السمنة .. بين الأوهام والحقائق

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 8, 2015 - 08:22

إحصائيات :

يشير الاتحاد الأمريكي للبدانة إلى أن أكثر من نصف النساء وثلثي الرجال في بريطانيا يعانون من زيادة الوزن .
بينما يعاني منه أكثر من ربع البالغين في الولايات المتحدة وخُمس الأطفال .
ومشكلة البدانة المفرطة لم تَعُد قاصرة على دول الغرب ذات الأنماط المعيشية المرفهة فقط، بل تعدتها إلى دول شرقية مثل روسيا والصين فتفشت فيها البدانة بمعدلات تدعو للقلق ، فعلى سبيل المثال تذكر دراسةٌ حديثةٌ أن معدلات البدانة بين الأطفال في روسيا وصلت إلى 16%، وإلى 13% في بريطانيا ، و16% في تايلاند ، وفي كل من البرازيل ومصر إلى14%، وهذه النسبة الأخيرة تكاد تكون عامة على مستوى الدول العربية ، وتؤكد الدراسة أن الإفراط في تناول الطعام والوجبات الغنية بالدهون هو السبب الرئيسي على مستوى العالم .

إحصائيات وتنبيهات من طبيب وطني :

حذر رئيس مركز الأمير سلطان لجراحة المناظير بمستشفى الملك فهد بجدة الدكتور وليد بخاري من التهاون في مواجهة ظاهرة السمنة التي أصبحت تهدد حياة أكثر من 3 ملايين شخص في المجتمع السعودي.
وذكر أن الإحصائية التي صدرت العام الماضي عن عدد المصابين بالسمنة في السعودية كشفت أنهم أكثر من 3 ملايين مصاب تقدر تكلفة علاجهم بأكثر من 3 مليارات دولار.
وأضاف أن الإصابة بالسمنة أصبحت من الأمراض العالمية التي تهدد الكثير من المجتمعات، حيث أشارت الدراسات البحثية في أمريكية إلى أن الخسائر المادية التي تصرفها أمريكا لعلاج المصابين بالسمنة تتجاوز سنويا أكثر من 75 ألف مليون دولار، فيما يتوقع أن تتجاوز التكاليف المادية لمعالجة المصابين في السعودية حاليا 3 آلاف مليون دولار سواء كان ذلك جراحيا أو من خلال الأدوية أو غيرها نظرا للمضاعفات والأمراض التي تنتج عن السمنة

الغذاء والطاقة :

لا يخرج تركيب أي مادة غذائية تتناولها عن العناصر الغذائية التالية:
1- الكربوهيدرات
2- الدهون
3- البروتينات
4- المعادن والفيتامينات
5- الماء
لكل عنصر من هذه العناصر دور هام في إمداد الجسم بالطاقة. وتختلف الأغذية في محتوياتها من هذه العناصر فبعض الأغذية تحتوي على جميع العناصر الغذائية ولكن بنسب متفاوتة في حين أن بعضها تحتوي على عنصر واحد أو عنصرين فقط، فمثلا الفواكه تحتوي على الكربوهيدرات أكثر من أي عنصر آخر والخبز والحليب يحتوي على الكربوهيدرات أكثر ثم البروتينات فالدهون، واللحوم تحتوي على البروتينات أكثر ثم الدهون فالكربوهيدرات، والسكر يحتوي فقط على الكربوهيدرات.

الطاقة التي يحتاجها جسم الإنسان تنقسم إلى قسمين:

1.طاقة أساسية وهي التي يحتاجها جسم الإنسان لنشاطاته غير الإرادية مثل دقات القلب والتنفس وحركة الأمعاء وغيرها. وعادة ما تعادل 50-70% من إجمالي الطاقة اليومية التي يحتاجها الشخص النشيط جدا، و 40-50% إذا كان الشخص متوسط النشاط، و30-40% إذا كان الشخص غير نشيط.
2.طاقة النشاط والحركة وهي التي تنتج عن استخدام الإنسان لها خلال يومه كالمشي والسباحة والحركة بصفة عامة.
وتحسب الطاقة بما يسمي بالسعرات الحرارية (الكيلو وات) Calorie فكل حركات جسم الإنسان الإرادية أو غير الإرادية تقاس بهذا المقياس، وهي الحرارة المطلوبة لرفع درجة حرارة واحد كيلو جرام من الماء درجة مئوية واحدة، علما بأن كل جرام واحد من الكربوهيدرات أو البروتينات يعطي حوالي أربع سعرات حرارية وكل جرام من الدهن يعطي حوالي تسع سعرات حرارية.

