عصبية الشباب وغضبهم - الأسباب وطرق العلاج

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الأحد, يونيو 7, 2015 - 09:35

الاستثارة الإنفعالية والعصبية : العصبية ومظاهر الغضب التى تسود سلوكيات الشباب هذه الأيام ، ظاهرة لافتة للإهتمام ، جديرة بالبحث والدراسة . هذه العصبية الملاحظة بوضوح هى أحد مظاهر الانفعال ، وانفعال الغضب تحديدا ، ويمكن تعريف الإنفعال عامة  بالآتى :

1-      حالة وجدانية عنيفة تصحبها اضطرابات فسيولوجية حشوية وتعبيرات حركية .
2-    حالة تأتي الفرد بصورة مفاجئة .
3-    يتخذ صورة أزمة عابرة لا تدوم طويلا .
وتستثار الانفعالات بواسطة طائفة متنوعة من المثيرات ، بعضها فطرى ، وبعضها مكتسب أو متعلم من خلال المواقف الاجتماعية .وترتبط العصبية بانفعالات كثيرة، كالخوف والغضب وغيرها، كما أنها ترتبط بضغوط الحياة المختلفة، ولكن كثيراً ما يستخدم هذا المصطلح " العصبية" للتعبير عن سرعة الغضب، والغضب يمكن أن تحدثه مواقف معينة ، وكثيراً ما ترتبط مشاعر الغضب بالعدوان مثل نوبات الغيظ ، العراك والمشاجرة ، توجيه السباب والشتائم . وعندما يتعرض الشاب لحالة الغضب تتوتر عضلات الجسم، بالإضافة إلى قيام المخ بإفراز مواد تسمى بـ(Catecholamine's)التي تسبب الشعور بوجود دفعة من الطاقة تستمر لعدة دقائق، وفى نفس الوقت تتزايد معدلات ضربات القلب، ويرتفع ضغط الدم، وتزيد سرعة التنفس، ويزداد الوجه حمرة لاندفاع الدم الذي يتخلل الأعضاء والأطراف استعداداً لرد الفعل الجسدي. وبعد ذلك تفرز المزيد من المواد وهرمونات الإدرينالين التي تطيل من مدة بقاء الإنسان فى حالة توتر.

الإحباط وعلاقته بالسلوك العصبى العدوانى:
وأرجع بعض علماء النفس العدوان للإحباط. ويستخدم مصطلح الإحباط للإشارة إلى " حالة انفعالية غير سارة، قوامها الشعور بالفشل وخيبة الأمل، تتضمن إدراك الشاب وجود عقبات أو عوائق تحول دون إشباعه لما يسعى إلى إشباعه، من حاجات ودوافع، وبلوغه إلى ما يسعى إلى تحقيقه من أهداف".ولذا فهو يشير ـ بالدرجة الأولى ـ إلى "المشاعر، التي يشعر بها الشاب؛ نتيجة للإعاقة أو الإرجاء. وهي مشاعر سلبية، تتضمن الضيق والتوتر والقلق وخيبة الأمل، والمشاعر الاكتئابية أحياناً. والإحباط وفقا لهذا التصور كثيراً ما يُؤدى إلى العدوان الغاضب، وبالعكس فإن العدوان من النوع الغاضب الانفعالى كثيراً ما يمكن إرجاعه إلى الإحباط.
الشعور بالإحباط قد يكون أكثر إيلاماً وأشد وطأة على النفس في حالات معينة، من بينها:
1- إذا أدرك الشاب أن الأهداف والدوافع المعاق إشباعها مهمة أو ضرورية وحيوية، ولا غنى له عنها ويستحيل استبدالها أو تعويضها. فالقيمة، التي يضيفها الشاب على دوافعه
وأهدافه، تزيد من تأزمه النفسي كلما كانت هذه القيمة عالية.
2- إذا أدرك الشاب أن العقبات أو العوائق، التي تحول دون إشباع دوافعه أو تحقيق أهدافه، شديدة ومستعصية، فالألم النفسي يزيد إذا شعر باستحالة تجاوز العائق، أو التغيير في الوضع القائم.
4-    إذا اقترب الشاب من تحقيق هدفه، ثم نشأت عقبة ما وحالت دون بلوغه.
5-    إذا فشل الشاب في تجاوز العقبة أو العائق، الذي يعترض بلوغ غايته أو تحقيق هدفه على الرغم من المحاولات المتكررة والجهد المتواصل.
وكما ذكرنا فإن الإحباط يرتبط غالباً بالعدوان. و يظهر العدوان في عدة أشكال: فقد يكون لفظياً، من خلال السب والشتم والتجريح ، وقد يكون بدنياً بالضرب والشجار ، أو بفذف الحجارة أو استخدام بعض الأسلحة، وقد يكون عاطفياً من نوع الكراهية والحقد. كما أن العدوان قد يكون مباشراً، إذ يتجه إلى مصدر الإحباط (الإعاقة)، وقد يكون غير مباشر، فيتحول إلى مصدر آخر.

