كيف تواجة الغضب

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: السبت, يونيو 6, 2015 - 11:45
  • الغضب شعور يتولد لدى الفرد بسبب شيء يجرحه أو يعارضه أو يضايقه .
  • ويبنغي مراعاة ما يلي في الحديث عن الغضب :
  • الغضب شعور لا بأس به في ذاته .
  •  هدف الغضب الأساسي : حماية الذات . قال الشافعي رحمه الله : من استُغضِبَ فلم يغضب فهو حمار‏.‏
  •  يمكن استثمار الغضب بصورة صحية ، وليست بالضروري أن يؤدي الغضب إلى العدوانية على الآخرين .
  •  غضبك لعرضك يمنحك القوة لدفع من تحرش به .
  •  غضبك لنفسك من أن تكون أقل من الآخرين يمنحك القوة للتفوق .
  •  غضبك لأمتك يمنحك القوة للدفاع عنها .
  •  ( تجربة " غضب الأمة " لتطاول الصحافة الدانماركية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دليل على الغضب الصحي .
  • لذا .. فالغضب ليس مشكلةً في ذاته .. وإلا لما كان لدينا مصطلح " الغضب للنفس ، والغضب لله أن تُنتَهكَ حدودُه " .
  • وقد وصف الله تعالى حالات غضب لبعض أنبيائه ، ولكنه كان غضباً لله جل وعلى ، كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام " وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه ".
  • وحكى عن نوح عليه السلام دعاءه على قومه " رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً أو كفاراً " .
  •  قال الإمام الغزالي : فقد الغضب مذمومٌ وإنما المحمود غضب ينتظر إشارة العقل والدين ، فينبعث حيث تجب الحَمِيَّة ، وينطفئ حيث يَحسُن الحلم ، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ‏"‏ خير الأمور أوساطها " فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحسَّ من نفسه بضعفِ الغيرة وخسة النفسِ في احتمال الذل والضيم في غير محله فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوى غضبه‏.‏ ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جرَّه إلى التهور واقتحام الفواحش فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سَورَة الغضب ويقف على الوسط الحق بين الطرفين فهو الصراط المستقيم .

الغضب والخوف والحزن :

الخوف هو الاستجابة الوقائية الأولى لأي شعور بالتهديد ، والغضب هو الاستجابة التالية له ، وبدونه لن يبقى لك إلا الخوف .

قال الإمام الماوردي :

 

سَبَبُ الْغَضَبِ هُجُومُ مَا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ مِمَّنْ دُونَهَا، وَسَبَبُ الْحُزْنِ هُجُومُ مَا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ مِمَّنْ فَوْقَهَا. وَالْغَضَبُ يَتَحَرَّكُ مِنْ دَاخِلِ الْجَسَدِ إلَى خَارِجِهِ، وَالْحُزْنُ يَتَحَرَّك مِنْ خَارِجِ الْجَسَدِ إلَى دَاخِلِهِ. فَلِذَلِكَ قَتَلَ الْحُزْنُ ، وَلَمْ يَقْتُلْ الْغَضَبُ ، لِبُرُوزِ الْغَضَبِ وَكُمُونِ الْحُزْنِ. وَصَارَ الْحَادِثُ عَنْ الْغَضَبِ السَّطْوَةَ وَالانْتِقَامَ لِبُرُوزِهِ، وَالْحَادِثُ عَنْ الْحُزْنِ الْمَرَضَ وَالاسْقَامَ لِكُمُونِهِ. وَلِذَلِكَ أَفْضَى الْحُزْنُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يُفِضْ إلَيْهِ الْغَضَبُ. فَهَذَا فَرْقٌ مَا بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْغَضَبِ.

وقال الإمام الغزالي :

وإنما ينبسط الدم إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه ، فإن صدرَ الغضبُ على من فوقَه وكان معه يأسٌ من الانتقام ، تولَّدَ منه انقباضُ الدمِ من ظاهر الجلد إلى جوف القلب ، وصار حزناً . ولذلك يصفَرُّ اللون . وإن كان الغضب على نظيرٍ يشكُّ فيه تردد الدم بين انقباضٍ وانبساطٍ فيحمر ويصفر ويضطرب‏.‏

الغضب والحب :

لماذا يشيع الغضب بين الأزواج ؟ ولماذا تكثر مشاكل " العنف العائلي " .
أنت تحتاج كثيراً من الحب ، وتشعر عندما لا تتلقاه بالانجراح ، وتخشى أن تُجرَح ثانيةً ، أو أن يكون هناك عيب خاص بك ، وتنمي في نفسك نوعاً من الدفاع والحماية ، ومن هنا يدخل الغضب .

