هل تهيأتم للامتحان

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: السبت, يونيو 6, 2015 - 18:22
عند قراءة السؤال لأول وهلة يتبادر إلى الذهن أنه موجهٌ لطالب أو عدة طلاب بإحدى المراحل الدراسية ، التي ستبدأ اختباراتها في غضون الأيام القادمة..لكن السؤال هذه المرة ليس موجهاً للطلبة ، ولكنه موجهٌ لولي أمر الطالب: الأب والأم أو من يحل محلهما..
فقد تكون المرة الأولى التي يتخطى فيها ولدك هذه التجربة ..تجربة الامتحان ، أو قد يكون هذا الفصل الدراسي خطوة فاصلة في حياته ، أو قد تكون المرة الثانية أو الثالثة لدخوله الامتحان بعد تكرار مرات الفشل..
فهل تهيئت معه لاجتياز الامتحان؟؟
نعم فأنت شريكه في خطواته للنجاح أو رحلته إلى الفشل..أنت عاملٌ رئيسي في تحديد النتيجة وتجاوز التجربة وبلوغ الهدف..أنت أيها الوالد الكريم ويا أيتها الأم العزيزة رفقاء درب طريق النجاح..فهل أعددتم العدة لهذه المهمة؟
كثير من الآباء يخطئ خطئاً فادحاً حينما يولي مرحلة الامتحانات أهمية مبالغة ؛ فيضفي على البيت مناخاً عسكرياً يجعله أشبه بغرفة عمليات لإدارة معركة حربية ، وليس منزلاً آمناً هادئاً لطالب يجتاز الامتحانات ، كما قد يخطئ بعض الآباء من جهة أخرى حين يبالغ في التراخي وعدم الاهتمام ، فيترك ابنه في هذه المرحلة دون متابعة يومية أو مراقبة دقيقة..
ولهؤلاء وأولئك نتوجه لكم بالمقترحات التالية:
أولاً: خلق الدافعية لدى الطالب:
قبل أن تنصح ابنك بالمذاكرة أو ضرورة الاستعداد للامتحان لابد من أن تساعده على خلق الدافعية الذاتية للتعلم ، وهنا لابد من وقفة مطولة مع الابن لتحديد غايته من التعلم ، فنبدأ بسؤال بسيط وهو لماذا تتعلم ؟؟ فإذا كانت الإجابة للحصول على شهادة تؤهلني لوظيفة جيدة ومستوى مادي مرتفع ، نرد بأن الكثيرين يتعلمون ولكن لا تتوافر لديهم الوظيفة المرموقة ولا المستوى المادي المطلوب..
ولكن العلم هو غاية المسلم والحكمة ضالته وهي أرقى أنواع العبادات ، ونذكِّر أبناءنا الطلاب بآيات القرآن التي توضِّح فضل العلم على أصحابه، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة: من الآية 11)، ومن هنا يتضح أن طلب العلم رسالةٌ فرضها الله على المسلم وميَّزه بها وصنَّف البشر بمقياسها ورفع بها أقوامًا على آخرين؛ فيقول تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: من الآية 9).
وبهذا يستشعر الطالب سمو مهمته ورفعة مكانته ، وأنها مرتبطة بتوجيه نيته لله عز وجل ، لينال عليها أجر الدنيا وثواب الآخرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع"
ثانياً: تهيئة المناخ النفسي المناسب للطالب: 
وذلك بتجنب المشكلات الأسرية ، أو جو المشاحنات والخلافات قدر الإمكان ، ولابد من تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ بحيث يتوافر الهدوء اللازم لدى الطالب أثناء نومه ويقظته ، مع تجنب استخدام مثيرات سمعية أو بصرية يمكن أن تقلل من تركيز الطالب مثل صوت التلفاز أو المذياع المرتفع أو غيره من الأجهزة التي يمكن أن تشوش انتباهه..
ثالثاً: توفير المناخ الصحي للطالب:
بالعناية بحجرة المذاكرة ، وتوفير الإضاءة المناسبة والتهوية الجيدة ، ويحبذ أن تكون الغرفة ذات ألوان فاتحة هادئة مريحة للأعصاب ، أما الإضاءة على مكتب الطالب فيفضل أن تكون على يساره وليست على يمينه أو أمامه ، مع الاهتمام بترتيب حجرة الطالب ومساعدته على وضع الأشياء والكتب والمذكرات في موضعها..
