشعور بالتعب التي تنتاب الحيوان بين فترة وأخرى لا يمكن أن تتحقق مالم يخلد للنوم والراحة من الأمور المسلم بها والتي لا تحتاج إلى برهان.

 

لكن هناك قضايا غامضة تتعلق بالنوم فمثلا إذا كنا ندرك أن النوم ينتج عن "التعب" فمن الذي يتعب؟ هل هي الخلايا العصبية أم أجهزه أخرى ؟
هل الخلايا العصبية تتوقف عن العمل أثناء النوم؟
متى ترتاح الخلايا العصبية؟
ماهي المراكز الدماغية المسؤولة عن النوم واليقظة؟

قبل أن نتطرق إلى النظريات الفسيولوجية الخاصة بالنوم ، نشير بالتفصيل إلى كل من مراحل النوم واليقظة والخصائص الفسيولوجية لكل مرحلة .

أولا : النشاطات الكهربائية خلال فترة النوم وفترة اليقظة.
لقد لوحظ باستخدام جهاز تخطيط المخ (EEG) من أن هناك نشاطا كهربائيا في المخ يمكن تسجيله من خلال توصيلات تثبت على فروة الرأس. وهذا النشاط الكهربائي يتغير تموجه بتغير الحالة السلوكية . ففي حالة الاسترخاء يصدر المخطط موجات معينة ويتغير شكل المخطط عند القيام بجهد عضلي أن نشاط عقلي . كذلك يسجل المخطط تموجات خاصة أثناء فترة النوم والتي تتغير بحسب مرحلة النوم التي يمر فيها النائم.

1- مراحل النشاط الكهربائي أثناء فترة اليقظة:

مرحلة موجات ألفا : عبارة عن موجات متوسطة التردد تتراوح بين 8 إلى 12 هرتز . هذه الموجات تحصل أثناء فترة اليقظة وفي حال كون الجسم مسترخيا لا يقوم خلالها بنشاط عقلي أو بدني . وتصل موجات ألفا إلى أدنى تردد لها عند المبالغة في الاسترخاء كأن تكون العينان مغمضة .

مرحلة موجات بيتا : عبارة عن موجات عالية التردد إلا أنها غير منتظمة فهي تتراوح بين 13 وحتى تصل إلى 30 هرتز . وتصل موجات بيتا إلى ذروتها في حالة كون الجسم مثارا بشكل عالي ، كأن يقوم الفرد بنشاط ذهني معقد مثل أن يقوم بعمليات حسابية .

وخلال فترة اليقظة تتقلب التسجيلات الكهربائية بين موجات ألفا المتوسطة التردد أثناء فترات الاسترخاء وبين موجات بيتا العالية التردد أثناء القيام بنشاط ذهني أو حركي ، ويحصل في كثير من الأحيان أن تتداخل تلك الموجات مع بعضها لتصدر موجات غير منتظمة .

2- مراحل النشاط الكهربائي أثناء فترة النوم :

• المرحلة الأولى من النوم stage 1 sleep :
المرحلة الأولى من النوم هي المرحلة التي ينتقل منها الجسم من حالة اليقظة إلى حالة النوم ويكون الجسم مسترخيا أكثر مما عليه الحال في فترة موجات ألفا ، ويسجل النشاط الكهربائي في فترة النوم الأولى موجات أقصر ترددا من موجات ألفا تقدر بين 3,5 إلى 7 هرتز ، وتسمى تلك الموجات بموجات ثيتا Theta

• المرحلة الثانية من النوم stage 2 sleep :
تحدث المرحلة الثانية من النوم بعد قرابة 10 دقائق من المرحلة الأولى من النوم ، والموجات الكهربائية في هذه المرحلة موجات ثيتا Theta كما هو عليه الحال في المرحلة الأولى.
تختلف هذه الموجات عن المرحلة الأولى بوجود نوعين من الموجات الغير منتظمة التي تظهر بين وقت وآخر:
الموجات الأولى موجات قصيرة جدا تسمى غزل النوم sleep spindle وهذه الموجات لا تصدر فقط في فترة النوم الثانية وإنما يستمر ظهورها خلال فترات النوم اللاحقة حيث تظهر بعد كل خمس دقائق تقريباً. وتعبر هذه الفترة عن انخفاض في الاستجابات الحسية التي تجعل الفرد ينام ولهذا فإن هذه الموجات تقل عند اللذين لديهم أرق أو الكبار في السن .
الموجات الثانية تسمى بمركب كي K Complex. وهذه الموجات على عكس من موجات المغزل فهي من جهة لا تظهر إلا في فترة النوم الثانية فقط ، ومن جهة أخرى شكلها طويل تعبر عن وجود اثارات أثناء فترة النوم ولهذا فإنها تكثر عندما تزداد نسبة الضوضاء.

• المرحلة الثالثة من النوم stage 3 sleep :
المرحلة الثالثة من النوم هي المرحلة التي يظهر فيها انخفاض في تردد التسجيل الكهربائي للدماغ ،ليصل إلى أقل من 3,5هرتز ، وتسمى بموجات دلتا Delta وتظهر هذه الموجات بشكل متقطع .

• المرحلة الرابعة من النوم stage 4 sleep :
المرحلة الرابعة من النوم هي مرحلة مشابهة للمرحلة الرابعة إلا أن تكرار ظهور موجات دلتا يكون أكثر مما عليه الحال في المرحلة الثالثة .