كيف يمكن قياس السمنة؟

1. دليل كتلة الجسم : حسب المعادلة التالية:
BMI = الوزن (بالكيلو جرام) ÷ الطول (بالمتر المربع)
فإذا كانت النتيجة أقل من 20 فإن الوزن يكون دون الطبيعي
وإذا كانت النتيجة بين 20-25 فإن الوزن يكون طبيعي
وإذا كانت النتيجة بين 25-30 فإن الوزن يكون زائد عن الطبيعي
وإذا كانت النتيجة بين 30-35 فإن الشخص يعتبر بدينا
وإذا كانت النتيجة بين 35-40 فإن الشخص يعتبر بدينا جدا
وإذا كانت النتيجة أكثر من 40 فإن الشخص يعتبر مفرط في البدانة

غير أن هناك بعض الاستثناءات لاستعمال دليل كتلة الجسم منها على سبيل المثال لا الحصر:
الأطفال في طور النمو .
النساء الحوامل .
الأشخاص ذوي العضلات القوية كالرياضيين .

 

أسباب السمنة :

النمط الغذائي: التهام الغذاء بسعرات حرارية عالية مع عدم صرف هذه السعرات يؤدي إلى تراكم الدهون في جسم الإنسان ، والدهون لها كفاءة أعلى من الكربوهيدرات والبروتينات في التكتل في أنسجة الجسم الدهنية. وأفضل مثل على ذلك أن انتشار ما يسمى بالوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية في الدول الغربية ودول أخرى أدت إلى انتشار السمنة والأمراض المصاحبة لها في أجزاء كثيرة من العالم لم تكن تظهر فيها من قبل. وهو أهم سبب لحدوث السمنة هو تناول كميات من الطعام أكبر مما نحتاج.
قلة النشاط والحركة: السمنة نادرة الحدوث في الأشخاص الدائبي الحركة أو اللذين تتطلب أعمالهم النشاط المستمر .
العوامل النفسية: هذه الحالة منتشرة في السيدات أكثر منها في الرجال. فحين يتعرضن لمشاكل نفسية قاسية ينعكس ذلك في صورة التهام الكثير من الطعام.
اختلال في الغدد الصماء.
الوراثة: وهذا العامل بمفرده ليس مسؤولا عن السمنة .

أمراض السمنة :

السمنة وأمراض القلب والموت المفاجئ : لوزن الزائد هو حمل زائد على القلب والرئتين فيحتاج كل منهما إلى مجهود مضاعف.
كما أن البدين يميل إلى تناول الأغذية الغنية بالدهون أو المقلية أكثر من ميله لتناول البروتينات أو الكربوهيدرات وتناول مثل هذه الأصناف يرفع نسبة الكولسترول في الدم وهذا هو عامل الخطورة الأول لأمراض القلب.
السكري : كل خلية عليها مواد تستقبل هرمون الأنسولين الذي يحرق الجليكوز لينتج الطاقة هذه المواد تسمى مستقبلات الأنسولين وإذا لم توجد هذه المستقبلات أو قل عددها فإن الأنسولين لن يعمل على هذه الخلية وبالتالي لن يستفاد من الجليكوز فترتفع نسبته في الدم. وهذه المستقبلات نسبتها ثابتة على الخلية الدهنية العادية فإن زاد حجم الخلية كما هي الحال في البدين فإن عدد المستقبلات يكون قليلاً.
ارتفاع ضغط الدم : نسبة ارتفاع ضغط الدم بين البدينين تصل إلى ثلاث أضعاف نسبته بين العاديين . وقد وجد أن تخفيض الوزن مع التقليل من تناول ملح الطعام عند مرتفعي ضغط الدم يحسن حالة ضغطهم في حدود تصل إلى 50%.

السمنة والمفاصل والأربطة: السمنة حمل زائد على مفاصل الجسم وأربطته ويظهر ذلك في صورة آلام متعددة بالمفاصل.

السمنة والجلد : السمنة تزيد كمية الانثناءات في الجلد ولذلك يكون الجلد عرضة للالتهابات والإصابات الفطرية والبكتيرية إلى جانب عدم تحمل الطقس.

العلاج الطبي للسمنة :

هناك كثير من الأدوية التي تدعي إمكانية علاج السمنة ، وكذلك وصفات التنحيف " الريجيم " مع النصيحة بالرياضة ، والتعود على نمط معين من الطعام ، وهناك أيضاً العمليات الجراحية المنحفة .

الجراحات الطبية للنحافة :

يُلجَأ إليها في بعض الحالات ، وتُمنَع إذا كان الوزن الزائد أقل من 45 كجم ، أو كان العمر يزيد عن خمسين عاماً ، أو كانت البدانة ناتجة عن سبب عضوي ، أو وجود قصور في وظائف الكلى أو الكبد ، أو وجود اضطرابات نفسية .
تتزايد أعداد عمليات جراحات النحيف تزيد بصورة لوغارتيمية مرعبة في الأعوام الأخيرة على مستوى العالم ففي أمريكا وحدها أجريت 103000 عملية جراحية لحالات بدانة سنة 2003 بزيادة تبلغ 40% عن عام 2002، وليست هناك حتى الآن دراسات موضوعية محايدة أو حتى قليلة الأخطاء تثبت أن لذلك العدد المتصاعد من جراحات التنحيف فائدة في تحسين الصحة الجسدية أو النفسية .

