العقاب التربوي الناجح.. شروط وضوابط
للعقاب التربوي الناجح شروط وضوابط تضبطه وتجعله أكثر فاعلية لتعديل سلوك الطفل ، ومن تلك الشروط والضوابط للعقاب الناجح ما يلي:
1- اتفاق الوالدين: وهذا عامل جوهري في نجاح العقاب المستخدم في المنازل ، فلابد من اتفاق الوالدين على أنواع العقاب التي يريدون استخدامها مع أبنائهم ،
ولابد أن يتفقا على طريقة تنفيذها ، ومن يقوم بتنفيذها ، ومتى يتم تنفيذ العقوبة ، ولكن إذا لم يحصل الاتفاق التفصيلي بين الوالدين ، فالحد الأدنى أن يتفقا على أنه إذا قرر أحدهما عقوبة معينة فإن الطرف الأخر لا يتدخل ولا يعارض وخاصة أمام الأبناء ، لأن عدم اتفاق الوالدين على هذه الأمور قد يُظهر أحدهما في صورة المخطئ أمام الأبناء ، وكذلك فإن تدخل أحد الأبوين في تأجيل أو إلغاء العقوبة التي قررها الطرف الأخر يؤدي إلى إضعاف فاعلية نظام العقوبة في المنزل .
2- عقد اتفاقيات مع الأبناء: أي أن يكون واضحاً لدى الأبناء ما الأخطاء والسلوكيات التي تستلزم العقوبة ، وكذلك ما نظام العقوبات الذي ينتظرهم ، فعندما تكون هذه الأمور واضحة لدى الأبناء فإن ذلك يردعهم ع ن الوقوع في كثير من الأخطاء السلوكية وكذلك يجعلهم أكثر تقبلاً للعقوبة ، ويشعرون أن هذا نظام ينطبق عليهم جميعاً وليس واحداً دون الأخر ، وأيضاً عندما نطبق على الطفل عقوبة قد اختارها هو بنفسه أو وافق عليها فإن هذا يجعله أكثر التزاماً بالخضوع لهذه العقوبة .
3- الحزم والاستمرار: إن من أكثر العوامل تأثيراً في الطفل هو تكرار السلوك من المحيطين به ، فإذا تكرر حوله سلوك معين فإنه سيمارسه سواءً كان سلوكاً جيداً أو غير ذلك ، وكذلك عند ممارسة أي نوع من أنواع العقوبات فإن الطفل قد لا يخضع لهذه العقوبة ، وقد يحاول التخلص منها أو مقاومتها ، وأحياناً قد يحاول أن يدخل أحد الوالدين حتى يلغي هذه العقوبة ، ولكن كل هذا المحاولات ستبوء بالفشل إذا رأى الطفل من والديه الحزم والإصرار ، وإذا استمر الوالدان في تكرار هذا النوع ومعاودته عند الحاجة إليه بكل حزم وإصرار ودون جدال أو تراجع ، وهذا يجعل العقاب أكثر نجاحاً في تعديل سلوك الطفل .
4- لا تعاقب كل خطأ: فليس المطلوب هو تتبع عثرات الطفل ثم القيام بعقابه عليها ، وإنما الهدف هو حماية الطفل من الاصطباغ ببعض السلوكيات غير الجيدة ، ولذا فإننا نحتاج أن نغض الطرف عن بعض السلوكيات غير المرغوبة أحياناً وخاصة عند حصولها لأول مرة، أو إذا كان الخطأ صغيراً أو غير مقصود ولم يتكرر بصورة واضحة ، لأن حصول العقوبة لكل خطأ مهما كان صغيراً يضعف من فاعلية العقاب ويجعله قليل الفاعلية في تعديل سلوك الطفل .