والدراسات التى تمت حول علاقة الإحباط بالعدوان، تشير إلى النتائج التالية:
أ‌-    توجد علاقة قوية بين مقدار العدوان ودرجة الإحباط. إذ تزيد الرغبة في العدوان، كلما زاد الشعور بالإحباط.
ب‌-    يسهم العدوان على مصدر الإحباط، في تفريغ الطاقة النفسية، ويقلل إثارة العدوان، وبالتالي يتم التوازن الداخلي.
ج- قد يكبت الشاب عدوانه إذا أدرك أنه سيواجه بعدوان أشد. وكبت العدوان في هذه الحالة قد لا يعني أنه تم التخلص منه. فقد يحوّل الفرد المحبط عدوانه إلى مصادر أخرى، أو يوجهه إلى نفسه. وتوجيه العدوان إلى الذات يضر بالصحة النفسية، ولاسيما إذا اشتد تحقير الذات ولومها؛ لأنه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة كالانتحار. وهو ما قام به مثلا محمد البوعزيزى .
د- إن إعاقة المحبط، في التعبير عن عدوانه، تشعره بإحباط جديد. فإعاقة العدوان تمثل إحباطاً جديداً يزيد الإثارة والتوتر، وبالتالي يزيد الرغبة في العدوان.
هـ- إذا تساوت رغبة المحبط في العدوان على مصدر الإحباط مع رغبته في كبت العدوان، فقد توقع المحبط في نوع من الصراع، الذي قد يؤدي إلى إحباط جديد، إذا لم يحل بتغليب إحدى الرغبتين على الثانية.
و- وجدت بعض الدراسات أن الإحباط لدى بعض الناس يؤدي إلى نكوص في السلوك وارتداد إلى أساليب سلوكية غير ناضجة.
وهذا يعنى ببساطة أن شبابنا العصبى ، الذى يغضب ويثور ويتبادل السباب أو يشتبك بالأيدى ، أو بقذف الطوب أو حتى  بحمل السلاح ، هو شباب محبط .
ان حالات الاحباط الشديد تؤدى الى ظهور قدر معين من العدوانية الذى يعتمد على كمية المشاعر السلبية الناجمة عن حالة الاحباط او الفشل ولما كان الاحباط مفتاحا للغضب , والغضب بدوره يؤدى الى العدوان ، والعدوان يعتبر بمثابة المولد الذى يقوم بتوليد العنف ، فان العنف يتحول الى سلوكيات مضطربة ومسالك دامية تتبلور فى نهاية المطاف لتصل الى الانتقام .

الأسباب النفسية والاجتماعية والتربوية للعصبية :
اذا كان الإحباط هو السبب الرئيس لما نشاهده اليوم من عصبية الشباب ، واستثارة عدوانيتهم فى المواقف التى يمرون بها بما لا يتناسب وحجم المشكلة التى يواجهونها فإن هناك أسباباً أخرى نفسية واجتماعية وتربوية ، تتمثل في :
-    اتصاف الوالدين أو أحدهما بالعصبيةا ، مما يجعل الفتى أو الفتاة يقلدا هذا السلوك الذي يعيشانه صباح مساء .
-    غياب الحنان والدفء العاطفي داخل الأسرة التي ينتمي إليها الشاب أو الفتاة ، سواء بين الوالدين ، أو الإخوة .
-    عدم إشباع حاجات ورغبات الشاب المنطقية والمعتدلة .
-     القسوة في التربية منذ الطفولة ، سواء بالضرب أو السب ، أو عدم تقبل الإبن وتقديره ، أو تعنيفه لأتفه الأسباب .
-     الإسراف في التدليل مما يربي لديه الأنانية والأثرة وحب الذات ، ويجعله يثور عند عدم تحقيق رغباته .
-    التفريق بين الأبناء في المعاملة داخل الأسرة ، سواء الذكور أو الإناث ، الكبار أو الصغار .
-    مشاهدة التليفزيون بكثرة وخاصة الأفلام والمشاهد التي تحوي عنفا و إثارة ، بما في ذلك أفلام الرسوم المتحركة .
-    كما يمكن أن يكون للمدرسة دور رئيس فى ذلك، فربما يكون أحد المعلمين ، أو إحدى المعلمات تتصف بالعصبية فى معاملة الطلبة ، الأمر الذى ينقل هذه العصبية كرد فعل للمعلم أو المعلمة للطالب أو الطالبة ، ويرفع من درجة التوتر لديهما ، ويستثير السلوك العصبى بكل ما يحمله من سلبيات.