من أنواعها :
تخييط الفكين : وهي قديمة ، إلا أنها لا تزال تستخدم ، وينبغي أن لا تتعدى فترة 9 أشهر لتلافي مضاعفاتها على الأسنان .
تصغير المعدة : لتقل كمية الأكل ويشبع الشخص بسرعة .
جراحات منع امتصاص الغذاء : باستئصال جزء من المعدة وتوصيل الجزء الصغير الباقي بجزء من الأمعاء حتى لا يمر الطعام على الأمعاء كلها .
عمليات شفط الدهون : بإحداث فجوة صغيرة في الجزء المراد شفط الدهون منه ، ثم تسحب ، وقد يحتاج إلى شد جلد لهذا الجزء .

 

من مشكلات برامج التنحيف " تأرجح الوزن " :

لأن الحمية ليست هي الحالة الطبيعية للجسد ، فإن كثيراً ممن ينجح في إنزال وزنه يفشل في المحافظة على الوزن الجديد ويعود إلى سابق عهده ، ثم يبدأ حمية ثانية ثم يعود .. وهكذا دواليك . والغالب أن تكون محصلة كل هذه الدورات زيادة الوزن .

دراسة :

أجريت تجربة على الفئران بينت أن الفئران البدينةَ تحتاجُ إلى 21 يومًا فقط لتفقد وزنها الزائد في المرة الأولى للحمية المنحفة ، بينما تحتاجُ نفس الفئران إلى 46 يومًا في المرة الثانية أي بعد أن تكتسبَ الوزن القديم ويتمُّ إخضاعها للحمية للمرة الثانية رغم أن كمية الغذاء الذي يقدم لها واحد في الحميتين الأولى والثانية ، وهذا يعني أن الفئران التي تعرضت لأرجحة الوزن قد أصبحت تتميزُ بفاعلية أعلى للغذاء أي أن أجسادها أصبحت أكثرَ قابليةً للبدانة رغم عدم زيادة الغذاء المتناول.
وقد أجريت دراسات على متأرجحي الوزن أكدت على أن تأرجحَ الوزن يؤدي إلى صعوبة الاستجابة للحمية فيما بعد ، وأن التقييد الغذائي والإفراط الغذائي المتكرران يؤديان إلى خلل في تعامل الجسد مع الطاقة مما يسهل حدوثَ البدانة ، وأن تغيرًا تركيبيا يحدثُ في الجسم بحيثُ تزيدُ نسبةُ الأنسجةِ الدهنية إلى الأنسجة اللحمية في وزن الجسم ، مما يجعلُ الوزنَ أكثرَ ، واستعداد الجسم للتنازل عن الدهون أقل ، وقد أوحت نتائجُ دراساتٍ كثيرة إنجليزية ودانمركية وأمريكيةٌ بذلك.

وتقولُ نتائجُ دراسةٍ تعتبر بمثابة حجر الزاوية في ميدان البحث في تأرجح الوزن أن خمسينَ بالمائة من الذين ينجحونَ في إنقاص أوزانهم يستعيدون أوزانهم القديمة خلال ثلاث سنوات ، والباقونَ خلال السنوات الستة التالية ، أي أن من ينقصُ وزنهُ اليومَ من 90 كيلو جرام إلى 75 كيلوجرام على سبيل المثال سيعود إلى وزن 90 مرةً أخرى بالتأكيد حتى ولو كانَ قد أمضى ثمانيةَ سنواتٍ على وزنه الجديد ! ، ثم قارن الباحثون في تلك الدراسة ما بينَ الذين بدأت بدانتهم في مرحلة الطفولة والذين بدأت بدانتهم في مرحلة الرشد ، فتبينَ ميلُ أجساد الذين بدأت بدانتهم منذ الطفولة إلى الزيادة عن الوزن الذي كانوا عليه قبل الحمية التي طبقت في الدراسة واختلافهم في ذلك عن أولئك الذين بدأت بدانتهم في الرشد ! ،

 

السمنة .. من المرض الحقيقي .. إلى الصورة الإعلامية :

نحن لا نتحدث هنا عن أصحاب البدانة المفرطة ، ولا ندعي أن الشره في الطعام أمر محمود .. فقد جاءت آداب السلوك في الأديان ذامة للشره .
ولكن .. هناك فارق بين " البدانة المفرطة " وبين " تشوه تصورك عن جسدك الطبيعي نتيجة الصورة الإعلامية " .
مشكلة الناس الآن ليست في " العلاج من السمنة المفرطة " وإنما في " الجري وراء سراب التشبه بصورة نجوم السينما - رجالاً ونساءً - .
وهناك فارق في التعامل مع السمنة بين " العلاج العلمي لمشكلة حقيقية " وبين " التعامل التجاري مع أوهام الناس ورغباتهم " .
نموذج " فتاة الغلاف " غير إنساني ، وغير صالح لأكثر من 5% من اي مجتمع ، كما تقول العديد من الدراسات .

