لا تكن صديقي..الواقع يتحدث..

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 08:22

"صاحت قائلة : أفكارٌ قديمة.. عاداتٌ بالية.. معتقدات مهترئة.. لا مكان لها تحت الآن تحت ضوء الشمس..
كل شيء في تغير وتسارع وتطور.. وأنتم لا تزالون تتنادون بالتفرقة بين الرجل والمرأة ، تنادون بعدم جواز الاختلاط بينهما ، تنادون بأنه لا توجد صداقة بين شاب وفتاة .. أنا لا ينقصني شيء لأكون له نداً وصديقة.. ولا يعيبه أن يكون صديقاً ورفيقاً لحياتي.. اطرحوا عنكم أغلال معتقدات الماضي السحيق.."
نداء قد تنادت به الكثيرات ويردده الكثيرون ، ظناً منهم أنهم بهذا يخلعون عن أنفسهم أثواب الجهل والتخلف ..ويرتدون أزياء التحضر والرقي الفكري العصري..
بل إن الكثيرين ممن يدعون الالتزام والمحافظة قد يجدون أنفسهم في هذا الشرك حين تستبد بهم الأهواء فيتطلعون لصداقة صديق أو مصاحبة زميلة..ويجدون العلل حاضرة..تبوح بها مكنونات أنفسهم: 
- وما المانع من قيام صداقة من هذا النوع ما دامت في حدود الأدب والالتزام والأخلاق..؟!
- بل إن هذا النوع من الصداقة أقوى وأبقى وأقدرعلى الاستمرار..
- هذه الصداقة لا تشوبها الغيرة والحقد والتنافس الذي يكون بين أفراد الجنس الواحد سواء كانوا من الفتيات أو الفتيان..
- هذه الصداقة تزيل الكبت وتحل العقد النفسية ، وتزيد خبرة كل طرف بعالم الجنس الآخر.. ..
وهكذا وتتعدد الحجج والعلل التي يسوقها المرء لنفسه مما يشاع في الأوساط الفكرية ، وعلى ألسنة الأبطال في المسلسلات والأفلام والمواد الدرامية المختلفة..
والنتيجة هي مزيد من السقوط والتدهور والتحلل لقيمنا الأخلاقية بين الشباب والفتيات في مختلف الأعمار..
والسؤال هو هل توجد صداقة بريئة بين رجل وامرأة؟؟
حتى نجيب على هذا السؤال لابد أن نعود إلى معنى الصداقة الحقيقي:
فالصداقة علاقة تنشأ بين طرفين جمعهما التوافق والتآلف والاشتراك في الكثير من الصفات والأهداف والأفكار والمواقف الطيبة ، وهي بهذا المعنى تستدعي المكاشفة والمصارحة والوضوح والمساندة في العديد من المواقف..
وهذا المعنى يقودنا إلى إعادة السؤال هل الصداقة بهذا المعنى بين الشاب والفتاة ، يمكن أن تقوم دون أن يحدث بينهما النظرة الحرام ، والكلمة الحرام ، واللمسة الحرام ، والخلوة المحرمة..مع الأخذ في الاعتبار أن هناك ميل فطري طبيعي خلقه الله تعالى بين الرجل والمرأة..يجعل الانجذاب بينهما أمر طبيعي وفطري ، قد لا يمكن التحكم فيه في ظل التقارب والتآلف الذي توجده الصداقة..
ولكن الكثيرين يؤكدون على إمكانية قيام مثل هذه الصداقة البريئة..عندما يكون الطرفان على وعيٍ بالحدود والآداب والقيم الضابطة..ونقول إن من يحكم ببرائة هذه العلاقة لا ينظر إلا لمقدماتها التي يمكن أن تكون بريئة نقية لا تخرج عن الآداب العامة ..ولكن سرعان ما تتطور مثل هذه العلاقات لتنزلق بأصحابها وينزلق بها أصحابها ، لتتحول إلى قصص عاطفية مشبوبة بكل مراحلها وتداعياتها.. 
فهذا الميل الفطري الطبيعي بين الشاب والفتاة مدفوعاً بمناخ التقارب والألفة الذي توجده الصداقة سرعان ما سيستدعي ترجمة فورية إلى نظرة تعبر عن الارتياح ، وكلمة تبث الأشواق ، ولمسة تؤكد الألفة والمحبة و..و..