مضار العصبية على الشباب :
   تؤثر العصبية كصورة من صور الانفعال النفسى على قلب الشخص المتعصب تأثيرا العدو أو الجري على القلب وانفعال الغضب يزيد من عدد مرات انقباضاته في الدقيقة الواحدة فيضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب أو التي تخرج منه إلى الأوعية الدموية مع كل واحدة من هذه الانقباضات أو النبضات وهذا بالتالي يجهد القلب لأنه يقسره على زيادة عمله عن معدلات العمل الذي يفترض أن يؤديه بصفة عادية أو ظروف معينة إلا أن العدو أو الجري في إجهاده للقلب لا يستمر طويلا لأن المرء يمكن أن يتوقف عن الجري إن هو أراد ذلك إما في حالة العصبية والغضب فلا يستطيع الإنسان أن يسيطر على غضبه لا سيما وإن كان قد اعتاد على عدم التحكم في مشاعره وقد لوحظ أن الإنسان الذي اعتاد على الغضب يصاب بارتفاع ضغط الدم ويزيد عن معدله الطبيعى حيث إن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المطلوب كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع لكي تستطيع أن تمرر أو تسمح بمرور أو سريان تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها هذا القلب المنفعل ولهذا يرتفع الضغط عند الغضب هذا بخلاف الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجم عن الغضب في العلاقات بين الناس والتي تقوّض من الترابط بين الناس ومما هو جدير بالذكر أن العلماء كانوا يعتقدون في الماضي أن الغضب الصريح ليس له أضرار وأن الغضب المكبوت فقط هو المسؤول عن كثير من الأمراض ولكن دراسة امريكية حديثة قدمت تفسيرا جديدا لتأثير هذين النوعين من الغضب مؤداه أن الكبت أو التعبير الصريح للغضب يؤديان إلى الأضرار الصحية نفسها وإن اختلفت حدتها ففي حالة الكبت قد يصل الأمر عند التكرار إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأحيانا إلى الإصابة بالسرطان أما في حالة الغضب الصريح وتكراره فإنه يمكن أن يؤدى إلى الإضرار بشرايين القلب واحتمال الإصابة بأزمات قلبية قاتلة لأن انفجار موجات الغضب قد يزيده اشتعالا ويصبح من الصعب التحكم في الانفعال مهما كان ضئيلا فالحالة الجسمانية للفرد لا تنفصل عن حالته النفسية مما يجعله يسري بسرعة إلى الأعضاء الحيوية في إفراز عصاراتها ووصول معدل إفراز إحدى هذه الغدد إلى حد سدّ الطريق أمام جهاز المناعة في الجسم وإعاقة حركة الأجسام المضادة المنطلقة من هذا الجهاز عن الوصول إلى أهدافها الأخطر من ذلك كله أن بعض الأسلحة الفعالة التي يستخدمها الجسم للدفاع عن نفسه والمنطلقة من غدة حيوية تتعرض للضعف الشديد نتيجة لإصابة هذه الغدة بالتقلص عند حدوث أزمات نفسية خطيرة وذلك يفسر احتمالات تحول الخلايا السليمة إلى سرطانية في غيبة النشاط الطبيعى لجهاز المناعةوصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بعدم الغضب ومن هنا تظهر الحكمة العلمية والعملية في تكرار الرسول صلى الله عليه وسلم توصيته بعدم الغضب.

