نمو اللغة

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 08:15

اللغة هي ببساطة عبارة عن أسلوب رمزي للتواصل المشترك بين الناس ويتم أداؤه والتعامل معه من خلال الجهاز العصبي المركزي والطرفي. فهي وسيلة تمكن المتحدث من التعبير عن أفكاره وآرائه من خلال ما اكتسبه من رموزها ومقدرته على برمجتها في جهازه العصبي (الدماغ) وان يحلل الرموز التي يستمع اليها.
مرض تدهور اللغة
أما اذا فشل الشخص في تعلم واكتساب وفهم الرموز اللغوية ولم يستطع برمجتها من خلال جهازه العصبي المركزي فيعتبر شخصا يعاني من تأخر في نمو اللغة. وقد ينتج ذلك، لمرض في الحواس أو لعلَّة في الجهاز العصبي المركزي (الدماغ)، بما يفقده القدره على التواصل اللفظي والكتابة واستقبال المادة اللغوية حسيا.

أهم الأسباب في تأخر نمو اللغة:
1 ـــ الحرمان الحسي
2 ـــ التخلف العقلي
3 ـــ الاضطرابات العصبية
4 ـــ الحرمان البيئي
5 ـــ انعدام الحافز
6 ـــ تكرار المرض

الحرمان الحسي:
كأن يفقد الشخص حاسة من الحواس التي لها دور في استقبال الرموز اللغوية من البيئة المحيطة، وأهمها حاسة السمع. ففقدان السمع أو ضعفه عن الحدود الطبيعية يؤثر على ما يسمعه الشخص من أصوات، وما يرتبط به من معنى ومفاهيم. فالسمع يمثل القناة الرئيسية لنمو اللغة لدى الانسان. وعليه فإن ضعف أو فقدان السمع يعتبر سببا رئيسيا لتأخر نمو اللغة عند الأطفال. كذلك أيضا فقدان حاسة البصر وان كان دورها اقل من حاسة السمع في اكتساب مفردات اللغة واستعمالها.

التخلف العقلي:
من المعروف ان نمو اللغة يعتمد بشكل أساسي على درجة ذكاء الطفل. وهو ما يفسر تفاوت قدرات الأطفال اللغوية تبعا لاختلاف درجات ذكائهم. وعليه فان التخلف العقلي وما يصحبه من انخفاض في الذكاء يترتب عليه حدوث اضطرابات في نمو اللغة. وقد يظهر ذلك بعدة أنماط، مثل تأخر في اكتساب اللغة أو قلة في المفردات أو الفشل في استخدامها في سياق متجانس أو عدم القدرة على فهمها وتحليل رموز اللغة عند الاستماع اليها.

الاضطرابات العصبية:
تحدث الاضطرابات العصبية نتيجة لاصابة أو لمرض في الجهاز العصبي عموما. وفي الغالب نجد ان من يعانون من اضطرابات عصبية يعيشون في بيئة لا تتيح لهم اكتساب الخبرات أو لا تساعدهم على اجتياز معوقاتهم. ويدخل ضمنها من يعانون من المشاكل السلوكية.

الحرمان البيئي:
بيئة الطفل هي الجو الذي يعيش فيه والأفراد الذين من خلالهم يكتسب اللغة ويمارس استخدامها. والحرمان البيئي للطفل يعنى أنه لا يجد الاشباع الكافي لاحتياجاته اللغوية في معرفة الأشياء التي تحيط به ومسمياتها وممارسة الاستخدام السليم للتراكيب اللغوية في الحياة اليومية، وذلك نتيجة لانشغال من يعيش معهم عنه وعدم اعطائه الوقت الكافي لمحاورته، مما يسبب حدوث تأخر في نمو اللغة.

انعدام الحافز:
على الرغم من أن بعض الأطفال يملكون الكثير من الألعاب فإنهم غير متحفزين للعب، لأنهم غالبا ما يُتركون بمفردهم معها. لذا يحتاج الأطفال الى شخص يعلمهم اللعب ويعرفهم على المفردات اللغوية ويتحدث معهم.

تكرر الأمراض
من الطبيعي ان يوهن المرض المتكرر جسد الطفل ويتركه تعبا وغير متجاوبا، وهو ما يؤخر من تطور سلوكيات التواصل مع الآخرين. كما ان بقاءه في المستشفى لفترة طويلة سيقلل من اختلاطه بمن حوله وقد ينمي عنده سلوك الانعزال والانفصال عن العائلة.

