لماذا تصغّر قيمة حضورك و تأثير رسالتك!

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: السبت, يونيو 13, 2015 - 10:30

يقول ستيف روسلر، على مدى أعوام طويلة عملت مع مئات المديرين في اجتماعاتهم و عروضهم التقديميّة و لم يكن يزعجني و يصدمني شيء مثلَ رؤية شخصٍ متمكّن من معلوماته و واثقٍ من عرضه و لكنّه مع ذلك يقف بين الملأ ثم يفتتح بكلماتٍ تحطّ من قيمة حضوره و من أهميّة و تأثير رسالته.
ترى ماذا يدور في رؤوس بعض المتكلّمين الاعتذاريين بمجرّد أن يقفوا بين الملأ ليتحدثوا؟ لماذا يعتذرون و يحاولون تبرير حضورهم؟... إذا دعوت أحدهم إلى منزلك فهل هناك داع لأن يبدأ الضيف زيارته الكريمة بالاعتذار و القول بأنه لن يمكث عندك إلاّ بضع دقائق؟

- عبارات تحّط من قيمة رسالتك:
"أريد الحديث و الأخذ من وقتكم و رحابة صدركم لأجل مسألةٍ صغيرة جداً...."
- صغيرة جداً؟! هل تعني أننا نجتمع معك الآن لأجل موضوعٍ لا يستحق حضورنا و اهتمامنا؟
"إنني أعرف كم أنتم مشغولون... و شكراً جزيلاً على منحنا بعضاً من وقتكم الثمين...."
- عفواً، لا شكر على واجب! و لكننا حضرنا الآن و خصّصنا لك مكاناً في جداول أعمالنا فلتبدأ الحديث المفيد رجاءً! ثمّ انتبه يا عزيزي كي لا تكون مقدمتك تضييعاً لوقتنا الثمين!
"إنني أقف بتواضع لعرض هذه القضيّة و أنا أعلم أنه يوجد بينكم من هو خيرٌ مني للقيام بذلك..."
- حسناً، إذا كنت تعلم ذلك فلماذا لا تقدم لنا الأفضل فتريح نفسك و تريح الموجودين؟!
"سوف أحاول عرض هذه القضية بمنتهى الأمانة و الدقة و الصراحة...."
- ماذا تقصد؟ هل يمكن أن تتناول قضايا أخرى بدون صراحة و دقة و أمانة؟!
سواءٌ أكنت جالساً على الطاولة بين مجموعةٍ صغيرة، أو واقفاً في محفلٍ كبير بين الحشود فإنّ الناس يريدون منك توليّ دفة الحديث بثقة. نعم، لا أحدَ يحب الكبرياء والتعالي و لكن الناس جميعاً يريدون أن يسمعوا و يشاهدوا الثقة.
و عندما تبدأ حديثك بالاعتذار عن وقوفك و حديثك بين الناس فإنّك تزعزع هذه الثقة و تصغّر حجم و أهميّة حضورك و تأثيرك.
- نقطةٌ أخرى مهمّةٌ في هذا الشأن هيَ أنّ المبالغة في التلطّف عند تقديم الحديث أو طرح الأسئلة و المداخلات ستوحي إلى المتلقّين بأن المتحدّث متردّدٌ أو يخفي مشكلةً ما.
و سيتشتّت اهتمامهم و ينصرف عن المعلومات التي يقدّمها إلى التفكير في أسباب تردّده أو مشكلته المكتومة. و ربما توحي أيضاً بعدم أهميّة الفكرة المطروحة و هكذا فإنّهم لن يتفاعلوا معها بالجديّة التي تستحقّها.
إنّ الكلمات هي من أهمّ أدوات القيادة و التأثير، بادر اليوم و دقّق في ذخيرتك و في طريقة استخدامها. إن إساءة استخدام الكلمات لا يتوقّف أثرها عند الحطّ من قيمة الرسالة المعينة التي تريد تقديمها، بل يمتد إلى رسم صورةٍ سيئة لبقية مقوّماتك و مقدراتك القياديّة عموماً.

لماذا ينجرف المتحدّثون إلى تصغير حضورهم و إضعاف رسائلهم:
في تناول هذه الظاهرة يعرض البروفيسور بيتر فاجدا الإطار السيكولوجي التالي:
من بين الدفاعات الكثيرة التي نستخدمها كي نرسم في أنفسنا انطباعاً حسناً عن أنفسنا التصاغر أو المبالغة في إنكار الذات و استعراض ذلك. و من طرق هذا التصاغر ( التي قد نقوم بها لا شعورياً) الاعتذار بطرق و أشكال مختلفة عن طبيعتنا و وجودنا الذي نحن عليه، أو الانتقاص من شأن أنفسنا.
إن الإنسان يفعل ذلك و كأنه يقول في نفسه: من خلال الاعتذار و محاولة تبرير وجودي سوف أجعل الناس يحبّونني و يتقبّلونني، وعندما يحدث ذلك فإنني سوف أحب نفسي و أتقبّل نفسي أيضاً.
إن الممتلئين بالأمان و الرضا و قبول ذواتهم لا يشعرون بالحاجة إلى التصاغر أو إخفاء ذواتهم. إنّهم يعرضون أنفسهم على الملأ كما هم بسيّآتهم و حسناتهم و لا يشعرون شعوراً طاغياً بأنهم ينقصهم من يحبّهم و يتقبّلهم.
إنّهم يعرضون أنفسهم أمام الجموع كما هم، و يفعلون ما يفعلونه و يقولون ما يقولونه - على الصعيدين الشخصي و المهني- دون الاعتذار و دون أيّة عكّازات، و دون الاضطرار إلى تصغير أنفسهم بأية طريقة.
الواثقون بأنفسهم و الراضون عن وجودهم يكون شعورهم بالأمان و بالقيمة نابعاً من الداخل و لا ينتظرونه من الخارج. و هكذا فإنهم لا يحتاجون للعب أيّ دور و لا لأن يكونوا أيَّ شخص غير ما هم عليه حقاً.
راقب كلامك! هل تعبّر أحاديثك عن شعورٍ صحيّ بالارتياح و الاطمئنان إلى ما أنت عليه؟
-----------

 


معتز حبش
مجلة عالم الإبداع

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.