أنا بخير ... أنت بخير

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: السبت, يونيو 6, 2015 - 10:36

لعل أهم سؤال يطرح عليك، وتطرحه بدورك على الآخرين وبصوره متكررة يومية؟؟ هو كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ فتكون الإجابة بالحمد لله، أنا بخير؟ أو زين، طيب، تمام التمام، عال العال (أوك= OK) ...الخ.

 

أنا بخير - أنت بخير "I'm Ok - you're Ok'" هذه الجملة البسيطة، وسهلة التداول، وواسعة الانتشار هي عنوان كتاب للدكتور (Thomas Harris, 1967).

 

إن علاقتنا ببعض تتأثر بمزيج من كيفية شعورنا بأنفسنا (بخير أو لسنا بخير) وكذا بالكيفية التي نعتقد فيها بالآخرين (هل هم بخير أو ليسو بخير). إن هذه التقنية البسيطة في العلاج النفسي قد ساعدت كثير من الناس على عقد صلات صحية، ناضجة، مع أنفسهم ومع الآخرين، فحسنت من صحتهم النفسية، والجسدية، والاجتماعية، على حد سواء.

 

مبتكر هذه النظرية في الأساس هو (Eric Berne; 1950) مدير معهد تحليل التعامل "Institute of Transactional Analysis" في كاليفورنيا، وطورها تلميذه (Thomas Harris, 1957) والذي قدم هذه النظرية بصورة فذة دون خلق صعوبات، في الفهم، والتفسير وبعيدا عن المفاهيم العلمية المعقدة. ومن ابرز مقومات هذه النظرية: 

 

أولا: الوحدة العلمية الأساسية: تحليل ...
التعامل أو التواصل "Transactional or Communication Analysis":-

 

تُعرّف هذه الوحدة على أنها تواصل اجتماعي، وتمسى تعاملا ذلك بأنه إذا تقابل شخصان أو أكثر فإنه لا بد في النهاية من أن يتكلم احدهما أو يعطي إشارة يُشعر الآخر بوجوده، ويعترف بوجود الآخر أو الآخرين وهذا ما يسمى بمثير التعامل، التواصل "Transactional or Communication Stimulus" ومن ثم فان الشخص الآخر سيقول شيئا أو يقوم بعمل شيء ما كاستجابة للمثير وهذا ما يسمى باستجابة التعامل، التواصل "Transactional or Communication Response".

 

إن تحليل التعامل، التواصل هو عبارة عن منهجية علاجية نفسية مؤداها: " فحص التعامل، التواصل بين الذات والذات من جانب، والذات، والآخر من جانب آخر". حيث أقوم أنا بعمل تجاهك، وأنت تجيب بعمل آخر". 

 

وهو أيضا - تحليل التعامل التواصل - عبارة عن طريقة لتنظيم المعلومات المستخلصة من خلال تحليل هذا التعامل، التواصل وتوصيفه بكلمات لها نفس المعاني أو التعريفات عند الجميع.

 

لقد لاحظ "Berne" منذ بداية عمله في تطوير هذه التقنية العلاجية انك حين تسمع أو تلاحظ الناس فانك تراهم يتغيرون أمام ناظريك وهذا التغيير يكون كلي: في تعبيرات الوجه، وفي المفردات، والحركات، ووضعيات، ووظائف الجسد مما يسبب احمرار الوجه، وتسارع معدل نبضات القلب، وزيادة في معدل التنفس، وفي التصرفات، واللغة، والكلام، وحتى الصمت. 

 

ثانيا: وضعيات الحياة الأربعة "four Life Positions":-

 

تعرّف وضعيات الحياة على أنها عبارة" عن معتقداتنا، وأفكارنا الأساسية نحو أنفسنا، ونحو الآخرين، وهذه المعتقدات، والأفكار التي تبرر قراراتنا، وانفعالاتنا، وتصرفاتنا، وسلوكياتنا.

 

وتنطوي تقنية تحليل تعامل، وتواصل الإنسان في علاقته بالآخر على أربع وضعيات، منها وضعيات ثلاث، غير طبيعية غير سوية، ووضعية واحدة طبيعية سوية. وذلك على النحو التالي:-
1. أنا لست بخير - أنت بخير "I'm not OK - You're OK" وتنشأ هذه الوضعية من خلال الخبرات السلبية عن الذات على المستوى الجسدي، والنفسي، كالمرض أو الفشل أو التعرض لخسارة مادية أو معنوية، وتنحدر هذه الوضعية بصاحبها نحو اليأس، ولوم الذات إذ يقيم الفرد ذاته على أنها ليست على ما يرام تعسة ... في حين انه يرى الآخرين بخير. وتعكس هذه الوضعية حالة من الشعور بالاضطهاد. 
2. أنا بخير - أنت لست بخير "I'm OK - You're not OK" وفي هذه الوضعية يوجه الفرد لومه للآخرين بسبب حالة الغضب، والتعصب المسيطرة عليه، وكذا النظرة المتضخمة لذاته. 
3. أنا لست بخير - أنت لست بخير "I'm not OK You're not OK" وهذا الوضعية تعكس تلك الخبرات المؤلمة مع الذات، ومع العالم، فتخلق هذا التقييم السلبي ولوم الذات والعالم والآخر، وتعكس هذه الوضعية حالة من الكآبة، والحزن.
4. أنا بخير - أنت بخير "I'm OK - You're OK" وهذه الوضعية تمثل الوضعية الطبيعية السوية، والسلامة الجسدية، والنفسية للذات، وللآخر، ويجب على الفرد أن يسعى للوصول إلى هذه المرحلة في علاقته بذاته، وبالآخرين.

 

ويحدد "Berne" أن الإنسان حين يقف عند مرحلة ووضعية من هذه المراحل ويتشبث بها فان هذه المرحلة، والوضعية، تصبح نهائية، وتتحكم في كل معتقداته، وأفكاره، وما يقوم به من أعمال، وتصرفات، وتبقى معه إلى آخر حياته إذا لم يعمل على تغيير نفسه شعوريا حتى يصل مرحلة التوازن والسعادة المتمثلة في (أنا بخير - أنت بخير) فعبر هذه المرحلة يتحقق للإنسان التوازن، والراحة، والسعادة، التي يسعى للوصول إليها بواسطة العديد من الأساليب والسبل (...).

 

إنها نظرية وتقنية تطبيقية عملية قد تساعد الإنسان على فهم ذاته، وفهم الآخرين بهدف تحقيق اكبر قدر من السعادة إذا لم يستطع الوصول إليها بطرائق وبأساليب طبيعية، وذاتية. إنها نظرية مهمة في العلاج النفسي جديرة بالفهم، والتطبيق بهدف مساعدة الفرد على الخروج من صراعاته ومأزقه الشخصي، والاجتماعي.  


وإلى لقاء قادم بعون الله.

 

د. محمد عقلان 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.