مقاييس الجمال الغربية :
مقاييس الجمال ليست كالمقاييس العلمية الموضوعية ، لها معيار لا يتبدل ، وإنما تخضع لتصورات مجتمع بعينه في فترة زمنية معينة .
في المجتمع العربي القديم كانت تمدح المرأة بصفات أصبحت تذم بها الآن .
فقد كان " النموذج المثالي " للمرأة ، أميل إلى الامتلاء ، لا سيما في بعض مواضعها.
وكانت البيئة الصحراوية بما فيها من جفاف ونقص تغذية ترى في المرأة الممئتلة نموذجاً للوفر والرفاه والجمال . وكان هذا النموذج هو الأكثر ندرة ، لكثرة اشتغال المرأة في الرعي والسقي والقيام على رعاية الأسرة ، وتدخل قانون (التميز في الندرة) ليكون الامتلاء من محاسن المرأة .
حتى ان الفقيه الشهير"ابن الحاج" اعترض على أساليب يصطنعها النساء ليزدن أجسادهن امتلاء ، فقال : " ومن ذلك ما يفعله بعض النسوة والمرأة إذا كانت مبدنة وتخاف أنها إن صامت اختل عليها حال سمنها،فتفطر لأجل ذلك، وكذلك بعض البنات الأبكار يفطرهن أهلن خيفة على تغيير أجسادهن عن الحُسنِ والسمنة"
وذكر بعض الوسائل التي اتبعتها المرأة في عصر سلاطين المماليك لزيادة الوزن فقال :"كانت المرأة إذا أتت إلى فراشها -بعد أن كانت تعشت وملأت جوفها- تأخذ عند دخولها الفراش لُباب الخبز فتفته مع جملة حوائج أخر، فتبتلع ذلك بالماء، إذ إنها لا تقدر على أكله لكثرة شبعها المتقدم، وربما تعيد ذلك بعد جزء من الليل يمضي عليها"، طلبًا للسمنة ومحافظة على وزنها وبدانتها.

ومن محاسن الصفات عند العرب :
البهكنة : وهي السمينة الناعمة جميلة الوجه حسنة المعرى.
الوركاء : عظيمة الوركين.
الرداح: عظيمة العجيزة.
الخذلجة: ممتلئة الذراعين والساقين.
.............
في المجتمع المعاصر ، وفي ظل هيمنة الغرب على الفكر والسلوك والتوجيه الإعلامي لبقية مناطق العالم أصبح نموذج الجمال ما تعرضه الصحف والمجلات والأفلام الغربية سواء للرجل أو المرأة .. ومن هنا كان مفهوم " الوزن المثالي للرجل والمرأة " .

وقد تقصى د / وائل أبو هندي مفهوم الوزن المثالي فوجده نابعاً من جداول أعدها خبراءُ شئون التأمين على الحياة في إحدى شركات التأمين الأمريكية Metropolitan Insurance Company، منها ما وضعَ في الخمسينات من القرن الماضي، ومنها ما اعتبرَ تعديلاً وضعَ في الثمانينات من ذلك القرن أيضًا، وهذه الجداولُ المبنيةُ على أبحاث شركات التأمين على الحياة والتي كانت تبحثُ عن الأوزان التي يتوقعُ لها صحةً أفضلَ وقدرةً على الحياة لفترةٍ أطولَ لكي لا تخسر شركاتُ التأمين بالطبع. وقد وضعت هذه الجداول بناءً على دراسات غير منضبطة منهجياً بالنسبة لمجتمع الدراسة الأمريكي فكيف يعمم على العالم ؟!!
ولم تراعَ الفروق الفردية بين البشر فيما يتعلق بتوزع الدهون في الجسد وبحجم الهيكل العظمي وغير ذلك
والرسالة التي تصل إلى الناس هيَ : إذا أردتَ صحةً جيدةً وأداءً جسديا أفضل ما يكونُ وعمرًا أطول فإن وزنك يجبُ أن يكونَ كذا!، وإلا فأنت تعرضُ نفسك للخطر.

ونحن سنعرض هنا رأياً علمياً يتزايد معتنقوه من الباحثين تباعاً .. وينص هذا الرأي على " الصحة لكل وزن! "Health at Every Size,"، وهي حركة تُسَلِّمُ بأن العادات السلوكية الصحية أهم كثيرا من الميزان . أي أن العادات الصحية هي المقياس.
وهي تشجع الناس من كل الأوزان على أن ينتقلوا من التركيز على وزنهم إلى التركيز على صحتهم ، وتدعو كل إنسان إلى أن يتقبل جسده، وأن يدمج العادات السلوكية الصحيحة في حياته.
وهم يرون أن هناك مبالغة في اعتبار زيادة الوزن خطرا على الصحة : فقد تبين أن حساب منسب كتلة الجسد ليس أكثر من متنبئٍ ضعيف فيما يتعلق بطول العمر أو قصره، وهناك دراسات كثيرة تبين أن زائدي الوزن من الناس يعيشون على الأقل بقدر الناس طبيعيي الوزن (3-1) بل ربما يكون الوزن الزائد مثاليا لعمرٍ أطول .