علاج الغضب فى الكتاب والسنة :
 أمر النبى صلى الله عليه وسلم من غضب بتعاطي أسباب تدفع عنه الغضب وتسكنه، وتمنع شره، ومن ذلك
أ - تغيير الهيئة من القيام إلى الجلوس، وإلا فمن الجلوس إلى الاضطجاع . خرج الأمام أحمد وأبو داود من حديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ(إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ).فذلك تباعد عن حالة الانتقام وذلك فضلا عن بركة اتباع النبى صلى الله عليه وسلم والائتمار بأمره .
ب-السكوت : خرج الأمام أحمد من حديث بن عباس، وصحح أحمد شاكر إسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم (إذا غضب أحدكم فليسكت ). وهذا دواء عظيم للغضب، أن يحبس الإنسان لسانه ويجتهد في ذلك لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبة من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرا من السباب وغيره مما يعظم ضرره ، فإذا سكت زال هذا الشر كله عنه.
جـ –الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم : (بمعنى اللجوء إلى الله والاعتصام والامتناع به من الشيطان :ـ في الصحيحين من حديث سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لأعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌا). ويلاحظ أن أكثر الناس اليوم إذا غضبوا ثم استعاذوا لا نجد أثراً يُذكر في غضبهم بمعنى أن استعاذتهم كعدمها فما تفسير ذلك ؟ والجواب أن الاستعاذة مشروطة بالفهم مع الشروع فورا في اللجوء إلى الله مع النطق بها، أما مجرد النطق بكلمات دون عمل القلب فإن ذلك لا يجدي على القائل شيئا يذكر . وهذا الأمر مذكور في كتاب الله بوضوح في سور الأعراف، والمؤمنون، وفُصلت كما يلي :
الأعراف : قال تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم *إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون)
د-أمر الله تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلتهِ بجهلهِ . فمن آذى شاباً مسلماً بقوله أو بفعله لا يؤذه، ومن حرمه لا يحرمه، ومن قطعه يصله ومن ظلمه يعدل فيه . . فالأمر هو الإعراض عن الجاهل مع إقامة حق الله عليه وعدم الانتقام لنفسه . ولما كان الإنسان لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان الذي لا يزال مرابطا ينظر غرته وغفلته ليستعمل أسلحته في إهاجة الغضب أكثر ليركبه كيف يشاء، فيوسوس له أن سكوتك عجز منك ومهانة وذلة، ولو تركته لتجرأ عليك وتعود على إهانتك، فلا بد أن تؤدبة، وتوقفه عند حده، وتعرفه قدره . . . إلخ من أجل هذا، أمر الله بالاستعاذة منه في هذا الموطن، والعلم بأن الله يسمع ما قيل لك وما ستقوله، ويعلم ما فُعل بك وما ستفعله، ويعلم نيتك وضعفك وقوة التجائك له، فسيحميك من فتنته ويقيك من وسوسته،وحينئذ يتذكر المؤمن التقى أن ما يدور في نفسه من شر، ما هو إلا طائف من الشيطان ومن ثم يستغفر ويستعيذ ويرى الأمر على حقيقته وأنه كان على وشك السقوط في شرك الشيطان، وهذا بخلاف الغاوين الذين تتلاعب بهم الشياطين ولا يدخرون وسعا في إغوائهم ولا يقفون معهم عند حد، من الأقوال والأفعال .
ولذلك ينبغي للشاب المؤمن أن يسلك سبيل المتقين وإلا وقع في سبيل الغاوين (وإخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون).
هـ- المؤمنون(أدفع بالتى هي أحسن السيئة نحن اعلم بما يصفون *وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) فالمسيء من الشباب يقابل الإحسان كما سبق، ولكن الشياطين تتربص حتى لا ينال المؤمن هذه الدرجة، لذلك بعد الأمر بمقابلة الإساءة بالإحسان جاء الأمر بالتعوذ من همزات الشياطين . والهمز دفع بنخز (بنخس) وغمزٍ يشبه الطعن، فالهمزات هي دفع الوساوس والإغواء إلى القلب بشكل مفاجئ . وإذا حضرت الشياطين واقتربت، لم تكتفِ بالهمز للمؤمن وإنما استفزت المسيء وأجلبت عليه من كل طريق حتى يتطور الغضب إلى جميع الشر من السب واللعن والقذف والفحش والقتال وما شابه .
فصلت : (. . أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإماينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)
ونجد نفس الشيء في هذا السياق : استعاذة من الشيطان بعد إحسان معاملة المسيء .
و- أن يذكر أن الجزاء من جنس العمل كما يقول تعالى (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم {إنما يرحم الله من عباده الرحماء}. فكذلك إذا لم يُنفذ غضبه، وليذكر أنه إذا أمضى غضبه لم يأمن أن يمضى الله فيه غضبه يوم القيامة حين يكون في أشد الإحتياج إلى العفو . وليذكر رد فعل الخصم وعداوته، وتشميره في هدم أعراضه والشماتة بمصائبه وغير ذلك كثير .
ز- أن يذكر أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه، وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله تعالى كان إعتراض الشيطان له أكثر، وإن كظم الغيظ وترك الغضب هو جماع الخير وترك الشر، وبالتالي فإن الشيطان سيجلب بخيله ورجله، وسيدفع بكل ما في جعبته لإفشال الخطة وتوهين العزيمة، والتيئيس من مقاومة الغضب والحدة والإنفعال والطيش يقول هذه طبيعتك فلا تحاول وتتعب نفسك فلا فائدة، وهكذا ينبغي للمؤمن الذي يريد أن لا يغضب، ينبغي أن يكون عالماً بمثل هذه المداخل الشيطانية ليقمع شيطانه ويُرغمه مستعينا بالله كما مضى. 