5- أن يكون العقاب مرتبطاً بالسلوك: سبباً ووقتاً : وذلك حتى يكون واضحاً للطفل لماذا تمت معاقبته ، وما الخطأ الذي بسببه استحق العقاب، ولا يتم هذا الأمر إلا إذا جاء العقاب بعد السلوك الخاطئ مباشرة مع بيان سبب العقوبة ، ومن الأخطاء التي تقع فيها بعض الأمهات أن تقوم بتأخير عقوبة الطفل إلى رجوع الأب إلى المنزل ، بحيث يكون قد نسي الطفل الخطأ الذي صدر منه ، وهذا يجعل أثر العقوبة في تعديل السلوك ضعيفاً .
6- فسر العقاب: فإذا جاء العقاب متأخراً عن حدوث السلوك لأي سبب فلابد من توضيح سبب العقاب للطفل ، حتى يكون ذلك دافعاً للطفل إلى تعديل سلوكه وعدم الاستمرار في تكرار السلوك غير المناسب .
7- أن يكون العقاب منطقياً: فمن العدل أن يكون حجم ونوع العقاب منطقياً ومتوافقاً مع نوع وحجم الخطأ ، وكذلك أن يكون متوافقاً مع عمر الطفل ، فليس من المعقول أن يعاقب الطفل مثلاً بالحرمان من اللعب لمدة أسبوع أو أكثر من أجل خطأ بسيط ، فكلما كان الوالدان عادلين في اختيار نوعية العقاب ، كان ذلك أدعى لقبول الطفل للعقاب دون أن يكون له آثار سلبية على نفسية الطفل .
8- عاقب طفلك دون أن تحرجه أو تهينه: فالهدف من العقاب هو إطفاء السلوك وليس التشفي من الطفل أو اهانته ، ولذلك لابد أن يكون العقاب على انفراد وبعيداً عن أعين الآخرين وذلك حفاظاً على نفسية الطفل وبعداً عن إحراجه ، لأن معاقبته أمام الآخرين سيكون لها آثار نفسية عكسية كثيرة ، وكذلك فإن على المربي أن يبتعد عن إهانة الطفل أثناء تنفيذ العقوبة ، فوقوع الطفل في الخطأ لا يبرر وقوع المربي في إهانة الطفل ، وهذا أمر غير مقبول من المربين سواء عند تنفيذ العقوبة أو في أي وقت من الأوقات ، و الإهانة سلوك غير حضاري فضلاً عن أن تكون أسلوباً تربوياً مناسباً .
9- لا تعاقب وأنت غضبان: ارتبط عند كثير من المربين أن العقاب لا يقع من المربي إلا أثناء الغضب ، وفي الواقع أن هذا ارتباط غير صحيح لأن غالب العقوبات الصادرة أثناء الغضب إنما هي لتفريغ هذا الغضب وليست لتعديل سلوك الطفل ، أو لبناء سلوك جيد لديه ، ولقد أوصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم ألا نتخذ أي ردة فعل عن الغضب ، فمن بلغ به الغضب منتهاه فعليه أن ينشغل بعمل إيجابي يطفئ هذا الغضب الشديد وهو الوضوء ، ومن كان قائماً فليقعد ومن كان قاعداً فليضطجع حتى يكون أقل قدرة على التهور والإقدام على تصرف يندم عليه صاحبه لاحقاً ، ولذلك فإن المربين عموماً والآباء خصوصاً يحتاجون أن يدربوا أنفسهم على كظم غضبهم وألا يقدموا على عقوبة الطفل أثناء ثورة الغضب ، وهذا أمر يحتاج إلى تكرار وتدريب وترويض للنفس حتى يصبح صفة متأصلة في نفس المربي.
10- العقاب الجيد نادر الاستخدام: فالأصل عدم الإكثار من استخدام العقاب ، وأن نبدأ قبله بالتحفيز والتشجيع وغير ذلك ثم يكون العقاب بعدها ، فهذا يجعل استخدام العقاب نادراً ومحدوداً ، وكذلك فإن العقاب الناجح هو الذي يؤدي إلى إلغاء كثير من السلبيات وبالتالي فلا نحتاج إلى تكراره بصورة مستمرة .
منقول من مدونة د.موسى بن زعله