بعض أنماط الـسلـوك المعيقة للغة:
ليس من الضروري أن يتعارض اضطراب السلوك مع اكتساب الطفل للغة، بيد ان هناك اضطرابات وظروفا تجعل من هذه السلوكيات عاملا معيقا لتعلمه ومنها:
أ ـــ الطفل الذي لا يتفاعل مع عائلته، أي ان يكون منطويا ومنزويا وهادئا بشكل غير طبيعي. ويدخل ضمنها من يفضل اللعب لوحده وظهور أعراض حالة التوحد الجزئية.
ب ـــ النشاط الزائد أو فرط النشاط وقلة أو تشتت الانتباه. وتصنف هذه كحالة مرضية.
ج ـــ الطفل الذي لا يعبر لفظيا. أي أن يكون هادئا ولا يفضل التعبير عن رأيه أو مشاعره.
تأخر اللغة
يعتبر تأخر اللغة أحد أمراض التخاطب الشائعة لدى الاطفال، ولا يوجد علاج دوائي ليصحح تأخر اللغة، بل يتم علاجه من خلال برامج تدريبية يضعها اختصاصي أمراض التخاطب. فيما يستعان بالعلاج الدوائي لعلاج الاعتلالات المصاحبة لتأخر اللغة كمشاكل الجهاز السمعي، الصرع، النشاط الزائد وتشتت الانتباه، الاعتلالات الدماغية وغيرها.

العلاج:
- التدخل العلاجي المبكر
- التشخيص الدقيق
- طبيعة الحالة وشدتها
- ما يصاحبها من اعتلالات كالشلل الدماغي أو القصور الفكري أو العجز السمعي
- البرنامج التدريبي الملائم للحالة
- تعاون الفريق الطبي والوالدين
- تنفيذ الوالدين ما يوكل اليهما من مهام للقيام بها مع الالتزام بمواعيد جلسات العلاج، والتحلي بالصبر والاستمرار وعدم اليأس أو الاهمال نظرا لأن تقدم الحالة يكون بطيئا.

التعامل مع تأخر نمو اللغة
أولا: تشخيص الحالة، من خلال ما يلي:
أ ـــ الفحص الاكلينيكي واجراء الاختبارات اللازمة، وقد يستدعي الأمر اجراء بعض التحاليل الطبية وعمل رسم للمخ. وذلك للتأكد من سلامة جهاز النطق وحاسة السمع والجهاز العصبي المركزي (الدماغ) ودرجة الذكاء لدى الطفل.
ب ـــ الالمام بمعلومات الطفل الشخصية، مثل: عمره، ترتيبه بين اخوته، علاقته بوالديه، صحته أثناء الحمل وولادته ومراحل نموه ونطقه لأول كلمة والأمراض التي أصيب بها.
ج ـــ تحليل لغة الطفل. من حيث كمية المفردات والقدرة على استخدامها في الحوار.