يلاحظ في المراحل الأربعة السابقة أن عملية تناقص التسجيل الكهربائي للدماغ تتم بصورة متدرجة من خلال التدرج في تسجيل تناقض متدرج للموجات القصيرة .
والأمر المميز لتلك الفترات خصوصا المرحلة الثالثة والرابعة أن الفرد يكون فاقد الوعي حتى لو استيقظ فإنه لا يعي كم من الوقت استغرق في النوم.

• المرحلة الخامسة من النوم stage 5 sleep (مرحلة الرم):
المرحلة الخامسة من النوم تسمى بمرحلة تسارع حركة العين (REM) Rapid Eye Movement أو الرم وهي فترة يكون النوم عميقا وتظهر بعد حوالي 90 دقيقة من النوم . وخلال هذه الفترة تظهر تغيرات فسيولوجية متميزه ومن تلك التغيرات مايلي:


 يزداد النشاط الكهربائي عن ماكان عليه في المرحلة السابقة (المرحلة الرابعة من النوم) وتعود موجات ثيتا إلى الظهور والمكونة في الفترة الأولى والثانية من النوم . وهذا ماجعل من تلك الفترة أمراً غريبا فسميت بمرحلة النوم المتناقض Paradoxical Sleep.
 يحصل استرخاء كبير في العضلات يصل إلى حد أن لا تسجل عضلات الجسم أي نشاط وتصبح وكأنها مشلولة .
 يتخلل هذه المرحلة حدوث نوم عميق يصحب برؤية الأحلام ولهذا فإن النائم عندما يوقظ خلال هذه الفترة فإنه يشعر أن نام بالفعل ويتذكر مارأى في حلمه بعكس الحلال عليه في المراحل السابقة .
 مرحلة تسارع العين بالرغم من أنها مرحلة من مراحل النوم فإن النائم خلال تلك المرحلة لا يعتبر فاقد الوعي لتمكنه من الحلم ومتابعة الأحداث التي تتم أثناء الحلم .
 أحيانا يصاحب حصول هذا الاسترخاء انتصاب عند الذكر وسيلان في مهبل الأنثى ، ولهذا فإن عملية الاحتلام إذا حصلت فإنها تحصل في هذه الفترة . وعليه فإن هذه الفترة تساعد في معرفة سبب العجز الجنسي عند الذكور فيما إذا كان يرجع لأسباب نفسية أو لأسباب عضوية .
 يحصل نشاط غير عادي في عضلة العين حيث تتحرك إلى اليمين وإلى الشمال والعين مغمضة . ويمكن الاستدلال على تلك التحركات من خلال ما يحصل من بروز لحدقة العين أو وضع أقطاب كهربائية عند الجفن لتسجيل النشاط العضلي للعين . هذه الحركات تؤكد عملية استغراق النائم في الأحلام وكأنه بهذه الحركات يتابع رؤية الخيال البصري أثناء الحلم .
 أثبتت التجارب حصول نشاط كهربائي في منطقة القنطرة ، وهو ما يدل على دور القنطرة في النوم والأحلام ، كما سيأتي بيانه.

الخلاصة :

مراحل النوم التي ينتقل بها الفرد تتم بشكل دوري فبعد انقضاء مرحلة تسارع حركة العين يعود الفرد إلى مرحلة الموجات القصيرة أي المرحلة الثالثة والرابعة ثم يعود إلى مرحلة تسارع حركة العين مرة أخرى وهكذا تستمر دورة النوم بين تلك المراحل إلى أن يستيقظ النائم . فإذا كانت فترة النوم 8 ساعات فإنه يتخللها قرابة خمس فترات تسارع حركة العين

يجدر بالذكر التأكيد على حقيقتين هامتين:
الحقيقة الأولى :

أن فترة النوم التي يسجل فيها المخ نشاط كهربائي منخفض وهي فترة النوم المسماة بالموجات القصيرة يحصل فيها انخفاض في النشاط الكهربائي للمخ خصوصا في الفص الأمامي والفص الجداري والجهاز الحوافي والتكوين الشبكي والعقدة القاعدية .
إن الانخفاض يؤدي إلى غياب وعي الفرد النائم بحيث لا يشعر بشيء ولا يفكر في شيء بل إنه يفقد حتى الاحساس بمرور الزمو ، ولذا فإن العلماء يعتبرون فترة الموجات القصيرة من النوم فترة يغيب فيها الوعي .
وبالرغم من انخفاض النشاط الدماغي في فترة الموجات القصيرة إلا أن هناك مناطق دماغية نشطة مثل القشرة السمعية والقشرة الحسية وهذا الأمر يفسر كيف وأن الشخص النائم يمكن أن يستجيب وربما يستيقظ للأصوات المرتفعة أو المثيرات الحسية إذا ما أصدرت أثناء تلك الفترة .

الحقيقة الثانية :
أن النائم في مرحلة تسارع حركة العين يعتبر في مرحلة معاكسة إلى حد ما لمرحلة النوم ذي الموجات القصيرة إذ يسجل النشاط الكهربائي للدماغ في مرحلة تسارع حركة العين ارتفاعا عن المرحلة السابقة ولا يعتبر الشخص النائم في تلك الفترة فاقدا لوعيه وذلك لأنه يقوم بنشاطات عقلية مثل ما يتعرض له من أحلام 

-------------------------

المرجع: أساسيات علم النفس العصبي للدكتور خالد الخميس

 
 
 
سماح طلال عبدالمولى
سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.