وسائل مساعدة للتغلب على العصبية والتوتر :
على الشاب الذى يعانى درجة كبيرة من التوتر والعصبية أن يسعى الى جانب التقرب الى الله سبحانه وتعالى ، والعمل بما أمره به ورسوله الكريم ، بجاهدة نفسه سعيا للتغلب على هذه العصبية بالآتى :
-    حدد مصادر التوتر في حياتك، وأدرس إمكانية القيام بأية تغييرات تجعلك أكثر قدرة على التحكم في الأمور.
-    تعلّم كيف تحسن إستغلال وقتك بشكل أفضل، لأن معظم التوتر الذي يعاني منه الناس ناجم عن أعباء العمل المتزايدة، ولكي لا يكون العمل طيّعاً وقابلاً للتغيير أكتب لائحة بأهدافك اليومية حسب أولوياتها ، وأشّر على المهام المنجزة لأن ذلك يعطيك الإحساس بأنك أنجزت شيئاً.
-    تنفّس بعمق وبشكل متزايد للتخفيف من التوتر والعصبية والغضب.
-    تجنب تناول أية عقاقير محظّرة تزيد من شعورك بالتوتر والعصبية، بما في ذلك العقاقير النفسية.
-    إعتن بصحتك وتناول طعاماً صحيّاً ولا تقرب أي مشروبات كحولية وتناول الكافيين بإعتدال ، وصحيح أن المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة أو الشوكولا الساخنة هي منبّهات مفيدة ، لكنها يمكن أن تساهم في زيادة التوتر والعصبية.

أما عن الصحة الجيدة فيمكن أن تقلل من إحتمال تعرضك للأمراض وتزيد من قدرتك على مواجهة مشاكل الحياة.
-    مارس الرياضة بإنتظام ، فالتمارين المنتظمة تساعد على تحريك وإستخدام مقادير كبيرة من الأدرينالين (الناتج عن التوتر) و بالتالي تساعد على تهدئتك.
-    نم جيدآ في الليل وخذ قسطآ كاف ( 7 إلى 8 ساعات كل ليلة ) لمواجهة التوتر والعصبية ، فالحرمان من النوم على المدى الطويل يعرضك لمشاكل جسدية ونفسية.
-    وإذا كنت تعاني من مشاكل في النوم أو لا تشعر أنك لا تنام بالقدر الكافي فجرب هذه الإقتراحات التالية:
أ‌-    لا تأكل وجبات دسمة في وقت متأخر من الليل.
ب‌-    تجنب الكافيين آخر الليل.
ج‌-    تجنب الكحول نهائياً.
د-مارس التمارين خلال النهار لتحرق فائض الطاقة التي يولدها التوتر.
هـ- تجنب ممارسة الرياضة في الليل لما لها من تأثيرات منبّهة تجعلك يقظاً بدلاً من ان تشجعك على النوم.
و- مارس تمارين التأمل أو الإسترخاء في المساء من أجل تهدئة مزاجك ومساعدتك على الإسترخاء حتى يحين وقت النوم.

