أسلوب جديد لمواجهة اكتئاب المسنين
لاشك أن مرحلة الشيخوخة لها طبيعتها الخاصة كذلك التغيرات والاضطرابات النفسية والجسمية التي تحدث بها مثل الضعف العام في الصحة وضعف الحواس وضعف الطاقة الجسمية والجنسية وضعف الانتباه والذاكرة وضيق الاهتمامات وشدة التأثر الانفعالي والحساسية النفسية ، كذلك فان من أهم أمراض الشيخوخة الأمراض العصابية والذهانية وتشير أحدث الإحصائيات إلي أن عدد المرضى المسنين الموجودون بالمستشفيات النفسية تزيد على باقي الشرائح العمرية من المرضى .
ومن أهم مشكلات الشيخوخة :
1- المشكلات الصحية : وهى ترتبط بالضعف الصحى العام والضعف الجسمي وضعف الحواس كالسمع والبصر وضعف القوة العضلية وانحناء الظهر وجفاف الجلد وترهله وإلامساك وتصلب الشرايين والتعرض بدرجة أكبر من ذى قبل للإصابة بالمرض وتركيز الاهتمام بالصحة .
2- المشكلات العاطفية : وهى متعلقة بضعف الطاقة الجنسية أو التشبث بها وهجران الأبناء لهم والزواج بمن يصغرونهم فى السن والوحدة.
3- مشكلات التقاعد : وينبغى أن تأتى هذه المشكلة على رأس المشكلات ، فزيادة الفراغ وانخفاض الدخل يشعر الفرد بالقلق على حاضره ومستقبله مما قد يؤدى إلى الانهيار العصبى خاصة إذا حدث تغير فجائى فى أسلوب الحياة وأحس الفرد بأنه بلا فائدة.
4- ذهان الشيخوخة : وفيه يصبح الفرد أقل استجابة وأكثر تمركزا حول ذاته وتضعف الذاكرة بالنسبة للحاضر والاكتئاب والتهيجية والعناد والنكوص.
5- الشعور بقرب النهاية : فقد يعيش البعض من الشيوخ وكأنهم ينتظرون الموت ويتحسرون على شبابهم.
6- اضطراب العلاقات الاجتماعية : حيث يقل مستوى العلاقات البين شخصية وتزداد حدة الأنانية والتطرف فى نقد سلوك الجيل الحالي.
7- نقص الشعور بقيمة النفس بعد سن المعاش.
8- فقد الأصدقاء بالوفاة أو بتغيير الاهتمامات.
9- الملل من طول وقت الفراغ وعدم الانشغال بأى عمل أو هوايات خصوصا إهمال المسن لهواياته وللأنشطة التى تمنحه السعادة لانشغاله بالعمل فى الفترات السابقة.
كما أن كبار السن يعانون من مشاكل مادية لانخفاض الدخل الشهرى وزيادة الاحتياج للصرف على الأمراض التى يعانى منها.
بالإضافة إلى وجود أسباب عضوية تتمثل فى نقص فى الموصلات العصبية بالمخ مثل مادة السيروتونين، كما يحدث مع كبر السن ضمور فى المخ وخاصة الأجزاء المتعلقة بالمزاج، الأمر الذي مما يعود بالسلب على الحالة المزاجية للمسن.
ويصاب الكثير من المسنين بمجموعة من الجلطات صغيرة الحجم والتى تظهر بصورة إكلينيكية فى اضطرابات المزاج دون أن تؤثر على الجهاز الحركى.
لكن الأمر الأكثر انتشارا ، والذي يعاني منه المسنين بشكل بارز هو الكآبة والضيق والميل إلى العزلة ورفض الكلام وقلة الشهية ، التي تصل في بعض الأحيان إلى رفض الطعام وعدم التركيز والانتباه والشعور بالإجهاد الشديد مع أقل مجهود مع انخفاض فى الوزن ووجود الكثير من الأفكار المقتحمة لذهن المسن تتعلق بالموت والانتحار.
