الإنترنت : الوقاية خير من العلاج
عالمٌ كبير قد تحكمه وقد يحكمك..قد تضبطه وقد يستلبك..قد تبحر فيه إبحار الماهر المسيطر.. وقد يقذف بك في أمواجه المتلاطمة بلا شطآن وبلا طوق للنجاة..فأيهما تختار أن تكون ..؟؟
من نافلة القول الحديث عن أن الإنترنت من أعظم إنجازات العصر الحديث ، وأقوى ما أنتجته التكنولوجيا المعاصرة في العقود الأخيرة ، وهو على ما له من فوائد مذهلة ومنافع جمة ..فإن له من السلبيات والأضرار الكثير والكثير..
وهو ما أثبتته وتثبته الدراسات الحديثة في مختلف المجالات ، وبخاصة مجالات الصحة وعلم النفس..وعلى سبيل المثال فقد أوضحت دراسة أجرتها مؤسسة ميديا متري الفرنسية أن 87% من أولياء الأمور يعتبرون الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) تمثل عالماً خطيراً على أبنائهم ، وأن ثمة الكثير من الأضرار التي يتوقع الآباء أن تنال أبنائهم خاصة في المراحل المبكرة من أعمارهم..
ومن هذه الأضرار:
أنه يهدد بضعف العلاقات الاجتماعية..ويزيد من فرص العزلة والانطوائية لمستخدميه..
أنه يعتمد في استخدامه على عدد من المهارات الذهنية المحدودة دون غيرها ، مما يهدد بضعف المهارات والقدرات الإنسانية الأخرى..
أن الإفراط في استخدامه قد يوقع المرء فريسة للإدمان ؛ ولذا فإن جمعية الطب الأمريكية تسعى للتوصية بتصنيفه الإدمان على الإنترنت والألعاب الشخصية كتصنيف مرضي رسمي..
حرية تداول المعلومات والمواد المختلفة دون ضوابط أو رقابة تذكر ، مما يجعل مستخدمه فريسة للمعلومات الخاطئة أو المعتقدات المخالفة ، خاصة لو لم يتزود المستخدم بخلفية فكرية قوية وثابتة تؤهله للانتقاء وحسن الاختيار..
أن الإنترنت أصبح حقلاً خصباً لتداول المواد الإباحية ووسائل الاستغلال الجنسي ؛ فقد أوضح تقرير صدر عن مركز (إن2 إتش2) المتخصص في فلترة مواقع الإنترنت ، أن عدد المواقع الجنسية على الشبكة وصل إلى 2.4 مليون موقع بنسبة 12% من إجمالي عدد مواقع الإنترنت، وأضاف التقرير أن تجارة الجنس على الإنترنت تدر أرباحاً قدرها 2.5 مليار دولار من إجمالي 57 مليار دولار يتم تداولها عبر الشبكة ، وهو ما يهدد بنشر الرذيلة والتأثير بالسلب على القيم المجتمعية ككل..
ولذا فإن استخدام الإنترنت يستدعي من مستخدمه وضع الكثير من الضوابط والقواعد الذاتية ، حتى يتمكن من استخدامه استخداماً مفيداً وآمناً..
ومن هذه الضوابط المقترحة:
- تحدد الغاية من استخدام الإنترنت ، ووضع تصور لما يمكن تحقيقه من هذا الاستخدام ..بحيث لا يترك المرء نفسه فريسة للتجوال العشوائي عبر الشبكة الذي يضيع الوقت والجهد ويجعل المرء فريسة سهلة للاستخدامات الخاطئة للشبكة..
تحديد وقت تقريبي لتحقيق هذا الهدف بحيث لا يكون وقتاً ضيقاً لا يتيح للمرء تحقيق هدفه ، ولا يكون وقتاً فضاضاً يمنحه الفرصة للانتهاء من عمله ثم التجول غير المحدد..
وضع ساعة أو مؤقت قريب من الحاسوب بحيث يحدث التنبيه المطلوب عند انتهاء الوقت ، وحتى يشعر الإنسان بما يمضيه من وقت على الحاسوب..
وضع الحاسوب في مكان مفتوح يتيح للآخرين الاطلاع على ما يتم تداوله عبر حاسوبك الشخصي..ولا يمنحك الفرصة للانفراد بنفسك طويلاً..
ضع في مفضلتك عدداً من المواقع التي تقدم أنواعاً من المرح البرئ والهادف والتي قد تلجأ عليها عند شعورك بالملل أو الرتابة من القيام بأعمالك الجادة ..
راجع نفسك في نهاية اليوم ، وحاول تقييم آدائك ، ومدى استفادتك من الوقت المبذول على الشبكة ، وما تم إنجازه خلال يومك..
احذر أن تجعل الإنترنت وسيلتك للهروب من الواقع ومشكلاته ، أو وسيلة لملئ الفراغ وإضاعة الوقت لأن هذا قد يؤدي بك إلى العزلة ، وقد يسلمك للاستخدامات الخاطئة للشبكة العنكبوتية..
وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
أ. شروق محمد