الغضب الدفين :

هو الغضب المكبوت المتراكم ، وهو يظهر في إحدى صورتين :

  •  المرض : كالمظاهر الاكتئابية ، أو الأمراض النفسية العضوية ، وقد يتجاوز الأمر إلى السلوك الانتحاري .
  •  الانفجار في نوبات غضب نشعر فيها بانعدام السيطرة على النفس ، وعدم تناسب رد الفعل الغاضب مع السلوكيات المفجرة له .

ويلجأ البعض أحياناً للتخلص من آثار ( المرض ، أو الانفجار في نوبات غضب ) إلى بعض السلوكيات الإدمانية ، كإدمان الكحول أو التدخين أو التسوق القهري أو الإنترنت .. الخ .

مراحل الغضب :

هناك مراحل أربعة للغضب :

  •  مرحلة الإنذار : علامة تحذير بأن الموقف الذي تمر فيه يمكن أن يستثير غضبك ، وتصاحبه بعض الأعراض الفسيولوجية والنفسية ( إجهاد ، قلة نوم ، كثرة تفكير).
  •  مرحلة الاشتعال .
  •  مرحلة تصاعد الغضب .
  •  مرحلة الخمود .

والتعرف على ملامح كل مرحلة بالنسبة لك يحميك من فقدان السيطرة على غضبك ، ويمكنك من منع الانتقال من مرحلة إلى أخرى .

أسباب الغضب :

كثيراً ما ينشأ الغضب والعنف من الشعور بالعجز والضعف .
أسباب خارجية : وتتمثل في الضغوط التي يمر بها الإنسان سواء كانت صحية أو اقتصادية أو عملية أو اجتماعية .. الخ ، غير أن الأمر الأهم هو : كيف ينظر إلى الضغوط ، ثم ينفعل بها .
وكل الضغوط يمكن أن تؤدي إلى رباعي المشاعر : ( الخوف ، الغضب ، الحزن ، القلق) ، بحسب تفسير الإنسان لها.
ومن أسباب الغضب : الرفقة المادحة للغضب ، المحبذة له ، والتي تراه من صفات الرجولة.

الأسرة :

ثمة أساليب تربوية يمكن أن تعزز استجابة الغضب لدى الطفل ، وتنمو معه في رشده ، مثل :

  •  الحرمان مما يحب .
  •  التدليل الزائد وتعويده على أن يكون مركز العالم المحيط به ، فلا يؤجل إشباع رغباته .
  •  الأب الغاضب والأم المضطهدة ، ينمي لدى الطفل واحداً من الاتجاهين : إما الغضب الإيجابي الصارخ مقلداً والده ، أو الغضب السلبي المكتوم ، متوحداً مع والدته .
  •  الأسرة المعتادة على كبت التعبير عن مشاعرها ، ولا تسمح لأطفالها بتفريغ غضبهم والتعبير عن مشاعرهم تحولهم إلى قنابل موقوتة !!

 

الشخصية :

• يمكن أن تساهم بعض سمات الشخصية في التهيئة للغضب والاندفاع إليه . ولكلٍ من الانطواء والانبساط أثره الخاص في التقليل من الغضب أو التكثير منه ، وهو يتفاعل مع بعض المواقف الخاصة لتكتمل معادلة الغضب أو تتلاشى . أما ارتفاع سمة " العصابية " فهو مساعد على زيادة الغضب والتوتر .
• اضطرابات الشخصية تسهم بصورة كبيرة في إذكاء الغضب وتصعيده ، كالشخصية النرجسية ( إن أحست بالانجراح ) والوسواسية ( إذا شعرت بالنقص عن المعيار المحدد ) والحدية ، والارتيابية ( إذا زاد التشكك ) .