صورة الجسم :

الإناث أكثر انتقاداً لصورة أجسادهن في المرآة مقارنة بالذكور .
من بين كل عشر إناث ينظرن إلى المرآة ، هناك ثمانية سيشعرن بعدم الرضا ، وخمسة على الأقل سيرون الصورة غير مطابقة للواقع.
أكثر من 80% من النساء بعد سن الثامنة عشرة في الدول الغربية غير راضيات عن صور أبدانهن، وعادة ما يرين أنفسهن أضخم وأقبح من الحقيقة.
اختلال صورة الجسد، بمعنى أن ترى المرأة نفسها أسمن مما هي في الحقيقة موجود عند نسبة قد تصل إلى ثلاثة أرباع النساء ذوات الوزن الطبيعي وليس البدينات، وعادة ما يعبرن عن ضيقهن من عدم نحول الخصر ومن تجمع الدهون في الفخذين والأرداف.

الشره في السنة النبوية المطهرة :


‏عَنْ ‏وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ ‏عَنْ ‏نَافِعٍ ‏قَالَ كَانَ ‏ابْنُ عُمَرَ‏ ‏لا يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَدْخَلْتُ ‏رَجُلاً ‏يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا فَقَالَ يَا ‏‏نَافِعُ ‏لا تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَقُولُ‏ "‏الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًي وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ".

وأورد البخاري في كتاب الأطعمة أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال:(ما شبعَ آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعامٍ ثلاثة أيامٍ حتى قُبضَ.

وأورد المنذري في الترغيب والترهيب أن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أولُ بلاءٍ حدثَ في هذه الأمَّةِ بعدَ نبيِّها: الشِّبَع فإنَّ القومَ لمَّا شبعتْ بطونهم سمنتْ أبدانُهم، فضعفت قلوبهم، وجمحتْ شهواتُهم.
وأورد أبو نعيم في الحلية أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يحذر من الإسراف بالطعام ويقول: (إيَّاكم والبِطْنة في الطعام والشراب، فإنها مَفْسدةٌ للجسم، مورثةٌ للسقم، مَكْسَلةٌ عن الصلاة، وعليكم بالقَصْدِ فيهما، فإنَّهُ أصلحُ للجسدِ وأبعدُ عن السَّرَف، وإنَّ اللهَ تعالى لَيبغضُ الحَبْرَ السَّمين وإنَّ الرجل لن يهلكَ حتى يُؤْثر شهوته على دينه).

وليسَ المقصود بالطبع من ذلك أن الشبع حرام فقد جاءَ في فتح الباري بعد رواية أوردها تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله شبع من الطعام، قال القرطبي: فيه دليل على جواز الشبع، وما جاء من النهي عنه محمول على الشبع الذي يثقل المعدة، ويثبط صاحبه عن القيام بالعبادة، ويفضي إلى البطر والأشر والنوم والكسل، وقد تنتهي كراهته إلى التحريم بحسب ما يترتب عليه من المفسدة .

قال صلى الله عليه وسلم : "ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن، حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه، فان غلب الآدمي نفسه فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنَفَس" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواهُ الترمذي وابن ماجه.

علاج معرفي سلوكي معتمد على آداب الإسلام لعلاج السمنة :

(مقتبس من مقال للدكتور وائل أبو هندي ، وأظنه يستحق الإشارة إليه).
برنامج لإصلاح العلاقة بين الإنسان وجسده وبين الإنسان ومأكوله، ولما كان ذلك الإصلاح يقود بالضرورة إلى تحسن أداء الجسد فإن ارتداده إلى النقطة المحددة Set Point أمر متوقع، فإن لم يحدث من تلقاء نفسه أو كانت النتيجة أقل من المطلوب فإننا نضيف في المرحلة الثانية من البرنامج ما يجعل ذلك أكثر قابلية للحدوث.

