إدمان الانترنت
لاشك أن التجول في عالم الانترنت غاية في المتعة خاصة لمن يحسن التعامل معه. لكن أن تسمح للمتعة بجرف ساعات طوال من عمرك, مسلوب الإرادة أمام مغرياته فذلك يعني خروجك عن السواء ودق ناقوس الخطر..
وصحيح أن العالم الالكتروني - والمحفوف بهالة من السرية - قد أفسح المجال واسعًا لتفريغ المخاوف, والهموم على اختلافها.. ولخلق محاور بناءة وتبادل الآراء حولها. ولتكوين صداقات حقيقية. إلا أنه وفي الوقت نفسه أعطى الفرصة للكثيرين لتقمص شخصيات غامضة, وخلق قصص مزيفة, في محاولة لترقيق القلوب, وخطف الأنظار. كذلك أعطى الفرصة لإقامة علاقات وهمية مع الآخرين. خاصة لمن يعانون عزلة اجتماعية، وفشلًا في إقامة علاقات إنسانية سوية في العالم الحقيقي.
حيث يشعر الشخص في ممارسة الانترنت بنوع من الهروب وشغل الذهن بعيدًا عن مشاكل الحياة، وذلك ما يجعله أكثر تعلقًا به واستخدامه بشكل متكرر. إلا أن الأمر يتطور تدريجيًا, فمن الشعور بالمتعة والغبطة في بادئ الأمر إلى الانفتاح على العالم الخارجي بأسره والاطلاع على ثقافات وأجناس متنوعة, حتى الدخول في مرحلة يتحول فيها حب الاستطلاع إلى رغبة ملحة بالحاجة إلى المزيد, وشعور بفقدان السيطرة وعجزٍ عن التحكم. والمخيف في إدمان الانترنت كون الأخير مقبول اجتماعيًا, ما يجعل الوقوع في شراكه أمرًا غاية في السهولة..
"إدمان الانترنت" هو حالة نظرية من الاستخدام المرضي للإنترنت, والمؤدي إلى اضطرابات في السلوك. حيث أظهرت نتائج دراسة - قامت بها جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية - على مجموعة من المفرطين في استخدام الانترنت قورنت تصرفاتهم بأعراض معروفة لدى مدمني المقامرة - أن استعمال الانترنت بإفراط يؤدى بصورة مؤكدة إلى تدمير الحياة الأكاديمية, والاجتماعية, والمالية, والمهنية, بالطريقة نفسها التي تقوم بها أشكال الإدمان الأخرى الموثقة بصورة جيدة مثل المقامرة, والكحول, والمخدرات. !.
الاستخدام المطول وتغير عادات الطعام والنوم. الإصابة بحالات من الاكتئاب، والتراخي الواضح في المستوى الحياتي, الدراسي, والوظيفي. كلها مؤشرات قد تدلنا على الوقوع فيه. كذلك ظهور الأعراض الإنسحابية النفسية في حالة التوقف المفاجئ عن استخدامه (كالقلق والتوتر, حدة المزاج والعصبية الزائدة, الشعور بعدم الارتياح النفسي, الأرق, التشوش وعدم التركيز).. وأحيان أخرى مشاعر الخمول وقلة النشاط, ناهيك عن الانسحاب الاجتماعي وانقطاع التواصل مع الواقع.
حيث يتلقن الأبناء المهارات الاجتماعية عبر التخاطب المباشر وجها لوجه, وليس عبر التحادث في المواقع الاجتماعية. ما يجعل من الولع بمواقع الإنترنت عائقًا أمام تنمية مهاراتهم الاجتماعية. نتيجة الاستخدام غير المقنن والانعزال عن المجتمع.
كثيرة هي القصص المؤلمة والتي كانت إحداها وفاة طفلة في شهرها الثالث جوعًا جراء تعلق والديها بتربية طفلة افتراضية على الانترنت..!!
العــــــلاج:
يكمن العلاج في قناعة الشخص ووعيه بخطورة الأمر, ثم تأتي الإرادة الداخلية لتدعيم الفكرة.. لذا من المهم جدًا
- حب الذات وإشعارها بأهميتها وتحريرها واكتشاف ميولها, وتطوير مواهبها, والانخراط في الأعمال والأنشطة اجتماعية للخروج من العزلة.
- رسم خطة جديدة للحياة بأسلوب صحي ، حيث يكون لكل من النوم والاستيقاظ مواعيد محددة.
- مقاومة فكرة الجلوس أمام الانترنت بقوة وعزم. وخلق إرادة قوية واعية من خلال الإلهاء السلوكي والذهني. كالقيام بأعمال التنظيف المنزلي، أو إجراء محادثة تليفونية مع شخص مقرب، إعداد أعمال مؤجلة للغد، أو إعداد وجبة غذائية متكاملة.
- ممارسة التمارين الرياضية، لتخليص النفس من الشحنات السلبية, أيضًا تعلم مهارات الاسترخاء، وممارسة رياضة التأمل ما يساعد في تجديد الطاقة البدنية والذهنية.
- الوعي المعرفي بالقراءة حول موضوع "إدمان الانترنت" ومدى خطورته، بغرض تغيير المعتقدات الخاطئة وتصحيحها.
- استخدام الانترنت بشكل مقنن, وتحديد ساعات ثابتة للدخول فيه, مع مراعاة الالتزام والانضباط.
- استخدام الهواتف النقالة للاتصال فقط وإلغاء برامج التواصل للحد من زيارتها.
- دائمًا الاستعانة بعد الله, بالوضوء والصلاة, قراءة القرآن الكريم, والدعاء.
- كذلك الاستعانة بالاختصاصي النفسي خاصة في الحالات الصعبة.
مهارات تعين الوالدين في مساعدة أبنائهم على تجاوز المرحلة:
بتصرف من / أ.د. عبد الله السبيعي |