كيف تعالج غضبك :

للعلاج جانب معرفي ، وآخر سلوكي ، وسنجملهما سوياً فيما يلي :

التفكر في آثار العنف على النفس والآخرين :

قال الإمام الغزالي : ومن آثار هذا الغضب في الظاهر : تغير اللون ، وشدة الرعدة في الأطراف ، وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام ، واضطراب الحركة والكلام حتى يظهر الزبد على الأشداق ، وتحمر الأحداق ، وتنقلب المناخر ، وتستحيل الخلقة . ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياءً من قبح صورتِه واستحالة خلقته . وقبحُ باطنِه أعظمُ من قبح ظاهره ، فإن الظاهر عنوان الباطن ، وإنما قَبُحَت صورة الباطن أولاً ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانياً ـ فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن فقس الثمرة بالمثمرة فهذا أثره في الجسد‏.‏
وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب ، وذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ‏.‏
أما أثره على الأعضاء فالضرب ، والتهجم ، والتمزيق ، والقتل ، والجرح عند التمكن من غير مبالاة ، فإن هرب منه المغضوب عليه أو فاته بسبب وعجز عن التشفي رجع الغضب على صاحبه فمزق ثوب نفسه ويلطم نفسه ، وقد يضرب بيده على الأرض ويعدو عدو الواله السكران والمدهوش المتحير وربما يسقط سريعاً لا يطيق العدو والنهوض بسبب شدة الغضب ، ويعتريه مثل الغشية ، وربما يضرب الجمادات والحيوانات فيضرب القصعة مثلاً على الأرض ، وقد يكسر المائدة إذا غضب عليها‏.‏ ويتعاطى أفعال المجانين فيشتم البهيمة والجمادات ويخاطبها ويقول‏:‏ إلى متى منك هذا يا كيت وكيت كأنه يخاطب عاقلاً حتى ربما رفسته فيرفس الدابة ويقابلها بذلك‏.‏
وأما أثره في القلب مع المغضوب عليه فالحقد ، والحسد ، وإضمار السوء ، والشماتة بالمساءات ، والحزن بالسرور ، والعزم على إفشاء السر وهتك الستر ، والاستهزاء وغير ذلك من القبائح فهذه ثمرة الغضب المفرط‏.‏
قَالَ بَعْضُ الأدَبَاءِ: إيَّاكَ وَعِزَّةَ الْغَضَبِ فَإِنَّهَا تُفْضِي إلَى ذُلِّ الْعُذْرِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَإِذَا مَا اعْتَرَتْك فِي الْغَضَبِ الْعِزَّةُ فَاذْكُرْ تَذَلُّلَ الاعْتِذَارِ
تعرَّف على أسباب غضبك : سواء كانت متعلقةً بسمات شخصيتك ، أو الضغوط التي تمر بها ، أو سلوك الأطراف الأخرى معك .
فكر في فضائل كظم الغيظ ، سواء كانت فضائل دينية أو اجتماعية أو نفسية : رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ "يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَقُمْ. فَيَقُومُ الْعَافُونَ عَنْ النَّاسِ. ثُمَّ تَلاَ: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا ازْدَادَ أَحَدٌ بِعَفْوٍ الا عِزًّا، فَاعْفُوا يُعِزُّكُمْ اللَّهُ".
ورُوِيَ عن عمر رضى الله عنه أنه قال‏:‏ من اتقى الله لم يشفِ غيظَه، ومن خاف الله لم يفعل ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غيرُ ما ترون‏.
وقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إذَا غَضِبَ.

فَكِّر في غاية الدنيا ونهايتها : وكثيراً ما ينسى المرء وقت غضبه أنه في الدنيا لغاية عبادة الله تعالى ، وأن الموت مقبلٌ عليه ، وذكر الموت يخفف من سَورَة الغضب . وَكَانَ بَعْضُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ إذَا غَضِبَ أُلْقِيَ عِنْدَهُ مَفَاتِيحُ مقابِر الْمُلُوكِ فَيَزُولُ غَضَبُهُ .
وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ مُحَارِبٍ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُك بِاَلَّذِي أَنْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَذَلُّ مِنِّي بَيْنَ يَدَيْك، وَبِاَلَّذِي هُوَ أَقْدَرُ عَلَى عِقَابِك مِنْك عَلَى عِقَابِي لَمَا عَفَوْتَ عَنِّي. فَعَفَا عَنْهُ لَمَّا ذَكَّرَهُ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى.

