البرمجة اللغوية العصبية (1)
قبل الحديث عن تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية لا بد من التوطئة لذلك بإتباع المنهج العملي في الإشادة بها أو نقدها.
لقد وضع العلماء المسلمون أصول المنهج العلمي الصحيحة سواء فيما يتعلق بالنقل أو العقل، فلم تكن الدعاوى تقبل لمجرد التدليل عليها بنصوص الوحيين أو أدلة العقل دون تحقيق وتدقيق، فالتحقيق: إثبات المسألة بدليلها، والتدقيق: فحص وجه الدلالة من الدليل ومدى مناسبته للمسألة (الدعوى) وكان شعارهم: إذا كنت ناقلاً فالصحة (توثيق النص) أو مدعياً فالدليل.
ومن المعلوم أن مراحل المنهج العلمي الحديث في الدراسات الكونية والإنسانية والاجتماعية تبدأ بالمشاهدات والملاحظات للظواهر، ثم تصاغ على أساسها الفرضيات، ثم إذا ثبتت بتجارب صحيحة وكانت لنتائجها مصداقية إحصائية تصبح نظرية، وإلا رُفضت الفرضية أو عدلت، ثم تمر النظرية أيضاً بتجارب وتختبر نتائجها لتكون حقيقة أو تقف عند حدود النظرية أو تلغى. والمنهج العلمي يؤكد وجود الأخطاء الإحصائية عند ذكر النتائج واعتمادها، وهذه يمكن توقعها أو قياسها ومن ثم تضاف للنتيجة ويتم تعديلها. كما ينبه على الأخطاء النابعة من الرغبة الشخصية، أو تأثير النتيجة المأمولة (Wishful thinking) حيث يفضل الباحث نتيجة على أخرى، والزلل التراجعي (Regressive fallacy) الذي يكون مجرد ربط من الباحث بين الملاحظة وشيء مقترن بها دون أن يكون بينهما علاقة سوى الاقتران. أما أسوأ الأخطاء على الإطلاق أن تكون الاختبارات عاجزة عن إثبات الفرضية، ويدعي الباحث إثبات الفرضية بها، ويغض الطرف عن نتائج الاختبارات التي لا تتناسب مع الفرضية التي يرغب في إثباتها.
كما أنه من الأخطاء الكبيرة عدم إجراء التجارب (عدم وضع الفرضية تحت الاختبار)، وبالتالي الخروج بنظرية من المشاهدات اعتماداً على المنطق البسيط والإحساس العام (الإنطباع).
وعند تطبيق هذا المنهج العلمي على البرمجة اللغوية العصبية نجدها تفتقر إليه في عمومها وأغلب تفصيلاتها، ولعل ذلك هو السبب في أنها لم تلق ترحيباً في الأوساط العلمية في معظم دول العالم. وتفصيل نقدها من الناحية العلمية يمكن تلخيصه فيما يلي:
1. كثير من المشاهدات التي بنيت عليها فرضياتها ليس لها مصداقية إحصائية تجعلها فرضيات مقبولة علمياً.
2. تعامل الفرضيات وتطبق ويدرب عليها الناس على أنها حقائق رغم أنها لا ترقى لمستوى النظرية
لعله من المناسب قبل الحديث عن تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية أن نتعرف على موضوعاتها لننطلق من هذه الموضوعات إلى أوجه التطبيق المفيدة في شتى العلوم والمجالات.
تابعونا في الجزء التالي...
أ.د . عبدالله السبيعي