وحتى نكون أكثر واقعية نعود إلى المصطلح الذي ابتدعه (أصحاب الفكر الغربي المتحضر) والذي بحلو للبعض أن يضرب المثل بصداقاتهم البريئة ورقيهم الفكري للنظر في العلاقات بين الرجل والمرأة..ففي بلاد أوروبا وأمريكا ..كلمة صديقة تعني Girl friend وكلمة صديق تعني Boy friend ومحتوى هذا الاسم يعني العلاقة الجسدية الكاملة بين الطرفين ؛ بحيث لا يوجد علاقة صداقة من هذا النوع إلا وتتضمن المعاشرة الكاملة بين الطرفين ، وهو ما لايمثل أي نوع من الانحراف أو الخروج عن القيم المجتمعية السائدة هناك..بل إنه التطور الطبيعي لعلاقة الصداقة الموهومة بين الرجل والمرأة التي يريد البعض الترويج بشرفها وبرائتها ، وهي أبعد ما تكون عن الشرف والبراءة..ولكن النتيجة الحتمية لسيادة مثل هذه المفاهيم..هي مزيد من حالات السقوط والزنى والزواج العرفي وأبناء السفاح..
ولكنهم في المقابل يؤكدون أن كل ممنوع مرغوب ، وأن مثل هذه الممنوعات تولد الكبت والعقد النفسية..ونقول وهل استطاعت المجتمعات الغربية تجاوز كافة مشكلاتها النفسية والاجتماعية بإباحة الاختلاط والمخالطة بين الجنسين أم أن هذا الاختلاط غير المحدود هو الذي زاد سعار الشهوات وأجج نيران الانحرافات ، وزاد من عدد الأبناء غير الشرعيين زيادة طغت على نصف عدد السكان الأصليين في بعض الأحيان..والاحصاءات في مثل هذا الصدد أشهر من أن نعود إليها.
وقفة مع الذات:
- لا تقف طويلاً أمام ما تسوقه نفسك من حجج ومبررات واهية ومزعومة وهي تزين لكَ ولكِ طريق الصداقة أو بداية العلاقة بهذا الشاب أو بتلك الفتاة..التي التقيتها مصادفة في غرف الشات أو سمعت صوتها مرة عبر الجوال..أو عرفتها زميلة دراسة أو عمل..
- لن تمنحك هذه العلاقة ما تحتاج من الإشباع النفسي والعاطفي والفكري..إذ أن كل هذه المنافع سرعان ما تذوب حين تجد نفسَك أو نفسِك متورطاً في علاقة عاطفية خاصة قد تستهلك وقتك وجهدك ، وقد تلقي بك في دوامة الخطر فتؤثر على سمعتك وقد تدمر عليك حياتك..
- "الإثم ما حاك في صدرك وخشيت أن يطلع عليه الناس" فإذا لم تواتيك الجرأة أن تصرح بمثل هذه العلاقة أمام الناس ، وإذا وجدت نفسك تبحث عن ألف غطاء وغطاء لعلاقتَك بهذه الصديقة أو علاقتِك بهذا الصديق" حتى تبررها أو تزينها أو تخفي وجودها -كما يحدث عادة- فاعلم أنك تسير في طريق الخطأ ، وأن عليك العودة وبسرعة قبل أن تتورط أكثر وأكثر..
- أصدقاء جنسك هم الأقدر على فهمك والتواصل معك وإدراك حاجياتك النفسية والاجتماعية..وهم الأفضل في التجاوب معك في كافة المواقف ، وحسبك أنك لن تشعر بالخجل والخزي وأنت تحادث أحدهم أو تلتقي بهم في أي مكان أو محفلٍ..فقط احرص على انتقاء الأفضل منهم..وابحث عن الصالحين منهم في الأماكن التي يرتادها أمثالهم " كالمسجد والنادي الرياضي ومجالات الدعوة والأعمال الخيرية ومراكز التنمية الاجتماعية والثقافية " لتكون صداقاتك الطيبة مضرب المثل بين الناس..
- {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]. لا تنسَ أنك مسلم تخضع للتعاليم الربانية التي توجه حياتك للأفضل والأزكى حتى بما لا يعيه عقلك ولا تدركه حواسك..قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً[27]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27ـ28]

 

 

أ . شروق محمد 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.