ابحث عن البدائل الممكنة بعيداً عن العنف والعدوان .

تعود التعبير السوي عن انفعالاتك: بالحديث عن الموضوع الذي يغضبك إلى آخرين ، والتباحث معهم في شأنه . وحاول - بقدر الإمكان - أن تتحدث عما أغضبك مع من أغضبك .
عبر بجسدك عن غضبك : إذا شعرت بمزيدٍ من الغضب أنت غير قادر على ضبطه فيمكنك التعبير عنه بالصراخ في مكان فارغ ، أو ضرب كيس وسادة ، أو كيس من الرمل .. المهم أن تشعر بأنك أفرغت الطاقة المتصاعدة للغضب .
أطِل المسافة الفاصلة بين المثير والاستجابة : يكون الغضب في أشده في اللحظات الأولى ، ثم يقل مع مرور الوقت ، فإذا استطعت أن تتأخر في ردك على ما يغضبك ، فهذا يعني أنك أحرزت تقدماً في التخفيف من غضبك ، وكلما طالت المدة كانت إمكانية التقليل من الغضب أعلى .

التوجيه النبوي للغاضب :

• التفكر في الآيات القرآنية الأحاديث النبوية المحببة لكظم الغيظ ، كقوله تعالى " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس " . وقوله تعالى " وإذا ما غضبوا هم يغفرون " .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب . فردّد ذلك مراراً ، قال لا تغضب رواه البخاري .
وفي رواية أن الرجل قال: ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فإذا الغضبُ يجمعُ الشرَ كله .
قال صلى الله عليه وسلم ومن كظم غيظاً ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة .
وقال عليه الصلاة والسلام : " من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يُخَيِّرَه من الحور العين ما شاء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " متفق عليه .
قال عليه الصلاة والسلام " الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه ، ويقشعر شعره فيصرع غضبه " .
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يصطرعون ، فقال : ماهذا ؟ قالوا : فلان الصريع ؛ ما يصارعُ أحداً إلا صرعه . قال : أفلا أدلكم على من هو أشد منه ؟ رجلٌ ظلمه رجلٌ فكظمَ غيظَه ، فغلبه وغلب شيطانه ، وغلب شيطان صاحبه .

 الاستعاذة بالله من الشيطان :

عن سليمان بن صُرَد قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجلان يستبّان ، فأحدهما احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه ( عروق من العنق ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمةً لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد . رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه .
• السكوت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا غضب أحدكم فليسكت).
حتى لا يتحدث في طور غضبه بما لا يحمد عقباه بعد انتهاء انفعاله .
• تغيير الهيئة من الحركة إلى السكون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع" .
قال العلامة الخطابي رحمه الله: " القائم متهيئ للحركة والبطش ، والقاعد دونه في هذا المعنى ، والمضطجع ممنوع منهما ، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد . والله أعلم .
• الاقتداء بالنماذج الصالحة في التعامل مع الغضب ، وقد وجَّه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بالأنبياء السابقين " أولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتده " .
عن أنس رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه بُردٌ نجرانيٌ غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدةً ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم ( ما بين العنق والكتف ) وقد أثَّرَت بها حاشية البرد ، ثم قال : يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك ، ثم أمر له بعطاء . متفق عليه .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له ، فقال له : يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ( العطاء الكثير ) ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر رضي الله عنه حتى همّ أن يوقع به ، فقال الحر بن قيس ، ( وكان من جلساء عمر ) : يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه ، صلى الله عليه وسلم : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه ، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل . رواه البخاري .
• معرفة مساوئ الغضب .
• الدعاء .