تقنيات الاسترخاء لتخفيف الضغط النفسي

أولا: التخيّل البصري:-
•    دع الأفكار تنساب في ذهنك من دون التركيز على أي منها ، أوح إلى نفسك بأنك مسترخٍ وهاديء وبأن يديك دافئتان (أو باردتان إن كنت تشعر بالحر) وثقيلتان وبأن قلبك ينبض بهدوء.
•    تنفسّ بعمق وبطء بانتظام.
•    فور إسترخائك ، تخيّل بأنك في مكانك المفضّل أو أمام منظر أخّاذ.بعدفترة تتراوح من  5  إلى 10 دقائق، إسحب نفسك من هذه الحالة تدريجياً.

ثانياً: التنفس بإسترخاء:
•    تمدّد على سرير على ظهرك.
•    باعد بين قدميك قليلا ، أرح إحدى يديك على بطنك ، قرب السرّة والاخرى على صدرك.
•    إشهق من أنفك وإزفر من فمك.
•    ركّز على تنفّسك لبضع دقائق بعد ذلك ، حاول أن تعي أيّا من يديك ترتفع وتنخفض مع كل نفس.
•    إزفر بلطف معظم الهواء الموجود في الرئتين.
•    تنشّق وأنت تعدّ ببطء حتى الأربعة ، مايعادل ثانية بين كل رقم ، ومع التنشّق بلطف ، مدد بطنك قليلا حتى يرتفع حوالي بوصة واحدة (ويجب ان تشعر بالحركة من خلال يديك), ولا ترتفع كتفيك أو تحرّك صدرك أثناء ذلك.  مع التنفس تخيّل بأن الهواء الدافيء ينساب في جميع أجزاء جسدك.
•    استرح لثانيةٍ بعد التنشق.
•    إزفر ببطء وأنت تعدّ حتى الأربعة ، وأثناء الزفير ستشعر ببطنك ينخفض ببطء.
•    أثناء خروج الهواء ، تخيّل بأن التوتر يخرج معه.
•    استرح لثانيةٍ بعد الزفير.
•    إن وجدت صعوبة في الشهيق والزفير حتى الأربعة ، قصّر الوقت قليلا ثم تدرب تدريجيا حتى الأربعة ، وفي حال شعرت بدوران ، ابطيء من تنفسك أو إجعل نفسك اقل عمقا.
•    زد التمرين: شهيق بطيء ، إستراحة ، زفير بطيء، إستراحة ، من 5 إلى 10 مرات ، إزفر ، تنشّق ببطء ، 1 ، 2، 3 ، 4 ، إسترح ، ثم تابع بمفردك ، وإن واجهت صعوبة في جعل تنفسك منتظما ، خذ نفسا أعمق بقيليل ، وأمسكه لثانية أو ثانيتين ، ثم دعه يخرج ببطء عبر شفتيك المنفرجتين خلال 10 ثوان تقريبا.كرر هذه العملية مرة أو مرتين ثم عاود التمرين مرة أخرى.

ثالثاً: الإسترخاء التدريجي للعضلات:
•    إجلس وتمدد بوضع مريح وأغمض عينيك، دع فكّك يسترخي وكذلك عينيك ولكن من دون إغماضهما بقوة.
•    إفحص جسدك ذهنياً، بدءً من اصابع قدميك وببطء نحو رأسك ، وركّز على كل منطقة على حدة ، وتخيّل بأن التوتر يذوب تدريجياً.
•    شدّ عضلاتك في إحدى مناطق جسدك ، عدّ حتى الخمسة ، ثم أرخها وإنتقل إلى المنطقة التالية.

وفى الختام نرجو ان يستفيد الشباب المتحفز والثائر من هذه المقالة ليكون أداءهم الثورى فعالاً ، بناءً ، يغير من واقع ملىء بالإحباطات والعوائق والفساد ، الى واقع مزدهر بهم ولهم يشجع العمل والانتاج والتنافس فى الخير ، يكون الإيثار بديلا عن الأثرة ، ويجعل التعاون محل التصادم ، والتحاب فى الله وفى الوطن ركيزة انطلاقة مشرقة للمستقبل بإذن الله ورعايته .

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.