-1- الأكل حدثٌ له احترامه ففرغ نفسك له تماما، وأفرد لكل وجبةٍ نصف ساعةٍ، واجعل نيتكِ نيةَ المتعبد لله بالأكل، ولا تجعل الأكل نشاطًا يضافُ إلى أي نشاط آخر أي أنك حين تأكل يجبُ ألا تفعل إلا الأكل فلا تشاهد برامج التليفزيون ولا تسمع شريط وأنت تأكل.
2- كل ثلاث مرات في اليوم أو مرتين أيام الصوم.
3- لا تذم نوعاً من أنواع الطعام الحلال، فلا تجنب الخبز ولا الأرز ولا الفاكهة، ولا شيئًا من الأطعمة خاصةً التي تؤكلُ في صورتها الطبيعية أو أقرب ما تكونُ إلى الطبيعية. كل من كل شيء بشرط أن تكونَ طريقةُ أكلك هيَ الطريقة التالية، فأسوأ تأثيرات تقسيم الطعام إلى جيدٍ وسيءٍ حسب محتواه من السعرات الحرارية هو حرمان الجسد من بعض حاجاته التي قد تكونُ أساسيةً مما يدفعُ الجسد إلى التصرف بما يشبهُ الجنون، فتكونُ العاقبةُ إما السقوط في نوبات الشره (Binge Eating) أو حدوثُ ما يعرفُ الأكل الليلي أو المسائي Night (Nocturnal) Eating حيثُ يقوم الشخص من نومه ويتحرك وهو بينَ النوم واليقظة (أي غير كامل الوعي) فيتجهُ ناحيةَ الطعام (في المطبخ أو في مكان الثلاجة) ثم يأكلُ كمياتٍ غير محكومةٍ من الأطعمة التي تجنبها خلال النهار، ويعود بعد ذلك للنوم.

4- غير طريقةَ جلوسك المعتادةَ للأكل فيمكنُ أن تجلس كما كان سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام يجلسُ للأكل (جاثيًا على ركبتيه، أو جالسًا على رجله اليسرى وناصبًا اليمنى) وأن تحسن الجلسةَ ثم تستديمها، أي لا تغير جلستك التي اخترت قبل الفراغ من الأكل، فإن رأيت ذلك غير مناسب لك خاصةً في البداية فتخير الجلسة التي تناسبك بشرط ألا تكونَ جلسةَ المتكئ أو الذي ينوي الاستكثار من الطعام، فلم يكن الرسول يجلسُ جلسةً تعززُ إطالةَ الجلوس على الأكل بل كانَ يقعدُ مستنفرًا.
5- لا تستخدم يدك اليسرى في الأكل على الإطلاق ، أو لتسند شيئًا أو لتزيل قشر الفاكهة أو عظمًا من اللحم، ولكن تجنب في جميع الأحوال أن تحمل يدك اليسرى شيئًا إلى فمك فذلك منهيٌ عنه في الحديث الصحيح عند مسلم، وتجنيبُ اليد اليسرى تماما أثناء الأكل يؤدي بالضرورة إلى تقليل كمية الأكل في كل لقمة، وإلى زيادة الوعي بالأكل خاصةً في الفترة الأولى من التطبيق لأنك ستكتشف أن الأمر مخالفٌ لما اعتدته طوال حياتك من قبل، وكلما لاحظت اشتراك يدك اليسرى في حمل الطعام أو توجهها به إلى فمك، فإن عليك أن توقفها وأن تكتفي باليد اليمنى وهذا الفعل سيزيدُ أولاً من وعيك وانتباهك كما أنهُ سيحول ما بينك وبينَ الشره، ويجعلك أقل عرضةً للسقوط في نوبات الشره.

6- ابدأ بذكر اسم الله على أول لقمة ويحسنُ أن تبدأ بالفاكهة بعد تجهيزها بيديك ، واستخدم أصابع يدك اليمنى (الإبهام والسبابةُ والوسطى)، ولا تستخدم لا الخنصر ولا البنصر ما استطعت إلا لضرورةٍ لكي تتجنب الشره.

7- إذا وضعت شيئًا بيمناك في فمك فلا تمد يدك إلى طبق الأكل مرةً أخرى حتى تمضغ ما في فمك جيدًا وحتى تبلعه، فهكذا كانَ فعلُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يكونُ ذلك صعبًا جدًّا في البداية خاصةً إذا كنا سنلتزمُ بتجويد المضغ وهو أدبٌ من آداب الأكل في الإسلام، ونحن كما يعلمُ الجميع معتادون على غير ذلك فمعظمنا يفرغُ الملعقةَ في فمه قبل ابتلاع ما فيه ممضوغًا نصف مضغ أو أقل ليحملها بالطعام مرةً أخرى. وعلميا يبدأ الإحساس بالشبع بعد عشرين دقيقة من بداية الأكل بغض النظر عن الكمية المأكولة، فعليك أن تدرب نفسك على تجويد المضغ وعدم مد أصابعك أو ملعقتك إلى طبق الطعام قبل ابتلاع ما مضغته جيدًا، ولا تقلق من الصعوبة التي ستواجهها في البداية لأنها ستزول بالتدريج.

-8- اغسل يدك وفمك الآن ، واستمر في الأكل بنفس الطريقة السابقة كل يوم واعلم أنك ستشعر بعد مرور عشرين دقيقةٍ على الأكثر من بدايتك الأكل بسريان مشاعر الشبع في جسدك، فاستمر بعد ذلك دقيقتين أو أكثر حتى عشر دقائق لو شئت، بشرط أن تأكل بالكيفية التي وصفناها.