ثانياً: البرنامج العلاجي:
وهنا يختلف البرنامج تبعاً لاختلاف الحالة والأسباب المؤدية إليها، ولكنها عموماً تشمل إحدى الصورتين الآتيتين من حالات تأخر نمواللغة:
1- طفل يعاني من قلة المفردات اللغوية التي يمتلكها.
2- طفل يعاني من عدم القدرة على وضع مفرداته في سياق سليم
ولكل من الحالتين برنامج علاجى يتناسب معها
ففي الحالة الأولى يهدف البرنامج إلى إكساب الطفل اللغة وزيادة رصيده من مفرداتها، أي خطة التنبيه اللغوي العام، حتى نساعد الطفل على الخروج من الصمت إلى عالم الرمز.
فيبدأ المعالج مهمته بأن يُسْمع الطفل الكثير من الكلمات السهلة البسيطة والتي يمكنه استخدامها في مواقف حياتية ويمكن أن يكون ذلك عن طريق اللعب مع الطفل. ويراعي المعالج أن تكون هذه المفردات مستمدة من بيئة الطفل وتتناسب مع مستوى ذكائه، حتى ترتبط بمدلولاتها ويتمكن الطفل من أن يوظفها في مواقف الحياة المختلفة.
وفى الحالة الثانية والتي تتمثل في عدم قدرة الطفل على وضع ما لديه من مفردات في حوار سليم، فإن البرنامج يهدف إلى تمكين الطفل من استخدام اللغة ويركز على استخدام الأسماء والأفعال ومكملات الجمل. وهنا يفضل تدريبه ضمن مجموعة تدريب تتضمن نشاطات يومية حتى يستخدم الجملة ويضع على التواصل ووضع متغيرات عدة في الأفعال مع اختلاف الضمائر. كأن يقول المدرب مثلاً أحمد يلعب في الحديقة فيقول الطفل سعاد تلعب في الحديقة..، ثم تستبدل بـ أنا - نحن - هو- هي / أنت .إلخ
ويمكن استخدام الصور للتعبير عن المواقف والمشاعر. وسرد الطفل للقصص بأسلوبه.
العلاج التأهيلي
لكي ينجح برنامج التأهيل اللغوي ويحقق أهدافه، يجب أن تتوافر له المقومات التالية:
1- المعالج المتخصص
اختصاصي يلمً بطبيعة الطفل والأسباب التي أدت إلى تأخر نمواللغة لديه .ويستطيع ان يشعر الطفل بالدفء العاطفي وأن يشجعه ويحفزه على استخدام اللغة ويمكن أن يكون ذلك أدبياً أومعنوياً. كما يحرص على التنويع في الأدوات التي يستعملها، حتى يجدد نشاط الطفل ويبعد عنه الملل الذي ينتج من استخدام طريقة واحدة أولعبة واحدة. وان يراعي تناسب مدة التدريب مع قدرات الطفل فلا تكون أكثر من اللازم فيصاب بالإجهاد.
2- مكان التدريب
وهي حجرة مخصصة لهذا الغرض بها كل ما يلزم البرنامج من وسائل وأدوات. ويجب ان يكون الأثاث بها قليلا حتى لا تشتت انتباه الطفل مع توافر إضاءة كافية. ويراعى أن تكون بعيدة عن الضوضاء حتى لا تقلل تركيز الطفل نتيجة لما يسمعه من خارج حجرة التدريب.
3- مادة التدريب
يفضل ان تبدأ المدة بوقت قصير مثل 15 دقيقة ومن ثم تتدرج في الطول إلى ان تصل إلى مدة ساعة. ويراعى أن تكون هذه المدة مشوقة ومسلية للطفل ويستعان فيها بمواد بصرية مثل كتب ولعب وصور يتعرف الطفل من خلالها على أسماء الأشياء المستخدمة في حياته

دور الأسرة والأم:
ومن المهم التنبيه ان برنامج التأهيل التخاطبى ليس مهمة المعالج فقط وليس قاصراً على حجرة التدريب فقط، بل يمتد ليشمل أفراد الأسرة والمنزل والأنشطة الحياتية اليومية في التفاعل اللغوي . فلذلك دور في تعزيز تقدم الطفل في مراحل التدريب. ويجب على الأم بخاصة ان تلتزم بتوجيهات المعالج حتى يمكنها تفهم مشكلة الطفل وأسبابها وجوانبها.
متى نبدأ ؟
من الأفضل الإسراع في سن ما قبل المدرسة بتنفيذ هذا البرنامج. فعندما تكتشف درجة من التأخر اللغوية لدى هذا الطفل يجب البدء بعلاجه في مرحلة مبكرة، وذلك حتى نقلل من الآثار النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تترتب على هذا التأخر.
البكاء أول طريق التطور
تبدأ العلامات الأولى في قدرات الطفل على التواصل مع منْ حوله منذ الأيام الأولى في العمر. ومنها يتعلم الطفل أن بكاءه سيدفع الأم نحوالإسراع في تقديم الغذاء إليه أوفي تغيير حفاضاته، أوببساطة عدم تركه وحيداً. ثم يبدأ الطفل بملاحظة وتمييز أصوات معينة دون غيرها، كصوت أحد الوالدين أوحتى صوت خض قارورة الرضاعة، وتتطور الأمور نحو ملاحظة اللغة وأصوات الكلمات والعبارات. والدراسات تقول إن غالبية الأطفال، في سن ستة أشهر، يميزون الأصوات الأساسية في نطق كلمات اللغة السائد استخدامها في المنزل.
الحضانة المفيدة
يشترط أن يكون لدى الحضانة المفيدة والمنهجية، منهج خاص لما قبل المدرسة، مبني على أسس علمية تراعي قدرات الطفل وكيفية تطورها. ألا يخلطون ما بين الفئات العمرية، فالأطفال في عمر السنتين مثلا، يتم التركيز على تعليمهم على التواصل واللعب مع الأطفال والتلوين والأسماء والأغاني والاعتماد على النفس.