وهناك العديد من الأساليب العلاجية والإرشادية التي يتم العمل بها لتخفيض الاكتئاب لدى المسنين. من هذه الأساليب :
1- جماعات الذكريات العلاجية : تتكون هذا الجماعة من عدد من المسنين تجتمع لمدة عشرة أسابيع بمعدل ساعة لكل جلسة. تناقش ذكريات منظمة من مرحلة الطفولة مرورا بمراحل مختلفة وحتى الوقت الحاضر. هذه الجماعات تزيد من ارتباط وتماسك أعضاء الجماعة مع بعضهم البعض وقدرتهم على التحدث والتعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم وذكرياتهم وهو ما يؤدي إلى خفض درجة الاكتئاب وتحسين أمزجتهم وأساليب انفعالاتهم. كما أن للبيئة الآمنة والمتقبلة أثر في زيادة قدرة أعضاء الجماعة على التحدث عن ذكرياتهم ومشاعرهم.
2- تعزيز احترام وتقدير الذات : يتم هذا التعزيز والتقدير من خلال تنظيم مجموعة من المسنين تترك لهم فرصة الحديث الحر ومناقشة أخبار وشؤون الساعةوهذا الأسلوب يؤدي إلى زيادة احترام وتقدير الذات لدى أعضاء المجموعة.
3- جماعات المساندة : هذه الجماعات تكون صغيرة الحجم تتكون من المتعاملين مع المسنين ، والمسنين بغرض التعامل مع الصعوبات النفسية والانفعالية لكل من المتعاملين والمسنين ، واستخدم أسلوب تبادل المعلومات والخبرات والمشاعر والانفعالات بين المسنين والمتعاملين كأدات لتحقيق أهداف العمل الجماعي . وتؤدي هذه الجماعات إلى تحسين عملية الاتصال فيما بينهم.
وتعتبر البرامج الجماعية أداة فاعلة ومؤثرة للتعبير عن الاهتمامات النفسية والصحية والاجتماعية لكبار السن، تساعدهم في جعل هذه المرحلة العمرية المتقدمة مرحلة طبيعية، كما تساعدهم في الاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم الشخصية والمجتمعية إلى أقصى حد ممكن. وتوجد مجموعة من الأنشطة التي تعتمد عليها جماعات كبار السن يمكن تلخيص أهمها في التالي:
- التعبير عن النفس self expression.
- تعلم مهارات التكيف learning coping skills.
- تحسين المهارات الاجتماعية improving social skills.
- الحصول على مساندة ودعم الأصدقاء peer support.
- الحديث عن موضوعات مختلفة تهم الإنسان في هذه المرحلة كالحديث عن الموت والحزن.
كما أن برامج مساندة الأصدقاء والأصحاب لمساعدة كبار السن تساعد في تغيير الصورة النمطية السلبية عن هذه المرحلة وتعريضهم لصورة صحية جديدة خاصة فيما يتعلق بالأدوار والوظائف التي يمكن أن يقوموا بها.
وحديثا أضيف أسلوب جديد بعد أن أظهرت الدراسة التي قامت بها جامعة نورث كارولينا الأمريكية أن ممارسة ألعاب الكمبيوتر لها تأثير إيجابي على الحالة النفسية للمسنين. والتي شملت 140 شخصا لا تقل أعمارهم عن 63 عاما. وكان متوسط أعمار العينة 77 عاما.
وكان ثلاثة من بين كل خمسة أشخاص يمارسون ألعاب الكمبيوتر على جهاز كمبيوتر محمول أو على جهاز ألعاب فيديو مرة واحدة كل فترة على الأقل. وكان 35 بالمائة منهم يلعبون مرة واحدة أو أكثر كل أسبوع. ووفقا للنتائج فإن الذين يمارسون هذه الألعاب كانوا أكثر سعادة وصحة من نظرائهم الذين لا يمارسون الألعاب. كما زادت احتمالات تعرض غير الممارسين للألعاب للاكتئاب وغيره من المشاعر السلبية.
د.صلاح الدين السرسي
استشاري الصحة النفسية بمركز دراسات الطفولة
وأستاذ علم النفس المنتدب بمعهد الخدمة الاجتماعية ببور سعيد