وما سبقَ من خطوات هو أول المطلوب من كل من يريدُ الحفاظ على وزنه أو جعله أقربَ ما يكونُ إلى الطبيعي أو إلى الصورة التي يفترضُ أنها صورة جسده لو أنهُ عاش حياتهُ بصورةٍ صحيحةٍ من قبل، وكل ما سبقَ في نفس الوقت ينتجُ عنهُ فقدانُ وزنٍ دونَ أن تكونَ هناكَ حميةٌ إلا إذا قلنا أنها الحميةُ التي علمها لنا صلى الله عليه وسلم، وهيَ الوحيدةُ التي لا تضر! لأنها الحميةُ الوحيدةُ التي تُعلِّمنا أن نستجيبَ لإشارات الجسد الطبيعية فنأكلُ عندما نجوعُ، ولا نأكلُ لأننا نشتهي.

وكل الخطوات السابقة أيضًا هي الخطوات التي ينبغي لمن يريدُ أن ينقصَ وزنهُ أن يطبقها كبدايةٍ لإنقاص وزنه فإذا ما أتمَّها وأصبحت هيَ سلوكياته الدائمةُ في الأكل، بدأ بعد ذلك تطبيقَ الخطوة الأخيرة إذا احتاجَ إليها بعد ستةِ أشهرٍ من بداية البرنامج، فمن يريدونَ إنقاص أوزانهم، مثلا من يريدُ زوجها منها أن تقلل وزنها أو من تريدُ بنفسها ذلك، هؤلاء يحتاجونَ إلى إضافةٍ أدبٍ آخرَ من آداب الأكل في الإسلام وهو الإمساكُ قبل الشبع.، ولكن ذلك يحتاج إلى القدرة على التعرف على علامات الشبع، وهذا ما يصبح من نجح في تعويد نفسه على ما سبق قادرا عليه بعد ستة أشهر.

 

المرحلة الثانية من البرنامج :