نصائح للإمام الماوردي :

أَسْبَابُ الْحِلْمِ الْبَاعِثَةُ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ عَشَرَةٌ:
أَحَدُهَا: الرَّحْمَةُ لِلْجُهَّالِ :
َقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ أَسْمَعَهُ كَلاَمًا: يَا هَذَا لاَ تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا، وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا، فَإِنَّا لاَ نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ.
وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: إنْ كُنْت مَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لَك.
وَالثَّانِي: الْقُدْرَةُ عَلَى الانْتِصَارِ وَذَلِكَ مِنْ سَعَةِ الصَّدْرِ وَحُسْنِ الثِّقَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إذَا قَدَرْت عَلَى عَدُوِّك فَاجْعَلْ الْعَفْوَ شُكْرًا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ".
وَالثَّالِثُ: التَّرَفُّعُ عَنْ السِّبَابِ وَذَلِكَ مِنْ شَرَفِ النَّفْسِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ.
وَالرَّابِعُ : الاسْتِهَانَةُ بِالْمُسِيءِ وَذَلِكَ عَنْ ضَرْبٍ مِنْ الْكِبْرِ وَالاعْجَابِ، مَا حُكِيَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ الْعِرَاقَ جَلَسَ يَوْمًا لِعَطَاءِ الْجُنْدِ وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى أَيْنَ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ أَبَاهُ الزُّبَيْرُ، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّهَا الامِيرُ إنَّهُ قَدْ تَبَاعَدَ فِي الارْضِ. فَقَالَ: أَوَيَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنِّي أُقِيدُهُ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ؟ فَلْيَظْهَرْ آمِنًا لِيَأْخُذَ عَطَاءَهُ مُوَفَّرًا. فَعَدَّ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْ مُسْتَحْسَنِ الْكِبْرِ.
وَأَكْثَرُ رَجُلٌ مِنْ سَبِّ الاحْنَفِ وَهُوَ لاَ يُجِيبُهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا مَنَعَهُ مِنْ جَوَابِي الا هَوَانِي عَلَيْهِ.
وَالْخَامِسُ : الاسْتِحْيَاءُ مِنْ جَزَاءِ الْجَوَابِ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ صِيَانَةِ النَّفْسِ وَكَمَالِ الْمُرُوءَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: وَالاغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِهِ. وَقَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
وَقُلْ لِبَنِي سَعْدٍ : فَمَا لِي وَمَا لَكُمْ تُرِقُّونَ مِنِّي مَا اسْتَطَعْتُمْ وَأَعْتِقُ
أَغَرَّكُمْ أَنِّي بِأَحْسَـنِ شِيمَــةٍ بَصِيرٌ وَأَنِّي بِالْفَوَاحِـشِ أَخْرَقُ
وَإِنْ تَكُ قَدْ فَاحَشْتَنِي فَقَهَـرْتَنِي هَنِيئًا مَرِيئًا أَنْتَ بِالْفُحْشِ أَحْذَقُ.

وَالسَّادِسُ : التَّفَضُّلُ عَلَى السِّبَابِ. فَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْكَرَمِ وَحُبِّ التَّأَلُّفِ . حُكِيَ عَنْ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَادَانِي أَحَدٌ قَطُّ الا أَخَذْت فِي أَمْرِهِ بِإِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: إنْ كَانَ أَعْلَى مِنِّي عَرَفْت لَهُ قَدْرَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونِي رَفَعْت قَدْرِي عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرِي تَفَضَّلْت عَلَيْهِ.
وَالسَّابِعُ : اسْتِنْكَافُ السِّبَابِ وَقَطْعُ السَّبَابِ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْحَزْمِ، كَمَا حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت وَاحِدَةً لَسَمِعْت عَشْرًا. فَقَالَ لَهُ ضِرَارٌ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَالثَّامِنُ : الْخَوْفُ مِنْ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْجَوَابِ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ ضَعْفِ النَّفْسِ وَرُبَّمَا أَوْجَبَهُ الرَّأْيُ وَاقْتَضَاهُ الْحَزْمُ.
وَالتَّاسِعُ : الرِّعَايَةُ لِيَدٍ سَالِفَةٍ، وَحُرْمَةٍ لاَزِمَةٍ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْوَفَاءِ وَحُسْنِ الْعَهْدِ.
وَالْعَاشِرُ : الْمَكْرُ وَتَوَقُّعُ الْفُرَصِ الْخَلْفِيَّةِ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الدَّهَاءِ. قَالَ بَعْضُ الأدَبَاءِ: غَضَبُ الْجَاهِلِ فِي قَوْلِهِ، وَغَضَبُ الْعَاقِلِ فِي فِعْلِهِ.

 

د. محمد محمد فريد 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.