رابعاً توفير التغذية الصحية:
هناك عددٌ من القوائم التي يوصي بها خبراء التغذية لزيادة التركيز والاستيعاب ، وبصفة عامة لابد من التركيز على الأغذية الخفيفة والمفيدة كالألبان والفاكهة والعسل والخضروات ونسبة من البروتينات والعصائر الطازجة ، ويفضل الابتعاد عن الأغذية الدسمة والنشويات والأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية التي يمكن أن تسبب له التراخي والكسل وقلة التركيز..
ويفضل الإكثار من شرب الماء والبعد تماماً عن المنبهات مثل القهوة والشاي والشوكولاتة ، والتي تعطي مفعولاً عكسياً ، وتقلل من الاستيعاب ، وكذلك الحلويات والسكريات التي تساهم في الإقلال من الاستيعاب والتركيز.
خامساً: تنظيم الوقت: 
لابد من مساعدة الطالب على تنظيم وقته ، والتنويع بين المذاكرة ونيل قسطٍ كافٍ من النوم والراحة ، ولابد من وجود وقت للترفيه بممارسة الرياضة أو هواية محببة أو متابعة برنامج مفيد في وقت محدد..
سادساً : مساعدة الطالب على الهدوء والتخلص من رهاب الامتحان:
فبعض الطلاب يعانون في فترة الامتحان من توتر وقلق كبير يعوقهم عن التركيز والاستذكار الجيد ، وهنا لابد من تدخل الأهل لطمئنة الطالب ومساعدته على تجاوز هذه المشكلة ، ومن وسائل المساعدة في هذا الصدد:
-           إقرار القاعدة التي تقول " على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح" وبالتالي لابد أن نغرز في الطالب فقه الأخذ بالأسباب ثم التسليم لله عز وجل ، وهذا هو التوكل بمعناه الصحيح..
-           تذكير الطالب أن من أسباب استعادة الثقة في الذات ومقاومة النسيان ، تقوى الله وترك المعاصي ، وفي ذلك يقول الإمام ابن تيمية في أحد رسائله إلى أهله أثناء سجنه في القلعة في مصر قال: "كنت إذا استعصت عليَّ مسألة فقهية من العلم أسجد لله وأغبُّر وجهي تضرُّعًا وتقرُّبًا حتى يفتحَ الله عليّ" ، ويقول الشافعي:
شكوت إلى وكيعٍ سوءَ حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلــم نـور ونور الله لا يُهدى لعاصــي
-           عدم الضغط والإلحاح على الطالب ، خاصة في فترات وتوتره ، وتجنب مقارنته بغيره حتى ولو كان أحد أخوته ، ولكن يمكن في هذه الأوقات تذكيره بنجاحاته السابقة ومواضع تفوقه ، وأن مخاوفه لا أساس لها ، مع استخدام كلمات الثناء والتشجيع ليستعيد ثقته في ذاته..
-           فإذا ما اشتد الأمر لابد أن ينال الطالب قسطاً من الراحة والاسترخاء بالنوم في مكان هادئ وهو مسترخي العضلات ، ويبدأ في فتح يديه ثم يطبقها عدة مرات ، ويحاول تذكر مواقف نجاحه وتفوقه في السابق ، كما يمكن أخذ حمام دافئ لمزيد من التهدئة..
-           لابد من تنظيف وتنظيم حجرة الطالب جيداً ، وإبعاد الكتب والأوراق عن فراشه ، خاصة في فترات استرخائه أو نومه..
-           لابد من تذكير الطالب بأن الاختبار مهما كان مهماً وفاصلاً فهو اختبار دنيوي ..أما الاختبار الأهم والأكبر فهو اختبار الآخرة..
سابعاً: الدعاء له:
فإلى جانب أن دعاء الوالد لولده من الأدعية المستجابة لقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " ، فإن دعاء الوالدين لولدهما المقبل على الامتحانات يعطيه شعوراً بالراحة والسكينة ، ويكسبه قدراً عالياً من الثقة في ذاته وفي توفيق الله عز وجل له..
وفي النهاية نتمنى لأبنائنا التوفيق والنجاح
 
 
أ. شروق محمد 
سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.