إنسانية القيم
حب البقاء غريزة لدى الحيوان والإنسان, ولكن الفرق كبير بين طريقة كلا منهما للبقاء, فالحيوان يدافع من أجل أن يبقى هو أو فصيلته فقط ولكن الإنسان يدافع للبقاء من أجل أن يصبغ الشكل الإنساني الحياة كلها وذلك من خلال التعايش والتآلف والتصالح والمساعدة والمشاركة والمراعاة لشعور الآخرين والتواصل الإيجابي والإنجاز والتطوير والإبداع والتسامي والمغفرة والتسامح والتغير للأفضل والأصلح للجميع وليس لفئة دون الأخرى فهو يراعى الحيوان والنبات والبيئة من حوله, كما أنه لا يعمل له ولمن حوله فقط بل يعمل لليوم والمستقبل أى لأشخاص آخرين يأتوا من بعده لا يعلمهم .
حقا هذا الكلام أم انه حلم في وضح النهار!؟
والله الذي لا إله إلا هو إنه حق ولكنه الحق الذي خلقنا الله العلى الكريم من أجله والذي لا يتحقق إلا بالإيمان الحقيقي بقيمتنا الإنسانية وبقدراتنا العقلية التى ميزنا بها الله من دون المخلوقات، وسخر كل المخلوقات لمساعدتنا على تحقيقها.
فلنتعجب من حالنا الآن كيف نفضل الحياة بالطريقة الحيوانية المفترسة من صدام وصراع وجهل وتسارع وتشاحن ونفاق وغدر وتكالب أحيانا كثيرة على الدرجات والمناصب حتى ولو على أعناق الآخرين ونتساءل بعد ذلك من أين يأتي غدر الأزواج, وهجر الأبناء, وجفوة الأهل, وجحود الأصدقاء, وعدم الوفاء, وقلة الصدق, وضحالة الطموحات, وندرة الإنجازات, وقلة المبدعين...
لنقف جميعا ونراجع أنفسنا بصراحة وليحاسب كلا منا نفسه
لماذا نستخدم الجانب الحيواني للبقاء في الحياة ؟ لماذا نهمل الجانب الإنساني؟ لماذا نخرب سعادتنا؟ لماذا ننحرف عن الطريق الإنساني الحق؟ ...
بصدق المخلصين أهمس إليكم لم نخلق لذلك و ليس لنا منقذ من هذا كله إلا كنز إنسانيتنا, إن كان لنا حرية اختيار كيفية الحياة لماذا نقبل لأنفسنا بالأدنى.
هيا جميعا نزيل غبار الأنانية المفرطة من داخلنا لنرى جوهر الإنسان المشرق والمتعاون والمسئول والمبدع داخلنا ونبعثه للحياة من جديد ونحيا معا بإذن الله بكل قيمنا وضميرنا الإنساني.
---------------
د. غادة محروس
باحثة نفسية - مصر