لمسة يد
يبدو أن نمط الحياة المتسارع فرض على علاقتنا بالآخرين نوعا واحدا من التعبير: يكتفي كل فرد فيه بهاتفه النقال كوسيط سريع لمعرفة أخبار القريب والغريب بضغطة زر وأنت جالس في كرسيك الوثير تطمئن، ويهدأ ضميرك في علبته القطيفة المخملية، وينام لا يعود يكدر نفسك بسؤاله الملح: لماذا لم تهنئ فلاناً علي نجاحه ؟ وتذهب لتأخذه في حضنك وتبثه فرحتك، لماذا لم تهرع إلي (س) من البشر تحبه لتضع رأسه علي كتفك وتمسح دمعة حزنه ؟ ، هل يرتاح ضميرك بهذه الرنة القصيرة والمكالمة البرقية تكتفي بالكلام فقط ؟ هل تسمع أذناك وترى الآخرين عن بعد بهذه العدسة الضيقه هل يمتلك قلبك رادارا خاصا ينقل لك مشاعرهم حين يردون عليك ؟ هل يصدق في كل مرة المتحدث أم هي مجرد كلمات مقنعة تطمئن الغائب المتصل.
متى تغلق هاتفك النقال ولو لمرة واحدة وتقرر أن تصافح أو تنتقل من بهرجة الكلمات الخادعة إلي صدق اللقاء، ستكتشف نفسك مجددا ويدك في يد صديقك وتسمع نبضة تشوقه إلي وقوفك إلي جواره تسانده .
قد يخالفني الرأي كثيرون ويرونني محض خيالية رومانسية ربما، لكن هل جرب هؤلاء الأفاضل لمسة يد بدلا من رنة هاتف وعرفوا الفرق ؟
البون شاسع بين أن تكون محجوبا هناك خلف هاتفك النقال وبين أن تكون حاضرا هنا بكل كيانك كفرد فاعل بين أهلك .
جرب لن تخسر شيئا ، أيهما سيعطيك المعرفة التي تنشدها ضغطة زر عل هاتفك النقال أم لمسة يد؟
أنت صاحب الهاتف تحت يدك الزر وفي عقلك داخل قلبك قابع الخيار .
أعترف شخصيا أن الخيار صعب التحقيق وفي كثير من الأحوال مع ذوي المسئوليات الجسام يتحول إلى خيار مستحيل .
علينا فقط أن نحاول عندما تتاح لنا الفرصة ،ما أحوجنا إلي دفء اللقاء وحميمية العائلة.
نهى رجب محمد
ريشة المطر
------------------------------
أرحب بكل نقد جاد
كلنا عل شجرة السرو نتعلم من نهر الكلمات
نهى رجب محمد