مؤشرات الخطر
اذهب للطبيب لطلب المساعدة إذا لم يقم طفلك بأداء المهارات التالية :
- إذا لم يقم بالمناغة، مع بلوغه 3 أشهر.
- إذا لم يلتفت إلى الصوت الهادئ أوالهمس مع بلوغه 9اشهر
- إذا لم يردد ماما وبابا ودادا مع بلوغه 12 شهراً.
- إذا لم ينطق على الأقل جملة تتكون من 3 كلمات واضحة عند سنتين.
طرق تشجيع نمو طفلك
1-المس واحضن وابتسم لطفلك وانت تضع عينيك في عينيه واعطه مزيدا من المحبّة.
2- تكلّم مع طفلك، فالأطفال في كل الأعمار يحبون ان يغني لهم ذووهم وأن تروى لهم القصص. ولا تحتاج لكتاب لتقرأ منه بل قل ما تتخيله وردد الكلمات أمامه بشكل مرح.
3- بادر بالفرص للعب مع طفلك والمرح معه. وليس ضروريا بلعبة غالية الثمن بل يمكن استعمال الأدوات المتوافرة في البيت أوبأدوار تمثيلية.وشجّع طفلك في اكتشاف الأشياء وتخيل كيفية استعمالها.
4- اقرأ لطفلك. حيث يستمتع الطفل من بعد بلوغه لاربعة أشهر بالنّظر للصّور. لذا من المفيد ان تقص بعض الصور من المجلات وتلصقها في دفتر لطفلك .أوأن تريه ألبوم صور العائلة. فيما تبدأ في قراءة القصص بعد بلوغه الشهر الثامن من عمره.
5- أثري العالم لطفلك، أي ان تزيد من خبرته ومفرداته ومشاعره. كأن تشير للسماء وللبحر وللمباني وتفصل له ما تحتويه. وساعد طفلك على وصف ما يراه. وسمي الأشياء الجديدة ورددها معه.
6- شجع طفلك على التّجارب الاجتماعيّة مع الأطفال، فإن لم يكن قد دخل لحضانة, فلا تخشى أوتتوانى في انتهاز الفرص لمنحه فرصة اللعب والاختلاط مع الأطفال الآخرين بشكل جماعي. حتى تنمي عنده نواحي التواصل والتأقلم الاجتماعي.
7- تجنّب برامج الكمبيوتر التعليمية المعقدة والتي وان ساهمت في تنميه مهاراتّ الأطفال، إلا إنها قد تضّغط عليه من الناحية النفسية وتتسبّب في خسارة اهتمامه بالتعليم المقروء والمسموع والاختلاط الاجتماعي. وبالمقابل تفضل الاستعانة باستخدام الألعاب التخيلية والتمثيل التّلقائي كأساس قوي لتحبيب الطفل في سنوات عمره الأولى في التعلم والتدريس.

اعتقادات خاطئة:
1- الاعتقاد أن نقص السمع الوراثي يظهر منذ الولادة
الحقيقة: أن هناك أنماطا لنقص السمع الوراثي ،تظهر متأخرة بعد فترة من السمع الطبيعي. أي ان السمع قد يبدأ طبيعيا ومن ثم يبدأ بالتراجع تدريجيا .
2- بالرغم من دور زواج الأقارب ضعيفي السمع في زيادة نسبة نقص سمع الأبناء، ولكن الوراثة تنقل فقط الأمراض الموجودة في عائلة الأب، بينما لا تنتقل الموجودة في عائلة الأم .
الحقيقة: الوراثة لا تفرق بين العائلتين في نقلها للأمراض.
3- الاعتقاد ان استعمال السماعات تزيد من درجة نقص السمع، بما يجعلهم يرفضون استعمالها خوفا على سمعهم من التدهور
الحقيقة: ليس للاعتقاد أساس من الصحة، لأن السماعة المناسبة تؤدي إلى استمرار تنبيه العصب السمعي وبالتالي المحافظة على البقايا السمعية. فيما برهنت الدراسات بأن عدم استعمالها يؤدي مع الوقت إلى تدهور تمييز الكلام المسموع في الأذن المحرومة من السماعة.
4- الاعتقاد بأن الحمى هي المتهمة كسبب لنقص السمع الباكر
الحقيقة: لا يمكن لوم الحمى بشكل روتيني. بل قد يكون سببها هوالأهم، مثل الإصابة بالتهابات في اللوز أوالاذن أوغيرها من الأمراض الجرثومية التي تسبب نقصا في السمع.
-------------

 

 


جريدة القبس الكويتية

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.