بعد استمرارك على الخطوات السابقة ثلاث مرات كل يوم لمدة أربعة أشهر على الأقل، ابدئي في محاولة التمييز بينَ شعورك بالجوع، وبين شعورك بالاشتهاء لطعامٍ ما فهنالك فرق بين الحالتين، وإذا وجدت أنك تحسين بالجوع ثلاث مرات كل يوم فاحمدي الله وهنيئًا لك لأنك استعدت القدرة على فهم إشارات جسدك، وأصبحت أكثر إحساسًا به وقبولاً وحبًّا له، ولا تنسي أبدًا أن جسدك أمانةٌ أبدعها وأودعها الله لديك.
إذا لم تتمكني من التفريق بينَ الجوع والشهية؟ عليك أولاً أن تعرفي أن ذلك ليسَ أمرًا عجيبًا أو غريبًا أو نادرَ الحدوث خاصةً بينَ ضحايا الحمية المنحفة، فليس من المنطقي أن تتوقعي بعد فتراتٍ طويلةٍ من تجاهل أو مقاومة الإشارات الطبيعية للجسد أن يعودَ الجسد إلى إرسال إشاراته التي توقف عن إرسالها -من طول ما تم تجاهلها- بينَ يومٍ وليلة، الخطوةُ الأولى إذن هيَ أن لا تنزعجي ثم استمري على الأكل بنفس الكيفية السابقة ثلاث مراتٍ في اليوم وافصلي بينَ كل مرةٍ والتي تليها بما بأربعة أو خمسة ساعات من ساعات اليقظة، واسألي نفسك قبل كل وجبة عن مشاعرك لحظتها.
فإذا حدثَ أنك استطعت الوصول إلى التفريق بينَ الجوع والشهية، فأنت الآن بالفعل ستبدئين المرحلة الثانية من البرنامج، إذن يمكنكِ الآن أن تزني جسدك، قد لا يكونُ الهبوط في الوزن كبيرًا، لأننا لم نبدأ المرحلة الثانيةَ من البرنامج بعد، ولكن أهم الفروق بينَ ما يمكنُ أن تكوني قد فقدته من الوزن عند هذه النقطة هو أن هذا الوزن المفقود يختلفُ عن أي فقدِ وزنٍ عرفته أثناء تجاربك السابقة مع الحمية المنحفة لأنه فقدَ دونَ حميةٍ منحفةٍ فأنت لم تمارسي أي حميةٍ في الجزء الأول من البرنامج أصلاً، وأما الفرق الأهم فهو أن ما فقدته حتى الآن ليسَ فقدًا خائبًا تتمُّ استعادته بعد فترةٍ قصيرةٍ أو طويلة، وذلك لسببين أولهما أنهُ فقد بشكلٍ طبيعي دونَ حميةٍ ودون نيةٍ حتى من جانبك، وثانيهما أن التزامك الذي سيستمرُّ إن شاء الله بالخطوات السابقة نفسها لا يمكنُ معه أن تكسبي وزنًا ما دمت قد تعديت مرحلة البلوغ اللهم إلا إن رزقك الله بحمل جديد، واستمرارك حتى في هذه الحالة على نفس الخطوات السابقة يعني أنك ستلدين وترضعين بفضل الله طفلاً صحيحًا، بينما يعود إيقاع جسدك ووزنه إلى الانتظام من تلقاء نفسه فقط تابعي التزامك بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
لا تأكلي في السر أو وحدك أبدًا قدر الإمكان، وأحيطي نفسك قدر استطاعتك بمن لا يقيمون الناس بأشكالهم، وتأكدي أنهم موجودون، ليسَ لأن شكلك سيظلُّ كما هو، فالتحسنُ مضمونٌ بفضل الله ورجوع جسدك إلى طبيعته حادثٌ حادثٌ إذا التزمت بما سبق وما يلي، وأنا أطلبُ منك ذلك لأنني أريدك أن تأكلي مع الناس وليسَ وحدك أبدًا قدر الإمكان، لأن الاجتماع على الأكل أدبٌ إسلامي أصيل، وحبذا لو كانَ المجتمعون ملتزمين بآداب الإسلام ليس فقط في الأكل وإنما في تقييم الناس بعضهم لبعض أيضًا، وتذكري الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا ينظرُ إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم" .
لا تنامي بعد الأكل، عليك بالتريض، يمكنكِ المشيُّ ويمكنك استخدام أجهزة التريض المنزلية الحديثة خاصةً في الصباح وفي الظهيرة، وأنا أفضل الصلاة التي تطيلين فيها الوقوف والركوع والسجود لله في كل وقت، وخاصةً في الليل، وانتبهي إلى أن التريضَ البدني في عصرنا أصبحَ ضرورةً يعيها كل عاقل، لأن حياتنا العصرية خاملةٌ بدنيا بكل معنى الكلمة.
لكن المهم هو أن تختاري نوعًا من التريض يدخلُ ضمنَ حياتك ببساطة ولا يحشرُ حشرًا، فمثلاً استبدلي استخدامك للمصعد الكهربي دائمًا بصعود السلم، كفي عن استخدام السيارة يوميا في الذهاب لمكان ما واستبدليها بالسير على قدميك، فقد أعطاك الله جسدًا لكي تستخدميه لا أن تشوهيه بعدم الاستعمال.
دربي نفسك على البدءِ بالفاكهة ، وفكري جيدًا في الفرق بينَ الجوع والشهية واستبصري ذلك في نفسك بجدةٍ واجتهادٍ أكثر مما سبقَ أن فعلته في خطوات هذا الجزء الأولي، وكذلك فرقي جيدًا بينَ من يعرفون الشعور بالامتلاء ويسمونهُ بالشبع، وبينَ من يعرفونَ الشبع الذي سبقهُ الجوع .
ابدئي الآن في إضافة صوم التطوع إلى برنامجك الأسبوعي يومين كل أسبوع، مع ضرورة الالتزام بتأخير السحور وتعجيل الإفطار. ثم ابدئي من بعد صلاة العصر في استبصار الطريقة التي يعبرُ لك جسدك بها عن حاجته للغذاء أي عن الجوع، فإذا حان موعد الإفطار فافعلي بالحرف الواحد ما كانَ يفعلهُ الرسول صلى الله عليه وسلم، أي اكسري صومك بقليلٍ من التمر والماء، ثم توضئي لصلاة المغرب، وارجعي بعد ذلك لتناول إفطارك ملتزمةً بما تعلمت من سلوكيات الأكل في الإسلام، وتوقفي عن الأكل عندما تبدئين في الشعور بزوال علامات الجوع وكما قلنا من قبل فإن ذلك سيبدأ بعد عشرين دقيقةٍ على الأكثر، ولا تلقي سمعًا لمن يقول لك: "كلي فقد كنت صائمة" لأنك عندما تبدأ علامات الجوع في الزوال تكونين بالفعل قد أكلت ما يلزم جسدك من الغذاء.
تستطيعين ما دمت على نفس الخطوات السابقة وتأكلين بالكيفية المذكورة، أن تنقصي مدة أكلك ربما للنصف، وتعلمي عند هذه المرحلة أننا مأمورون شرعًا بأن نستجيبَ دائمًا لشعورنا بالجوع لأن ذلك يحافظُ على الجسد، ومأمورون في نفس الوقت بأن نقاوم شهيتنا للطعام، لا أن نتجاهلها تماما ولا أن نستسلمَ لها تماما، مع تذكير نفسك بأن الإمساك قبل الشبع أيضًا من السنة المؤكدة، وحتى لو لم تلتزمي بالسنة منذ البداية فتأكدي أنك ستكتشفين شعورًا بالشبع بعد كميةٍ أقل بكثيرٍ من كل ما تعودت أكلهُ من قبل، مع أنك لم تفعلي شيئًا غير السنة.


اختُصِرَت كثير من معلومات هذه المقالة من موقع :
www.maganin.com

 

د. محمد محمد فريد 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.